وأوضح شريك، في حديث خاص لوكالة فرات للأنباء ANF، أنّ العلاقات الدوليّة تأزّمت خلال العام 2019 وألقت بظلالها على مرحلة سياسيّة جديدة في العام 2020 الحالي، مضيفاً أنّ نطاق الحرب العالميّة الثالثة في الشرق الأوسط قد توسّع على عدّة جبهات جديدة وأنّ الحرب ستشتدّ أكثر من اليمن حتّى لبنان ومن العراق حتّى ليبيا مروراً بسوريا وأنّ الخلافات ستتعمّق بين الدول الساعية لأن تكون ذات هيمنة عالميّة مستشهداً بالعلاقات الحاليّة بين إيران، السعوديّة، مصر وغيرها من دول المنطقة.
ولفت شريك إلى التوتّر في العلاقات بين الولايات المتّحدة وإيران قائلاً: "نعلم تماماً أنّ الأزمة مع إيران تؤثّر على الانتخابات الأمريكيّة المقبلة. كان جليّاً لنا بأنّ كلا الطرفين لم يكونا على استعداد لنشوب حرب بينهما. لم تكن إيران تحسب حساب مقتل قاسم سليماني، لذا لم تتّخذ التدابير الكافية لحمايته. وكذلك الأمر بالنسبة لأمريكا التي لم تتجّهز بما فيه الكفاية لضربة إيرانيّة على قواعدها في العراق، وهذان الحدثان يؤكّدان على عدم وجود نيّة لدى الدولتين في خوض حرب مفتوحة. الآن نجد الولايات المتّحدة في محاولاتٍ جادّة لحماية قواعدها في الشرق الأوسط، لذا نجدها في شمال وشرق سوريا وأيضاً في جنوب كردستان، أي أنّها ترغب في تقوية وجودها العسكري أسفل الخارطة التركيّة".
وأشار إلى أنّ تركيا وروسيا حاولتا الاستفادة من توتّر العلاقات بين أمريكا وإيران "هنا يمكن لنا أن نطلق تسمية ’سياسة الثعلب’ على ما تقوم به هاتان الدولتان، من حيث سعيهما للاستفادة من الصراع الجاري بين واشنطن وطهران. وما أن بدأ التوتر بين الدولتين يطفو على السطح على شكل بوادر حرب، انتهجت كلّ من موسكو وأنقرة سياسة الثعلب في سوريا ومن ثمّ في ليبيا، وهذه السياسة أجبرت كلّاً من أمريكا وإيران على مراجعة حساباتهما وتقييم الأوضاع الجديدة بشكل مغاير عن حساباتهما السابقة، لذا رأينا تهدئة في التوتّر بينهما إلى جانب إعادة كلّ منهما ترتيب أوراقهما في الشرق الأوسط".
وأكّد شريك أنّ الولايات المتّحدة هي في أقوى حالاتها في الشرق الأوسط "فمنذ حرب الخليج، نشرت أمريكا قواعد عسكريّة عدّة في المنطقة ولا تريد أن تستغني عن كلّ تلك القواعد، لأنّها باتت تدير ملفّات المنطقة من خلالها، وليس كما قبل حرب الخليج، حيث كانت تعتمد على أنظمة دول المنطقة في تنفيذ سياساتها. الآن واشنطن تلعب دوراً أكثر فعّالية في الشرق الأوسط ولن تتخلّى عن هذا الدور مطلقاً".
