وقالت الوكالة الأمريكية أن الرئيس التركي الذي فاز بانتخابات جديدة منحته سلطات غير مسبوقة في الانتصار المزدوج الذي حققه نظامه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الصيف الماضي، أصبح الأن وبعد أقل من عام على ولايته التي مدتها خمس سنوات، يواجه استفتاء من نوع ما على إدارته للدولة. مع تباطؤ وانحدار بلاده اقتصاديا، يعمل خصوم أردوغان سويًا في محاولة لإلقاء اللوم عليه وتوبيخه هو وحركته ذات الجذور الإسلامية في الانتخابات المحلية يوم 31 آذار/ مارس، معتبرة أن القضية الكردية اصبحت تشكل هزيمة منكرة لأردوغان.
خصوصية الانتخابات المحلية المقبلة
ولفتت الوكالة الأمريكية إلى ان خصوصية الانتخابات المحلية المقبلة، كشف عنها سلوك الاحزاب المعارضة وتنسيقها القوي هذه المرة، وقالت الوكالة: "نادراً ما تقوم أحزاب المعارضة التركية بتنسيق استراتيجية مشتركة. لكن هذه المرة، اختارت ثاني أكبر مجموعة معارضة في البرلمان، حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يشدد على حقوق الأقليات، الدخول في سباق بلديات كبيرة خارج معقلها في الجنوب الشرقي، حيث تتركز الأقلية الكردية في تركيا. وبدلاً من ذلك، فهي تدعم المرشحين من كتلة معارضة يقودها حزب الشعب الجمهوري الأكبر، أو CHP. وقد أدى ذلك إلى سباقات تنافسية في العاصمة أنقرة والمركز التجاري لإسطنبول مما يهدد بوضع نهاية للسيطرة المستمرة منذ ربع قرن على المدينتين من قبل حزب العدالة والتنمية لأردوغان وأسلافه.
ماذا وراء تحرك حزب الشعوب الديمقراطي؟
اشارت الوكالة الأمريكية في هذا الصدد إلى حملة الإبادة السياسية التي شنها النظام التركي ضد رؤساء البلديات المنتخبين من الكرد، وتابعت: "يسعى حزب الشعوب الديمقراطي إلى استعادة حوالي 100 بلدية في الجنوب الشرقي حيث تم طرد رؤساء البلديات المنتخبين من قبل الحكومة، وتم سجن مئات السياسيين الكرد بسبب علاقاتهم المزعومة بحزب العمال الكردستاني. حيث يقاتل حزب العمال الكردستاني، من أجل إقامة منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي داخل تركيا وخارجها منذ عام 1984. ويشكل الكرد خُمس سكان تركيا تقريبًا. وقد واجه HDP حملة واسعة النطاق منذ أن فاز بما يكفي من الأصوات لدخول البرلمان في عام 2015".
أردوغان يستغل المشاعر القومية.. ويهدد الكرد
اشارت الوكالة إلى ما فعله الرئيس التركي في الانتخابات الماضية، حيث ناشد أردوغان المشاعر القومية بتحذيرات من أن التطلعات الانفصالية بين الكرد التي "تهدد وحدة تركيا" على حد وصفه. في رسالة للسياسيين الكرد، هدد باستبدال أي مسؤول محلي متورط في الإرهاب أو عمل إجرامي. مستخدما نفس السلاح الذي استخدم ضده، حينما تم طرد أردوغان نفسه من مكتبه كعمدة لبلدية إسطنبول في عام 1998 بعد إدانته بالتحريض على الكراهية الدينية، التي قضى فيها أربعة أشهر في السجن. وقد قال أيضًا إن "أنقرة مهمة جدًا لدرجة لا يمكن تسليمها إلى أشخاص غارقين في أعمال ضلالية"، في إشارة إلى مزاعم من النائب العام التي تفيد بأن المرشح كعمدة عن حزب الشعب الجمهوري منصور يافاس أساء استخدام واجباته الوظيفية كمحام.
أزمة أردوغان.. والقضية الكردية حاضرة داخليا وخارجيا
وقالت الوكالة أن موقف أردوغان العدائي تجاه الكرد داخل تركيا وفي سوريا، قد اصبح حاضرا بقوة في المشهد، مؤكدة أن أزمة الرئيس التركي اقتصاديا قد وضعته في مأزق قبيل الانتخابات المقبلة، واضافت: "تشهد البلاد أول ركود لها منذ عقد من الزمان، حيث بلغ معدل البطالة في نهاية عام 2018 نحو 13.5 %، وهو أعلى مستوى في تسع سنوات. كما أجبر التضخم المتفشي في البلاد، حكومة أردوغان على فتح أكشاك بيع سلع مخفضة لعزل وتحييد الفقراء من تأثير انهيار العملة العام الماضي".
وأوضحت الوكالة أن الهزيمة المنكرة التي يتعرض لها أردوغان في الداخل دعمتها المواجهة الدبلوماسية مع الولايات المتحدة حول مستقبل القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا وأزمة القس الأمريكي الذي كان محتجزا في تركيا بتهمة الإرهاب. ولفتت الوكالة إلى أنه على المستوى الاقتصادي، معنويات المستهلكين في أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008.