أكدت المرشحة الكردية حنان عثمان، التي تسعى لتمثيل بيروت في المجلس النيابي اللبناني لدورة 2018، في حوار خاص لوكالة فرات للأنباء ANF على أنّ دخولها المعترك الانتخابي إنّما هو "للمساهمة في بناء لبنان حر ومواطن متحرر من التعصب والقوموية الضيقة ومتحرر من الجهل ومن الفقر والعوز"، مشيرة الى أنّ "الكرد في لبنان عانوا ومازالو يعانون من العديد من المصاعب اهمها الحرمان من حق المواطنة اللبنانية.
*بداية اسباب اختيارك لائحة حركة الشعب لتكون اللائحة التي تخوضين من خلالها المعترك الانتخابي؟
انا انضم إلى لائحة ائتلافية تسمّى "صوت الناس" تشكّلت بمبادرة من حركة الشعب، الحزب السياسي اللبناني اليساري المعارض الذي أسّسه النائب السابق نجاح واكيم سنة 2000 والمبدأ الاساسي لهذا الحزب هو مواجهة سلطة الفساد وحيتان الاموال وعدم الاستسلام امام السياسات التى تتخذها الدولة في حماية جشعها ونهبها للاملاك العامة.
حزب يسعى الى إلغاء الطائفية السياسية، ويسعى الى بناء دولة المواطنة الحقيقية بحيث لا يكون هناك مواطن درجة اولى ومواطن درجة ثانية، بالاضافة الى وجود المرابطون، والمجتمع المدني ومستقلين، لان القانون النسبي الجديد لا يسمح الترشح الا اذا كنت ضمن لائحة، بمعنى انه لا احد يستطيع خوض الانتخابات بمفرده، وجدت ان هذه اللائحة وبما تحمل من برنامج واهداف قريبة لما نحن نسعى ونناضل في سبيله. هناك مبادىء تجمعنا كمحاربة الفساد وحق المواطنة، والمساوة الغاء الطائفية والتعايش المشترك، حيث قررنا ان نخوض معركتنا من اجل وطن حر ومواطن متحرر من التعصب والقوموية الضيقة ومتحرر من الجهل ومن الفقر والعوز.
*حنان عثمان انت اول أمرة كردية تترشح للانتخابات النيابية، ما التحديات امام ترشحك اولا كونك أمرأة، ثانيا كونك من القومية الكردية؟
من الصعوبات التي تواجه مشاركة المرأة في هذه الانتخابات ترتبط بقضية عدم تطبيق الدولة المساواة بين الرجل والمرأة، حيث رفضت الكوتا النسائية وهناك لوائح لا تقبل بوجود المرأة بينها، بالاضافة الى نظرة المجتمع السلبية لعمل المرأة في ميدان السياسية التي لا تزال نظرة قاصرة تعوق دورها السياسي في المجتمع، بسبب الثقافة الذكورية المسيطرة على الطابع العام، ويشمل ذلك المرأة نفسها التي لا تزال تحمل عن نفسها الصورة ذاتها المفروضة من قبل المجتمع، وتقوم بإعادة إنتاجها بصورة تلقائية.
وتعد الثقافة المجتمعية من أوائل التحديات التى تواجه المرأة في البرلمان نفسه فى ظل كثرة أعداد الرجال مقارنة بعدد السيدات والثقافة الذكورية فى المجتمع وعدم الثقة فى قدرة المرأة على العمل فى الحياة السياسية، بما يفرض على المرأة عبء كبير فى أن تثبت نفسها فى العمل السياسى وأن تحقق نجاحات لتغيير تلك الثقافة.
والدليل انه وجود المراة في البرلمان اللبناني محدود جدا والذين دخلو البرلمان "فاتو بالاسود" اي انها كانت زوجة او اخت نائب قتل او اغتيل كانو يدخلونهم البرلمان تعاطفا وشفقه.
*هل تختلف النظرة بالنسبة للمرأة الكردية؟
نحن كنساء كرديات وضعنا مختلف جدا، نضال ومقاومة المرأة الكردية ودورها الريادي في مواجهة قوى الظلام المتمثلة بداعش ودورها المحوري في الشان السياسي والتنظيمي والدبلوماسي اكسبنا قوة واصبح الميراث الصلب الذي نستند اليه في نضالنا السياسي، حتى نظرة المجتمع بشكل عام مختلفة.
