مجلة جاكوبين الامريكية: التضامن مع الكرد ليس جريمة بل تضامن مع النفس

أنتقدت مقالة منشورة في مجلة جاكوبين الامريكية، التحالف بين النظامين التركي والألماني ضد حقوق النشطاء الكرد، موضحة إن السلطات الألمانية تتعامل مع الدفاع عن الحقوق الكردية كجريمة.

نشرت مجلة جاكوبين الامريكية، التي تمثل تيار اليسار في الولايات المتحدة، بعنوان: "حيث الدفاع عن الحقوق الكردية جريمة"، قالت فيه إن ألمانيا اصبحت تتعامل مع الدفاع عن حقوق الكرد كجريمة ارهاب، مضيفا: "في ألمانيا، المعقل المفترض للديمقراطية الليبرالية، تتعامل الدولة مع الدفاع عن الحقوق الكردية باعتبارها بمثابة إرهاب - وتضرب النشطاء بعمليات تفتيش المنازل والسجن وحتى الترحيل."
وقال الكاتب KEREM SCHAMBERGER إن الدولة الألمانية تتصرف كنظام استبدادي عندما تعمل على سلب أطفال أحد النشطاء باتهامه إنه يربي أبناءه كإرهابيين، مؤكدا انه منذ قرار حظر حزب العمال الكردستاني في ألمانيا عام 1993، تعرض آلاف الكرد ومؤيديهم لمضايقات شملت تفتيش المنازل وحظر الأنشطة السياسية والسجن، وأكثر من ذلك بكثير، وسط حالة تغاضي عن القمع الشديد الذي يتعرض له آلاف الكرد في ألمانيا.
ولفت الكاتب إلى تاريخ اضطهاد المعارضين اليساريين ومن بينهم الكرد منذ تأسيس ألمانيا الغربية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية عام 1948، حيث تمت معاملة الكرد اليساريين كمشتبه بهم بشكل مضاعف، حينما كانت الدولة غارقة في معاداة الشيوعية واليساريين.
وتابع: "بدأ الكرد في الوصول بأعداد كبيرة (إلى ألمانيا) في التسعينيات، هربًا من الاضطهاد في تركيا. منذ الانقلاب العسكري عام 1980 في تركيا، حيث تعرض عشرات الآلاف من النشطاء السياسيين للسجن والتعذيب والقتل، وبعد أن شن حزب العمال الكردستاني كفاحاً مسلحًا ضد الدولة التركية في عام 1984، سعيا لتحرير الكرد المضطهدين منذ فترة طويلة، حيث بدأ الجيش بتدمير الآلاف من القرى الكردية في شرق البلاد، أجبر مئات الآلاف من الأكراد على الفرار".
واضاف: "لقد جعلت ألمانيا حرب تركيا على الكرد ممكنة في المقام الأول، حيث زودت البلاد بأسلحة ومساعدة مالية واسعة النطاق. ومع ذلك، عند وصولهم إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية، قوبل اللاجئون الكرد بالعنصرية من الشرطة والموظفين المدنيين وغيرهم من المسؤولين. وقام رجال الشرطة الألمان باقتحام منازل العائلات الكردية التي لا تعد ولا تحصى بالأسلحة، فقط لمصادرة صور زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان.. لقد تعرضوا بالفعل لعمليات تفتيش واعتقالات مماثلة لما في تركيا."
وأكد الكاتب إن القمع ضد الكرد في ألمانيا ما زال مستمرا في جميع مجالات الحياة، مؤكدا إنه تم الحكم على نشطاء كرد بالسجن في ألمانيا مرارا وتكرارا، منذ 1993 تمت محاكمة أكثر من 180 من النشطاء، ومنذ 2010 تم توجيه الاتهام إلى 30 شخصا، وحكم عليهم بالسجن لما مجموعه أكثر من 61 عاما.
تبني الدولة الألمانية تهمها على جزء من القانون الجنائي الذي يتناول "تشكيل الجماعات الإرهابية". إذا لم يستطع المسؤولون الحصول على عقوبة بالسجن، فإنهم عادة ما يؤمنون حظراً على المشاركة في الأنشطة السياسية، بما في ذلك المظاهرات وحتى اجتماعات الجمعيات الكردية. كما يُمنع المدانون من مغادرة المنطقة التي يُسجلون فيها وعليهم إبلاغ الشرطة بانتظام.
وتابع: "بشكل منفصل، تمت محاكمة مئات الأشخاص لعرضهم رموز حركة الحرية الكردية في المظاهرات أو على الإنترنت. يمكن أن يكون حمل صورة لعبد الله أوجلان أساسًا لمحاكمة شخص ما - تنظر المحاكم الألمانية في إظهار الاعجاب كدعم "لمنظمة إرهابية". في كثير من الأحيان، تسبق المحاكمات عمليات تفتيش المنازل التي لا تتعلق بجمع الأدلة لكن تتعلق أكثر بتخويف الناشطين."
ولفت إلى أن العديد من الأحداث الثقافية الكردية في ألمانيا أصبحت ممنوعة، التهمة المزعومة: الترويج لـ "منظمة إرهابية". الحظر الآن يغطي حتى المعارض الفنية البسيطة. في نورمبرغ في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تمت إزالة صورة من معرض للصور حول الحياة اليومية في شمال سوريا، روجافا، بناءً على طلب من سلطات المدينة لأن صورتين لأوجلان كانت ظاهرة في الخلفية.

