سامية بيبرس: تركيا وإيران تهددان الأمن الإقليمي العربي ولابد من وقفة لإنهاء مشروعاتهما التخريبية

أكدت، سامية بيبرس، مدير إدارة الأزمات بجامعة الدول العربية أهمية التصدي للدور التخريبي لكل من تركيا وإيران لاستهداف المنطقة، داعية إلى ضرورة وجود استراتيجية عربية تعمل على مواجهة هذه الأدوار التي باتت واضحة للعيان.

قالت الوزير مفوض، سامية بيبرس، مدير إدارة متابعة الأزمات بجامعة الدول العربية إن المنطقة العربية مهددة من قوى عدة تعمل على تهديد أمنها القومي، واستطاعت النفاذ وتحقيق مخططاتها في ظل الأزمات التي تشهدها المنطقة من صراعات مختلفة.

وحذرت بيبرس في لقاء مع وكالة فرات للأنباء ANF من الدور التركي الرامي لاستعادة أوهام الخلافة العثمانية، وكذلك الإيراني الساعي إلى بسط نفوذه على دول المنطقة وبث التخريب فيها.

وحول طبيعة عمل إدارة متابعة الأزمات وأهدافها قالت: "هي معنية بالأساس بمتابعة الأزمات في المنطقة العربية، وخاصة الصراعات المسلحة التي تشهدها البلدان العربية، وعلى رأسها سوريا، العراق، ليبيا، اليمن والصومال، وخاصة فيما بعد ثورات الربيع العربي".

وأوضحت أن جزء كبير من نشاط إدارة الأزمات هو "متابعة هذه الأزمات وتقديم نشرات إخبارية يومية عن مستجدات وتطورات الأوضاع في هذه المنطقة وتلك الدول على وجه التحديد، إلى جانب تقارير تحليلية يتم تزويد صانع القرار السياسي داخل الأمانة العامة بها بشكل أساسي، الأمين العام شخصياً، إلى جانب الأمناء العامين المساعدين،وفي بعض الأحيان عندما يرتأي الأمين العام تزويد الدول الأعضاء بمثل هذه التقرير يوجهنا وفقاً لرؤيته".

ولفتت إلى أن الإدارة بالأساس هي مشروع تم تمويله من قبل الاتحاد الأوروبي ومعنية بالأساس بالاستجابة للأزمات والإنذار المبكر، وأضافت "فإذا كانت دولة على وشك وقوع أزمة، من خلال مؤشرات معينة، يبدأ تنبيه الدول بأنها على وشك القدوم".

وتابعت: "من الممكن أن تثير الأزمات السياسية بعض الحساسيات، لكن المساحة الأكبر لدينا للكوارث الاقتصادية والطبيعية، فيكون فيها لدينا مساحة أكبر للتحرك مع الدول، لأن الموضوعات السياسية يُثير الإنذار المبكر بشأنها بعض الحساسيات لدى الدول، وبالتالي ننأى عن نفسنا من التطرق لهذه الموضوعات، لكن المشروع بالأساس موله الاتحاد الأوروبي وعُني ببناء قدرات الأمانة العامة في مجال إعداد التقارير، وتم عقد وتنظيم دورات تدريبية من قبل معهد الأمم المتحدة للتدريب والأبحاث ((UNITAR".

وأردفت: "كان الهدف الأساسي من هذه البرامج بناء قدرات موظفي ودبلوماسيّ الأمانة العامة في مجالات محددة منها كيفية وضع سيناريوهات مستقبلية لأي أزمة من الأزمات، إعداد تقارير تحليلية للأزمات، أيضاً مسائل مثل وضع معايير أو سيناريوهات مستقبلية للخروج من الأزمة، أوضاع ما بعد الصراعات حينما تتوصل الدول إلى تسويات سياسية لأزماتها فبالتالي يكون لدينا ما يسمى بعملية بناء السلام".

واستطردت: فهذه الدول عندما تصل إلى تسويات سياسية ستكون مرحلة جديدة مهمة، فلابد أن نُحدد احتياجاتها من حيث إعادة البناء والإعمار، إعادة بناء مؤسساتها وبنيتها الأساسية بعد أن تعرضت للدمار".

وأضافت " لهذا نحن بصدد تنظيم ورشة عمل فيما يتعلق باحتياجات الدول التي تشهد صراعات مسلحة في مرحلة ما بعد الصراعات بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي".

وأشارت إلى قضايا اللاجئين والنازحين، العدالة الانتقالية، وهي كلها أمور لابد للدول أن تنظر فيها عندما تصل إلى تسويات سياسية، وأن الإدارة بدورها تدرس صور معاونة الدول في تحديد احتياجاتها فيما يتعلق بمرحلة ما بعد الصراع.

