جاءت تصريحات جيا كرد في حديث خاص لوكالة فرات للأنباء ANF, تناول فيه التطوّرات الأخيرة في إدلب, إلى جانب تهديدات الرئيس التركي, رجب طيّب أردوغان لشمال وشرق سوريا, مشيراً إلى أنّ اتّفاق "سوتشي", الذي عقد قبل عام "لم يدخل حيّز التنفيذ بشكل عملي", مضيفاً "الاتّفاق الذي تمّ بين الولايات المتّحدة الأمريكيّة وتركيا حول آليّة لضبط الحدود فتح الطريق أمام كلّ من روسيا وإيران لبذل الضغوط على أنقرة", كما تسائل "لمَ لم نرى هذه الهجمات على إدلب قبل الاتّفاق الأمريكي-التركي؟.. قبل شهر من الآن شهدنا جلسة أخرى من جلسات ’سوتشي’ ولم تتحرّك روسيا إلّا بعد أن تقرّبت تركيا من أمريكا مجدّداً.. موسكو تشعر بالقلق من هذا التقارب, لذا بدأت بالضغط على أنقرة.. ورأينا تزايد وتيرة الهجمات على إدلب, وبذريعة مقتل المدنيّين, طلب من روسيا وقف الهجمات".
وأشار جيا كرد إلى أنّ الهدنة أحاديّة الجانب المعلنة في إدلب "لم تشمل كافة الفصائل المسلّحة.. هناك فصائل مصنّفة على قائمة الإرهاب كجبهة النصرة (هيئة تحرير الشام).. بالعموم, الهدنة لم تتحقّق على الأرض, ولن يدوم إعلانها أبداً, فلا المجموعات المسلّحة تلتزم بها, وروسيا والنظام يسعيان إلى السيطرة على المناطق الاستراتيجيّة, وهما يبعثان برسائل في هذا المنحى. الهدف هو السيطرة على طريق حلب-دمشق, وطريق حلب-اللاذقيّة.. أمّا بالنسبة للمجموعات التي تدّعي أنّها تابعة للمعارضة السوريّة, فقد انسحب من المنطقة, وهذا يدلّ بوضوح على خسائرها أمام تقدّم قوّات النظام".
وفيما يخصّ المظاهرات التي خرجت ضدّ تركيا, لفت مستشار الإدارة الذاتيّة إلى أنّ تركيا "التي تقول عن نفسها أنّها بلد ضامن, وهي تقوم بحماية المدنيّين من الهجمات, باتت مكشوفة الآن في زيف كلامها. فما حصل في إدلب في الآونة الأخيرة أوضح أنّها غير قادرة على ذلك, لذا فإنّ مسألة بقائها في مناطق سوريّة بات موضع النقاش الآن. الشعب تظاهر ضدّ التواجد التركي, وسنشهد تظاهرات أكبر في الوقت القريب".
وتابع: "بالنسبة لنا, باتت إدلب بقعة جغرافيّة للصراعات والأزمات الدوليّة. فمن جهة فيها نحو 30 ألف مسلّح, ومن جهة أخرى تسعى روسيا, إيران والنظام السوري إلى السيطرة عليها, لكنّ حلف الشمال الأطلسي (ناتو) والتحالف الدولي لن يسمحا بسيطرة موسكو وحليفيها على إدلب, هذا ما قلناه سابقاً وكرّرناه كثيراً".
وأكّد جيا كرد أنّ الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا "مستعدّة للحوار دوماً للوصول إلى أيّ حلّ فيما يتعلّق بالتهديدات التركيّة على مناطقنا, لكن إذا ما شنّت الدولة التركيّة أيّ هجوم علينا, فنحن على أتمّ الجهوزيّة للدفاع عن مناطقنا في وجه أيّ نهديد".
ولفت إلى أنّهم طرحوا مقترح "دستور ديمقراطيّ" كحلّ لإنهاء الأزمة في سوريا, مشدّداً على "ضرورة تهيئة أرضيّة مناسبة لإقامة إدارة جديدة يتشارك فيها الكرد مع جميع المكوّنات وباسم الإدارة الذاتية تحظى كافة المكوّنات بحقوقها. فأساس الأزمة في سوريا هو أنّ القرار كان يتّخذ من المركز".
وعبّر جيا كرد عن رفض الإدارة الذاتية لأيّ دستور لا يشاركون فيه, مضيفاً "هناك حديث عن لجنة مشتركة بين النظام السوري والمعارضة تقوم بإعداد دستور جديد, نحن غير ملتزمون بأيّ قرار يصدر عن تلك اللجنة, طالما نحن غير ممثّلين فيها".
كما أشار إلى أنّ تنظيم داعش الإرهابي يتحيّن الفرصة الملائمة لتجميع قوّته من جديد, وقال "في باغوز, تمّ القضاء على داعش عسكريّاً, لكنّ التنظيم يحاول الاستفادة من أيّ حالة فوضى قد تعمّ في حال ما شنّت تركيا هجوماً على المنطقة, وهذا ما يأمله التنظيم الذي يقوم بالتخطيط لشنّ هجمات جديدة على هذا الأساس".
ونوّه مستشار الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلى مسألة تواجد الآلاف من مقاتلي داعش وعوائلهم لدى الإدارة, وأضاف "هذه المسألة هامّة جدّاً. الإدارة مجبرة على توفير احتياجاتهم, ووجّهنا نداءات متكرّرة للمنظّمات الدوليّة لتقديم المساعدة للإدارة بهذا الخصوص, كما طالبنا بإنشاء محكمة دوليّة لمسلّحي داعش المعتقلين لدينا في شمال سوريا.. ونحن على تواصل مع الكثير من الدول والمنظّمات, فمحاكمة أولئك المعتقلين ليست مسؤوليّة الإدارة وحدها, هي مسؤوليّة العالم بأجمعه. رأينا كيف تأسّس تحالف دولي للحرب ضدّ داعش, والآن مسؤوليّة محاكمة 12 ألف مسلّح داعشيّ تقع على عاتق المجتمع الدولي.. نكرّر القول بأنّ أولئك يمثّلون خطراً كبيراً وحقيقيّاً على العالم بأجمعه إذا ما لم نتمكّن من تأسيس محاكم دوليّة لهم.. فالسجون التي يقبع مسلّحو داعش فيها والمخيّمات التي تقطنها عوائلهم, من الممكن أن تصبح مكاناً لإعادة التنظيم قواه ويمسي خطراً يهدد العالم برمّته".