وقالت صحيفة الفاينشيال تايمز البريطانية في افتتاحية اليوم بعنوان "خسارة اسطنبول يجب أن تدفع إردوغان لإعادة التفكير"، إن الرئيس التركي "قامر وخسر بشدة"، داعية إلى التركيز على التنمية والإصلاحات، حيث حملت الإفتتاحية أردوغان مسؤولية الهزيمة المنكرة التي تعرض لها الحزب، وقالت أنه "كان وراء قرار إعادة إجراء انتخابات البلدية في اسطنبول بعد خسارة مرشح حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، بن علي يلديريم بفارق ضئيل أمام مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو"، مما أتاح انتصار كبير للمعارضة في انتخابات الاعادة التي شهدت إقبالاً كثيفاً من مؤيدي المعارضة مما مثّل انتصاراً كبيراً للديمقراطية في تركيا. ورأت الصحيفة أن على أردوغان التفكير ملياً بكيفية التعامل مع هذه الهزيمة.
واعتبرت الصحيفة خسارة الحزب الحاكم لبلدية إسطنبول بمثابة ضربة موجعة لإردوغان الذي بدأ مشواره السياسي في إسطنبول وساعدته على الوصول للرئاسة التركية، وشددت الصحيفة البريطانية على إن نتائج الانتخابات البلدية في إسطنبول قد تكون بداية النهاية لسيطرة إردوغان الطويلة على السياسة في تركيا.
وأشارت الفاينشيال تايمز إلى أن انتصار المعارضة في إسطنبول وما يعكسه من وجود الديمقراطية، إلا أنه لا يجب أن يشتت الانتباه على الإجراءات الصارمة التي اتخذها إردوغان في المجالات الأخرى، من خلال سجن عشرات الالآف من المعلمين والمعلمات وعناصر الشرطة والجيش والموظفين الحكوميين منذ "محاولة الانقلاب الفاشلة" في صيف عام 2016.
أردوغان يبدأ محاكمات عدوانية ردّاً على الهزيمة
وبدورها، أعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن المحاكمات التي بدأتها تركيا أمس فور في أول تطور بعد هزيمة أردوغان وحزبه في أسطنبول، تشير إلى تجدد القمع في أعقاب تلك الهزيمة، وتابعت: "إن المحاكمات التي ستجريها أنقرة ضد ثلاثة سياسيين بارزين من أنصار المعارضة تشهد حالة من الإهتمام الواسع بين الجميع، بعد خسارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم، في انتخابات بلدية اسطنبول، أمام مرشح المعارضة الفائز أكرم إمام اوغلو"، ولفتت الصحيفة الأمريكية في تقريرها إلى أن العالم سوف يراقب المحاكمات عن كثب، وسط قلق شديد من حملة القمع التى يتبعها النظام التركى ضد المعارضة، وأضافت الصحيفة الأمريكية، "إن المراقبين ينتظرون ما إذا كان أردوغان سيخفف من محاكماته العدوانية".
وقالت أنه من المقرر إجراء ثلاث محاكمات مهمة هذا الأسبوع، ومن المتوقع أن تراقبها الحكومات الأجنبية عن كثب، في ضوء جهود أردوغان للقضاء على مساحات شاسعة من المعارضة.
وفي ضوء النتائج في اسطنبول التي مثلت هزيمة كبيرة، والاقتصاد المنزلق لحافة الهاوية ومشاكل السياسة الخارجية المتصاعدة، بما في ذلك التهديد بفرض عقوبات من الولايات المتحدة على شرائه منظومة الدفاع الصاروخي الروسي S400؛ وأزمة اللاجئين التي تختمر في إدلب السورية، والمعارضة الأوروبية للحفر التركي في شرق البحر الأبيض المتوسط بحثا عن الغاز، وكلها تطورات آخذة في التحول.
وأكد تقرير "نيويورك تايمز" على عدم وجود ضمانات لمحاكمات عادلة في تركيا، وتابع التقرير: "تم تطهير آلاف القضاة في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة لعام 2016، مما أدى إلى تفريغ العدالة من مضمونها. وكثيرون تم استبدالهم على عجل، غالبًا بأشخاص موالين لأردوغان، وتبقى أولئك الذين ما زالوا يعملون في مناخ من الخوف"، كما يقول الخبراء.
وتتزامن هذه المحاكمات مع قضية قانونية أخرى بارزة، وهي قضية رجل الأعمال عثمان كافالا، أحد أبرز السجناء السياسيين في البلاد، والذي يوصف غالبًا باسم جورج سوروس في تركيا، في إشارة للملياردير الأمريكي الشهير.
وقالت الصحيفة أن أردوغان لايزال يحتجز أجانب في سجونه، في ما يصفه الدبلوماسيون ومنظمات حقوق الإنسان بأنها استراتيجية لدبلوماسية الرهائن من جانب أردوغان في تفاوضه على نزاعاته المختلفة مع الحكومات الأجنبية.
أردوغان يحاسب نفسه.. وحلفاؤه يحملونه مسؤولية الهزيمة
وردا على إتهامه بالهجوم على الشعب لإختياره مرشح المعارضة، وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن "السلطة لا تلقي اللوم على الشعب، وهي مستعدة لمحاسبة نفسها وتصحيح أخطائها". وقال أردوغان، في كلمة أمام تجمع لأنصار حزبه اليوم الثلاثاء: "مفهومنا السياسي خال من إلقاء اللوم على الشعب، ولدينا القدرة على محاسبة أنفسنا وتصحيح أخطائنا".
أما حزب الحركة القومية حليف "العدالة والتنمية"، فأكد أن الحزب الحاكم أرتكب أخطاب تسببت في الهزيمة ولم يتخذ اصلاحات لجذب الناخب من انصار العدالة والتنمية أنفسهم، وقال أن الحملة التي قادها حزب أردوغان حول الانتماء العرقي لإمام أوغلو جعلته يخسر الصناديق، في إشارة لإتهام أردوغان لخصمه إمام أوغلو بأنه "يوناني".
وسخرت صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو من خسارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ومرشحه بن على يلدريم فى انتخابات بلدية إسطنبول، وأظهرته من خلال كاريكاتير جالسا على كرسي ذو رجل مكسورة مكتوب عليها "إسطنبول".
وقالت صحيفة "زمان" التركية الناطقة بالعربية، إن خسارة بن علي يلدريم مرشح الحزب الحاكم في تركيا لانتخابات بلدية إسطنبول، كشفت علامة على تراجع شعبية الرئيس رجب طيب أردوغان، ولفتت إلى أن النتائج الأولية للانتخابات، أكدت أن سكان حي "أوسكودار" الذي يقطنه أردوغان نفسه، صوتوا ضد مرشحه واختارت غالبيتهم مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو الذي حصل على 54.1% من أصوات سكان الحي، فيما حصل يلدريم على 44.8%.