عائشة حسو: يجب حل مسألة إرهاب داعش وفق منظور استراتيجي
حذرت الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) عائشة حسو من خطورة داعش الذي لا يزال قائماً من الناحية الفكرية والعقائدية وشددت على ضرورة إيجاد خطة استراتيجية لمعالجة قضية إرهاب داعش.
حذرت الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) عائشة حسو من خطورة داعش الذي لا يزال قائماً من الناحية الفكرية والعقائدية وشددت على ضرورة إيجاد خطة استراتيجية لمعالجة قضية إرهاب داعش.
يجري وفد باسم "وفد عفرين" بقيادة الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) عائشة حسو سلسلة لقاءات واجتماعات في أوروبا. وحول هذه الجولة والاجتماعات، ومخططات الدولة التركية وقضية محاكمة مرتزقة داعش المحتجزين في شمال وشرق سوريا عبر محاكم دولية أجرت وكالة فرات للأنباء حواراً مع الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي عائشة حسو.
حسو وفي بداية حديثها أشارت إلى محاولات الدولة التركية لعزل وفصل وتتريك مقاطعة عفرين مشيرة إلى عمليات بناء الجدار العازل ضمن المقاطعة في محاولة لفصل مناطق عفرين عن بعضها وفصل كل المقاطعة عن سوريا جغرافياً، وتتريكها وربطها بتركيا. وفي نفس الوقت محاولة لكسر إرادة وإحباط معنويات أهالي عفرين في مخيمات الشهباء الذين يصرون ورغم كل الظروف القاسية التي يتعرضون لها على مواصلة النضال والمقاومة حتى استرجاع أرضهم.
وفيما يتعلق بقضية تشكيل محكمة دولية في شمال وشرق سوريا لمحاكمة مرتزقة داعش المحتجزين هناك أشارت حسو إلى دور ومسؤولية القوى الدولي تجاه هذه القضية ، وشددت على ضرورة إيجاد حل لقضية المحتجزين في روج آفا ومخطط استراتيجي للقضاء على فكر داعش الذي لايزال يشكل خطراً على الجميع، فإلى نص الحوار:
** منذ مدة وأنتم تجرون لقاءات واجتماعات فمعي أوروبا الكثير من الأطراف باسم "وفد عفرين".. مع من التقيتم وما هي النتائج التي توصلتم إليها حتى اللحظة؟
باسم وفد عفرين، ارتئينا ضرورة إجراء لقاءات واجتماعات على المستوى الدولي. أول لقاء أجريناه كان في السويد، والتقينا مسؤولين عن حزب اليسار، نواب برلمان ومسؤولين في الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي الحاكم. خلال اجتماعاتنا ركزنا على نقطتين أساسيتين، الأولى: كشف حقيقة ونوايا تركيا من احتلال عفرين وتسليط الضوء على الانتهاكات وجرائم الدولة التركية، والثانية: وضع مهجري عفرين في مخيمات الشهباء. مئات الآلاف من أهالي عفرين اليوم يعيشون في المخيمات في ظل أوضاع إنسانية مأساوية.
في ألمانيا أيضاً التقينا العديد من المسؤولين وقيادات الأحزاب السياسية، مسؤولين في العلاقات الخارجية، ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني ورؤساء بلديات.
هناك اشرنا إلى موقف الحكومة الألمانية من احتلال عفرين حيث كانت ألمانيا ترسل الأسلحة إلى تركيا التي كانت تقتل أهالي عفرين وتدمر قراها ومدنها. الكثيرون ممن التقيناهم اتفقوا معنا في الرأي ودعوناهم إلى الضغط على الحكومة لتغير موقفها والخروج عن صمتها واتخاذ خطوات عملية للضغط عليها وإجبارها على الكف عن ممارسة الانتهاكات في عفرين وبحق شعبها. الواقع هو أن تركيا اليوم ومن خلال عمليات التتريك والاستيعاب تحاول السيطرة على عفرين وضمها إلى تركيا.
تركيا اليوم تحتل عفرين وترفع علمها فوقها، كما تفرض اللغة التركية في المعاملات والمدارس، وفي المقابل تحظر اللغة الكردية، التي هي اللغة الأم لأبناء المقاطعة.
