- تشهد الساحة الدولة مؤتمرات وتحرّكات عدّة لايجاد حلّ للأزمة السورية (سوتشي, جنيف8 وزيارة بوتين الأخيرة لتركيا وغيرها), بماذا يوحي المشهد العام بالنسبة لكم في حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا؟
ثمة تراجع في زخم التحريض والتمويل الذي قام ويقوم به بعض أمراء الخليج وتركيا لاستمرار العنف في الداخل السوري لصالح جماعات الإسلام السياسي، كما تتبلور اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى ضرورة حمل جميع أطراف النزاع على الإقرار بأن الخيار الأفضل بل الوحيد هو التوجه نحو تسوية تاريخية للأزمة السورية بإشرافٍ أممي يرتكز على فحوى القرار رقم 2254 الذي أجمع عليه مجلس الأمن الدولي. وباتت مقولة لاشروط مسبقة لإجراء مفاوضات مباشرة بين النظام والمعارضة تُشكل المفتاح السري لأبواب السير بخطى واثقة نحو إيجاد الحل السلمي الذي لطالما دعونا إليه منذ بدايات تفجر الأزمة 2011، مما يوحي المشهد بأن وتيرة العنف والقتل في سوريا سوف تخف باضطراد، وتستعيد مؤسسات الدولة دورها ولو بتدرج، هذا إلى جانب وجود مخاطر تجديد قوى التكفير لفعالياتها الإرهابية عبر الظهور هنا وهناك بمسميات وطرق مبتكرة، تركِّز في المقام الأول على خيار (الذئاب المنفردة) لشن هجمات بالمفخخات وسط المدن وتنفيذ عمليات انتحارية واغتيالات قد تُفسد مسيرة الحل السلمي، وتُخلط الأوراق من جديد، وهذا ما ينبذه معظم السوريين على اختلاف ميولهم.
- ما تمخّض عن العلاقات الروسية-التركية-الايرانية يظهر بعض النتائج على الأرض, بالنسبة لمناطق خفض التوتر, هل ترون مستقبلاً لهذه العلاقات الثلاثية, وماذا يمكن أن تشكّله من مخاطر؟
موازين القوى الإقليمية - الدولية، والمعطيات الميدانية المتصلة بالملف السوري تُشير بوضوح إلى أن للروس دور المايسترو في إيقاعات اجتماعات أستانة ومخرجاتها التي تعني ما يُعرف بالدول الضامنة الثلاث (روسيا، تركيا، إيران) التي من الصعوية توصيفها بالمتحالفة أو تجمعها ثقة ومصداقية في التعامل مع توجهات بعضها البعض. فالغموض الطاغي على توغل القوات التركية وانتشار غرف عملياتها في ريف إدلب الشمالي، والأدوار المرتقبة لها، تُشكل أحد أبرز المخاطر، خصوصاً وأن تركيا تجهد لإحراز النجاح في ربط ميداني مباشر لحشدها العسكري وغرف عملياتها تلك مع نفوذها العسكري المنتشر في إعزاز والباب وجرابلس، وذلك بهدف الانقضاض متى ما شاءت على مداخل حلب وعفرين، وفي سياقٍ متصل تتعزز أكثر فأكثر روابط وعلاقات تركيا المريبة مع جبهة النصرة وشبكات تنظيم القاعدة وجماعات الاخوان المسلمين في الريف الادلبي عموماً، ليتنامى نفوذها على أرض الواقع، وذلك تحت مظلة العلاقات الروسية التركية الإيرانية ومناطق خفض التوتر، وهذا خطر حقيقي من شأنه إعاقة وإجهاض مساعي الحل السلمي للأزمة السورية.
- إلى أيّ مدى يمكن أخذ التهديدات التركية على محمل الجد, فيما يتعلق بعفرين, وماهي السيناريوهات المحتملة, سواء استمرّت بالقصف, أو قامت بغزوٍ فعلي؟
التهديدات التركية إزاء عفرين الصادرة عن أعلى المستويات الرسمية بما فيها وزير الدفاع ورئيسي الحكومة والجمهورية، تُشكل مؤشراً لايجوز أن يستخف به أحد، خصوصاً وأن التهديدات هذه يرافقها قصف مدفعي متكرر لقرى وأرياف منطقة عفرين، وتحليق شبه يومي لطيران الاستكشاف في أجواء المنطقة، زد على ذلك اتساع وتصاعد وتيرة الحملات الإعلامية التحريضية التي تنشط لها مؤسسات ومراكز تابعة لحزبي العدالة والتنمية AKP والحركة القومية MHP في الداخل التركي، بهدف الدفع باتجاه شن هجوم واسع على عفرين، وكأن تطويق الفضائح ومعالجة أزمات تركيا البنيوية متوقفٌ على ضرب عفرين، وهذا أمرٌ تستسيغه قوى التخلف والتطرف في الوسط التركي العام، مما يجعل أهل عفرين يعيشون حالة ترقب دون اندهاش أو هلع، وهم في حالة استعدادٍ وجهوزية للدفاع عن أنفسهم بكامل قواهم دون تردد، حيث يقفون صفاً واحداً مع قواتهم الدفاعية المجربة وحـدات حماية الشعب والمرأة YPG-YPJ . وكبديل لقيام مؤسسة الجيش التركي باقتحام عفرين، ثمة تحضيرات لتهيئة تشكيلات سلفية جهادية باسم (الجيش الحرّ وقوى الثورة والمعارضة السورية) لإقحامها في أداء هذه المهمة - المقامرة. فالاستهداف التركي لعفرين لم يعدّ خافياً على شتى الصعد المحلية والإقليمية والدولية، كما أن ثقة أهل عفرين بعدالة ومشروعية دفاعهم عن أنفسهم بكل السبل والوسائل، وتفانيهم في إفشال أي عدوانٍ تركي غادر ليس موضع شك.
