جاءت تصريحات بايك خلال لقاء أجرته قناة "Stêrk TV" الفضائيّة، تحدّث فيها القياديّ الكردي عن العدوان الذي تشنّه تركيا على مناطق في إقليم جنوب كردستان وعلى عموم الشعب الكردي "هذا العدوان ليس جديداً علينا. إنّه جزء من سياسة طويلة الأمد تنتهجها الدولة التركيّة ضدّ الشعب الكردي وحركة الحريّة الكردستانيّة. الهدف واضح للعيان. فجلّ اهتمام النظام التركي هو القضاء على الحركة، ليتاح المجال أمامها لإبادة الشعب الكردي، إذ أنّ حزب العمّال الكردستاني بمقاتليه وسياسيّيه هو القوّة التي تحول دون تحقيق تركيا لأهدافها في القضاء على شعوب المنطقة، وعلى رأسها الشعب الكردي. والكرد باتوا على دراية كافية بهذه المخطّطات القذرة التي تشكّل استراتيجيّة الدولة التركيّة في المنطقة، وهم يعلمون أنّ مقاتلي ومقاتلات الكريلا هم صمّام الأمان في وجه عدوان تركيا".
وتابع بايك "يجب أن يعلم الجميع أنّ تركيا لا تستثني أحداً من الكرد في مخطّطاتها العدوانيّة، سواء من يقف لها بالمرصاد أم من يتعاون معها عسكريّاً واستخباراتيّاً. بعد الهجمات الأخيرة على حفتانين وشنكال ومخمور، ستكون هناك هجمات أخرى. طالما أنّ حزب العدالة والتنمية ممسك بمقاليد الحكم في تركيا وشريكه هو حزب الحركة القوميّة، فإنّ هذه الدولة لن تتوقّف عن معاداة الكرد والقوى الديمقراطيّة في المنطقة، وما الهجمات الأخيرة إلّا تمهيد لهجمات أكثر شراسة. يجب أن تتّخذ القوى السياسيّة الكردسانيّة موقفاً حازماً حيال هذا العداء التركي، وعليها أن تقوم بحملات توعية لأبناء شعبنا الكردي إزاء المخاطر التي تشكّلها عقليّة الاستبداد التي تحكم تركيا.. كما لا يمكننا الاعتماد على المواقف الدوليّة، بسبب سياسات الدول الكبرى ومصالحها. فالهجوم التركي الأخير قوبل بصمت من الأمم المتّحدة، ولم نرى إدانة صريحة من الولايات المتّحدة الأمريكيّة ومن أوروبا، ولا نستبعد تقديم بعض الجهات الدعم للدولة التركيّة في هجماتها المتواصلة على حفتانين ومناطق أخرى في إقليم جنوب كردستان.
ولنا في استهداف مخيّم مخمور بغارات جوّية تركيّة خير مثال على قولنا هذا. إذ أنّ المخيم ترعاه الأمم المتّحدة، والمجال الجوّي يقع تحت سيطرة قوّات التحالف الدولي، أي سيطرة أمريكا. لكن الغارات شُنّت ولم نرى أيّة إدانة من الأطراف المذكورة، بل العكس من ذلك، إذ أنّ الغارات تمّت بضوء أخضر أمريكي. وحدها البيانات المستنكرة لا تكفي، ومن حقّ شعبنا أن يطالب القوى الدوليّة بإيقاف استهدافه من قبل دولة الاحتلال التركي. لذا تقولها صراحة وعلانيّة، المجتمع الدولي مسؤول عن المجازر التي ترتكبها تركيا بحقّ الشعب الكردي وشعوب المنطقة. وطالما الوضع كذلك، فعلى شعبنا أن يقف إلى جانب حركة الحرّية ويدعمها في حربها ضدّ الدولة التركيّة ويدعم مقاتلي ومقاتلات الكريلا في مقاومتهم البطوليّة".
"من يتعاون مع الدولة التركيّة في هدر دماء الكريلا سيكون هدفاً مشروعاً لنا"
وتطرّق بايك في حديثه لاستشهاد القياديّ في حزب العمّال الكردستاني، قاسم أنكين، الذي استشهد في غارة جوّية تركيّة على مناطق الدفاع المشروع (ميديا) قائلاً: "بداية، أتقدّم بأحرّ التعازي لذوي رفيق دربنا باستشهاده، وأيضاً العزاء لعموم الشعب الكردي. لقد كان قاسم أنكين قياديّاص متميّزاً في حركة الحرّية. غادر مرعش، مكان إقامته، إلى أوروبا. وهناك تعرّف على حركة الحرّية وانضمّ إليها، ليعود إلى جبال كردستان، مقاتلاً مدافعاً عن قضيّة شعبه. لقد نهل رفيق دربنا من فكر وفلسفة القائد أوجلان لدرجة أنّه كان يعطي دروساً فكريّة لرفاقه الكريلا. وله من المآثر ما لا يمكن عدّها، ميدانيّا وفكريّاً. باختصار، كان نموذجاً للمناضل الحقيقي الذي آثر الدفاع عن حرّية شعبه وبذل في ذلك جلّ حياته. لقد استشهد وهو يدافع عن شعبه. لا يمكننا إلّا أن نستذكره شهيداً من شهداء درب الحرّية وسنبقى أوفياء لسيرته وسنواصل نضالنا حتّى تحقيق الأهداف التي آمن بها وضحّى لأجلها.
