حوار أجرته صحيفة الأهرام العربي المصرية مع رئيس جمهورية أرمينيا الدكتور أرمين سركيسيان يسلط الضوء على قضايا تاريخية حاكمة للسياسات العامة في جمهورية أرمينيا انطلاقا من المذابح التي تعرض لها شعب الأرمن عام 1915 والتي ذكرها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في قمة ميوينخ للأمن العام الماضي، مشيرا إلى أن مصر استضافت قبل 100 سنة الأرمن، بعد المذابح التي تعرضوا لها، “ووجدوا الأمن والسلام والاستقرار لدينا”.
وهنا نص الحوار الذي تلقت وكالة فرات للأنباء ANF نسخة منه، تحرص على نشرها نظرا لأهمية مضمون الحوار الذي تميزت مجلة الأهرام العربي الغراء في اعداده وينشر في عدد السبت 27 يونيو 2020 والمتاح بالأسواق حالياً.
السيد الرئيس، في 24 أبريل (نيسان) من كل عام يحيي الشعب الأرمني ذكرى إبادة مليون ونصف المليون شهيد أرمني في عام 1915 ، الذين راحوا ضحية مخطط التصفية والتهجير القسري والمجازر الجماعية والمجاعة والأمراض خلال الحرب العالمية الأولى في الإمبراطورية العثمانية، على يد حكومة تركيا الفتاة. كيف تعلقون على ذلك؟
- لقد مضى أكثر من قرن على الجريمة الشنيعة التي ارتكبت بحق الإنسانية والحضارة بين عامي 1915-1923، ولكن عواقب تلك الجريمة مازالت موجودة حتى يومنا هذا وتعوق التطور الطبيعي لأرمينيا.
في الحقيقة، إن المجازر الجماعية بحق الأرمن في تركيا العثمانية بدأت في عامي 1894-1896 أيام السلطان عبد الحميد الثاني، وراح ضحيتها 300 ألف أرمني.
وسجلت مواقفها ضد هذا الحدث الدول الكبرى في حينه، والصحافة العالمية إضافة الى الشخصيات البارزة، أمثال رئيس وزراء بريطانيا العظمى ويليام كلادستون، والسياسي الفرنسي جان جوريس، والكاتب أناتول فرانس، والمبشر الألماني يوهانس ليبسوس وغيرهم، وقد طالبوا بتنفيذ الإصلاحات الموعودة في أرمينيا الغربية، التي كانت ستؤمن حقوق الأرمن الأساسية، وتحترم حقوقهم المدنية، وحصانة الممتلكات والحياة، ولكنها لم تتمكن من منع السلطان عبد الحميد. وكذلك الأمر دول الوفاق، والفاتيكان والدبلوماسيين المعتمدين في تركيا، ومن بينهم سفير الولايات المتحدة الأمريكية هنري مورغنطاو، لم يتمكنوا منع (الأتراك الشباب) الذين نفذوا بشكل كلي مخطط تصفية الأرمن، وحولوا ذلك إلى مشروع حكومي وإبادة حقيقية. ثم استفادت حكومة تركيا الفتاة من ظروف الحرب العالمية الأولى وأطلقت بين 1915-1916 خطة إبادة الأرمن في تركيا، من خلال تنفيذ عمليات الترحيل والعنف والقتل على نطاق واسع وغير مسبوق. في 24 مايو (أيار) 1915 قامت روسيا وفرنسا وبريطانيا العظمى في بيان مشترك بوصف ماجرى على أنها "جريمة بحق الإنسانية والحضارة"). وفي وقت لاحق، في عام 1944، قام رافائيل ليمكين بإدراج مصطلح "الإبادة الجماعية" في القانون الدولي على أساس إبادة الأرمن في عام 1915).
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، واصل الزعيم التركي الجديد مصطفى كمال عمل أسلافه، وقتل من تبقّى من الأرمن في كيليكيا و أرمينيا الغربية ، وشن حرباً ضد جمهورية أرمينيا الفتية.