*الى اي مدى هذه النظرة كانت قوة دفع لك لتدخلين المعترك السياسي في دولة توصف بالانفتاح ولكن في نفس الوقت ماتزال قوانينها تميزية بحق المرأة؟
اشعر بعمق بكل التقدير والاحترام الذي يكنه المجتمع بكافة أطيافه للمرأة الكردية ويقدرون شجاعتها وعظمة إرادتها في مواجهة الظلم والاستبداد، وهذا بدوره يعطينى القوة والثقة والفخر باننى امراة كردية.
*ماذكرته في سؤالي السابق يقودني الى سؤال حول أوضاع الكرد بشكل عام في لبنان ما هي الصعوبات التي يواجهونها؟ لما هم حتى الان محرومون من التمثيل النيابي، على عكس الأرمن الذين أتيحت لهم هذه الفرصة للتعبير وباتوا طائفة ممثلة برلمانياً؟
بالرغم من تفاعل الكرد في لبنان ضمن المجتمع ومساهمته الإيجابية في كافة القضايا التي مرت بها الساحة اللبنانية منذ عهد الانتداب وحتى المرحلة الراهنة، يلاحظ وبكل وضوح ان الكرد عانوا ومازالو من العديد من المصاعب اهمها الحرمان من حق المواطنة اللبنانية، حيث عدد كبير منهم مازالو حاملي وثيقة قيد الدرس.
ثانيا عدم وجود ممثلين عنهم في البرلمان وحرمانهم من هذا الحق وخاصة من قبل قيادات الطائفة السنية (التي تعتبر الكرد جزء منها)، حيث لا يتذكرون الكرد الا في فترة الانتخابات، يقدمون لهم بعض الوعود الوهمية. شارك الكرد في كل مراحل العملية السياسية في لبنان ولكن ثمة ما يمنعهم من دخول التمثيل البرلماني وهذا الاجحاف الاكبر بحقهم، رغم دفاعهم عن الوطن اللبناني وممارسة واجباتهم ومسؤوليتهم كل بحسب موقعه.
فالكردي شارك بمقاومة الاستعمار في شتى اشكاله وأول شخص أنزل علم فرنسا عن البرلمان اللبناني مواطن كردي يدعى عبدالكريم عتريس. نرى ان الدولة اللبنانية لم تحتضن الكرد، لاسباب طائفية وسياسية بعكس الاخوة الارمن الذين يملكون نواب ووزراء لانه ينظر اليهم كطائفة وكقومية في حين نحن يتم التعامل معنا على اساس مذهبي بحت.
*في موضوع اخر يخص نشاطك المدني، لايختلق اثنان ان للمرأة دور ريادي في الحركة التحريرية الكردية وتجربة روج آفا خير مثال على مكانة المرأة في المجتمع الكردي، كيف تقيمين الحركة النسوية في لبنان والى اي مدى يمكنها الاستفادة من تجربة روج آفا خاصة مايتعلق بقوانين الاحوال الشخصية؟
هناك خاصتين أساسيتين للحركة النسوية اللبنانية، الأولى كونها كانت حركة وطنية انبثقت من الاستقلال الوطني العام 1943 الى تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي، ولم تنشأ كحركة حقوق مدنية واجتماعية. أما الخاصية الثانية فكون الحركات النسوية صودرت من قبل الرجال بدلا من ان تتمايز عنهم، ولدت في الخمسينات حركة نسوية واستمدت شرعيتها من النضال بهدف استقلال الدولة القومية اللبنانية، تمّ التركيز فيها على المشاركة بمعركة الاستقلال للمطالبة بالحقوق السياسية، كحق الاقتراع والترشح الى المجلس النيابي، كما أنّ نسويات هذه الموجة كنّ من البرجوازية اللبنانية، وقد نلن فرصة للتعلم العالي، وقد اتسمت هذه الموجة ببعدها عن هموم الاوساط الشعبية،
وقد بوركت من قبل الزعماء السياسيين والطائفيين. رغم ان المرأة اللبنانية برزت في مجالات عديدة واثبتت عن قدراتها و امكانياتها ولكن عندما نوجه انظارنا نجو المجلس النيابي نرى انه ليس على مقاعده سوى اربع نساء مقابل 124 نائبا، وهذه المشاركة تعتبر من ادنى النسب في العالم وهو امر معيب بحق المرأة اللبنانية المتعلمة والناشطة، والتي حققت العديد من المنحزات. ث
ورة روج افا هي ثورة المراة الكردية ، والمنجزات التي حققتها المراة الكردية في كافة الاصعدة، وخاصة فيما يتعلق بالناحية الاجتماعية وقوانيين الاحوال المدنية اثرت وبشكل مباشر على حركة المراة اللبنانية واصبحت محض اهتمام اغلبية الحركات النسوية والقوى اليسارية بهدف الاستفادة من تجربة المراة الكردية و دراستها والتعرف عليها عن قرب.
