من هم لصوص النفط في سوريا...؟
"القوة التي قدمت وعلى مدار عشرات الأعوام الماضية 11 ألف شهيد، لم تقم فقط بحماية شمال شرق سوريا، إنما حافظت على الهوية السورية والبنية المجتمعية للمكونات".
"القوة التي قدمت وعلى مدار عشرات الأعوام الماضية 11 ألف شهيد، لم تقم فقط بحماية شمال شرق سوريا، إنما حافظت على الهوية السورية والبنية المجتمعية للمكونات".
بدون شك إن الاستثمار وتطوير المشاريع على الأراضي السورية في الوقت الراهن تعتبر خطوة بالغة الخطورة، وبالرغم من جانبها الإيجابي في التنمية الاقتصادية، وتتجلى ذلك في الإقدام على خطوة تهدف إلى دعم الاستقرار والأمن في شمال وشرق سوريا وسوريا عامهً، وضمن هذا الإطار وفي حال النظر إلى الاتفاق الذي حصل بين قوات سوريا الديمقراطية والشركة النفطية الامريكية ديلتا كريسنت أنيرجي فهي خطوة تجاه دعم الاستقرار ودفع بعجلة الحل السياسي، فبعد مرور ما يقارب الـ 30 يوماً على توقيع الاتفاق، ترافق مع ذلك إعلان ظهور العديد من الآراء المتباينة بخصوص هذه الخطوة، وانقسمت هذه الآراء بين الرفض والتأييد لهذا الأتفاق، الجانب الذي كان معارضاً لهذه الخطوة والمتمثلة في تركيا والنظام السوري قيموا هذه الخطوة على أنها نهب للثروات السوريين، وعلى ذلك الأساس تتالت الاتهامات إلى أن وصل الامر بهم إلى وصف الجانب الكردي بالخيانة واللصوصية.
اللص يرى الأخرين لصوصاً
في الوقت الذي أتهم فيه الكرد بالسرقة والخيانة من قبل تركيا والنظام السوري، نجدهم أي تركيا والنظام السوري بالسرقة وخيانة الشعوب المنطقة، ومن خلال النظر إلى تاريخ هذه الدولتين المحتلتين لأراضي كردستان، فأنهم عمدوا إلى سرقة خيرات هذه الأرض وحرمان شعوب هذه المنطقة من أبسط حقوقهم من خلال الاستفادة من خيراتها. ومثال على ذلك هي الدولة السورية التي كانت تقوم بشكل يومي باستخراج 440 الف برميل من النفط من مناطق شمال شرق سوريا، حيث كانت تقوم بالحصول على نصفها لسد احتياجاتها والنصف الاخر كانت تقوم ببيعها في الأسواق العالمية وفي نفس الوقت كانت شعوب هذه المنطقة المذخرة بالنفط أي مناطق ديرك ورميلان وأهالي دير الزور فأنهم كانوا مجردين من لقمة عيشهم، وفي نفس الوقت تركيا أيضاً كانت تقوم وخلال مرحلة الأعوام العشرة الماضية وعبر داعش ومرتزقتها بسرقة بترول المنطقة إلى جانب سرقة البنية التحتية لمؤسسات السورية، وقامت بنقلهم إلى داخل الأراضي التركية بما فيهم معامل مدينة حلب بالإضافة إلى مضخات البترول والتي كانت تتواجد في محيط مدينة دير الزور قامت بسرقتهم وعرضهم في المزادات العالمية. وبالتالي ألا يعتبر ذلك سرقة ؟؟ أو أنهم لم يروا ذلك بعد؟
وكما يقول المثل الشعبي "لماذا ترى القشة في عين اخيك ولا ترى الخشبة التي في عينك"، القوة التي قدمت وعلى مدار عشرات الأعوام الماضية 11 ألف شهيد، لم تقم فقط بحماية شمال شرق سوريا، إنما حافظت على الهوية السورية والبنية المجتمعية للمكونات بل وأيضاً فأنها الجهة الوحيدة التي تمتلك مشروع يتوافق مع تطلعات كافة السوريين وبناء سوريا المستقبل وهذا المشروع هو الإدارة الذاتية، إلا أنه يتم اتهام هذه الإدارة بالتعامل مع الأطراف الخارجية وتنفيذ اجندات مغايرة لرغبة السوريين وسرقة البترول السوري.
الحقيقة الموجودة في المنطقة تفنّد اتهاماتهم
بالطبع هذه الاتهامات لا تستند إلى أي حقيقة أو واقع وهي لا تخدم مستقبل سوريا، لكن الملفت للانتباه هو أن معارضة بعض الأطراف لهذا الاتفاق تجاوز حدود التصريحات الإعلامية وأضحت إلى بوادر خلق الفوضى وعدم استقرار في كامل الأراضي السورية من خلال استخدام بعض أوراقها ومن أبرز هذه الأطراف، إيران وروسيا، من خلال استخدام ورقة العشائر العربية قاموا بتهيئة المناخ للبدء بأعمال الفوضى والصيد في الماء العكرة وبمعنى أخر هو خلق مقومات لدى النظام السوري لإفشال الإدارة الذاتية.
إلا أن تجربة شمال شرق سوريا سواء من ناحية القضاء على الإرهاب المتمثل بداعش وبغض النظر عن الأخطاء التي رافقت نشوءها حتى الوقت الراهن، واستقطابها لكافة المكونات الموجودة في المنطقة فأنه قد تم إفشال جميع المخططات وخير دليلاً على ذلك هو الاجتماع الذي عقد في 29 من الشهر الجاري في بلدة ذيبان بريف دير الزور الشرقي والذي تطرق فيه إلى أن كافة المشاكل التي مرت بها المنطقة خلال الأيام الماضية كان سببها بعض الشخصيات التي احتمت بـ "العباءة، والعكال" مؤكدين خلال لقاءهم بأن مصلحتهم ومصلحة المناطق التي يتواجدون بها في إشارة إلى مناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شرق الفرات هي أهم من كل شيء بحسب وصفهم، فيما شدد بعض الحاضرون من شيوخ العشائر وجودهم في مناطق شرق الفرات وعدم الاكتراث لمناطق غرب الفرات وعدم سماح الأخيرة في التدخل في شؤون مناطقهم.
أن المشاريع الاستثمارية التي تجري على هذا الشكل، وتدعم الاستقرار والحل في سوريا وذلك كون المرحلة التي تمر بها سوريا في الوقت الراهن وبكامل ايجابيتها وسلبياتها فأنها تعتبر مرحلة جديدة، وتتوافق إلى حداً ما مع مخرجات جنيف 1 وقرار مجلس الامن الدولي 2254 أي مرحلة انتقالية لسوريا عامهً.
ووفقاً لآراء وتحليلات الكثير من الأطراف السياسية حول دخول شركة ديلتا للبترول هي تهيئة الأرضية المناسبة لدخول شركات اوربية للأقدام على الاستثمار في مناطق شمال شرق سوريا، ومن هذا المنطلق ووفقاً للمعلومات من أشخاص مقربين من الإدارة الذاتية فأن بعض الأطراف الإقليمية والدولية في المرحلة القادمة لعب دور عبر بعض شركاتها سواءً من الناحية الخدمية أو التجارية والاقدام على فتح مشاريع في مناطق شمال شرق سوريا وأن الأمر الذي أفسح المجال أمام هذه الشركات هو استثناء مناطق شمال وشرق سوريا من عقوبات القيصر ووجود حالة الاستقرار الوضع الأمني في مناطق شمال وشرق سوريا والذي كانت قد هيأتها قوات سوريا الديمقراطية خلال الأعوام الماضية.