أود هنا أن أذكر شيئاً حول ما يقال أنّ ثمّة من أوصل معلومات عن تحرّكات قاسم أنكين لجيش الاحتلال التركي، وأنّ الغارة استهدفته بعد حصولها على إحداثيّات عن موقعه. ونحن لا نستبعد فرضيّة الخيانة كسبب لاستشهاد رفيق دربنا. أنظر إلى تاريخ نضال الشعب الكردي وثوراته. كانت هناك عدّة أسباب لفشل تلك الثورات، لكنّ السبب الأكثر إيلاماً هو الخيانة. هذه حقيقة لا يجب أن نغفل عنها. وإذا ما ألقينا نظرة إلى شعب جنوب كردستان، سنرى أنّ هذا الشعب ناضل لسنين طويلة في سبيل حرّيته وقدّم تضحيات جمّة لتحقيقها، وفي النهاية حقّق مكتسبات هامّة. وبوجود حزب العمّال الكردستاني، تمكّن من الحفاظ على تلك المكتسبات، فبدون نضال الحزب، لما تمكّنت القوى السياسيّة في جنوب كردستان من الحفاظ على تلك المكتسبات. والآن نرى استهداف الجيش التركي لمقاتلي الكريلا بشكل مباشر، وهذا الاستهداف لن يتمّ وفق تحرّكات الاستخبارات التركيّة وحدها، إذا أنّها تحصل على معلومات من جهات استخباراتيّة في جنوب كردستان، هذه الجهات التي تتعاون بشكل وثيق مع الاستخبارات التركيّة، ومن خلال هذا التعاون، يتمكّن الجيش التركي من شنّ عمليّات يستهدف فيها قياديّين من حزب العمّال الكردستاني. وبدون هذا التعاون، لا يمكن للاستخبارات التركيّة من الحصول على أيّة معلومة عن تحرّكات مقاتلي الكريلا وقياديّيهم، ولا يمكنها التحرّك في عموم المنطقة بالأساس. قد يكون هناك أشخاص من حزبي الديمقراطي الكردستاني PDK والاتحاد الوطني YNK أو من أحزاب ومنظّمات أخرى في جنوب كردستان، تطالبهم قيادات أحزابهم بمعلومات عن مقاتلي الكريلا، وقد لا يعلم أولئك الأشخاص أنّ تلك المعلومات تصل للاستخبارات التركيّة، إذا أنّهم يعتقدون أنّهم يعملون لصالح أحزابهم أو منظّماتهم، لكنّهم في الواقع العملي يخدمون الاستخبارات التركيّة. لكن في الوقت ذاته، حان الوقت لأن يعرف شعب جنوب كردستان أنّ الأمر بات يشكّل خطراً عليهم، كما أنّه غير لائق بهذا الشعب المقاوم. يجب الوقوف مطوّلاً عند هذه الحالة، وعلى الجميع أن يتحرّك لإيقاف العمالة لصالح الدولة التركيّة. كما نكرّر بأنّ النظام التركي لا يستهدف طرفاً سياسياً أو عسكريّاً كرديّاً دون غيره. تركيا تعادي الشعب الكردي بالعموم. حان الوقت لإدراك هذه الحقيقة الماثلة أمام أعين الجميع.. وعليه، فإنّنا نؤكّد أنّ كل من يتعاون مع الدولة التركيّة في هدر دماء الكريلا سيكون هدفاً مشروعاً لنا".
"سياسات تركيا الفاشية تستهدف الشعب الكرديّ برمّته"
ولفت الرئيس المشترك للهيئة القياديّة في منظومة المجتمع الكردستاني إلى حادثة مقتل الشاب الكردي بارش جاكان على يد فاشيّي حزب العدالة والتنمية بسبب سماعه أغنية كرديّة، وقال: "هذه الحادثة لم تأت من فراغ. إنّها نتيجة سياسات الدولة التركيّة العنصريّة تجاه الشعب الكردي وثقافته. ففي الوقت الذي نرى فيه حركات احتجاج ضدّ العنصرية في أمريكا وفي الكثير من دول العالم، على خلفيّة مقتل رجل من أصول إفريقيّة على يد عنصر شرطة أمريكي، نرى أنّ العنصريّة التركيّة ضدّ الكرد في تصاعد ملحوظ. هذه العنصريّة جاءت ثمرة سياسات فاشية حزب العدالة والتنمية والحركة القوميّة في تركيا. رأينا كيف استهدف جيش الاحتلال التركي مقابر الشهداء ودمّر أضرحتهم. وقبلها قاموا بتخريب مزارات مشاهير كرد مثل أحمدى خاني وملايى جزري، وأيضاً مزار الشيخ سعيد، الذي ثار ضدّ الدولة التركيّة في عشرينيّات القرن الماضي. الدولة التركيّة تنتهج سياسة الإبادة الثقافيّة بالتوازي مع الإبادة السياسيّة والحروب العسكريّة، ضدّ الكرد. رأينا كيف تمّ عزل رؤساء البلديّات التي حصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي من خلال صناديق الاقتراع، حيث عيّنت الدولة وكلاء على تلك البلديّات. كلّ هذه السياسات لا تستهدف طرفاً كرديّاً بحدّ ذاته. إذ رأينا موقف أردوغان والدولة التركيّة من استفتاء إقليم كردستان على حقّ تقرير مصيره. تركيا تستهدف الشعب الكردي برمّته. تستهدف حاضره وماضيه. تستهدف ثقافته وتراثه وأغانيه. وفي مواجهة هذه السياسات العنصريّة، يقاوم شعبنا المناضلن إذ لا بديل عن المقاومة هنا، ونحن كحركة حرّية، نعاهد شعبنا بأنّنا سنواصل نضالنا المشروع لأجل إفشال كلّ تلك السياسات".
