قال الصحفي الألماني والمحرّر في صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ", راينر هيرمان إنّ الدولة التركية تحاصر مدينة عفرين, التي تعد منطقةً نموذجية للمساواة والتعددية, مشيراً إلى أنّ المدينة في حال سقوطها بيد القوات التركية "ستشهد أسابيع دامية", موضحاً بأنّ هناك أكثر من 100 ألف مدني من أهالي عفرين لا يرغبون بمغادرة المدينة.
وأوضح هيرمان, في مقالٍ له. أنّ سقوط عفرين سيشكّل "نكسةً للكفاح من أجل شرق أوسط أفضل", حيث تقاتل وحدات حماية الشعب بمفردها قوى الاحتلال التركي وإرهابيي الفصائل المسلّحة, مضيفاً بأنّ جيش النظام السوري قد صرّح في بداية الهجوم التركي على عفرين بأنّه "سيدافع عن سيادة سوريا مع الكرد, إلّا أنّه بعد تعرّض مواقعه لقصف من قبل سلاح الجو التركي, دعت روسيا إلى انسحاب الجيش السوري, ولم يُرَ له أثر بعد ذلك".
وشرح الصحفي الألماني كيفية استخدام تركيا لسلاح الجو "كي تقلّل من خسائر قواتها" على الأرض, لذلك فهي تستهدف مدينة عفرين, موضحاً الدور الذي تقوم به الفصائل "المرتزقة الذين قاتلوا في السابق في سوريا ضمن صفوف ميليشيات الإسلامويين الجهاديين أو تمّ تجنيدهم في الدول الناطقة بالتركية. ويفترض أن يكون بينهم أيضاً مقاتلون من الإيغور، بينما يقف العالم الغربي ساكنا أمام الحرب, بل إنّ الحكومة الألمانية وافقت حتّى على تصدير أسلحة جديدة إلى تركيا".
وأشار هيرمان إلى أنّ هناك سببين لرئيس الدولة التركية, رجب طيّب أردوغان لشنّه الهجوم العسكري على عفرين, حيث أنّ السبب الأول داخلي يتمحور حول "حشد أردوغان الأمّة خلفه بهذه الطريقة. فعليه أن يثبت أقدامه كرئيس حتى عام 2019 على أبعد تقدير, وبعدها ستكون لديه سلطات غير محدودة تقريباً". فيما يتمرّكز السبب الثاني, وهو سبب خارجي, حول سيطرة الجيش التركي على جزء من الشمال السوري "مع عفرين ومنطقة جرابلس الواقعة شرقها, حيث أشارت أنقرة إلى أنّها لن تتخلى عن هذه البقعة بعد الآن, والعلم التركي مرفوع فوق مبانٍ عدّة هناك, ويرغب أردوغان بتوطين اللاجئين السوريين المقيمين بتركيا في تلك المناطق".
وختم الصحفي الألماني مقاله بتوضيح مخططات الدولة التركية في شمال سوريا قائلاً: "قبل عامين, شكّك أردوغان للمرة الأولى في معاهدة لوزان لعام 1923, التي صنعت حدود تركيا الحالية. ومنذ ذلك الحين, تقوم صحف تركية بطباعة خريطة لحركة الاستقلال التركية, مرسوم عليها الممر من حلب إلى الموصل أيضا كجزء من تركيا, وكذلك الجزر في بحر إيجة, التي تقع قبالة البر الرئيسي التركي وتنتمي إلى اليونان.
من خلال الغزو التركي لعفرين هناك تهديد لسقوط نموذج سياسي مبشر بالخير. لأنّه في عفرين, تشارك كافة المجموعات العرقية والدينية في الحكم الذاتي, ويتمّ هناك تطبيق المساواة بين الرجل والمرأة. وبدلاً من الحكومة المركزية العربية السابقة و"الدولة الإسلامية" المزعومة, تُمارَس ديمقراطية تعددية ولا مركزية في عفرين منذ عام 2013. ومن هنا فإنّ سقوط عفرين الوشيك هو نكسة في الكفاح من أجل شرق أوسط أفضل".