"من لا يقف ضدّ احتلال عفرين ليس بإمكانه حماية هولير"

خلال فترة احتلال كركوك, توضّحت مواقف الدول الإقليمية من الكرد. الدولة التركية التي تحاول الآن احتلال عفرين, لعبت دوراً هامّاً في غزو كركوك, حيث أعدّت جنودها على الحدود لتساهم في ذلك.

ها قد بدأت تركيا بعملية احتلال عفرين. الصمت الدولي إزاء العمليات العسكرية التركية ضدّ الكرد في عفرين, يوضح مدى قذارة المواقف الدولية حيال قضايا الشعوب. سلطات حزب العدالة والتنمية AKP-حزب الحركة القومية MHP تمارس عدواناً صريحاً على الشعب الكردي بلا رادع, في ظلّ هذا صمت المجتمع الدولي, وفي مقدّمتهم أمريكا وروسيا, القوّتان الأكثر نفوذاً وتأثيراً. 

تمارس تركيا عدوانها على الشعب الكردي, الذي حارب تنظيم داعش الإرهابي, هذا التنظيم الذي كان كارثةً حقيقية على عموم العالم, والذي دعمته الدولة التركية لمدةٍ طويلة. وها نحن نرى صمت الدول المشاركة في التحالف الدولي ضدّ داعش, إزاء العدوان التركي على عفرين. وأيضاً روسيا التي تدّعي محاربتها للمرتزقة في سوريا, عقدت صفقة قذرة مع تركيا فيما يتعلّق باحتلال عفرين. حتّى نظام الأسد الذي ينادي بسيادة الدولة على الأراضي السورية, يقف صامتاّ حيال العدوان التركي على عفرين, وهذا يشير إلى عدم امتلاكه الحقّ فيما يتعلّق بشرعيته, وبهذا الصمت أيضاً, لم يعد بإمكانه قول أيّ شيء للكرد فيما يتعلّق بتقرير مصيرهم.

خلال فترة احتلال كركوك, توضّحت مواقف الدول الإقليمية من الكرد. الدولة التركية التي تحاول الآن احتلال عفرين, لعبت دوراً هامّاً في غزو كركوك, حيث أعدّت جنودها على الحدود لتساهم في ذلك, علاوةً على احتقار كلّ مسؤوليها لحكومة إقليم كردستان آنذاك. فالدولة التركية تمارس كلّ السياسات ضدّ الشعب الكري, وهذا واضحٌ من ممارساته القمعية على الكرد في شمال كردستان, والآن هدفها هو عفرين, وقبلها شنكال وكركوك. وبغية عدم حصول الإيزيدون على إدارةٍ خاصّةٍ بهم, شنّ الأتراك هجماتٍ عدّة على شنكال, وهذا ما يؤكّد العداء المستمرّ لعموم الشعب الكردي, ومن لا يرى هذه الحقيقة, إمّا غافلٌ عنها, أو يخفي رأسه بين الرمال مرتدياً ثوب الخيانة.

يمكننا فهم العدوان التركي على عفرين, وأيضاً مواقف الدول الأوروبية, أمريكا وروسيا, المتعلّقة بمصالحها مع أنقرة, وتغضّ النظر عن ممارساتها العدوانية تجاه الكرد. لكن ما لا يمكن فهمه هو صمت قيادة إقليم كردسستان والأحزاب السياسية, وعدم ابدائهم لأيّ موقفٍ صريح. إنّ من يقف اليوم صامتاً إزاء العدوان على عفرين وشعبها, لن يتمكّن غداً من حماية هولير والسليمانية, ولن يجدوا أحداً إلى جانبهم, إذا ما تمّ الهجوم عليها. صمت حكومة الإقليم تعني عزل هولير والسليمانية عن محيطيهما الكردي, وسينطبق عليها مقولة رجل الدين الألماني "حينما وصلنا الدور, لم نجد أحداً حولنا".

على قيادة جنوب كردستان وأحزابه السياسية أن يراجعوا سياساتهم بشكلٍ جيّد, لأنّ سياسة إقامة علاقات مع تركيا ليست بالصحيحة. فالحزب الديمقراطي الكردستاني PDK, وبدلاً من أن يقف في الصفّ الكردي في الحرب مع تركيا, يرغب بمواصلة وتمتين علاقاته مع أنقرة, وهذا ما يحمل في طياته مصطلح الخيانة, ولا يمكن وصفها بأيّ شيء آخر. لكن على قيادات الحزب الحذر, فالدولة التركية تهدف من هجماتها إلى اضعاف الكرد بالعموم, وهذا ما يعني أيضاً نهاية PDK. فالمكتسبات القومية الكردية في تُجابه بخطرٍ تركي, وإن كانت هناك منجزات كردية في جنوب كردستان, فتلك نتيجة نضال كلّ الأجزاء الأخرى, في مقدمتها شمال كردستان, بلا وجود حزب العمال الكردستاني PKK, لما حقّق كرد جنوب كردستان ما حققوه حتى اليوم.

إن لم تأخذ قيادة PDK العبر من كركوك, فهذا يعني أنّ نهاية الحزب ستكون وخيمةً أكثر مما حصل في كركوك. الهجوم على عفرين هو الهجوم على قامشلو, مهاباد, هولير, السليمانية, سنه وشنكال. إن لم يتم استيعاب هذه الحقيقة, لن يحصل الكرد على حقوقهم المنشودة. على الكرد أن يفهموا بأنّه إن لم يواجهوا سياسات الدولة التركية ويدعموا نضال شمال كردستان, لن يكون بمقدورهم أن يحققوا مكتسبات قومية دائمة. 

لا يمكن أن يملك الكرد حياةً حرّة وديمقراطية إذا ما لم تتوحّد جهودهم النضالية في أجزاء كردستان الأربعة. إن لم تشهد منطقة الشرق الأوسط مرحلة الديمقراطية وإنهاء القمع, لن يضمن الكرد نيل حقوقهم المشروعة. في الحقيقة, بناء دولة كردية في كلّ جزء كردستاني, منفصل عن الجزء الآخر, ليست بالاستراتيجية الواقعية. قوانين الديالكتيك توضح استراتيجة بناء ديمقراطية في الشرق الأوسط, وهذا هو الضمان لنيل الكرد حقوقهم.

يجب على حزبي الديمقراطي الكردستاني PDK والاتحاد الوطني YNK أنّ يبدوا موقفاً رافضاً للعدوان التركي على عفرين فوراً, وأن يقفوا إلى جانب مقاومة عفرين وشعبها, وإلّا ستتم مسائلة علاقات الحزبين مع الكرد. وما يصرّح به بعض الأعضاء في PDK وYNK, لا يمكن أن يغطي على السياسات الخاطئة للحزبين ولحكومة جنوب كردستان. وعليه, فإنّ شعب جنوب كردستان مطلوبٌ منه أن يبدي موقفه المتضامن مع مقاومة عفرين, في حال عدم اتخاذ موقف رسمي من قبل حكومة جنوب كردستان والحزبين الرئيسين, وأنّ يهب الشعب في وجه سياسات AKP وMHP الفاشية تجاه عفرين وعموم الشعب الكردي.