- لماذا وكيف حدث ذلك؟ ألم يقم الأرمن وهم من مواطني الإمبراطورية العثمانية بخدمة تلك الدولة بإخلاص، كما ساهموا في تطورها. بماذا كانوا يعيقون الأتراك؟
- تلك هي القضية. أما عن حادثة الإبادة وآليات تنفيذها، فقد ترك العديد من شهود العيان؛ من الدبلوماسيين والعسكريين والأطباء العسكريين والمبشّرين والسياسيين ووسائل الإعلام الدولية وغيرهم، شهادات لا يمكن إنكارها حول الإبادة الجماعية وسبل تنفيذها. ولاحقاً، قام الخبراء في الأوساط الأكاديمية والمؤرخون وعلماء الإبادة الجماعية بتوضيح ذلك استناداً الى الوثائق الأرشيفية. والعالم يدرك ذلك جيداً. أود أن أركز على بعض أسباب الإبادة وعواقبها.
وسأشير الى عدد من الأسباب. السبب الأول سياسي: كان ينبغي أن تصل "المسألة الأرمنية" التي أثيرت في مؤتمري سان ستيفانو وبرلين في عام 1878 إلى نهايتها المنطقية بإعادة تأكيد السيادة الأرمنية على الأراضي التاريخية لأرمينيا، ووضع أساس لاستقلال أرمينيا لاحقاً، وفي وضع الشعوب العثمانية الأخرى حدث ذلك في المناطق الأوروبية والشرق الأوسطية في الامبراطورية بعد الحرب البلقانية والحرب العالمية الأولى.
وهذا ما أثار غضب السلطنة التركية ثم الجمهورية التركية، لأنه في حال استقلال أرمينيا، كان سيتم اقتطاع الجزء ذات الأهمية الاستراتيجية من جسم الإمبراطورية، والذي كان سيقطع طريق الأتراك باتجاه القوقاز و بلدان آسيا الوسطى.
هذا وقد فقدت القوى العظمى أيضاً الاهتمام حيال إمكانية إنشاء دولة مستقلة من قبل شعب نشيط وريادي في مناطق مماثلة، وإلا لما تخلوا في لوزان عام 1923 عن المادة الخاصة بأرمينيا في معاهدة سيفر في 10 أغسطس / آب 1920، والتي تعزز السيادة الأرمنية على الولايات الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية عبر الممر باتجاه البحر الأسود.
كما تم تجاهل مصالح أرمينيا والشعب الأرمني وفق اتفاقيات موسكو وقارص لعام 1921، ومنح الأرمن منطقة صغيرة جداً و جرى تقسيم أرمينيا، حيث تم التنازل عن مقاطعتي قارص و أردهان لصالح الكماليين، والتسليم التعسفي لكاراباخ الجبلية وناخيتشيفان إدارياً إلى أذربيجان السوفيتية، مما أدى إلى إثارة جدل طويل المدى وخلق بؤرة من الصراع في منطقتنا، الذي نشهده اليوم.
السبب الآخر للإبادة عقائدي: سعت القومية التركية الناشئة الى تحويل الإمبراطورية الشاسعة ومتعددة الشعوب والثقافات إلى دولة تركية ذات نسيج وتركيبة واحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار تقدمها السياسي نحو المناطق الشاسعة والغنية في القوقاز وآسيا الوسطى.
وكانت العقبة الرئيسية على هذا الطريق مرة أخرى الأرمن الذين سكنوا بين هاتين المنطقتين، وكذلك اليونانيين والمسيحيين الآخرين القاطنين في آسيا الصغرى.
لذلك، لم يكن أمام القوميين الأتراك خيار سوى التطهير العرقي لأبرز عنصرين في الإمبراطورية؛ اليونان والأرمن. وهذان الشعبان قاما ببناء الحضارة البيزنطية وورثوها، وهم ورثة الإمبراطورية العثمانية، وكرسوا قدراتهم وامكاناتهم لتطورها وازدهارها.
مع ذلك، يقال أن الأرمن لم يكن يملكون إمكانات كافية لإنشاء دولتهم، كما كانت الشعوب المستقلة الأخرى في الإمبراطورية.