وتطرقت بيبرس إلى تشكيل فريق الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لحفظ السلام، لافتة إلى دور الاتحاد الأوروبي في تشكيل الفريق، الذي تلقى دورات تدريبية امتدت عامين ونصف، موضحة أنه جاري التنسيق مع الأمم المتحدة من أجل الإشراك الفعلي الميداني لهذه النخبة في بعثات حفظ السلام.

وحول أزمة كورونا التي تواجه العالم، وإذا ما كانت الإدارة تتابع هذه الملف قالت: "لدينا بالجامعة العربية إدارة الصحة في القطاع الاجتماعي وهي معنية بالموضوع أكثر من الإدارة التي أصبح تركيها الأخير على الصراعات المسلحة في العالم العربي وأن يكون للجامعة العربية دور مباشر في عملية حفظ السلام وبناء السلام التي تعني بها الأمم المتحدة بشكل كبير".

وحول الوضع الراهن في سوريا ورؤية إدارة الأزمات لسبل حل الأزمة الراهنة في ظل العدوان التركي على الشمال السوري قالت: "كما قلت إن دورنا بالأساس تزويد صانع القرار بالتقارير، لكن ما يتعلق بمستجدات الأوضاع في الدول التي تشهد صراعات مسلحة وكيفية حل هذه المسألة ومتابعة هذه الأمور هي في الحقيقة تقع بنطاق اختصاص قطاع الأمن القومي، وهو مقسم إلى أربع قطاعات: المشرق العربي، الخليج العربي، شمال أفريقيا وإدارة المغرب. وملف سوريا يقع ضمن اختصاص إدارة المشرق العربي وبالتالي نحن نكون حريصون على ألا نتقاطع مع عملهم، فهم المعنيين بالأساس بهذه التطورات الداخلية وتقديم سيناريوهات مستقبلية لحل هذه الأزمات، لكن نحن نرصد التطورات في هذه السياق، لكن يمكن أننا نحاول من خلال مشاركتنا في عمليه حفظ السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وبناء السلام أن نشارك بطريقة غير مباشرة في التوصل لمعالجة الأوضاع".

وحول التهديد الإقليمي الذي تشهده المنطقة العربية من تركيا وإيران وتدخلاتهم في المنطقة والتي تهدد أمنها الإقليمي قالت: "هذا أمر غاية في الأهمية، وحقيقة نحن بصدد إعداد دراسة حول التدخل الإيراني وتنامي نفوذه في المنطقة في فترة ما بعد ثورات الربيع العربي، ونحن نحاول رصد هذا التدخل المتصاعد في الفترة الأخيرة وبصفة خاصة في بعض البلدان، وعلى رأسها العراق، اليمن، لبنان وسوريا وإن كان الوضع مختلف في سوريا".

وتابعت: "تستعين إيران بالمليشيات الشيعية، ناهيك عن أدواتها الرئيسية التي تستخدمها لتنفيذ مشروعها للهيمنة على المنطقة سواء الحرس الثوري الإيراني أو فيلق القدس، وهما أدوات رئيسية تستعين بها لإنفاذ مخططها للتدخل في المنطقة".

وأكدت ضرورة أن يكون العالم العربي على وعي ودراية بهذا، وعلى وعي بالمشروع الإيراني في المنطقة وأن يكون لدينا بالمقابل استراتيجية ومشروع عربي مناهض للتدخل الإيراني، فإيران لديها أهداف هي بالأساس تصدير الثورة وتصدير مذهبها الطائفي، وتلعب بهذه الورقة المذهبية لخدمة أهدافها السياسية في المنطقة.

وحول تركيا وتهديدها لأمن المنطقة أيضاً قالت: "نعم تركيا هي الأخرى لديها مشروع في المنطقة، والتوجه التركي الراهن يرمي إلى اعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية مرة أخرى، وربما إيران لديها مثل هذا المشروع الرامي لإعادة الدولة الصفوية مرة أجرى وإحياء تاريخ الامبراطورية الفارسية، وبالتالي الدولتين واللتان أصبحتا قوتين إقليميتين صاعدتين وتتيح الأوضاع المتأزمة في المنطقة لهما الفرصة للأسف من أجل مزيد من التدخل والنفوذ في المنطقة".