"الحكومة السويديّة مدينة بالاعتذار لحزب العمّال الكردستاني والشعب الكردي"
ونوّه بايك إلى قرار المحكمة السويديّة بإغلاق ملفّ قضيّة مقتل رئيس الوزراء الأسبق، أولوف بالمة، بعد أن تمّ إثبات أن لا غلاقة لحزب العمّال الكردستاني بمقتله، قائلاً: "بالمة كان سياسيّاً ديمقراطيّاً، ناهض العنصريّة في جنوب إفريقيا ووقف ضدّ الحرب الأمريكيّة على فيتنام. ناضل لسنين طويلة ضدّ الرجعيّة والفاشية وكان صديقاً مقرّباً للشعوب المضطهدة يدافع عن حقوقها في الحرّية. كما كانت له مواقف مناهضة لسياسات أمريكا تجاه كوبا. وقد كان محبّاً للشعب الكردي وصديق لحزب العمّال الكردستاني، ونحن نؤكّد بأنّ هذه الصداقة بالذّات كانت سبباً في تصفيته. جناية قتله هي سياسيّة بامتياز. والآن وبعد ادّعاء معرفة القاتل الحقيقي، قرّرت المحكمة إغلاق الملف. وهذا غير مقبول أبداً. الجناية السياسيّة لا تسقط بالتقادم. نحن كحزب العمّال وكشعب كردي عانينا كثيراً من اتّهامنا بقتله. والآن يجب إعادة فتح الملف، وهذا واجب الحكومة السويديّة ومسؤوليّتها، للوقوف على الأسباب الحقيقيّة التي تقف خلف مقتله. لأنّنا قلناها مراراً وتكراراً، أنّ حلف الناتو يقف خلف تلك القضيّة، واتّهامه لنا كان بسبب رغبة الناتو في عدم تضرّر الدولة التركيّة حينها، لأنّها كانت في رأي الحلف، قلعة في وجه الاتحاد السوفيتي. في ذلك الوقت، بدأ حزب العمّال الكردستاني بكفاحه المسلّح في تركيا، لذا فإنّ الناتو ادّعى أنّ الحزب نفّذ عمليّة الاغتيال، ليصبّ الأمر في مصلحة تركيا. لقد سعوا لتشويه سمعة حزبنا المناضل، وعانى الشعب الكردي الأمرّين في هذا السياق. والآن بعد أن توضّحت الحقيقة، يتوجّب على الحكومة السويديّة تقديم الاعتذار لحزبنا ولشعبنا الكردي. هذه مسؤوليّة أخلاقيّة وقانونيّة تقع على عاتق السويد. غير ذلك سيكون عاراً بحقّ الشعب السويدي. وضع اسم حزبنا على لائحة الإرهاب، وثمّة سياسيّين وبرلمانيّين سويديّين طالبوا الحكومة بتقديم الاعتذار وبرفع اسم حزب العمّال الكردستاني من قائمة الإرهاب. وحان الوقت لأن يصاغ التاريخ من جديد فيما يتعلّق بهذه القضيّة".
وختم بايك حديثه بالتأكيد على ضرورة مواصلة النضال "على كافة الصعد" في مواجهة مخطّطات الدولة التركيّة الفاشية، مضيفاً "باتت الحاجة ملحّة، الآن أكثر من أيّ وقت مضى، لتوحيد القوى الكردستانيّة جهودها في مواجهة العدوان التركي. السلاح إلى جانب النضال السلمي.. الخروج في مظاهرات حاشدة في المدن الأوروبيّة وأمريكا لتشكيل رأي عام مناهض لسياسات الدولة التركيّة.. ونطالب جميع القوى الديمقراطيّة في تركيا لتوحيد مواقفها حيال النظام التركي الذي بات وبالاً على تركيا والمنطقة والعالم أجمع. ثمّة فرصة تاريخيّة للقيام بذلك، لأن تأخير مواجهة النظام ستكون له عواقب وخيمة. إن تمكّنت تلك القوى من قطع الطريق أمام سياسات وممارسات حزبي العدالة والتنمية والحركة القوميّة، ستكون هناك فرصة لنشر الديمقراطيّة في تركيان الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابيّ على عموم المنطقة".