- الأمر ليس كذلك، والأتراك يعرفون ذلك جيداً، وليس هم فقط.
كان للارمن مكانة سياسية واجتماعية خاصة في الإمبراطورية العثمانية منذ القرن السابع عشر والثامن عشر وكان لديهم خطة لدولة مستقلة ودستور جاهز. منذ ذلك الحين، نشطت جماعات سياسية، وتحولت إلى أحزاب سياسية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
منذ بداية القرن السادس عشر، بدأت تعمل المطابع ودور النشر، وفي القرن الثامن عشر، الصحافة الوطنية، حيث كانت تدور مناقشات واسعة حول المصير السياسي ومستقبل أرمينيا والشعب الأرمني. وكان يتم تأهيل عدد من الكوادر المتعلمة في مختلف المجالات في روسيا وأوروبا.
كان للارمن دور اقتصادي بارز ومؤثر ليس فقط في الإمبراطورية العثمانية والروسية حيث أراضيهم التاريخية، بل وغيرها من البلدان الواسعة من الغرب الى الشرق، ومن الشمال الى الجنوب، حيث أصبحوا فاعلين لا يمكن الاستغناء عنهم، بفضل براعتهم في أعمالهم، وقد ساهموا بشكل كبير في التجارة العالمية وتطوير الروابط التجارية والاقتصادية بين الشرق والغرب.
ومن الشخصيات البارزة؛ مؤسس النظام المصرفي في آسيا الجنوبية الشرقية عائلة سركيس، وعائلة لازاريان في روسيا، وقطب النفط في الشرق الأوسط وأوروبا كولبنكيان، وعائلة يسايان، وكذلك الكسندر مانتاشوف في القوقاز، وغيرهم من الشخصيات البارزة ورجال الأعمال في العالم. وقد تراكم بين أيديهم رأس مال هائل.
وتم بفضل ذلك رأس المال تمويل شبكة واسعة من المؤسسات التعليمية الأرمينية، والمراكز الروحية الثقافية، والمستشفيات والمؤسسات الشبابية والرياضية.
وكان الأرمن، كشعب قديم له خلفية الدولة، يملكون هيئات حكم ذاتية فعالة، ليس فقط في هاتين الإمبراطوريتين، بل أيضاً في بلدان إقامتهم من الشرق إلى الغرب. وقد شغل الكثير منهم مناصب عسكرية ودبلوماسية وإدارية رفيعة المستوى في دول مختلفة.
ومن أجل الحفاظ على السلام الداخلي والخارجي للبلاد مستقبلياً، كان لدى الأرمن أيضاً ضباط ماهرين، وجنود وعساكر وفرق متطوعة في معارك البلقان والقوقاز، وبرعوا بخبراتهم العسكرية خلال الحرب العالمية الأولى والثانية.
هناك أيضاً إمكانات بشرية كافية، فكان يبلغ عدد الأرمن في الإمبراطورية العثمانية ومنطقة ما وراء القوقاز أعداداً كبيرة، وربما تفوق باقي الشعوب.أي أنه قبل الحرب العالمية الأولى، كان الأرمن يملكون كافة الشروط الأساسية لتشكيل دولة مستقلة.
وأكبر دليل على ذلك، أن الأرمن بعد الإبادة بين 1915-1923 تمكنوا من الوقوف من جديد وبناء دولة حديثة متطورة على قطعة من الوطن التاريخي.
وقد توج الجنود والجنرالات الأرمن خلال الحرب العالمية الثانية أسماءهم بالمجد على جميع الجبهات في الحرب ضد الفاشية. وفي وقتنا هذا، يدافع أحفادهم بإصرار عن حق السكان الأرمن في أرتساخ (ناغورني كاراباخ) في العيش بحرية.
واليوم تشكل أرمينيا مع أرتساخ (ناغورني كاراباخ) والشتات الأرمني المنظم المؤثر وحدة متكاملة. وهم أحفاد الأرمن الذين كانوا على وشك الزوال قبل 100 عام.