وحول ما تقوم به تركيا الآن من تدخلات واضحة في ليبيا وسوريا، وحتى محاولاتها المستمرة للمساس بمصر ودعمها لجماعة الإخوان الإرهابية وأذرعها الممتدة حتى في الصومال ومن قبلها سواكن في سودانوالتي تؤكد أن تهديدها ربما أكبر بكثير من التهديد الإيراني أيضاً تقول: "بدون شك، وكما قلت تركيا أيضاً لها مشروعها في المنطقة، ولديها طموح في إعادة إحياء الدولة العثمانية مرة أخرى، وخطورة الدور التركي تتمثل في علاقتها بالتنظيمات الإرهابية في العالم العربي على رأسها الإخوان وحتى تستضيفهم في الأراضي التركية وتوثق علاقتها بهذه التنظيمات، فأصبحت المنطقة لا تعاني فقط من تدخل وانما من محاولات تنظيمات ارهابية زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وأيضاً دعمها لكثير من التنظيمات الموجودة في سوريا مثل داعش وجبهة النصرة وكل هذه التنظيمات من وجهة نظرنا كعالم عربي هي منظما إرهابية، وبالتالي أصبحنا لا نتحدث عن تدخل فقط وانما زعزعة الاستقرار في المنطقة، والحديث عن دعم للتنظيمات الإرهابية، وللأسف الشديد نجد المجتمع الدولي يغض النظر عن مثل هذه الأمور".

وحول حالة الاحتلال التركي للأرض سواء في الشمال السوري، وكذلك العراق وهي ما أدت بالجامعة العربية لعقد اجتماعات وزارية طارئة في 2016 وخلال العام الراهن قالت: "هذا صحيح، والغريب في الأمر أن المجتمع الدولي يغض الطرف عن هذه المواقف التركية رغم التوجه العالمي الآن هو محاربة الإرهاب والأصولية الإسلامية، لكن حينما يأتي الأمر إلى تركيا يصمت المجتمع الدولي تماما".

وحول السبب في هذا الصمت تؤكد: "هو جانب من جوانب ازدواجية المعايير، فيكون الحديث ممتد عن محاربة الإرهاب باعتباره توجه عالمي تتبناه الولايات المتحدة، لكن عندما تتعاون تركيا مع تنظيمات إرهابية لا يعتبر ذلك دعماً للإرهاب، وهذا يجسد حالة ازدواجية المعايير".

وحول ما يثار عن أن تركيا أداة من أدوات تحقيق الشرق الأوسط الجديد قالت: "هذا الموضوع مطروح منذ ثمانينيات القرن الماضي، والولايات المتحدة تحدثت عن الرغبة فيما يسمى بالشرق الأوسط الكبير أو الجديد، وهذا مطمح القوة العظمى، وأصبحت بعض القوى الاقليمية توظف لتحقيق هذا المشروع، وربما تركيا بحكم عضويتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فهي حليف رئيسي للولايات المتحدة ويعول عليه في تحقيق هذا المشروع أو تنفيذه".

وأضافت " من هذا السياق فإنه يتم توظيف تركيا وإيران بصور مختلفة من أجل تحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير، وأيضاً تهديد استقرار المنتطقة، وأعتقد أنهم نجحوا في ذلك وبشدة، وما يحدث يبرهن على ذلك".

وحول المخرج من هذه الأزمات تقول: "هي الإرادة السياسية للدول، وأن نكون على دراية ووعي كامل لكافة هذه المخططات التي تستهدف أمن المنطقة وسلامها وسلامة مواطنيها. فلابد من إرادة سياسية عربية تنتبه لكل هذه المخاطر وأيضا يكون لديها مشروع واستراتيجية متكاملة للتصدي لمثل هذه المشاريع التي تستهدف المنطقة".

وأعربت بيبرس في نهاية الحوار عن أملها بأن نصل إلى تسويات سياسية لكافة هذه الصراعات التي أنهكت المنطقة ودولها، قائلة: " سوريا على سبيل المثال مرت تسع سنوات من عمر الأزمة، تحتاج إلى فترة طويلة من إعادة الإعمار وإلى دعم دولي كبير، وحقيقة لا نتوقع من الدول الغربية أن تعوضنا في هذا المجال، حتى أن أحد المؤسسات الأمريكية في تقرير تحليلي لها حول إعادة الإعمار في الدول التي تشهد صراعات في المنطقة، تنبأت بأن الدول لن تساهم، وأن الولايات المتحدة لن تشارك، ربما يكون للصين محاولة في هذا المجال، وأنه سيعول بالأساس على دول الخليج العربي في عملية إعادة الإعمار والتنمية في سوريا وأن الدول الغربية لن تقدم أدنى دعم، وبالتالي لابد أن نكون على دراية بهذا وأن نسارع لوضع استراتيجية متكاملة للتصدي لمثل هذه الأمور، إضافة إلى توفر إرادة سياسية للدول العربية للتصدي للمخططات التي تستهدف المنطقة".