مصر وأمريكا .. علاقة التحالف التاريخية محفوفة بمخاطر ترامب

دخلت العلاقات المصرية – الأمريكية منعطفاً خطيراً منذ قدوم دونالد ترامب رئيساً؛ مع تمسك الثاني بترحيل الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن.

على عكس طبيعة العلاقات بين مصر والولايات المتحدة في الولاية الأولى لترامب (2016 – 2020)، استهل الرئيس الأمريكي ولايته الثانية بصدام هو الأعنف مع القاهرة؛ مع إصراره التام على استقبال الجانب المصري لسكان غزة مع الأردن، وإصراره المتواصل على أن الدولتين ستقبلان الطلب الأمريكي، متحدثاً بلهجة توحي بالأمر والجبر.

لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعلن صراحة رفضه خطط التهجير، وجددت وزارة الخارجية المصرية في أكثر من مناسبة رفضها أي طرح من هذا القبيل، لكن تقارير أمريكية عدة تتحدث أن إسرائيل تلقت ضوءاً أخضر من الإدارة الأمريكية لتنفيذ خطة التهجير، ما عبر عنه تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي ببدء الاستعداد للتهجير.

تساؤلات حول مستقبل العلاقات

وعلى مدار عقود فإن القضية الفلسطينية هي قضية مصر المحورية، التي تؤمن أن تهجير سكان غزة يعني القضاء نهائياً على حل الدولتين، الذي تتمسك به القاهرة كمفتاح لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وتحقيق السلام في المنطقة، لكن طلبات الرئيس الأمريكي تشكل إحراجاً كبيراً للقاهرة، ما يثير عديداً من التساؤلات حول مستقبل العلاقات مع واشنطن.

وفي اتصال هاتفي جرى قبل أيام بين السيسي وترامب دعا الثاني الأول لزيارة الولايات المتحدة للتباحث حول الأمر، وهي ذاتها الدعوة التي وُجهت إلى ملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين، إذ أن عمّان والقاهرة تتشاركان نفس الموقف الرافض لتهجير الفلسطينيين، لكن الرئيس المصري لم يؤكد بعد عزمه السفر.

السيناريو الأسوأ

لا يتوفر وصف.

يقول الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إننا أمام مخاوف من حدوث السيناريو الأسوأ، وهو تنفيذ المقترح الأمريكي بالقوة من خلال إسرائيل، بتهجير الفلسطينيين ولا يشترط إلى مصر عبر معبر رفح، بل يمكن نقلهم بحراً وجواً إلى مناطق أخرى.

ويوضح فهمي أن هذا الوضع الصعب أدى إلى حالة من التوتر والاحتقان المكتوم بين القاهرة وواشنطن، وإن كان الطرفان لا يزالان حريصين على عدم الوصول إلى مرحلة الصدام، معتبراً أن الأمر ربما يرتبط بتحسين شروط التفاوض، وتنفيذ خطة التهجير بأفضل شروط ممكنة.

وخلال الولاية الأولى لترامب يمكن القول إن العلاقات المصرية – الأمريكية كانت في عصرها الذهبي خلال العقود الأخيرة؛ ولطالما أثنى الرئيس الأمريكي على نظيره المصري ووصفه بـ "الرجل الرائع"، كما كان يرى فيه ركيزة مهمة في جهود مكافحة الإرهاب، لا سيما وأن مصر كانت لتوها قد نفضت غبار حكم جماعة الإخوان الإرهابية.

عقلية الصفقات

لا يتوفر وصف.

يقول مايكل مورجان المحلل السياسي الأمريكي إن إشكالية ترامب أنه يعمل وكأنه لا يزال يدير حملة انتخابية، وبما أنه الآن رئيساً فيجب عليه أن يكون هادئاً، معرباً عن اعتقاده أن التصريحات التي يدلي بها تكون بعيدة عن مستشاريه، وتم التراجع بعدها عن بعض التصريحات، أو جرى توضحيها من قبل مستشاريه.

ويوضح، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن ترامب رجل صفقات ومعروف عنه أنه يريد رفع المطالب ليحقق أكبر قدر ممكن من المكاسب خلال التفاوض، إلا أنه لم يكن موفقاً هذه المرة؛ لأنه رفع سقف المطالب في قضية حساسة للغاية، معرباً عن أمله ألا يتحول الأمر لمواجهة بين القاهرة وواشنطن فهذا ليس في صالح أي طرف، ولا بد أن يكون هناك قدراً من التوافق حتى لو كان خلف الأبواب المغلقة.

حملة دبلوماسية مصرية

وتقود مصر حملة دبلوماسية دولية واسعة ضد خطط ترامب، لا سيما أنها تجعل معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية في وضع محفوف بالمخاطر، وفي هذا السياق تذكر وكالة أسوشيتيد برس الأمريكية أن واشنطن تتراجع بالفعل عن بعض جوانب تلك الخطة، لكن دون أن يتم الكشف بعد عن أية تفاصيل.

ويرفض الفلسطينيون خطط التهجير حتى لو كانت طوعية، وحتى لو كانت تتضمن وعوداً بالعودة عقب إعادة إعمار غزة، إذ يخشون تكرار سيناريو النكبة عام 1948؛ عندما تم تهجير 700 ألف فلسطيني ولم يسمح لهم بالعودة حتى الآن، لكن يبدو أن تل أبيب ومعها واشنطن مصممتان على هذا الخيار الكارثي.

ومنذ وقوع أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول كانت مصر من أوائل الدول التي تنبهت إلى فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة، واعتبرتها خطاً أحمر، حيث شددت على أنها لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية، وذلك على وقع تصريحات عديدة من مسؤولين إسرائيليين تلوح بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية.