أول مرشّحة للرئاسة التونسيّة لANF: ترشحت للفوز و"النهضة" جزء من المحور القطري التركي

حذرت المرشحة الرئاسية التونسية ليلى الهمامي من حضور المرأة المعادية لحقوق المرأة في المشهد السياسي التونسي وفي المنطقة ككل، مؤكدة أن هذا التمكين الشكلي توظفه التيارات الدينية كأداة لاستبدادها.

حذرت المرشحة الرئاسية التونسية الدكتورة ليلى الهمامي من حضور المرأة المعادية لحقوق المرأة في المشهد السياسي التونسي وفي المنطقة ككل، مؤكدة أن هذا التمكين الشكلي توظفه التيارات الدينية كأداة لاستبدادها، مشددة على أنها ترشحت للانتخابات التونسية للفوز بمنصب الرئاسة، وليس كمشاركة رمزية.

وأكدت الدكتورة ليلى الهمامي أول امرأة تونسية تعتزم الترشح لخوض سباق انتخابات الرئاسة في عام 2019، في حديث خاص لوكالة فرات للأنباء ANF أن حركة النهضة التونسية التي تمثل تيار الاخوان في بلادها، تمكنت خلال العامين الماضيين من اختراق الكثير من المؤسسات الحساسة، لكنها لم تتمكن من الوصول للمؤسسات الأمنية والعسكرية بفضل صمود الوطنيين في هذه المؤسسات، مؤكدة أن جزء لا يتجزأ من المحور التركي القطري التخريبي في المنطقة، واستنساخ لتجربة العدالة والتنمية التي سقطت لدى الجميع وسيما مع حملات الاعتقالات التي اعقبت محاولة الانقلاب المزعوم في صيف 2016... وشرحت المفكرة والأكاديمية التونسية وأستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية لوكالة فرات للأنباء ANF أهمية حضورها على المشهد الانتخابي، مؤكدة أنها لم تترشح كتجميل للمشهد الانتخابي، بل ترشحت لتفوز، وشددت على خطورة تمكين الاخوان والتيارات الاستبدادية لنساء هن في الواقع أشد عداوة لحقوق المرأة وحرياتها.. فإلى نص المقابلة.

  • يوصف تحرككم للترشح للانتخابات الرئاسية التونسية للعام 2019 على انه ليس فقط تحرك انتخابي تونسي فقط، وإنما أيضا رسالة سياسية ذات بعد اجتماعي وفكري للمنطقة العربية ككل، بهدف الارتقاء المشاركة السياسية والاجتماعية للمرأة العربية، فهل هذا بالفعل ما يعنيه ترشحكم؟

رهاننا هو كسر الصورة النمطية لانتخابات رئاسية تشارك فيها المرأة لأداء دور الواجهة المجملة للمشهد السياسي أو لمشهد سياسي تسوده الاستبدادية الذكورية.

وقد ذكرت في السابق وأؤكد مرة اخرى ان مشاركتي ستكون من اجل الفوز وتجذير الثقافة الديمقراطية التي نجدها اليوم مختزلة في قانون انتخابي يفرض التناصف في الانتخابات التشريعية دون ان يمكن المرأة من المشاركة الفعلية في ادارة الجهاز التنفيذي والوصول إلى أعلى مراتب الدولة وهي الرئاسة.

لذلك قلت ان حضور المرأة في الحياة السياسية لا يزال دون المطلوب والمأمول وليس أدل على ذلك من ان قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل لا تضم سوى امرأة واحدة فقط، كما ان الحكومة بعد التعديل الاخير لم تشمل الا عددا قليلا من النساء مقارنة بالكفاءات التي تذخر بها بلادنا في الداخل والخارج من باحثات وطبيبات وسيدات أعمال ومهندسات ومخترعات ومختصات في مجال الرياضة إلى أخره.

سأقول هنا شيء مهم جدا... أعتقد ان المعركة الثقافية لا تزال قائمة من اجل فرض حضور المرأة التقدمية في اعلى مستويات سلطة الدولة، ولكن علينا ان نحترس من حضور المرأة المعادية لحقوق المرأة، وعلينا ان نحترز من حضورها فهي معادية لحقوق المرأة وحرياتها، وهو ما توظفه التيارات الدينية، لغاية حجب حقيقتها الاخوانية، وضرب مكاسب التحديث من خلال واجهة نسائية معادية لحقوق المرأة ومكاسبها.

ليست المرأة في حد ذاتها عنوان تقدم وديمقراطية، فإلى رمزية المرأة لابد أن نضيف مضمون الفكر التحرري، الداعم لمكاسب الحركة النسوية، ومن هذا المنطلق كان ترشحي في سياق مقاومة تزييف الرهانات والانقلاب على المكاسب، وقد آن الآوان لإمكانية قيادة المرأة لشؤونها الخاصة وأنها تثبت يوميا حكمتها وكفاءتها.

