ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أن الناخبين الكرد في مدينة جزيرة الكردستانية التي تتعرض بشكل متواصل لهجمات من قوات الاحتلال التركي، يبدون كشجعان غير خائفين من التهديدات التي يطلقها الرئيس التركي، ولفتت العديد من وسائل الاعلام العالمية إلى أجواء احتفالات عيد النيروز، رأس السنة الكردية، وروح التحدي التي تسود المشهد.
معركة محسوبة لصالح الكرد في جزيرة بوطان
وقالت الصحيفة البريطانية في تقريرها:
"عندما جاءت الشرطة لاعتقالها مع بدء الحملة الانتخابية في تركيا، لم يكن مفاجأة لبيريفان كوتلو السياسية الكردية المعارضة التي تعرضت للاعتقال للمرة الثالثة منذ أربع سنوات فقط، لكن حتى السياسية البالغة من العمر 34 عامًا، والتي ترشح نفسها لمنصب رئيس بلدية مدينة جزرة ذات الأغلبية الكردية، فوجئت بالتحقيق القاسي الذي تقول إنها واجهتها في كانون الثاني/يناير خلال يومين من استجوابها".
وقالت عن اعتقالها، "لقد كان بسبب الانتخابات"، في إشارة إلى الانتخابات المحلية التي من المقرر ان تجري في جميع أنحاء البلاد يوم الأحد، وتابعت: "لقد أرادوا كسر إرادتنا وكسر شعور الأمل بين الناس. لقد أرادوا كسر حملتنا".
وعلقت الصحيفة بالقول:
"كانت هذه أحدث حلقة في حملة قمع واسعة النطاق نظمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي وضعت حزب الشعوب الديمقراطي (HDP)، تمت إزالة العشرات من السياسيين المنتخبين من حزب الشعب الديمقراطي مثل السيدة كوتلو من مناصبهم وسُجنوا بتهمة الارتباط بحزب العمال الكردستاني (PKK)، وقال أردوغان مرارًا وتكرارًا قبل انتخابات يوم الأحد، إنه إذا تمت إعادة انتخاب حزب الشعب الديمقراطي إلى السلطة في المنطقة الجنوبية الشرقية التي يسيطر عليها الكرد في تركيا، يمكن للدولة مرة أخرى طرد ممثليها واستبدالهم بأمناء ستعينهم الدولة".
واعتبرت الصحيفة البريطانية أنه على الرغم من التحذيرات والتهديدات التركية، من المتوقع أن تنتخب مدينة جزيرة Cizre - وهي مدينة خيمت عليها المعارك على الحدود السورية في جنوب شرق تركيا – المرشحة كوتلو Kutlu وشريكها في الانتخابات بأغلبية كبيرة. كما اعترف أحد المتطوعين المحليين في حزب أردوغان الحاكم: "إذا فزنا هنا فستكون معجزة".
ونقلت شبكة "هسبرس" المغربية عن وكالة الأنباء الألمانية "د.ب.أ" قولها إن معظم سكان مدينة ديرسم، الذين ينحدر جلهم من الكرد العلويين، أن الحكومة تتجاهل هويتهم السياسية والثقافية، ويرى كثيرون منهم أن إقالة العمد الذين انتخبوهم تمثل إهانة للناخبين.
ونقلت عن وهاب كوسكون، أستاذ للقانون بجامعة دجلة في ديار بكر، قوله: "ستمثل الانتخابات المحلية القادمة اختبارا حاسما لأردوغان وحلفائه القوميين.. وفي حالة فوز حزب الشعوب الديمقراطي في المدن الكردية رغم استخدام أردوغان أجهزة الدولة والأمن، فستضطر الحكومة إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وإعادة التفكير في سياستها تجاه المنطقة الجنوبية الشرقية، بل قد يضطر أردوغان إلى إحياء عملية السلام التي أصبحت في عداد الأموات".
الانتخابات المحلية.. معركة شخصية لأردوغان
وقال الكاتب ستيفن كوك في مقال على "فورين بوليسي" إن شعبية الرئيس التركي باتت في أدنى مستوياتها، حيث يعاني أردوغان من ضعف كبير، رغم كونه لا يهزم في الانتخابات، ولفت الكاتب إلى أنه على الرغم من أنه لم ينجح أحد من قبل في التنبؤ بوفاة أردوغان سياسيا، فإنه يشعر بضغط سياسي كبير ان لم يكن هو وحزبه في حالتهم الأكثر ضعفا، بدليل استغلاله لمذبحة مسجدي كرايست تشيرش في مسيرات حملته الانتخابية، واتهاماته المتكررة للمعارضة بالسعي الى تقسيم تركيا، مشيرا إلى أن الطريقة التي استخدم بها لقطات مجزرة نيوزيلندا في التجمعات الانتخابية الأسبوع الماضي تكتيكًا سياسيًا مروعًا ورخيصًا.
وقالت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية أن الانتخابات المحلية في تركيا تحولت إلى استفاء حول الرئيس التركي نفسه، الذي يسعى لاستغلال العديد من التطورات الخارجية والداخلية لتعزيز فرص بقاء نظامه في الانتخابات القادمة. وقالت الوكالة الأمريكية أن الرئيس التركي الذي فاز بانتخابات جديدة منحته سلطات غير مسبوقة في الانتصار المزدوج الذي حققه نظامه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الصيف الماضي، أصبح الأن وبعد أقل من عام على ولايته التي مدتها خمس سنوات، يواجه استفتاء من نوع ما على إدارته للدولة. مع تباطؤ وانحدار بلاده اقتصاديا، يعمل خصوم أردوغان سويًا في محاولة لإلقاء اللوم عليه وتوبيخه هو وحركته ذات الجذور الإسلامية في الانتخابات المحلية يوم 31 آذار/ مارس، معتبرة أن القضية الكردية اصبحت تشكل هزيمة منكرة لأردوغان.