حضّرنا مسبقاً ملفاً في هذا الصدد وقدمناه للجهات المختصة التي التقيناها. الجميع أكدوا أن ما نطرحه هي الحقيقة، وعليه طالبناهم بالتدخل وإعلان موقفهم من هذه السياسات. في هذا الإطار صدر بيان شديد اللهجة عن حزب اليسار الألماني أدان فيه الانتهاكات التركية، ودعا الحكومة الألمانية إلى الكف عن تقديم السلاح والذخائر لتركيا.
كما عقدنا اجتماعات جماهيرية في ألمانيا والسويد وتحدثنا لهم عن المرحلة الثانية لمقاومة العصر ضد الاحتلال التركي في عفرين.
** تركيا اليوم تعمل على بناء جدار داخل مقاطعة عفرين وفصل مناطقها عن بعضها البعض، ما الهدف من بناء هذا الجدار من وجهة نظركم؟
سياسات تركيا تجاه سوريا بدأت تنهار، فتركيا ومنذ بداية الأزمة السورية أي في العام 2011 تحاول إعادة حدود "الميثاق الوطني" (الملي) لتركيا، وإحياء الإمبراطورية العثمانية في ظل الفوضى الحاصلة في المنطقة. احتلال عفرين ما هو إلا انتقام من أجل داعش. لماذا نُصِر على قول هذا؟ لأن تركيا التي كانت تدعم وتقف وراء هجمات داعش على كوباني. وبعد هزيمة داعش في كوباني، والطبقة والرقة أصيبت بالجنون وبدأت تفكر في الانتقام ومن أجل تنفيذ مخططها، ولجأت إلى عقد اجتماعات سوتشي والآستانة.
أحد نتائج الآستانة هو اتفاق احتلال عفرين بضوء أخضر روسي. ما نركز عليه في لقاءاتنا مع الجهات الدولية هو أن التدخل واحتلال تركيا لمقاطعة عفرين ليست عملية مؤقتة إنما تركيا تهدف إلى ضم المقاطعة لأراضيها. ولضمان تنفيذ هذا المشروع لجأت تركيا إلى بناء هذا الجدار لتمزيق المقاطعة.
مسألة بناء الجدار جديدة لكننا وفي كل اجتماعاتنا مع الجانب الألماني أوضحنا لهم أن تركيا وعند شن هجماتها على عفرين تحججت بأنها تريد القضاء على الإرهاب، لكن الجميع والعالم يعلم جيداً أن أكثر إرهاب متشدد اليوم هو جبهة النصرة التي تعيش في ظل حماية تركيا وعلى الحدود التركية.
تركيا، التي ترعى هذه الجماعة المتشددة وتجمع مقاتليها تقوم بإرسالهم إلى عفرين، تعمل، اليوم، على خلق فتنة بين أهالي عفرين وتعميقها بين المكونات السورية، وهذا من خلال عمليات التطهير العرقي وطرد أبناء المنطقة وتوطين المرتزقة فيها. وليس خافياً على أحد التهديدات التي يطلقها أردوغان بشكل يومي ضد مناطق شمال وشرق سوريا. تركيا رغم أنها عضو في الناتو إلا أنها تنتهك اتفاقات الناتو هذا من خلال تقاربها مع القطب الآخر، روسيا، والسعي في صفقة صواريخ إس400.
نحن نؤكد في كل المناسبات أن تركيا دولة احتلال وتحتل عفرين، إدلب، جرابلس والعديد من المناطق الأخرى. لكن في نفس الوقت نؤكد أن عفرين لا تشبه أي منطقة من تلك المناطق المحتلة وشعبها لا يشبه أي شعب أخر. لماذا نقول هذا؟ لأن عفرين لاتزال تشهد مقاومة ضد الاحتلال، إلى جانب هذا هناك حراك ونضال على كافة المستويات ضد الاحتلال. فعملية بناء الجدار هي محاولة لفصل المنطقة عن بعضها البعض واقتطاع المقاطعة عن سوريا، وكذلك له نفس لجانب وهو كسر إرادة أهالي عفرين.
