سي إن إن: ضاعت كل جهود الحرب ضد "داعش"
يبدو أن مصير القوات التي حاربت إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد داعش لا يهم كثيراً الولايات المتحدة ورئيسها الذي بدا منذ كانون الأول الماضي على عجلة من أمره في سحب القوات الأمريكية من سوريا.
يبدو أن مصير القوات التي حاربت إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد داعش لا يهم كثيراً الولايات المتحدة ورئيسها الذي بدا منذ كانون الأول الماضي على عجلة من أمره في سحب القوات الأمريكية من سوريا.
في وقت سابق من هذا العام، أمضيت حوالي شهرين في شمال شرق سوريا لتغطية ما كنا نعتقد أنها المعركة النهائية ضد داعش، حيث تقلصت ما تسمى بالخلافة الممتدة من ضواحي بغداد إلى غرب سوريا، والتي حكمت أكثر من عشرة ملايين شخص، إلى بلدة الباغوز النائية على ضفاف نهر الفرات.
كانت "الخلافة" في نهاية المطاف أوسع قليلاً من مساحة من الركام والسيارات المدمرة، ومليئة بجثث مقاتلي داعش.
لكنها مع ذلك لم تكن المعركة النهائية كما كنا نعتقد، نحن كنا مخطئين.
استسلم الآلاف من مقاتلي داعش واقتيدوا إلى سجون يديرها قوات سوريا الديمقراطية، كما انتهى المطاف عدة آلاف أخرى من زوجاتهم وأطفالهم وأرامل داعش وإيتامهم في معسكرات أشبه بالمعتقلات تحت إدارة قوات سوريا الديمقراطية.
لكن بعد أيام قليلة من غزو الجيش التركي وحلفائه السوريين على شمال شرق سوريا في الأسبوع الماضي، هرب المئات من عوائل داعش، ومع استمرار الهجوم وتعرض قوات الحماية الذاتية لضغوط أكبر، من المحتمل أن يتسبب بهروب المزيد من العوائل.
قبل أسابيع قليلة من سقوط الباغوز، قابلت إحدى نساء داع، حيث قالت لي " انه اختبار من الله" و "الضالين إلى زوال والبقاء للصالحين"، وفي الحقيقة قلة من نساء داعش أو المقاتلين الذين قابلناهم اعترفوا بالهزيمة والندم.
أخبرني عمر، وهو لاجئ فلسطيني ولد وترعرع في سوريا، "ربما يحكم الأمريكيون العالم اليوم، لكن الله تعالى وعد المسلمين أن الإسلام سيحكم هذا العالم في النهاية".
وكانوا يصرون على أن ما حدث لهم، ما هي إلا نكسة مؤقتة وتعهدوا أن داعش سيعود وربما كانوا على حق.
مقاتلو داعش طلقاء
في شهر أيلول/ سبتمبر، حث زعيم داعش أبو بكر البغدادي أتباعه عبر رسالة صوتية على كسر جدران السجون والمخيمات وتحرير إخوتهم وأخواتهم، ويبدو أن الوقت قد حان لذلك.
بينما تهاجم تركيا وتزيد من ضغوطها، ستضطر قوات سوريا الديمقراطية على سحب الرجال والنساء من قواتها من حراسة السجون والمخيمات وإرسالهم إلى الخطوط الأمامية.
وفي مخيم الهول، حيث يحتجز الآلاف من أفراد وعوائل داعش، بدأ المحتجزون بالضغط فعلاً، حيث تحدث مسؤول في قوات الحماية الذاتية لشبكة (CNN) وقال إن النساء أحرقوا الخيم في يوم الجمعة وهاجمن أفراد قوات الأمن الداخلي والمكاتب الإدارية، كما تم تهريب الأسلحة إلى داخل المخيم، إضافة إلى أن النساء المتطرفات في أقدمن على تطبيق القوانين الشرعية التي كانوا ينتهجونها في عهد ما تسمى " الخلافة" وقاموا بفرض عقوبة القتل على البعض الآخر الذين ارتدوا عن منهاج الخلافة.
قال مسؤولو البنتاغون منذ شهور أن آلاف المقاتلين والمتعاطفين مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) طلقاء في سوريا والعراق وينفذون هجمات منتظمة من خلال الكر والفر، إنهم ضعفاء ولكنهم لم يهزموا بالكامل.
لقد برعت داعش لفترة طويلة في استغلال فراغات القوة والأمن، ويبدو أن الفرصة آتية الآن.
أصبحت الحرب التي أنضم إليها الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما ضد داعش، واستمر بها خليفته دونالد ترامب، بلا معنى.
مع اندلاع معركة الباغوز، شاهدنا كيف كانت القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية والفرنسية التي تشغل مواقع المدفعية وقذائف الهاون في جميع أنحاء المدينة، بينما كانت طائرات التحالف الدولي ضد داعش بقيادة الولايات المتحدة تضرب أهدافًا على الأرض، وشاهدنا أيضاً ضباط مخابرات أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين يتفحصون كل من غادر بلدة الباغوز ويستجوبونهم.
وكان مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية من الكرد والعرب والمسيحيين، يتقدمون ويهاجمون على الأرض بكل شجاعة في مواجهة السيارات المفخخة وخطر الألغام والانتحاريين، حيث تقول قوات سوريا الديمقراطية إن أكثر من 11000 من قواتها رجالاً ونساء لقوا حتفهم في هذه الحرب.
والآن، وخلال أقل من أسبوع، تلاشى كل ما تم تحقيقه والتضحية به من الأرواح والأموال التي أنفقت، حيث أن القوات التركية إلى جانب حلفائها السوريين، يقصفون قوات سوريا الديمقراطية، وتعلن الولايات المتحدة الأمريكية أنها ستقوم "بانسحاب مدروس من شمال شرق سوريا" لأنه على حد تعبير وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، من المحتمل أن تحاصر القوات الأمريكية بين جيشين متعارضين ومتقدمين وهذا وضع غير محمود ولا يمكننا حينها الدفاع عنها."
ويبدو أن أحد هذين "الجيشين المتعارضين" الذي قاتل جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة الأمريكية لا يهم كثيراً الولايات المتحدة ورئيسها الذي بدا منذ ديسمبر الماضي، في عجلة من أمره لسحب القوات الأمريكية من سوريا.
وبطبيعة الحال، مصطلح "الانسحاب المدروس والمتعمد" الذي تتحدث الحكومة عنه الآن، هو بكل بساطة تراجع وخيانة.
بن ويدمان/ كبير المراسلين الدوليين في شبكة (CNN) الأمريكية | ترجمة وتحرير: وكالة فرات