- السيد الرئيس، لقد مضى أكثر من قرن على الإبادة، ومهما كانت الخسائر كبيرة، يقول البعض أنه ذلك بات من الماضي، ويجب أن ننظر الى الأمام والمستقبل.
نحن ننظر الى المستقبل، ونحلم بمستقبلنا، ونخطط لمستقبلنا، ونعمل كل يوم لبناء المستقبل. لكن لنتذكر أن المستقبل هو استمرار للماضي والحاضر.
وكثيرا ما نتحدث عن الخسائر البشرية والمادية الضخمة. وهذا صحيح. إن خسارة مليون ونصف المليون نسمة أثرت بشكل أساسي على تكاثر الشعب الأرمني، فكان يجب أن يكون تعدادنا، في ظل الظروف العادية اليوم، ليس فقط بين 10-12 مليون، ولكن على الأقل ضعف ذلك.
لكن هناك خسارة أخرى وهي الأهم، والتي سعت إليها الحكومات التركية المتعاقبة وهي القضاء على العنصر الأرمني بشكل كامل من الأراضي الأرمنية التاريخية. واليوم، لم يعد هناك أرمن يعيشون في تلك الأراضي. وحين لايوجد أشخاص، لن يكون هناك وجود للغتهم وعاداتهم ونمط حياتهم وثقافتهم ومطبخهم وأدواتهم والأغراض اليومية حيث تشكل البيئة الوطنية، والمجتمع والشعب.
هذا يعني أن الأرمن نتيجة للإبادة الجماعية حُرموا من حقوقهم في العيش على أراضي أجدادهم، وإدارة حياتهم الخاصة ومستقبلهم.
خذوا بعين الاعتبار أن الأرمن لم يكونوا مجموعة عرقية مشكلة حديثاً، بل هم شعب يملك دولة وحضارة قديمة في العالم.
وخلال العقود اللاحقة للإبادة، جرى تدمير وتخريب آثار الأرمن والحضارة الأرمينية في جمهورية تركيا بشكل مستمر وممنهج.
واليوم حين نقوم بإدانة تدمير الآثار والنصب التاريخية في أماكن مختلفة من العالم من قبل المتطرفين، فكم يترتب علينا من إدانة بشدة، وكان علينا سابقاً أن ندين تدمير الآثار الثقافية والمادية لشعب بأكمله يعود تاريخه إلى آلاف السنين على الأقل.
وتخيلوا الآن وضع الأرمن المنتشرين في أصقاع العالم، الذين بقي معظمهم بلا وطن لعقود طويلة وحتى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.
بالمناسبة، رغم أن الأرمن حاربوا خلال الحرب العالمية الأولى بكرامة وتضحية على كل الجبهات في جيوش الحلفاء، من فيردن إلى فلسطين، ومن بريست إلى طرابزون والقوقاز، لكنهم لم يحصلوا بعد نهاية الحرب على وطنهم الذي حلموا به.
اليوم، يعيش ما يقارب الثلاثة أرباع الأرمن في دول مختلفة، في ظروف تشمل أعراف وتقاليد وطبقات اجتماعية متنوعة. ويبذل الأرمن في كل مكان جهوداً جبارة للحفاظ على هويتهم، والتحدث عن حقوقهم التي حرموا منها نتيجة الإبادة الجماعية
- ماهي برأيكم دروس الإبادة، وماذا يمكن للإنسانية أن تفعله؟
من المؤسف الإدراك بأن الانسانية لم تتعلم دروساً من الابادة الارمنية، لقد نسيت الإبادة وظلت بدون اعتراف ولم يتم إدانتها، ولو تمت إدانتها لكان من الممكن منع جرائم مماثلة في تاريخ البشرية. لكن الانسانية شهدت بعد ذلك إبادات أخرى.
حسب قناعتي العميقة، فإن الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن لا يقتصر على الأرمن فحسب، بل هو في المقام الأول مسألة موقف من القيم الانسانية، ولعدم تكرار هذا الشر.
