في حديثٍ خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF), أشار السياسي والكاتب دوزدار حمو, أن ظهورمقاومة العصر في مدينة عفرين, على علاقة مع الحرب العالمية الثالثة. التي برزت بملامحها مع إقدام الجيش العراقي في الأعوام التسعينات إلى الدخول في الكويت, مما أدت هذه الخطوة العراقية بقيادة من صدام حسين إلى مداخلة دولية .فيما وصفت هذه المداخلة في الوسط الدولي والعربي بالحرب العالمية الثالثة.
واعتبر حمو أن الدخول العراقي في دولة الكويت و المداخلة الدولية التي تلتها, لعب دورا رئيسيا " إلى بروز عناصر و عوامل جديدة إلى الساحة. فيما ساهمت هذه العناصر بدورها إلى "تشكيل طابع جديد للحرب العالمية, مغايرا ومخالفا للحرب العالمية الأولى والثانية".
فيما تجاوز هذا الطابع العماد الأساسي الذي كان يعتمد عليه العالم في حربه الأولى والثانية ألا وهي الأقطاب المكون من قطب الغربي والشرقي اللذان كانا على صراع وتنافر مستمر في طبيعة الحال. لكن في الحرب العالمية الثالثة لم تتوضح الأقطاب وإنما ظهرت عدة أطراف. حيث دخل النظام الرأسمالي الامبريالي والنظام الرجعي والإستبدادي في صراع عنيف في المنطقة . ومن ناحية أخرى ظهرت مسارات عدة منها الديمقراطية واليسارية والمسارات, التي تدعو إلى مجتمع ديمقراطي وحر في العالم".
وتابع حمو بالقول "مع هذه الحرب ظهرت ثلاث أطراف رئيسية. طرف رأسمالي "حيث تعرض هذا الطرف لشرخ في صفه, فمنهم من إنضم إلى هذه الحرب ومنهم من بقي قابعا في زوايته, ولكن من حيث المبدأ اشتركوا ذات الرؤية في نهاية المطاف". المحور الثاني في هذه الحرب ألا وهو الأنظمة الرجعية والإستبداية والتي كانت" العامل الأساسي في الإتيان بالحرب العالية الثالثة, بإتباعها السياسة الصلبة والمصطلح الواحد البعيدة عن المرونة ,العلم الواحد والتاريخ الواحد و اللغة الواحدة وما شابه ذلك". نتيجة هذه الحرب عاشت هذه الأنظمة أزمات سياسية وإقتصادية, رغم محاولاتها لتصديرالأزمات إلى خارج إطارها السيادي والجغرافي , ومضاعفتها لإستبداديتها ومركزيتها و طابعها شوفنيتها. لإمساك بالزمام الأزمات على حساب القوميات والثقافات الأخرى, ولا سيما المكون الكردي والشعوب الأخرى المضطهدة".
أما الطرف الثالث ألا وهي المجتمعات المضطهدة في الشرق الأوسط . فالأنظمة الإمبرالية بسلبها حرية هذه المجتمعات وجردها من حقوقها ,حافظت على نظامها المهترئ وديمومته.
أكد السياسي و الكاتب دوزدار حمو على أن الصراع ما بين هذه المسارات والأطراف, بدأت منذ الأعوام التسعينات حتى يومنا هذا . فيما يتجسد هذا الصراع في يومنا الراهن بمعاداة الثورات الإجتماعية التي تظهر بين الحين والأخر, ولا سيما مع (ربيع الشعوب) كما يصفها البعض. حيث توضحت الأطراف, بالإضافة إلى أنها وضحت معالم التحالفات القوى الإستعمارية الأمبريالية و التحالفات القوى الإقليمية الإستبدادية التي تعند و تصر في شوفنيتها. بالإضافة إلى ظهورالطرف الديمقرطي الذي سعى بنصاله إلى حرية الشعوب والعيش المشترك مع كافة الأثنيات والقوميات والثقافات.
وأشار حمو أن الشعب الكردي أبدى دورا طليعيا في هذا الصراع وذلك "بإتباعهم نهج ثالث مغاير لسابقاته وليس إمتدادا لمناهج المتعاقبة. بلا شك أنه هناك التيارات لا بد من ذكرها الفوضوية والفامنية واليسارية والإجتماعية الديمقراطية,رغم استمدادها لقوتها من دينامكية المجتمع لكن لم تكن ذات تأثير بالغ.
