واعتبر الدكتور ناجي رئيس تحرير مجلة مختارات إيرانية في حوار لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن أهم ما يجمع الدولتين الخصمين المتحالفين بشكل مرحلي أو "الأعداء"، هو المصالح الاقتصادية والملف الكردي أي عدائهما الشديد للكرد، أما بقية الملفات الأخرى فهي تتعرض لصعود وهبوط، لكن يظل الاقتصاد والعداء للكرد هما الثابتان في العلاقات التركية الايرانية.
وقال ناجي إن نظام أردوغان لا ينظر إلى النفط الإيراني كمسألة شديدة الأهمية، فواردات تركيا من النفط الإيراني تمثل نسبة ضئيلة من مزيج الطاقة، وبإمكانها الاستعاضة عنها بالنفط الروسي أو الخليجي، ولكن في نهاية المطاف يظل الموقف التركي موقفا سياسيا بالأساس في اطار المناكفات مع واشنطن، ولاستغلال ملف العقوبات الامريكية على ايران كورقة مساومة جديدة في علاقات نظام أردوغان مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ولفت الخبير في الشؤون الإيرانية إلى أن القرار الأمريكي الأخير بفرض عقوبات على الدول المستوردة للنفط الإيراني، يعني تصميم الادارة الأمريكية على نفس المستوى من تشديد العقوبات على طهران، بهدف خنقها اقتصاديا، معتبرا أن الإدارة الأمريكية تريد "عصرها" في إشارة إلى طهران، ولكنه استبعد امكانية حدوث تصفير الصادرات النفطية الايرانية، مؤكدا أن هذا الهدف غير وراد الحدوث، ولكن يظل هدف الإدارة الأمريكية هو إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات مجددا، واستيعاب أخطاء إدارة أوباما التي سمحت بالعقوبات غير الفعالة، مؤكدا أن الصادرات النفطية الايرانية سوف تتراجع بشكل كبير، سيما وأن الدول التي كانت قد استثنتها الولايات المتحدة من العقوبات، قامت بتخفيض كبير في وارداتها النفطية من ايران، معتبرا أن الصادرات النفطية الايرانية سوف تتراجع إلى أقل من مليون برميل في اليوم.
وأكد الدكتور محمد عباس ناجي أن تركيا تعد أبرز الدول التي تدعم إيران في ملف العقوبات الأمريكية، نتيجة الخلافات الكبيرة مع الأمريكان، حيث يريد أردوغان البحث عن ورقة جديدة لمساومة ترامب بها، ولكن هناك دول اخرى ستتضرر من العقوبات الامريكية وخاصة العراق التي تعتمد بصورة اساسية في انتاج الكهرباء على الطاقة الايرانية، مضيفا: "لكن النفط الايراني بالنسبة لتركيا ليس مسألة واردات نفطية قوية، ولا يتجاوز 200 الف برميل يوميا، وتعويض هذا الكم ليس مسألة صعبة، ولكن تركيا لا تريد ان تدخل في مشكلات مع ايران، فإيران شريك تجاري مهم لتركيا، والتجارة المشتركة بينهما تصل إلى 10 مليار دولار ويريدون زيادتها إلى 30 مليار دولار، والاتراك أكثر المستفيدين دائما من الاقتصاد الايراني سواء في حالة العقوبات أو للالتفاف على تلك العقوبات، وهم ضد فرض عقوبات جديدة مشددة تعرقل مصالحهم، على سبيل المثال هناك تجارة كبيرة بين الاتراك والشركات التابعة للحرس الثوري، وفرض العقوبات على الحرس الثوري الايراني يضر مصالح التجار الاتراك".
تركيا تتعرض لخسائر متعددة.. ورهاناتها سقطت
واعتبر ناجي أن تركيا تتعرض لخسائر متعددة على المستويين الداخلي والخارجي، مضيفا: "رهانات تركيا كلها سقطت في سوريا وايضا في ليبيا والسودان، فالتطورات العامة في المنطقة حاليا وبعيدا عن الدخول في تفاصيلها، توحي بأن هناك قلق كبير بالنسبة لتركيا، وما يحدث في ليبيا حاليا ضد تركيا، فعلى سبيل المثال قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر كسب دعم سياسي كبير من تحركاته الاخيرة بداية من اعتراف أمريكي ودعم فرنسي ودفاع روسي عنه في مجلس الأمن وغيرها، وايضا أنقرة خسرت حليف مهم لها في السودان بعد سقوط نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير".
تركيا في حالة إنهاك سياسي داخليا وخارجيا
ويرى الخبير المصري في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن تركيا حاليا في حالة إنهاك سياسي في الداخل والخارج، فبالإضافة للمشهد الاقليمي المعقد، تعرض نظام أردوغان لخسارة فادحة في الانتخابات المحلية، وهو ما يتشابه مع ما تتعرض له ايران، حيث يظل الاقتصاد والملف الكردي ملفان مشتركان ومهمان في العلاقات التركية الايرانية، مؤكدا أنه ليس من مصلحتهما أن يحصل الكرد على حقوقهم في سوريا أو على أي مكاسب جديدة، وتابع: "أنقرة وطهران اتفقتا ضد اقليم كردستان، ضد الكرد في شمال شرق سوريا، فأصبح التعاون ضد الكرد في سوريا هو أهم نقطة تجمع الخصمين سابقا في الملف السوري الذي ظل خلافيا بينهما طوال السنوات الماضية، فقد بات الملف الكردي ملف أساسي من ملفات التعاون في اطار عدائهما المشترك للكرد".
وتوقع ان يبقى نمط العلاقات الايرانية التركية في صيغة التوافقات المؤقتة والتحالفات المرحلية، فلا تحالفات مستمرة ولا صراعات دائمة، ولكن يبقى الثابت في ملفات التعاون بينهما هما الملف الكردي والعلاقات الاقتصادية.
وشدّدَ ناجي على أن محور الدوحة-طهران-أنقرة بات محورا خاسرا، ويتعرض لضغوط شديدة دولية واقليمية.