خبير أزمات فرنسي: لا فرص لانتصار تركيا في عقرين

ذكر خبيرٌ في الأزمات الدولية أنّ تركيا لا تمتلك الفرص لتحقيق انتصار ممكن في حربها على عفرين, مشيراً إلى أنّ حلّ الأزمة السورية هو حلٌّ عسكري لا سياسي: كما نوّه بأنه يتوجّب على الكرد أن يكونوا جزءً من الحلّ في سوريا كونهم قوّة عسكرية.

في تصريحٍ خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF), قال الخبير في الأزمات الدولية, الفرنسي هادرين ديسوني بأنّ الدولة التركية ليس لديها فرص كبيرة بتحقيق نصرٍ في هجومها على مدينة عفرين, مؤكّداً على وجود أوراق رابحة بيد الكرد في سوريا.

داعش لم تكن هدفاً لتركيا

وأوضح ديسوني بأنّ تركيا لم تكن تستهدف تنظيم داعش أبداً, بل على العكس من ذلك, كان هناك تنسيق على مستوى عالٍ بين الطرفين, فيما بتعلّق بالهجمات في سوريا "ورأينا ذلك خلال محاصرة التنظيم لمدينة كوباني" مضيفاً بالقول: "سقوط داعش تسبّب بفراغٍ لدى الدولة التركية, وبسبب مخاوفها من ربط كانتونات الكرد, سارعت بالهجوم على عفرين. خاصة بعد سيطرة الكرد على معقل داعش الرئيسي في الرقة, ووصولهم إلى الحدود العراقية. ومع معارك الباب ومنبج, كانت هناك فترة هدوء بين تركيا والكرد, لكن بعدها بدأت الدولة التركية بتنفيذ عملية ’غصن الزيتون’ ضدّ مدينة عفرين".

اتفاق تركيا مع روسيا ليس ثابتاً

وذكر الخبير الفرنسي بأنّ روسيا لم تلعب أيّ دورٍ مضاد في العدوان التركي على عفرين, ولأجل أن لا تفشل المحادثات بين موسكو وأنقرة في سوتشي وآستانا, قرّرت روسيا الانسحاب من أرض عفرين وسمحت للطائرات التركية بقصف عفرين, وهذا ما أتاح الفرصة للنظام بتكثيف الهجوم على إدلب والغوطة الشرقية.

وأشار ديسوني إلى إمكانية فشل الاتفاق التركي-الروسي "لأنّ أنقرة هي ضمن حلف الولايات المتّحدة الأمريكية, ويجمع الأخيرة اتفاقٌ مع قوات سوريا الديمقراطية", لذا "فإنّ هذا الاتفاق بين موسكو وأنقرة هو اتفاق مؤقّت, من الممكن في أيّ وقت أن ينهار", مبرّراً ذلك ب"عدم سماح روسيا بأن تنشب اشتباكات بين قوات النظام السوري والجيش التركي, الذي يريد أن يسيطر على عفرين, الأمر الذي ترفضه دمشق قطعاً".

لدى الكرد في سوريا العديد من الأوراق الرابحة

وفيما يتعلّق بموقف أمريكا من العدوان التركي على عفرين, نوّه ديسوني إلى الموقف الضعيف لأمريكا حيال العدوان التركي, تماماً كالموقف الروسي. لكنّ موسكو وواشنطن ينظران "بريبةٍ إلى تقدّم تركيا داخل الأراضي السورية, وبما أنّهما في لعبةٍ حسّاسة (أي روسيا وتركيا), فإن لدى الكرد أوراقٌ كثيرة, حيث يسيطرون على مساحات واسعة من الأراضي في سوريا. إن تمكّن الكرد من التأثير على روسيا بذكاء, ممن الممكن حينها أن تدخل قوات من النظام السوري إلى عفرين".

وتابع بالقول: "تركيا غير مستفيدة من سوتشي, وليس قادرة على السيطرة على قوى المعارضة السورية المسلّحة إلى حدّ كبير. بالعموم, ليس لدى واشنطن أيّ نيّة بخلق صراعٍ مسلّح بينها وبين أنقرة" وهذا ما يضع العلاقات الروسية التركية بوضعٍ ليس على ما يرام.

فرص تركيا بالانتصار في عفرين ضئيلة

وشدّد الخبير في الأزمات الدولية على عدم مقدرة تركيا على تحقيق انتصار أكيد في عفرين موضحاً بالقول "تكلفة الحرب المالية بالنسبة للجيش التركي باهظة جدّاً, كما أنّ الخسائر البشرية في صفوف الجيش لن تكون موضع رضا لدى عموم الشعب التركي, والرأي العام في تركيا لن يقبل بأي اعتذار بهذا الشأن".

وأردف بالقول: "الكرد يدافعون عن أرضهم, لذا فهم مستعدّون للموت لأجل ذلك. وهذا ما يمكن أن يدفع الدولة التركية لأيقاف هجومها. على الرغم من التصريحات الداعية لمواصلة الحرب الصادرة من قبل مسؤوليها, سيلجؤون لإيجاد مبررات لوقف القتال. خاصة بعد وصول الكرد إلى اتفاقٍ مع دمشق فيما بتعلّق بمشاركة قوات الأخيرة في الدفاع عن عفرين, وهذا ما يصعّب مهمة تركيا بتحقيق نصرٍ أكيد".

الحلّ في سوريا عسكريّ لا سياسي

وختم هادرين ديسوني حديثه لوكالتنا بالقول: "على عكس ما يُقال منذ 7 سنوات, الحلّ للحرب السورية ليس بالحلّ السياسي والديبلوماسي, الحلّ عسكريٌّ. من ينتصر على الأرض هو من يمكنه فرض الحلّ والسلام الذي يلبي مصالحه. إن استمرّت الحرب, فالتقسيم واردٌ جدّاً, لكن سيبقى الصراع لفترة طويلة. وبالنسبة للكرد في سوريا, هم يمتلكون قوّات عسكرية, وليدهم الفرص الكبيرة بأن يكونوا جزءً رئيسيّاً في معادلة سوريا المستقبلية, على أن يظلّوا محافظين على مناطقهم التي تحت سيطرتهم".

تعريف بالخبير الفرنسي هادرين ديسوني

هادرين ديسوني خريج المدرسة العسكرية الخاصة (St-Cyr). درس في مدرسة الضباط الدولية. وقد قدّم العديد من الأبحاث عن أزمة المسيحيين في الشرق والمخاوف التي يتعرّضون لها. وفي العام 2005 أسّس مركز الأبحاث والتوثيق الاقتصادي, الحقوقي والاجتماعي في القاهرة. كما حازعلى شهادة "ماستر" من مصر. 

بين عام 2010 إلى العام 2012 أصبح مديراً لموقع ‘LesConversatîons’ الفرنسي. وفي العام 2017 أصدر كتابه المعنون ب" La France atlantiste ou le naufrage de la diplomatie" (فرنسا هي شريك الناتو أم في فشل الديبلوماسية).