وأضاف قائلاً: "الصراع الأمريكي-الإيراني يتجلّى بوضوح في العراق. كلّ من الطرفين يرغبان بأن تكون الحكومة في بغداد حليفة له. بالمقابل، فإنّ القوى السياسيّة العراقيّة تسعى لأن توجد توازناً بين واشنطن وطهران. فإذا كانت الحكومة حليفة لأمريكا دون إيران، فإنّ الأخيرة ستنفّذ سياساتها وفق مصالحها فقط، وهذا ما لا تسمح به إيران التي تملك أوراقاً للضغط، تلك التي تجبر أمريكا على تقوية نفوذها في جنوب كردستان (شمال العراق) من خلال دعم الكرد هناك. ولا يختلف الوضع في سوريا عمّا عليه في العراق. فقد شكّلت تحالفاً دوليّاً في شمال وشرق سوريا لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي. ولا توجد الآن أيّ بوادر لخروج القوّات الأمريكيّة من المنطقة. لذا فهي ملزمة بأن تدعم شعوب المنطقة هناك لأجل تقوية نفوذها وسياساتها المتعلّقة بسوريا".
ونوّه إلى أنّ الولايات المتّحدة تجد في النظام السوري وروسيا قوّتين مناهضتين لمصالحها في سوريا، وكذلك الأمر بالنسبة للقوّتين، إذ تجدان في تواجد القوّات الأمريكيّة عائقاً أمام تنفيذ اجنداتهما في شمال وشرق سوريا. وإذا ما استمرّ التضارب في المصالح بين هذه الأطراف، فإنّ احتماليّة نشوب حرب بالوكالة ستصل إلى أعلى مستوياتها. وهذه الحرب تجبر كلّاً من روسيا وأمريكا على التقرّب من النظام التركي، الذي سيتحالف مع الطرف الذي يعطيه أكثر. وهنا لا استبعد أن تفتح الولايات المتّحدة كلّ أبوابها أمام الدولة التركيّة. موسكو وواشنطن لهما السياسة نفسها في سوريا، لكلّ منهما مصالح خاصّة، وعليه يمكننا القول بأنّ كلا الطرفين يلعبان دوراً سلبيّاً في سوريا. باختصار، لا نقول أنّ طرفاً منهما هو أفضل من الثاني".
وفيما يتعلّق بالأوضاع الداخليّة في تركيا، قال شريك إنّ حزب الشعب الجمهوري CHP يتحيّن الفرص للمطالبة بانتخابات مبكّرة مستفيداً من تخبّط سياسات حزب العدالة والتنمية AKP المتحالف مع حزب الحركة القوميّة MHP، "كما أنّ باقي الأحزاب السياسيّة تدور في فلك السياسة ذاتها. الأزمات الاقتصاديّة، البطالة، الغلاء وغيرها من المشاكل الداخليّة التي تمرّ بها تركيا تلقي بظلالها على الحكومة التركيّة، لكن لا يجب أن ننسى بأنّ كلّ تلك المشاكل تصبح منسيّة إذا ما تعلّق الأمر بالقضيّة الكرديّة، حينها تتّحد كافة القوى الشوفينيّة التركيّة لمحاربة الكرد. وهذا ما يواجهه حزب الشعوب الديمقراطي HDP الذي يناضل لأجل تحقيق الديمقراطيّة في تركيا. بالنسبة لحزب العدالة والتنمية وحليفه الحركة القوميّة، فإنّ الحرب على الكرد هي خير مخرج لهما من الأزمات التي يمرّان بها. وهذا هو سبب توسيع الدولة التركيّة نطاق حربها على الشعب الكردي، سواء في شمال كردستان أو في روج آفا/شمال شرق سوريا".
وشدّد القياديّ في حزب العمّال الكردستاني على ضرورة الإسراع في عقد مؤتمر وطنيّ لكافة القوى والأحزاب الكردستانيّة "لدى عموم الشعب الكردي رغبة، بل حلم في تأسيس وحدة وطنيّة كرديّة. هذه الوحدة يجب أن يُنطر إليها كهدف استراتيجيّ. للأسف حتّى الآن لم يوضح الحزب الديمقراطي الكردستاني PDK موقفه حيال هذه الرغبة. لا بدّ من خطوات أكثر جدّية لعقد المؤتمر في أسرع وقت ممكن، فالمرحلة لا تحتمل المزيد من التأجيل أو التأخير".