وأكد موقع FPIF في تقرير للباحث كون هالينان أن الرئيس السلطوي اردوغان أكد نبوءته عندما قال بعد انتخابه عمدة لأسطنبول ان الديمقراطية مجرد قطار تنزل منه عندما تصل إلى وجهتك، فبعد أكثر من 20 عاما ظهرت الميكيافيلية الأردوغانية التي ملأت سجون تركيا بالمعارضين.
وقال التقرير أنه بينما تستعد تركيا للانتخابات البلدية فقد تحققت نبوءة أردوغان، فالسجون مليئة بالمعارضة، ووسائل الإعلام تم إسكاتها إلى حد كبير، وتم ترهيب المحاكم، والبيروقراطية التي تم ترويضها، وأكثر من 150 ألف شخص قد فصلوا من وظائفهم.
وأكد التقرير أن هذه الأزمات معظمها إلى حد كبير من صنع الرئيس نفسه، معتبرا أن أردوغان وحزب العدالة والتنمية (AKP) قد يكونان في حالة نكسة حاليا خلال هذه الانتخابات البلدية في 31 آذار/ مارس الجاري.
الطريق إلى التقشف
وأعتبر التقرير إن مشكلة الخبز والزبدة التي يعاني منها حزب العدالة والتنمية، والاقتصاد التركي، هي مشكلة خطيرة للغاية، مشيرا الى انخفاض الإنتاج الصناعي بنسبة 6 في المائة ومبيعات التجزئة بنسبة 7 في المائة ، وانخفض النمو العام من 7.4 في المائة في عام 2017 إلى 2 في المائة المتوقعة في عام 2019. وبلغ التضخم 20.3 في المائة والبطالة تتسارع. وتشير أحدث الاحصائيات إلى أن أكثر من 11 في المائة عاطلون عن العمل، مع ضعف ذلك تقريباً بالنسبة للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة، والذين يشكلون حوالي 20 في المائة من سكان تركيا.
في الماضي كان "الإرهاب" مصدر القلق الرئيسي للناخبين، ولكن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى أن الاقتصاد هو القضية رقم واحد، تليها البطالة واللاجئين السوريين، بحسب التقرير.
شيد أردوغان انتصاره الانتخابي على النمو الاقتصادي الذي أدى إلى خروج شريحة كبيرة من السكان من الفقر وأدى إلى نمو كبير في الطبقة الوسطى. تركز جزء كبير من هذا الاقتصاد على صناعة البناء والمشاريع الضخمة مثل مراكز التسوق والجسور، وأكبر مطار في العالم.
لكن النمو انخفض إلى 1.6 في المائة في الربع الثالث من العام الماضي ، وصناعة البناء في حالة ركود ، مع تسريح الكثير من العمال، وانخفاض قيمة الليرة، إلى جانب شعور الناس بعدم الأمان الاقتصادي، أدى إلى انخفاض المبيعات في صناعة السيارات والإلكترونيات والأجهزة المنزلية.
وبما أن معظم الديون التركية هي بالعملة الأجنبية، فمن الصعب تسديد تلك الديون بعملة الليرة المقلقة. لقد فتحت أنقرة محادثات مع صندوق النقد الدولي لاستكشاف خطة إنقاذ، لكن عمليات الإنقاذ التي يقدمها صندوق النقد الدولي تأتي مع ثمن وهو التقشف، وليس بالضبط برنامج انتخابي ناجح.
هدير المقاومة
قال التقرير ان حزب الشعوب الديمقراطي قد تمكن من الحصول على ما يكفي من الأصوات في الانتخابات الأخيرة ليحتل مكانه كثالث أكبر حزب في البرلمان، كما أن الإضراب عن الطعام من قبل الناشطين الكرد السجناء قد ولّد أيضاً تعاطفاً مع حزب الشعوب الديمقراطي، وللمرة الأولى في التاريخ التركي شكل العديد من الأحزاب الكردية جبهة موحدة.
وخسر حزب العدالة والتنمية عدد كبير من الأصوات الكردية، عندما شن أردوغان حملة قمعية ضد الكرد في محاولة لتهميش حزب الشعوب الديمقراطي، بحسب التقرير الذي لفت الى ان القانون الانتخابي الذي يسمح بتشكيل تحالفات انتخابية قد كان في مصلحة الاحزاب الكردية التي تحالفت معا والمرجح ان تحصل على عدد من المقاعد لم تكن لها في ظل القواعد الانتخابية القديمة.
لقد فشل الاحتلال التركي لشمال سوريا في تشتيت قوات سوريا الديمقراطية، ويبدو بشكل متزايد أن أنقرة قد تعثرت ووقعت في مستنقع. وكانت خطة أردوغان هي طرد الكرد وإعادة توطين المنطقة مع اللاجئين السوريين. وبدلا من ذلك، فهو حاليا في مواجهة مع الروس والأميركيين، بينما دخل الكرد في مفاوضات مع الحكومة السورية ضد الاحتلال التركي.
واعتبر التقرير أن الجيش التركي لا يزال يعاني بشكل مبالغ فيه من تطهير الضباط والرتب والملفات التي أعقبت الانقلاب الفاشل في عام 2016. وهناك تقارير موثوقة تفيد بأن الجيش ليس مسرورًا بشكل مفرط من احتلال جزء من سوريا، ومع ذلك، فإن تصويت مارس ليس من المرجح أن يتحول على السياسة الخارجية، ولكن على الداخلية مثل البطالة والاقتصاد المتذبذب. ويبذل أردوغان قصارى جهده للتخلص من أي اضطرابات في الاقتصاد من خلال تقديم قروض وهبات منخفضة الفائدة، مثل دفع فواتير الكهرباء للعائلات المجهدة اقتصاديًا.
حدود الخدع القذرة
كما تدعي المعارضة فإن تحالف «حزب العدالة والتنمية» يحشو قوائم الناخبين الزائفين، وقد وجد محققون أن بيت واحد في جنوب شرق تركيا به 1108 من الناخبين المسجلين.
وذكر التقرير أن الزراعة التركية في حالة فوضى، والبناء والتصنيع واقعان تحت عبء ديون هائل. ورغم ذلك استخدم أردوغان سلطة الدولة لإعاقة معارضته، لكن حالة الطوارئ تنفر المستثمرين الأجانب، وكثير من الأتراك يشعرون بالقلق من ذلك بشكل متزايد تجاه الاوضاع الاقتصادية.
وفي استفتاء عام 2017 الذي منح سلطات تنفيذية غير محدودة تقريباً لأردوغان، خسر اسطنبول وأنقرة وأزمير، أكبر مدن تركيا، وأظهر استطلاع أخير للرأي أن التأييد لحزب العدالة والتنمية انخفض من 42.5 في المائة من الحزب في انتخابات عام 2018 إلى 35 في المائة اليوم.
بعد 17 سنة من السلطة، وبعد استخدام كل جهاز ووسيلة ممكنة - بما في ذلك تعبئة صناديق الاقتراع - لبناء نظام تنفيذي قوي يدور حوله، يصعب تخيل أن أردوغان يعاني من نكسة. لكن قذف الناس في السجن وترهيب المعارضة لم يكن له تأثير يذكر على إصلاح الاقتصاد أو رفع مستويات المعيشة.
وأكد الكاتب أن الناخبين الاتراك يمكنهم ان ينظروا في أي "محطة" جلبهم قطار أردوغان، ويردوا عليه برسالة واضحة يوم 31 آذار/ مارس (موعد الانتخابات البلدية التركية).