رئيس مؤسسة ماعت: في عهد أردوغان تم اعتقال عشرات الآلاف من الكرد والأتراك لأسباب زائفة

قال رئيس مؤسسة ماعت الحقوقية أيمن عقيل إن أردوغان يتبع سياسة الاضطهاد والعقاب الجماعي لمعارضيه وخصومه السياسيين والقوميين، مؤكدا أن حملات الإبادة السياسية والقمع الممنهج وضعت عشرات الآلاف في غياهب السجون.

أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان يوم الأربعاء، تقرير جديد بعنوان "في عهد أردوغان... لم يفلت أحد من الاعتقال"، والذي كشف الارتفاع في حالات الاعتقال بين المواطنين الاتراك خلال شهري آيار/مايو وحزيران/ يونيو 2020، بسبب التعبير عن آراءهم أو انتقادهم للحكومة ورئيس الجمهورية، وأوضح التقرير اعتقال 6 صحفيين والتصديق على أحكام 17 أخرين، كما تم اعتقال 28 شخص مدني بتهم مختلفة، 118 عسكري، و5 من حكام الولايات، و3 نواب معارضين، إلى جانب العديد من السياسيين والمواطنين المنتقدين لسياسات حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، والمعترضين على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي تقوم بها السلطات التركية.
وصرح أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت أنه في عهد أردوغان، اعتقلت السلطات التركية واحتجزت الآلاف من الأتراك لأسباب زائفة، ما بين معارضين سلميين، وسجناء سياسيين، وسجناء غير سياسيين بالمرة، ربما تم احتجاز بعضهم لمجرد تعبيرهم عن أراءهم أو انتقادهم للرئيس والحكومة.
وقال عقيل أن هؤلاء يتعرضوا جميعا في مراكز الاحتجاز والسجون التركية -بشكل روتيني- للتعذيب وغيره من أشكال المعاملة الوحشية، والتي أصبحت من الأمور المعتادة في تركيا، بل إنها فاقت كل التوقعات، في ظل نظام الحكم القمعي بقيادة أردوغان، الذي أقسم علانية أنه لن تأخذه شفقة ولا رحمة بمنتقديه ومعارضيه.
وأضاف عقيل أن الاضطهاد الجماعي قد أسفر عن سجن ما يزيد عن 50.000 شخص بناء على اتهامات ملفقة منذ ما قيل أنه "محاولة الانقلاب" في 15 تموز/ يوليو 2016. فمنذ ذلك التاريخ قامت الحكومة بتجديد قانون الطوارئ ثلاث مرات، وأصدرت قانون الإرهاب والتي بموجبهم اعتقلت الآلاف من الاتراك من المدنيين والعسكريين.
كما أزالت الإجراءات الوقائية لحماية المحتجزين ضد سوء المعاملة والتعذيب، بالإضافة إلى إطالة فترة السجن، فضلا عن أنها عملت على تقليص حقوق السجناء في إجراء محاكمة عادلة مثل حق السجناء في توكيل المحامين.
وفي تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء ANF قال رئيس المؤسسة التي تتمتع بالصفة الاستشارية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إنه يتم التعامل مع الكرد في الداخل بالقمع والاعتقالات، وتحشد تركيا قواتها العسكرية والمرتزقة لضرب شمال سوريا وشمال العراق لإحتلال المناطق الكردية متخذة من العداء غير المبرر للكرد غطاء للتدخل العسكري في سوريا، كما أن السلطات التركية تقوم بتوفير الغطاء السياسي للعنف ضد الكرد في الداخل وتتبع سياسة الافلات من العقاب.
وقال أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت إنه على مدار أجيال متعاقبة، تعاملت السلطات التركية بوحشية بالغة مع "الأقلية" الكردية، وأعيد توطينهم، وتم منع الكثير من أسمائهم وأزيائهم، وتم إنكار الهوية العرقية الكردية، وأُشير إليهم باسم "أتراك الجبال"، وأضاف عقيل أن السلطات التركية حظرت اللغة الكردية، وميزت في القبول بفرص العمل والجامعات، حتى إن من يشغل المناصب العليا في المناطق الكردية يكون من غير الكرد، إضافة إلى التهميش الذي تتميز به مناطق الكرد في معظمها بغياب عمليات التنمية والتأهيل، ومنعتهم من التعبير السياسي الحر وإعاقة عمل الأحزاب الكردية في حال تكوينها، وعدم وجود دستور ضامن للحقوق الأساسية للكرد، والتي تزيد من النزعة الوطنية للاندماج في المجتمع. إضافة إلى ذلك غياب ثقافة التعايش المشترك وتحريض السلطة للمواطنين على ممارسة التمييز والعنف على أساس العرق ولدرجة استهداف أي شخص يتحدث الكردية في تعاملاته اليومية، مع توفير مخرج لإفلات المجرمين من العقاب.
وأوضح عقيل أنه "لم يتوقف الأمر عند حدود الإنكار للحقوق الثقافية والاجتماعية والسياسية للأكراد، بل تُوج هذا التهميش بمزيد من العمليات العسكرية والأمنية تجاه الكرد، وأثناء الصراع بين الكرد والحكومة التركية تم حظر الغذاء عن قرى وبلدات الكردية، كما تم طرد العديد منهم قسراً من قراهم من قبل قوات الأمن التركية."
من جانبه، قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت انه على ما يبدو لا توجد فرصة حقيقية لكبح جماح السياسات القمعية التي يمارسها نظام الرئيس التركي ضد المعارضين، بسبب السكوت التي قد يصل إلى حد التواطؤ من قبل الدول الكبرى التي تدعي حماية حقوق الإنسان، وأضاف عبد الحميد انه خلال شهري آيار/مايو وحزيران/يونيو 2020، قامت الحكومة التركية بمجموعة من الاعتقالات ضد المواطنين الاتراك مدنيين وعسكريين بتهمة الانضمام إلى حركة الخدمة، كما قامت بمجموعة من الاعتقالات تجاه عدد من الصحافيين والنواب وحكام الولايات بتهمة الإرهاب وإثارة الرأي العام، وهي تهم جاهزة في تركيا لكل من يعارض سياسات الحزب الحاكم أو يقوم برصد وفضح انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا.
وأكد عبد الحميد أن الحكومة التركية لم تنتهك مواد الدستور التركي وقوانين العقوبات التي تجرم الاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة فحسب، ولكنها أيضاً خرقت بشكل صارخ التزاماتها الدولية بمواثيق وعهود حقوق الإنسان، وكذلك التوصيات التي قُدمت لها خلال خضوع ملف حقوق الانسان في تركيا للتقييم والمتابعة للمرة الثالثة من قبل مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، في إطار ما يعرف بعملية الاستعراض الدوري الشامل، في 28 كانون الثاني يناير 2020، حيث قدم أعضاء المجلس أكثر من 16 توصية تطالب السلطات التركية بالإفراج عن المعتقلين والتحقيق في جرائم التعذيب والاختفاء القسري.
وفي الأخير طالب التقرير من السلطات التركية بضرورة الافراج عن كل المعتقلين والمعارضين السياسيين بسب التعبير عن أراءهم أو انتقادهم للحكومة، وكذلك إجراء تحقيق عاجل دون تأخير في وقائع التعذيب والإساءة، لحظر هذه الممارسات المجحفة والشنيعة ومنع الحصانة التي ينعم بها الجناة.