جلنك عمر: على الإدارة الذاتية أن تتخذ احتياطاتها في مواجهة قانون قيصر

أكد الخبير الاقتصادي جلنك عمر على أن قانون قيصر سيكون له تأثير على النظام السوري، إلا أن ذلك لا يعني أن ينهار النظام بشكل مباشر، وأشار إلى امتلاك الإدارة الذاتية العديد من الموارد، محذراً من قانون قيصر، بضرورة  اتخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة.

من المنتظر أن يدخل قانون قيصر الأمريكي، حيز التنفيذ في أوائل شهر حزيران، حيث يفرض هذا القانون عقوبات جديدة على داعمي النظام السوري.

وبدت آثار قانون قيصر واضحة على المشهد الاقتصادي السوري منذ تاريخ إقراره، حيث انخفضت قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 20% خلال اسبوع واحد، حيث كان الدولار الواحد يساوي 1200 ليرة سورية في بداية الأسبوع الماضي، إلا أنه واصل ارتفاعه ليبلغ 1460 ليرة سورية في السوق السوداء.

 

قانون قيصر

مشروع قانون العقوبات المسمى " قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين"، الذي تم إقراره من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي بتاريخ 18 كانون الأول 2019 ووقع عليه الرئيس الأمريكي في 21 من الشهر نفسه، سيدخل حيز التنفيذ خلال شهر حزيران 2020.

الخبير الاقتصادي جلنك عمر، الحائز على شهادة الماجستير في الاقتصاد الدولي، تحدث عن التأثيرات المحتملة التي قد يتسبب به تطبيق قانون قيصر الأمريكي على الاقتصاد السوري، وكذلك الطرق والسبل التي من الواجب على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا اتباعها، للحماية من تبعات هذا القانون.

 

لا توجد عقوبات جديدة بل هناك تشديد للعقوبات

نوه جلنك عمر إلى أن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على سوريا، ليست بجديدة، حيث أنها مستمرة منذ عام 1979، وقال " الفرق هنا يكمن أنه في السابق كان الالتزام بالعقوبات الأمريكية على سوريا، محصوراً  فقط بالمؤسسات الأمريكية والمواطنين الأمريكيين، لكن في هذه المرة يشمل جميع المؤسسات والأفراد من خارج الولايات المتحدة الأمريكية."

وأكد عمر أن تطبيق قانون قيصر الأمريكي، سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد السوري ووصفه بـ" الموجة الثانية القاسية"، حيث من المعروف أن الموجة الأولى من العقوبات الأمريكية على سوريا، بدأت منذ العام 2011 مع بداية الأزمة السورية.

 

لماذا الآن؟

كما تطرق عمر في حديثه إلى تطبيق قانون قيصر في هذه المرحلة بالذات، وقال " استطاع النظام السوري بمساعدة روسيا وإيران أن يستعيد العديد من المناطق السورية منذ عام 2016، وتطبيق قانون قيصر يعني أن أساليب ووسائل الحرب في سوريا ستتغير، حيث تضع الولايات المتحدة الأمريكية سداً من العقوبات أمام روسيا وإيران، لحرمانهم من تحويل الانتصارات العسكرية إلى  مكاسب وانتصارات اقتصادية."

 

إيران وروسيا والصين في مرمى الهدف

ولفت الاقتصادي جلنك عمر الانتباه إلى أن هذا القانون، يأتي نتيجة تعارض الحسابات الأمريكية – الروسية لاستفادة من  الاقتصاد السوري، وقال " نستطيع القول أن فرض ها القانون، جاء نتيجة التوترات الأمريكية- الروسية بشأن الاستفادة من الموارد الاقتصادية في سوريا".

وأضاف " حتى وإن كان الظاهر في مرمى هدف العقوبات الأمريكية، هو النظام السوري، إلا أن العقوبات تستهدف روسيا بالدرجة الأولى بشكل غير مباشر، كما نعلم أن التعامل التجاري بين أمريكا وسوريا شبه معدوم، لكن الصين وإيران وحزب الله، سيكونون ضمن مرمى هدف العقوبات، بحكم زيادة حجم التعامل التجاري بينها وبين النظام السوري، حيث تعتبر هذه القوى من داعمي النظام السوري."