النظرية الجديدة في المنطقة يتفاعل مع متطلبات العصر
وتابع حمو قائلا"مع ظهور فلسفة جديدة في هذا الصراع, فلسفة الأمة الديموقراطية التي أثارت إنتباه الكثيرين بخطواتها الجريئة. التي لا تفرق بين أي مكون وقومية أو ثقافة. وللدلالة على هذا التوقع والشعار الجديد الذي أطلقته, هي محاولاتها لبناء لمجتمع خال من الأمراض التي خلفتها وما زالت تخلقها الأنظمة القوموية والحاكمة الموجودة لدى الشعوب الشرق الأوسطية. وذلك بتأسيس أنظمة فيدرالية أوكونفدرالية تضم جميع القوميات والإثنيات والثقافات تحت مظلة ديمقراطية يسودها المساواة والعدالة. حيث دعت هذه النظرية بوضوح إلى البحث عن وسائل جديدة ومرنة قادرة على التفاعل مع متطلبات العصر".
أشار حمو إلى أن الشعب الكردي تحول إلى عامل مؤثر في الوضع السوري وأزمتها, وقال: الكرد بطروحاتهم وأفكارهم المستوحى من فكر وآراء المنظر والقائد الأمة الديمقرطية عبد الله أوجلان الذي بات بفكره مصدر أمل للخلاص الشعوب من قدرهم المشوؤم. حيث تحول هذا الإلهام و الفكر يتجسد على أرض الواقع, في بدايات الثورة السورية. فيما بعد "حيث تمكن هذا الفكر في عام 2014 أن يعلن عن نظامه واحتضان قدر المستطاع من دينامكية جميع المكونات السورية".
وأكد حمو أن الترحيب الذي تلقاه المشروع الكردي الديمقراطي من الوسط السوري والشرقي الأوسطي, أثارت حفيظة القوى الأمبريالية والإقليمية وذلك "نظرا لتهديد المشروع الكردي نفوذ ومصالح هذه القوى في المنطقة" ولا سيما "الأنظمة الإستبدادية التي تعادي التنوع الثقافي واللغوي". مما أدى بروز المشروع الكردي الديمقراطي إلى تسارع الأنظمة الرأسمالية العالمية والأنظمة الإقليمية الإستبدادية إلى "التأمر والدخول في إتفاقات وتحالفات لمواجهة التحالفات الديمقرطية" التي يلعب الكرد فيها دور الطليعة في المنطقة ولا سيما في سوريا.
فشل الجبهة المضادة للديمقراطية للوصول إلى مرادها
ولفت حمو الإنتباه إلى التحالف الإقليمي و الدولي المعادي للكرد و قال: هذا التحالف, تحالف خطير و تترتب معادته على مرحلتين. حيث المرحلة الأولى تمثل في فرض حصار على المنظر والمفكر لهذه البراديغما التي بات إلهاما للشعوب. إن لاحظتم بداية قاموا بفرض تجريد شديد على قائد الأمة الديمقراطية ومنظرها عبد الله أوجلان.الخطوة الثانية التي تلتها كانت القيام بعملية تحريض وتشويه إعلامي,فيما يتعلق أن النهج الثالث يبتعد عن مبادئه, بعلاقاته مع القوى الإمبرالية. وما شابه ذلك من أقوال تشوه حضور هذا المشروع.
وتابع حمو قائلا: "على العكس, قد توسع هذا المشروع وأسس أبعاده الإقتصادية والإجتماعية و الحقوقية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية وهذه الأبعاد أصبحت حقيقة لا غبار عليها,حيث فشلوا ولم ينجحوا في الوصول إلى مرادهم.
لذا انتقلوا إلى الخطة (ب) من تحالفهم. وهي تنفيذ خطوات عملية " لتقليص هذا المشروع و تفتيته". حيث قاموا بدعم مجموعات مرتزقة من مختلف المسميات والأفكار, الراديكالية منها والمعتدالة أمثال جبهة النصرة وداعش لمحاربة مشروع الشمال السوري .أيضا "أخفقوا في ذلك, للمرة الثانية" لذا بتحالف أمبريالي واستبدادي يريدون وضع حد لهذا المشروع. حتى وإن استمروا بهذا التحالف بل سيبقى وجها لوجه للتصفية أمام مقاومة العصر".
عفرين, و القطبان الأمبريالي و الإستبدادي
وشدد حمو على أن عفرين الأن تحارب هذا التحالف وتقاومه بشدة وقال: لذا يمكننا القول أن مقاومة عفرين تدعى ( بمقاومة العصر). تحارب عفرين في يومنا الراهن "القطبين اللذين يأخذان من مصالحهما أساسا لهما, دون الإكتراث لمصالح الشعوب". لذا مقاومة عفرين تتميز بأبعاد عدة, "مقاومة ذو بعد كردي وديمقراطي واشتراكي" لأنها تناضل من أجل الديمقراطية والاشتركية بالإضافة أنها صاحبة بعد إنساني, كونها تحمل راية الحرية من أجل الإنسانية.