وفي هذا السياق اتحدث عن المرأة العربية على اختلاف انتماءاتها الاجتماعية والمهنية، فالنضال الاجتماعي الذي تخوضه المرأة في ادارة اسرتها وفي أداء واجبها المهني والنجاح في دراستها عناصر دافعة ومحفزة لكتابة تاريخ جديد تكون فيه المرأة في المكانة التي تستحقها في النظام العربي الرسمي.

  • ما هي ابرز ملامح برنامجكم الانتخابي لتحقيق هذه الرؤية التقدمية؟

هذا لا يتفق مع الصلاحيات الممنوحة من دستور 2014 لرئيس الجمهورية حيث تختزل مهام رئيس الجمهورية في ادارة السياسات الخارجية وقضايا الدفاع الوطني من خلال رئاستها للمجلس الاعلى للأمن القومي، وهي مهام اساسية على محدوديتها ولكنها لا تمكن رئيس الجمهورية من الاشراف الفعلي على تنفيذ السياسات الاقتصادية والتنموية التي منحها الدستور لرئيس الحكومة المعين من رئيس الجمهورية المنتخب من عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، وهذه المفارقة تشكل في حد ذاتها احدى نقاط ضعف دستور 2014.

هذه المفارقة احدى نقاط ضعف دستور 2014 الذي صيغ اساسا تحت تأثير حركة النهضة المسكونة بهوس امكانية عودة الاستبداد من خارجها، لكن هذا لا يمنعني من تحفيز القوى الاجتماعية التقدمية متى تم انتخابي الى مواصلة العمل من اجل تأسيس فكر وحراك ثقافي ومنظومة تعليمية قادرة على نشر قيم الحرية والفكر النقدي، وهي الركيزة الاولى والاخيرة للجمهورية وهي ميدان المواجهة مع التيارات الرجعية الساعية لإنتاج جيل متعصب منغلق رافض لكل اختلاف وتعدد.

وهنا المسألة التعليمية تحتل في تصوري منزلة اساسية، خاصة وان افتقاد تونس للموارد الطبيعية يجعل من الشباب رأس مالها الأول الذي من المفروض ان نعتني به بالتأطير والتوجيه والتحفيز، وهذا المشغل اساسي لتحريك آلية التوظيف والتشغيل بدفع الشباب إلى بعث  المؤسسات المتوسطة والصغيرة في المجالات ذات القيمة المضافة العالية، وأعني التكنولوجيات الجديدة.

وبكل تأكيد يحتل الملف الاقتصادي اهمية بالغة من اجل تحريك مختلف قطاعات النظام الاقتصادي، واولها ادخال اصلاح زراعي شامل ودعم منظومة المؤسسات الصغرى والمتوسطة والحد من الاجراءات البيروقراطية وسلطة الادارة عامة، وذلك بتطوير نظم الرقابة وتشديد المعايير لزجر المخالفات بما يتيح في ذات الوقت المجال لبعث المشاريع وخلق فرص شغل. لكن كل هذا مع حماية الاقتصاد من الفساد والبطالة، وكذلك ملف الدفاع الذي سيكتسب صبغة شمولية في رؤيتي لأنه لا يجب ان يقتصر على البعد الأمني والعسكري وسيشهد مختلف مجالات الامن القومي بما في ذلك المجالات المتصلة بالصحة والتطور الديموغرافي والصحة ومواجهة مهددات الارهاب والتطرف والهجرة، باعتبارها اعظم المخاطر التي تهدد تونس والمنطقة.

اعتبر انه من الضروري بعث وكالة أمن قومي تابعة لرئاسة الجمهورية توكل لها مهام بحثية نظرية وعملية لمواجهة المخاطر التي تهدد بلادنا والبلدان الشقيقة الممانعة للتيار الديني والنصيرة لحركات التقدم الاجتماعي. وتناول موضوع السياسة الخارجية سيكون محكوم بمبدأ الواقعية في ربط العلاقات الجديدة وحسن توظيف الموقع الاستراتيجي المتميز الذي تحتله تونس في التفاوض مع الاطراف الاجنبية، واعادة تونس لمدارها العربي والافريقي امر اساسي لمواجهة الهيمنة الغربية، لكن اعتقد ان المنافسة بين القوى العظمى من اجل بسط النفوذ على العالم العربي والافريقي تمكننا من هوامش هامة للدفاع عن مصالحنا وافتكاك مكاسب هامة لشعوبنا.