 

80% من سكان سوريا يعيشون تحت خط الفقر

وذكر عمر بأن الاقتصاد السوري انهار خلال الحرب السورية، حيث يعيش 80% من السوريين تحت خط الفقر، وقال " هناك أزمة اقتصادية حادة في غرب سوريا ولبنان، وهناك أزمة سياسية في شرق سوريا والعراق، ويتم التخطيط لفرض حصار أكبر على سوريا."

 

الليرة السورية ستفقد قيمتها أكثر فأكثر

وفي معرض حديثه عن تأثيرات هذا القانون على قيمة الليرة السورية، قال عمر " قبل أن يتم إقرار قانون قيصر من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي ورئاسة الولايات المتحدة، كانت قيمة الليرة السورية تساوي 700 ل.س مقابل الدولار الواحد، ومع إقرار هذا القانون شهدت الليرة السورية انخفاضاً بمعدل الضعف، ومن المتوقع أن تعاني الليرة السورية من انخفاضٍ حاد في قيمتها مع البدء بتطبيق قانون قيصر الأمريكي."

 

الشعب السوري سيعاني من التأثير الأكبر

وأكد عمر إلى أن الحكومة السورية ستعاني صعوبات كبيرة، لكن التأثير الأكبر سيكون على الشعب السوري، وقال " لا توجد موارد اقتصادية قوية أو بدائل في مواجهة قانون العقوبات هذا، حتى أن النظام السوري يعاني صعوبات كبيرة في تأمين المتطلبات الأساسية للمعيشة، وبحسب تقرير الأمم المتحدة يعيش 8 ملايين سوري  مهددون بالجوع، وهذا يعني أن قانون قيصر سيكون له تأثير بالغ على الشعب السوري."

 

النظام السوري سيقاوم في مواجهة هذا القانون

وبخصوص فعالية هذ القانون وتأثيره في انهيار النظام السوري، قال عمر " بالطبع سيكون لهذا القانون تأثير كبير على النظام السوري، إلا أن ذلك لا يعني أن ينهار النظام بشكل مباشر، هناك أمثلة عدة في العالم يمكن مشاهدتها في العراق وإيران وكوبا وفنزويلا، حيث العقوبات الأمريكية مفروضة عليهم لسنوات عدة، ولا شك أن النظام السوري سيعاند ويقاوم في مواجهة هذا القانون."

 

سيكون لقانون العقوبات تأثير سلبي على مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا

و أشار عمر إلى أن مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لن تكون بمنأى عن تأثير قانون قيصر وقال "  لا شك أننا جزء من الكل في سوريا، كما أن التعامل التجاري واليومي يكون بالليرة السوري، ومناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، هي جزء من سوريا، لذلك سيكون لهذا القانون تأثير على هذه المناطق."

 

على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، اتخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة

وفي ختام حديثه، حذر الخبير الاقتصادي جلنك عمر، الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من عواقب قانون قيصر، وأكد على ضرورة اتخاذ التدابير والاحتياطات اللازمة، وقال " مناطق الإدارة الذاتية تمتلك موارد طاقة قوية ومساحات واسعة من الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة وكذلك الموارد المائية ، ومن الواجب أن يتم اتخاذ وتطبيق الاجراءات المناسبة لمواجهة الجوع والفقر.

وتابع " مع ذلك، جميعنا نشهد أن هناك نظام اقتصادي قوي في مناطق الإدارة الذاتية، استطاع الصمود على مر سنوات في مواجهة الهجمات العسكرية والسياسية والاقتصادية؛ إلا أنه بالإمكان تكثيف الجهود الدبلوماسية لمواجهة هذا القانون، كذلك يمكن توسيع المشاغل وأماكن العمل الصغير ورفع قدرتها الانتاجية، حيث تنظيم مثل هذه الأمور بشكل جيد، يمكن أن يساهم في التخفيف من التبعات الاقتصادية لقانون قيصر."