إن أرمينيا تنطلق من هذا الوعي، وتحدد منع الإبادات أحد أولويات سياستها، وتقوم بخطوات نشيطة في هذا المسار على الصعيدين القومي والدولي. وبمبادرة من أرمينيا اعتمد مجلس حقوق الانسان لدى منظمة الامم المتحدة دورياً قرارات بشأن منع الإبادات. أما في عام 2015 بمبادرة من أرمينيا ايضاً تم اعتماد قرار من قبل منظمة الامم المتحدة لإعلان 9 كانون الاول كيوم عالمي لإحياء وتمجيد ضحايا جريمة الابادة الجماعية ومنع هذه الجريمة.
وبالتالي، إن قضية الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن والتي يثيرها الأرمن أمام المجتمع الدولي وتركيا موضوع واقعي، وتشمل عدة مكونات: سداد دين الذاكرة، ومنع تكرار مثل هذه الجرائم، وإزالة عواقب الإبادة الجماعية.
وبعد صمت دام نصف قرن، بدأ العالم في أعوام 1960-1970 الحديث من جديد عن الإبادة الأرمنية، وكانت الأروغواي أول دولة تعترف بها عام 1965. اليوم، العديد من الدول والمنظمات الدولية في العالم اعترفت بالابادة الأرمنية، منها فرنسا، روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية، ألمانيا، أيطاليا، سويسرا، الفاتيكان، وفي العالم العربي، لبنان وسورية. وعدد الدول بازدياد مستمر.
اليوم، ليس لدى المجتمع الدولي شك في حقيقة الإبادة الجماعية بحق الأرمن. وفي الوقت ذاته، من غير المقبول أن يُنظر إلى قضية الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن من وجهة نظر المصالح الاقتصادية أو السياسية الحالية مع أنقرة.
في تلك الحالة، لا يمكننا، أن نعلن من جهة معركة مشتركة فعالة ضد معاداة الإنسانية، والتمييز، والتعصب، ومعاداة السامية، وإنكار الإبادة، وشرور إنسانية أخرى، ومن جهة أخرى، نمارس "دبلوماسية" حول تلك القضايا.
أنا مقتنع بأن جميع الدول والمنظمات التي اعترفت بالابادة الارمنية انطلقت بشكل عام من هذا المنظور، ونحن نقدر ذلك ونعبر عن شكرنا وامتناننا لهم. كما نشكر تلك البلدان التي فتحت أبوابها لهؤلاء الناجين من الكارثة ومنحتهم الملجأ بعد الإبادة. ونشكر المبشرين والاطباء والممرضات والدبلوماسيين، ومنظمات رعاية الأيتام، وإخوتنا في المآسي -اليونانيين والآشوريين السريان واليهود واليزديين، وكذلك للشخصيات والعائلات العربية والتركية والكردية الذين عرّضوا حياتهم وأمانهم للخطر، وقاموا بمد يد المساعدة خلال المجازر العصيبة للأرمن المنكوبين وانقذوا الكثيرين منهم.
إن موقف الحكومات المتعاقبة في تركيا هو قضية أخرى؛ فهو تجنب الاعتراف بالابادة، والتمسك بسياسة الإنكار على مستوى الدولة.
اليوم، المجتمع الدولي والشخصيات السياسية والاجتماعية ومن بينهم عدد كبير من المفكرين الأتراك والشخصيات العامة يطالبون بالاعتراف بالابادة الأرمنية، آملين أن تتصالح السلطات التركية مع الصفحات المأساوية من تاريخها، وتتجاوزها.
إن جريمة الإبادة الجماعية لاتسقط بالتقادم. وبالتالي فإن اعتراف تركيا بالإبادة الجماعية للأرمن وإزالة عواقبها ضمان أمني بالنسبة لأرمينيا وللشعب الأرمني، وللمنطقة أيضاً.
لا يمكننا أن ننسى الإبادة الجماعية للأرمن، ولا يمكننا التصالح مع عواقبها. لا يمكننا تجاهل معاناة الضحايا والناجين، ويجب علينا تأمين مستقبل آمن ومشرف لأجيالهم.