خبير ليبي لـ"ANF": مساعي تركيا لسحب ملف توحيد الجيش الليبي من مصر مستحيلة

كشف المحلل السياسي الليبي إبراهيم بلقاسم عن مساع تركية للعب دور في مسألة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، ومزاحمة مصر في هذا الملف الذي ترعاه بالتنسيق مع الأمم المتحدة والأطراف الليبية ذات الصلة.

قال إبراهيم بلقاسم الباحث السياسي الليبي المقيم في القاهرة، أن تركيا عملت على تهديد الأمن القومي الليبي وأمن دول الجوار (مصر وتونس والجزائر وجنوب أوروبا)، وقال ان تركيا بعد ازمة سقوط عملتها وأزماتها الداخلية اصبحت مصابة "بالعمى" فيما يتعلق بتحريكها لاتباعها او حلفائها في ليبيا، لافتا في حوار خاص لوكالة فرات للأنباء ANF، أن أنقرة لا يمكن لها ان تزاحم دور مصر الداعم لاستقرار ليبيا وأمنها، كونها تمثل عمقا استراتيجيا لمصر.. فإلى نص الحوار:

- تحدثتم من قبل عن مساعي تركية للتدخل في ملف توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.. ما هي تفاصيل هذا التحرك؟

قدمت تركيا عرضا صريحا للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية برئاسة فائز السراج للحصول على ملف توحيد المؤسسة العسكرية، وتبني لقاءات العسكريين الليبيين في تركيا، بل وارسلت تركيا موفدا تركي رئاسيا ممثلا في وزير الدفاع ورئيس الاركان التركي الي المجلس الرئاسي في طرابلس لبحث هذا الملف، وبالفعل استلم المجلس الرئاسي الطلب ولم يبدي فيه أي راي او رد فعل حتى هذه اللحظة، وهو ما اثار تحفظ شخصيات واطراف وطنية من قبول الرئاسي العرض وعدم رفضه بشكل مباشر، خصوصا ان مصر وفرت للضابط الليبيين مناخا مناسبا لمفاوضات توحيد المؤسسة العسكرية، والتي انتهت بتحديد ملامح واضحه لهيكلية المؤسسة العسكرية، وظلت الخطوة الاخيرة بيد السلطة الحاكمة في المؤسسة العسكرية في ظل الصراع السياسي، واتفق المجتمعون في القاهرة ان الرئيس المنتخب هو القائد الاعلى للجيش.

 -لماذا انسحبت تركيا وقطر من مؤتمر باليرمو؟ وهل يعني انسحابها رغبة في التراجع عن التدخل في الشأن الليبي أم تسجيل موقف للبناء عليه لتدخلات جديدة؟

فعليا من انسحب هو نائب الرئيس التركي، وانسحابهم كان واضحا ومبرر، بعد ان اتخذ القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير حفتر ووفد المرافق له موقفا شديد برفض حضور نائب الرئيس التركي لقمة الامنية المصغرة حول ليبيا التي جمعت عدد من الرؤساء من بينهم الرئيس المصري عبدالفتاح السياسي والرئيس التونسي القايد الباجي السبسي، وهذه القمة كانت معنية بالملف الامني والتهريب والارهاب. 

           

 - تركيا تتهم اليونان بالاعتداء على الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة في ليبيا، تدعم اطراف مناوئة لمصر، وتبتز أوروبا من البوابة الليبية، كيف تستخدم تركيا الساحة الليبية لتصفية الحسابات مع خصومها الاقليميين؟

تركيا عندما سمحت بخروج سفن محملة بالأسلحة والمواد المستخدمة في اعداد المتفجرات والعبوات المفخخة، وبعض المواد الاخرى المحضورة هي بدرجة الاولى تستهدف الامن القومي الليبي والاقليمي بما في ذلك مصر وتونس والجزائر والسودان وايضا جنوب اوروبا، لأن الجماعات المسلحة المتواجدة في ليبيا هي خليط وهجين بين عصابات تهريب ومجموعات متطرفة وعناصر اجرامية، فرت من مصر والسودان الي ليبيا، والشاهد على هذا العملية النوعية الامنية التي نفذها الجيش الليبي في اعتقال الارهابي المصري هشام عشماوي وبعض القيادات الارهابية من الجنسية المصرية الفارة الي ليبيا والتي قبض عليهم في درنة، ضف الي هذا عناصر المعارضة السودانية المسلحة المتهمة بجرائم ضد الانسانية من بينها حركة العدالة والمساوة المناوئة للنظام السوداني.