*في جانب اخر من حوارنا نود ان نسلط الضوء نشاطك الانساني، كانت لكم زيارة الى عفرين خلال العدوان التركي السافر على المدينة، كيف تنقلين لنا ماشاهدته هناك؟
انا ناشطة اجتماعية ورئيسة رابطة ثقافية، بعد نضال طويل في هذا المجال ادركت ان النضال ضمن جمعيات غير كافي خاصة فيما يخص موضوع المرأة، يجب ان نخوض نضال سياسي ضمن البرلمان حتى يكون بمقدورنا سن قوانين تفيد المرأة من حيث تغيير قوانيين الاحوال المدنية. خلال العدوان على عفرين قررنا مع مجموعة من المنظمات النسائية البنانية والفلسطينية ان نذهب الى عفرين بهدف التضامن ومساندة المرأة الكردية المناضلة والمقاومة في عفرين، هدفنا كان كسر الحصار الفروض على المدنيين في عفرين، هدفنا ان ندعم ونقدم القوة والمعنويات لاهالي المدينة ولكن وجدنا اننا نكتسب القوة والمعنويات منهم، الشعب كان يقاوم ببسالة وشجاعة وكان الارتباط بالارض والوطن لا مثيل له، وجدنا مدينة تتحدى القصف بصدور عالية وجبين مرفوع.
*كيف تقيمين تعاطى المجتمع والاعلام اللبناني مع العدوان على عفرين؟
هناك تواطىء دولي رهيب بكل ما جرى في عفرين، ومصالح القوى العظمة كانت على حساب اهالي ومدني عفرين، والصمت الدولي الرهيب حيال العدوان و الانتهاك والاحتلال الذي حدث في عفرين كان رهيب جدا، حيث ان الاعلام اللبناني والاقليمي لم يسلط الضوء على هذا العدوان، حتى لم يكن هناك اي تنديد او موقف رسمي يدين العدوان.
*كيف تصفين الاوضاع المعيشية للجالية الكردية خاصة ممن نزحوا من سوريا الى لبنان؟ هل هناك منظمات كردية لبنانية تقوم بمساعدتهم ؟
الاوضاع والظروف التي يعيشها الكرد في لبنان صعبة جدا حيث الغبن والتهميش، يلحق بهم الاذى من عدة نواحي، اقتصادية كانت ام اجتماعية، يواجهون صعوبات في التعليم وفي الاستشفاء لعدم امتلاكهم للضمان الاجتماعي وايضا في الحصول على وظائف وخاصة الذين نزحو مؤخرا بسبب الاوضاع المأساوية في سورية، حيث يفتقرون لادنى سبل العيش الكريم ولا احد يقدم لهم يد العون والمساعدة. توجد جمعيات كردية تحاول المساعدة حسب امكانياتها المتواضعة، ولكن بجب على المؤسسات الدولية مساعدة النازحيين والقيام بمسؤلياتهم الانسانية تجاههم.
* بما تعد حنان عثمان ناخبيها؟
اعد الناخب اللبناني بان احارب الفساد بكافة اشكاله، وان اكون صوت الفقراء والمهمشين داخل البرلمان، لان دخول البرلمان بالنسبة لي هي خدمة كافة ابناء وبنات المجتمع اللبناني بكافة اطيافه، ان ادعم واساهم في بناء مجتمع تسوده المساواة بين كافة المواطنيين، مكافحة الطائفية السياسية بكافة اشكالها، ان نؤمن فرص عمل للشباب ونحد من كافة اشكال هجرة العقول البارعة، ان اساهم بسن قوانين تحمي المرأة من العنف ومن الزواج المبكر، بمنح الحق للمراة باعطاء جنسيتها الى اولادها وان تكون نصف البرلمان كما انها نصف المجتمع، ان اساهم في بناء مجتمع متحرر من المحسوبيات والزعامات، مجتمع يسوده المساواة والعدالة والديمقراطية.