أهالي عفرين يرفضون هذه السياسات، وخاصة في مناطق الشهباء، ويتظاهرون ضد هذه السياسات. أهالي عفرين أدلوا ببيان شديد اللهجة أمام أحد المقرات الروسية، أهالي عفرين أعلنوا موقفهم من روسيا، التي منحت تركيا الضوء الأخضر لاحتلال عفرين، مؤكدين أن روسيا مسؤولة عن أي نتائج تترتب على هذه الأوضاع. لهذا نقول أن عفرين وشعبها لا يشبهون أي منطقة وشعب آخر، عفرين لن تضيع ولن تبقى في يد الاحتلال لأن هناك شعب يطالب بحقه وسيواصل المقاومة والنضال حتى طرد الاحتلال.
** قدمت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا مقترحاً ودعت إلى تشكيل محكمة دولية في شمال وشرق سوريا لمحاكمة مرتزقة داعش المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية، إلى أي مدى لاقى هذا المقترح قبولاً وعلى أي مستوى يتم مناقشته على الساحة الدولية؟
لا شك أن قوات سوريا الديمقراطية (QSD) وبدعم التحالف الدولي تمكنت من القضاء على تنظيم داعش الإرهابي بشكله العسكري وتمكنت من تحرير كافة المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المرتزقة، لكن هذا التنظيم لا يزال يشكل خطراً كبيراً على المنطقة والعالم. داعش كفكر وعقيدة لايزال قوياً في المناطق التي كانت تحت سيطرته لمدة طويلة. وحتى اليوم لا تزال هناك خلايا سرية للتنظيم الإرهابي تنتشر في تلك المناطق ولربما تمكنت من التمدد إلى مناطق أخرى. لهذا نؤكد أن الخطر لايزال قائماً.
الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وفي أكثر من مناسبة دعونا إلى وضع مخطط استراتيجي للتخلص من إرهاب داعش ودعونا إلى تشكل محكمة دولية وعلى كل الأطراف أن تتحمل مسؤولياتها تجاه هذه القضية، لأنه وعلى الصعيد الدولي كل الأطراف تدعي أنها تقاتل إرهاب داعش، التحالف الدولي شريك وطرف في التحالف الدولي ضد داعش، لهذا يجب أن تكون قضية محاكمة المرتزقة قضية بنفس المستوى ويجب العمل من أجل حلها.
يجب النظر إلى مسألة تشكيل محكمة دولية بشكل جدي ومناقشتها على كل المستويات، نحن نقول: "جرائم داعش ارتكبت في مناطقنا، بدعم من التحالف تمكنت قوات سوريا الديمقراطية (QSD) ووحدات حماية الشعب والمرأة (YPG/YPJ) من القضاء على هذا الإرهاب، لهذا وعندما ندعو إلى تشكيل محكمة دولية نحن نصر على تشكيل هذه المحكمة على أراضينا، وعلى القوى الدولية أن تتحمل مسؤولياتها في هذا الجانب.
هناك حاجة إلى مواصلة محاربة فكر وتطرف داعش وهذا لمسناه في حديث المرتزقة وذويهم في الباغوز. هناك حاجة إلى نضال في الجانب الفكري لإخراج هؤلاء المتأثرين بفكر داعش من الظلام. القضاء على داعش في شكله العسكري لا يعني أبداُ أنه تم القضاء على خطر داعش. من المهم جداً أن يتم تقيم قضية داعش ومناقشتها من جانب استراتيجي. على الساحة الدولية فواجب على كل الدول أن تتحمل مسؤولية مواطنيها. ما لمسناه في السويد هو أن الرأي العام والحكومة السويدية تخاف من مسائل عودة مرتزقة داعش إلى بلادهم، بمعنى أي أن خطر داعش لا يزال قائماً. الشعب السويدي يرفض عودة هؤلاء. إذا ما هو الحل؟ لا أحد يستطيع القول إنه تم القضاء على الإرهاب في سوريا، والمرتزقة الذين يسيطرون على عفرين وإدلب اليوم هم بقايا إرهاب داعش. والرأي العام العالمي يعلم أن بقايا مرتزقة داعش وصلوا إلى إدلب وعفرين. لهذا نؤكد على ضرورة حل قضية داعش من منظور استراتيجي. لهذا يجب تشكيل هذه المحكمة الدولية وأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته تجاه هذه المسألة وحلها.