الامن القومي الليبي هو من امن دول الجوار، خصوصا مصر، لان مصر عمق ليبي وليبيا عمق مصري، وأي ان أي استهداف للأمن الليبي هو استهداف لتلك الدول.

وما يثير الاستغراب ان الاتحاد الاوروبي يطوق الساحل الليبي من خارج المياه الاقليمية في عملية عسكرية يشرف عليها الاتحاد الاوروبي (عملية صوفيا) لمحاربة التهريب ومنع وصول الاسلحة الي المتطرفين في ليبيا، الا ان العملية لا يبدو انها مجدية من الاساس .

الامن الحقيقي لليبيا ودول جوارها يكمن في جنوبها، وتأمين الجنوب هو يمنع حدوث تلك الثغرات الامنية الخطيرة، وأعتقد أن مصر والسودان تعملان على ذلك مؤخرا.

 - من هم حلفاء واتباع أردوغان الحاليين؟

الحقيقة ان تركيا بعد ازمة سقوط عملتها وازماتها الداخلية اصبحت مصابة "بالعمى" فيما يتعلق بتحريكها لاتباعها او حلفائها في ليبيا، وبالحديث عن الحلفاء في الداخل الليبي فهم مجموعات برغماتية تفرط في امنها القومي في مقابل مصالح ومكاسب سياسية، وحتى ان توقف دعم تركيا او أي دولة عنها ستبحث عن مصدر دعم جديد، أي ان العلاج الحقيقي للازمة يكمن من الداخل الليبي بمنع حصول تلك المجموعات او الطراف على الدعم الاجنبي لها الا عبر قنوات الدولة الرسمية والقوانين التي تجرم حصول على مبالغ مجهولة المصدر والكميات الكبيرة دون توضيح آليات صرفها وغيرها من اجراءات التأكد من تلك الاموال الحصول، وحديثي عن جماعة الاسلام السياسي التي تحاول فرض نفسها بأي ثمن .

 -هل بإمكان تركيا ان تزاحم او تغيب الدور المصري الداعم للاستقرار ليبيا؟

هذا مستحيل، نظرا لعدة اسباب من اولها التجذر الكبير بين ليبيا ومصر، وسبب اختيار مصر كساحة تجري فيها المفاوضات العسكرية اضافة الي كونها لاعب اقليمي هام، ويعود الي ان الجيش الليبي تأسس في مصر قبل عدة عقود، والعلاقة الكبيرة بين الجيشين الليبي والمصري عبر التاريخ، واسباب اخرى تتعلق بالقومية، والدين واللغة والفكر والعلاقات الجيوسياسية الليبية المصرية، فضلا عن الافتتاح المصري على كل الاطراف في الآونة الاخيرة.

- كيف يمكن لمصر والسودان المساهمة في تأمين الحدود الجنوبية الليبية؟

مصر والسودان يفكران في تشكيل قوة امنية عسكرية لتأمين حدودهم مع ليبيا، الحقيقية هي خطوة مهمة ان القيادة العامة للجيش الليبي طلبت هذا من دول الجوار بقولها: "على دول الجوار مساعدة ليبيا في تأمين حدودها مع ليبيا "، وان هذه الخطوة مهمة جدا وجاءت في وقت هام، ولكن ايضا علينا ان نشير إلى خطورة من هم متواجدين في الداخل الليبي من عناصر العدالة والمساوة او الفارين من انصار بيت المقدس او غيرها من المجموعات التي تهدد امن الدول الثلاث، ونظرا لضعف القدرة على تأمين المثلث الحدودي بسبب التضاريس الواعرة، وقدرة المهربين على فهم منافذ الحدودية في تلك المنطقة .

ونحتاج بتزامن مع هذه الخطوة ان تساعد الدولتين الجيش الليبي في القضاء او على الاقل اخراج الجماعات المذكورة وغيرها من دوائر الخطر على الدول الثلاث.

ودعني أشير إلى أنه قبل اقل من شهر اختطفت مجموعة مسلحة تابعة للمعارضة السودانية عدد من المواطنين السودانيين من بينهم عناصر امن في اقصى الجنوب الليبي، كما نفذت نفس تلك المجموعة مع حلفائها من تنظيم داعش هجوم على مدينة تازربو، وما زالت التحقيقات مستمرة في ان نفس المجموعة اختطفت عناصر من حرس الحدود المصريين في شهر حزيران/ يونيو السابق قبل ان تفرج عنهم فرقة خاصة سودانية .

أي أنني أجد ضرورة التحرك في هذا الاتجاه نظرا لتنسيق الكبير بين القيادة المصرية مع القيادة العامة للجيش الليبي، وما تحمله مصر من اولوية في علاقاتها مع ليبيا للملف الامني.