  • تعتقدين ان المسار الراهن للانتقال الديمقراطي في تونس يتعرض لانحرافات واستبداد، فمن هي القوى المسؤولة عن ذلك، وهل الدولة التونسية لا تزال تحتفظ بمسافة بعيدا عن هذه الاحزاب والقوى السياسية أم فقدت حيادها؟

بالفعل يراوح الوضع السياسي التونسي بين الفوضى والاستبداد، وهناك أزمة مركبة وجزء منها نتاج الدستور المشتت السلطات والجزء الاخر ضعف وتفكك الاحزاب العلمانية المواجهة لحركة النهضة، لكن الاساس في هذه الفوضى اضعاف الدولة التي تمر بأزمة حوكمة منذ 2011.

وبرزت في هذا السياق، أو في سياق هذه الحالة، بوادر تشكل استبداد جديد مداره التحالف بين يوسف الشاهد رئيس الحكومة وحركة النهضة، حيث سجلت حالات توقيف تعسفية طالت مجموعة من رجال الاعمال تحت شعار مقاومة الفساد، وشملت أمنيين من الذين قادوا الحرب على الارهاب، واتسعت الدائرة لتشمل صحفيين واعلاميين ومدونين بتهم واهية، الغاية منها تكميم الافواه ومن الرقابة الذاتية لدى الاعلاميين.

وهذه مؤشرات خطيرة لانحراف استبدادي واضع مرشح للاتساع في ظل اختلال التوازنات السياسية وتغول حركة النهضة الاخوانية.

وفي علاقتها بالدولة، تمكنت حركة النهضة خلال السنتين الاخيرتين من التوغل داخل مؤسسات الدولة وخاصة منها المؤسسات الحساسة، مثل وزارة التكنولوجيا والاتصال، لكنها وجدت صعوبة وصعوبات في اقتحام المؤسسة الامنية والعسكرية، بفضل تصدي الوطنيين في هذه المؤسسات ولعبت النقابات الامنية دورا هاما في محاصرة هذه الاختراقات، وهو تصور هام اسقط حسابات الاخوان.

 

  • إلى اي مدى تسعى حركة النهضة لإدخال تونس في سياسة المحاور الاقليمية، ولعل تصريحات الغنوشي حول الصحفي السعودي جمال خاشقجي اظهرت ذلك؟ وكيف ساهمت تركيا وقطر في "الاستئساد" الذي تمارسه حركة النهضة على المشهد السياسي في تونس؟

حركة النهضة جزء لا يتجزأ من المحور القطري التركي وليست مجرد أداة، فالأمر معلن من وقت اندلاع ما سمي بالربيع العربي، وليس من باب المصادفة ان تكون تصريحات راشد الغنوشي موجهة لإرضاء حلفاءه الاقليميين ودعمهم، وهو أمر مؤكد اذا ما اعتبرنا حجم الزيارات والمعاملات وما وردنا من تسريبات حول الدعم المالي الذي قد تكون حركة النهضة تلقته من حلفاءها، لم يكن التصريح حول موضوع الصحفي السعودي الا تتويج لسلسلة من المواقف والتصريحات حول سوريا ومصر والتي لا يمكن ان تفهم ولا ان تقرأ الا في سياق الاختراق القطري التركي للساحة السياسية التونسية.

  • في ظل الركود الذي دخل به الاقتصاد التركي، وتراجع جميع المؤشرات المتعلقة بالديمقراطية والحريات في تركيا، هل يمكن ان يعتمد حزب العدالة والتنمية التركي على فكرة انه نموذج لدول المنطقة التي تشهد مراحل الانتقال الديمقراطي مثل تونس؟

سقطت تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا من وضعها كنموذج، إثر صيف 2016، وحملة الاعتقالات الواسعة والتعسفية التي شنها أردوغان ضد معارضيه، والقمع الذي طال كوادر هامة في المؤسسات الامنية والعسكرية وطال الاعلاميين والحقوقيين، والذي تزامن مع تحوير الدستور التركي لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية، وبالنسبة لي وللكثيرين سقطت التجربة التركية، لدى الجميع، لدى الرأي العام الدولي، وعادت صورة السلطان لتتصدر واجهة حكم أردوغان وحلم الامبراطورية العثمانية الجديدة الساعية للتمدد عبر توظيف شبكة التنظيمات الاخوانية، ولا تزال انقرة تحتضن قيادة التنظيم العالمي للإخوان والاكيد ان تركيا لا تزال نموذجا لدى التيارات الاخوانية في سرديتها الجديدة وتحتل حركة النهضة موقعا هاما ضمن هذه الاستراتيجية، ومجرد احصاء زيارات رموز حركة النهضة التونسية الى تركيا سنجد عدد اللقاءات التي جمعت بينهم والقيادات التركية اثبات ملموس لذلك، وذلك دونما الاعتبار للعلاقات التفاوضية التي ارستها حكومة النهضة برئاسة يوسف الشاهد في مستوى العلاقات التجارية مع تركيا، حيث اكتسحت البضائع التركية الاسواق التونسية وتسببت في خسائر فادحة كابدتها المؤسسات الاقتصادية الوطنية في تونس.