- قوات سوريا الديمقراطية على مشارف ديرالزور, والنظام يسيطر على داخل المدينة, هل هناك تصادم في المستقبل القريب بين (قسد) والنظام, في ضوء تصريحات مسؤولي النظام؟
على حد علمنا، لم تتعمد قوات سوريا الديمقراطية يوماً الدخول في صدامٍ عسكري مع قوات النظام، كون الأولوية لديها هي مواجهة ودحرّ تنظيم الدولة (داعش) ومثيلاته، كما وليس من مصلحة النظام فتح معركة مع (قسد) أو استعداء الكُـرد واستهدافهم، وبالتالي من المستبعد أن تندلع معارك دموية بين الجانبين، بصرف النظر عن مصداقية وجدوى التصريحات المنقولة عن بعض مسؤولي النظام.
- ماهو تقييمكم لعملية الانتخابات الفدرالية, التي لم تشهد ردود فعل دولية مناهضة, وفي الوقت ذاته, كيف يمكن تفسير التماهي بين موقف النظام السوري والائتلاف والمجلس الوطني الكردي من تلك الانتخابات؟
انتخابات المجالس المحلية التي جرت في الأول من كانون الأول 2017 عبَّرت عن إرادة أوسع قطاعات الشعب في معظم مناطق الشمال السوري، من بينها المناطق الكردية، من الواجب احترام نتائجها، حيث كانت ناجحة بوجهٍ عام، وشكلت خطوة إيجابية على طريق بلورة وعي انتخابي وتبيان أفضليات خيار اللامركزية والمشروع الفيديرالي، أما الأصوات التي دعت إلى مقاطعة الانتخابات أو حاولت الاستخفاف بها والإساءة إليها بهذا الشكل أو ذاك، فمردها ضيق أفق وإفلاس ليس إلا.
- من جهة أخرى, كيف تقيمون النتائج التي حصل عليها مرشحيكم في الانتخابات؟ وماهي برامجكم المستقبلية على صعيد المشاركة في إدارة المؤسسات الفدرالية؟
عشرات الألوف من الناخبين صوتوا لصالح قائمة حزب الوحـدة (يكيتي) سواءً في عفرين أو كوباني، وكذلك في إقليم الجزيرة، حيث تبنى حزبنا قائمة باسم التحالف الوطني الكردي في سوريا (Hevbendî) . ولا نذيع سراً بأن منظماتنا في الدوائر الثلاث لم تُبذل كامل جهودها لزيادة رقم المقاعد التي يفوز بها الحزب، وذلك في ضوء توجهنا الأساس الداعي أولاً إلى إنجاح عملية الانتخابات وسلامتها بصرف النظر عن عدد المقاعد التي نفوز بها، وهذا ما تحقق على أرض الواقع. وإننا ماضون بالمشاركة ترشيحاً وتصويتاً وفق برامج انتخابية محددة تُطبع وتُنشر باللغتين الكردية والعربية في عموم المناطق والمدن التي تنتشر فيها منظمات ومؤيدو الحزب ومحبو توجهاته ومواقفه، كُـرداً كانوا أم عرباً، حيث أننا جزءٌ من مشروع العمل والتأسيس لإنجاح خيار اللامركزية الاتحادية وفق خصوصية الحالة السورية التي عنوانها التنوع والتعددية وبهدف حماية وحدة وسلامة البلاد وفق دستورٍ عصري جديد.
- يقال عنكم أنكم كحزب تتعاملون بذكاء مع الإدارة الذاتية, وهذا سرّ نجاحكم في الانتخابات. فمن جهة تحمّلون الإدارة جميع الأخطاء المرتكبة, ومن جهة تتبنون الجوانب الايجابية (الانتصارات) فقط, وهذا واضح في تصريحات البعض من رفاقكم التي تهاجم حزب الاتحاد الديمقراطي. ماتعليقكم على هذا الموضوع؟
الأمر لايتعلق بذكاء بقدر ما هو شعور بالمسؤولية، وبداهة في اعتماد مبدأ التعامل الإيجابي مع الإدارة الذاتية بغية حمايتها وتطويرها، كونها شكلت ومنذ بداية قيامها ضرورة تاريخية لتسيير أمور الناس وحماية مناطقنا من هجمات وعدوانية قوى التكفير والسلفية الجهادية وأبرزها داعش، والتمسك الثابت بقضية السلم الأهلي والعيش المشترك، أما الوقوف عند الأخطاء والسلبيات التي لابد من حصولها هنا وهناك، وتوجيه النقد، فالهدف منه هو الحماية والإصلاح، وليس التشكيك والإساءة لخدمة أغراض حزبوية، أو إرضاءً لجهات متحاملة على الإدارة، تسعى جاهدةً لنسفها. في حزب الوحـدة لم نزعم يوماً أننا نحن من حقق المكاسب والانتصارات، إلا أننا نقول كان وسيبقى لنا حضورنا الميداني البناء ودورنا الإيجابي في ما تحقق من حالةٍ متقدمة. وإن وحـدات حماية الشعب والمرأة بشهدائها وجرحاها وعوائلهم من يحق لهم شرف الادعاء بتبني ما تحقق لشعبنا. أما علاقاتنا مع حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، حزب الشهيدين عثمان دادلي و عيسى حسو، فهي علاقات أخوية جيدة، يجمعنا الكثير من مهام العمل المشترك كما يعرفه الجميع في الداخل والخارج، وهذا لايمنع من وجود ملاحظات وانتقادات متبادلة، حيث لممارستها أصولٌ وآداب.