وتابع حمو حديثه بالقول "أن التحالف الإقليمي المضاد للكرد الذي يشمل إيران وسوريا وعراق وعلى رأسهم تركيا اتفقوا ضمنيا لخنق المشروع الكردي الديمقراطي. وذلك ولادة هذا الفكر المنتفض في دولها مستقبلا.
من هذا المنطلق عفرين بمقاومتها ونضالها الحر تدافع عن شرف الإنسانية جمعاء, فالشعب الكردي من أكثر الشعوب المنطقة التي تعرضت لإضطهاد في العالم. ولا سيما أن الشعب الكردي والعربي منيوا بالخسارة الكبرى من الحرب العالمية الثانية. لذا عقدت إتفاقية سايكس بيكو على حساب الكرد والعرب, حيث قسموا العرب إلى 22 دولة كي تضعف قواهم, فيما قسموا الكرد إلى أربعة أجزاء كي لا يتوحد الكرد وتظهر الإرادة الحرة الديموقراطية.
لهذا السبب يمكننا القول أن مقاومة عفرين حلقة عظيمة من حلقات المقاومات التي ظهرت على مر التاريخ, ستجعل المجتمعات تنعم بالديمقراطية. كما فعلتها ثورة فرنسا و17 أوكتوبر.
أردوغان مكلف بتمثيل الشوفينية في المنطقة
وفي رد على سؤال حول محاولات القوى الإستبدادية إضفاء طابع إرهابي على مقاومة العصر ولا سيما التركية؟ أجاب حمو بالقول "كي يغض أردوغان النظرعن حقيقته ذات ميول التوسعية وتوجهاته ونوياه الإحتلالية. يغزو عفرين تحت مسماة محاربته للإرهاب. لذا يتذرع أنه يعاني من مشكلة الأمن القومي وأن أمنه يتلقى تهديدا إرهابيا. هذه الذرائع عارية عن الصحة. في الحقيقة أردوغان مكلف بوظيفة في تمثيله الشوفنية في المنطقة. لذا التحالف الدولي تدعمه في خطواته الإحتلالية. يحرضون أردوغان كي يخنق التجارب الديمقراطية".
حقيقة المقاومة في عفرين ما هي إلا إنعكاس للعيش المشترك ما بين جميع المكونات السورية, مقاومة تمثل الشعب السوري برمته. لذا على الجميع أن يعلم أن المقاومة التي تبديها الشعوب و الأثنيات السورية في عفرين" ستحرك الوجدان بما فيه الدول إن لم يكن اليوم فمن المحقق في الغد.
عفرين منتصرة
وفي رده على سؤال عدم تمكن القوات التركية المهاجمة من إحراز أي تقدمٍ رغم مرور عدة أيام من بدء عملية غصن الزيتون في عفرين؟ بوادر الإنتصارالتي تبرز ذاتها لصالح مقاومة عصر؟ قال حمو: عفرين منتصرة, ولا سيما أن عفرين مشروع توحدي تضامني, ما بين المجتمعات. مشروع يناضل من أجل حقوق الشعوب كافة. فهي تسير نضال ذو مبادئ وقيم. لا تهدف بمقاومتها إلى مشاريع تقسيمية, أو تأسيس دولة مستقلة ضمن جغرافية شمال السوري. لذا في نهاية المطاف ستكون عفرين منتصرة.
عفرين, أصبحت نموذجا للصمود في العالم
وفي ردٍّ على سؤال حول إستمرارية مقاومة كوباني في مقاومة العصر, قال حمو "في مرحلة مقاومة كوياني تم حدوث انعطاف تاريخي مهم في تاريخ الشعب الكردي حيث أصبح وجوده ونضاله ومسألة تحديد الكرد مصيره محط حوار ونقاش في المحافل الدولية. مقاومة كوباني حينذاك وجهت أنظار كافة الشعوب الى الشعب الكردي ورؤيته على أنه مصدر الأمل في إعادة إحياء القيم الانسانية في الحرية والعدالة والديمقراطية التي تم فقدانها منذ أمد بعيد ولا سيما مع بروز شكل الدولة. فيما أن مقاومة عفرين ستغير التوزانات الدولية والإقليمية في المنطقة. كون الشعب الكردي اليوم يرفض بروح مقاومة كوباني العيش بعبودية ويرجح الحرب والشهادة وتقديم كافة انواع التضحية والبدائل ومهما كان الثمن ليكون، وكل ذلك من أجل أن يعيش حياة حرة وكريمة. هذه الصورة العظيمة التي تستحق التقدير, ظهرت في المدينة الصغيرة عفرين.
وختم حمو حديثه بتوجيهه تحية تقدير لمقاومة أهالي عفرين وقال: عفرين بنضالها ومقاومتها أصبحت نموذجا للصمود والمقاومة في العالم, ولا سيما أن أنها تقف كرادع من الحديد أمام تركيا وتوجهاتها التوسعية.