في شباط/ فبراير 2019، تم حظر دار نشر ميزوبوتاميا، وشركة الإنتاج الموسيقي مير  Mir، وتمت مصادرة آلاف الكتب، بما في ذلك كتب الأطفال الكرد وكتب اللغة الكردية، وكذلك أعمال نعوم تشومسكي، وجون شتاينبك ، والعديد من الكتب الأخرى المترجمة إلى اللغة الكردية. كما تمت مصادرة الأرشيف الموسيقي لمير، والذي تضمن عشرات الآلاف من الأغاني الكردية.
واضاف: "كل يوم، تراقب السلطات الألمانية وسائل التواصل الاجتماعي لآلاف الناشطين الكرد والمؤيدين لهم، كما إن بعض إدارات الشرطة لديها ضباط مكرسون خصيصا لهذه المهمة"، و"يكمل مراقبة الدولة وملاحقتها سياسات فيس بوك الخاصة في ألمانيا، التي تفرض الرقابة على محتوى حركة الحرية الكردية، وتحظر الحسابات، وتحذف المستخدمين، وتتعاون مع السلطات في تركيا وفي أماكن أخرى لدعم الملاحقة القضائية لهم".
إحدى الطرق الشائعة للسلطات الألمانية لفرض سياستها بين الناشطين الكرد هي إثارة شبح الترحيل - على الرغم من أن بعضهم سيواجهون التعذيب والسجن وربما الموت إذا تم ترحيلهم من البلاد. في أوقات أخرى، تقوم السلطات ببساطة بتغيير وضع الإقامة للشخص دون إشعار، مما يجبرهم، على سبيل المثال ، على التقدم بطلب للحصول على تمديد كل بضعة أشهرن ليظل دائمًا يخشى تلقي قرار سلبي بالترحيل.
كما تشمل اساليب القمع، الحرمان من المواطنة، "في كثير من الأحيان، لا يكفي أن تعيش في ألمانيا لعقود من الزمن أو أن تكون قد ولدت فيها هربًا من مخالب الدولة القمعية. في ما يسمى بالمحادثات الأمنية، يُجبر المهاجرون الكرد وأطفالهم، الذين ولد معظمهم في ألمانيا، على تقديم معلومات حول موقفهم من حركة الحرية الكردية. في كثير من الحالات، يتم رفض الجنسية إذا أظهرت "دعمًا لمنظمة إرهابية".

وأعتبر الكاتب إن جزء من صعوبة مقاومة هذا القمع هو أن الإجراءات المعادية الكرد متجذرة في الحسابات الجيوسياسية لألمانيا، حيث تعتبر تركيا، حليفة ألمانيا القديمة، حصنًا ضد روسيا (والاتحاد السوفيتي سابقًا). كما إن اتفاقية اللاجئين التركية لعام 2016 مع الاتحاد الأوروبي، والتي أعادت العديد من المهاجرين عبر تركيا وأدت إلى معاناة وموت الآلاف، عززت أيضًا العلاقات الألمانية التركية."
وأشار المقال إلى أن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان يعرف كيفية الاستفادة من هذا الموقف، "فعندما شن هذا الحاكم المستبد حربًا عدوانية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ضد المناطق الكردية في شمال سوريا، وبمخالفة القانون الدولي، كانت ألمانيا هي التي حالت أساسًا دون فرض عقوبات ضد هذا التوغل على مستوى الاتحاد الأوروبي. في كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت أنجيلا ميركل أن ألمانيا ستدعم تركيا مالياً في بناء أماكن سكنية في الأجزاء التي تحتلها تركيا في شمال سوريا."
وأكد الكاتب إنه على الرغم من التحالف بين ألمانيا وتركيا، لا يزال التضامن قائما في المجتمع الألماني والغربي ضد قمع الناشطين الكرد، مشيرا إلى تضامن الآلاف من النشطاء الألمان مع الكرد خلال احتجاجات مجموعة العشرين في هامبورغ في عام 2017، معتبرا إن دفاع النشطاء غير الكرد عن حقوق النشطاء الكرد يمثل دفاعا عن حرياتهم الأساسية عندما يقفون إلى جانب رفاقهم الكرد، لأنه القيود على الحقوق الأساسية غالبا ما تُجرب على الأقليات السياسية والإثنية قبل نقلها إلى مجتمع الأغلبية، بما يعني إن التضامن مع النشطاء الكرد تضامن مع النفس، ليس فقط في ألمانيا أو كردستان، ولكن في جميع أنحاء العالم.