كشف مقال حديث لمعهد جيتستون الأمريكي مدى الخسارة التي تعرض لها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أفريقيا كنتيجة لعزل الرئيس السوداني عمر البشير وما تشهده الساحة السودانية من تطورات غير مسبوقة، تشير إلى إبتعاد السياسة السودانية عن حلفاء أردوغان الإخوان، ولفت المقال الى ان اردوغان كان حريص على إظهار وجهه الاخواني خلال زياراته للخرطوم من خلال الخطابات التي القاها في البرلمان وجامعة الخرطوم فضلا عن اشارته الدائمة بعلامة رابعة، إذ أصبح بسقوط البشير وحزبه الذي يعد من مكونات الحركة الاسلامية المتحالفة مع الاخوان، بمثابة تهديد خطير للتعاون الايديولوجي بين البلدين.
وذكرت المقالة أن علاقات أردوغان الوثيقة مع البشير كان هدفها توسيع نفوذ تركيا الاقتصادي والعسكري في إفريقيا وكذلك في الخليج. ولكن بعد الإطاحة بالبشير، فإن جميع مساعي تركيا في السودان، بما في ذلك مشروع استراتيجي تركي على البحر الأحمر، يمكن أن يكون الآن في خطر، وهو ما يمثل أخبار سيئة لحكومة تركية تواجه بالفعل مشاكل اقتصادية خطيرة. وقد اشارت العديد من التحليلات التركية إلى أن إطاحة البشير كانت تستهدف بالأساس إحباط مساعي أردوغان.
وذكر المقال المنشور اليوم للصحفي التركي أوزاي بولوت، والباحث البارز في معهد جيتستون، أن أردوغان سعى من خلال جزيرة سواكن، التي تحدثت الصحافة التركية عن نية اقامة قاعدة عسكرية بها، سعى إلى العين التركية الثانية في البحر الأبيض المتوسط بعد قبرص.
وأكد المقال إن الصفقات التجارية بين البلدين التي تبلغ قيمتها مليار دولار، بما في ذلك استثمارات تركيا في مطار جديد في الخرطوم، وكذلك في مجالات الزراعة، والمنسوجات، والنفط، يمكن أن تكون أيضًا في خطر.
وأوضح المقال ان تركيا استثمرت المليارات في دعم نظام البشير اقتصاديا وعسكريا واستخباراتيا، ولكن ما حدث في السودان من تغير أطاح بهذه المساعي التركية، وتابع: "على الرغم من أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي التي ولديها تطلعات طويلة الأمد لتصبح جزءًا من الاتحاد الأوروبي - في حين وصل البشير إلى السلطة في عام 1989 من خلال الإطاحة بالحكومة السودانية المنتخبة ديمقراطيا، وقد أشارت المحكمة الجنائية الدولية لاحقًا إلى أنه مجرم حرب ".
ومن المفارقات أن أردوغان الذي حاكم عشرات الآلاف من المعارضين السياسيين وسجن عدداً أكبر من الصحفيين من أي زعيم آخر في العالم، قد حث السودان على استخدام "عملية ديمقراطية طبيعية" وعبور الفترة الانتقالية سلمياً من خلال "المصالحة الوطنية".