أجاب جميل بايك، الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، عن أسئلة الصحفي جوان تونج خلال برنامج تلفزيوني خاص بثته قناة Stêrk TV الفضائية.
أشار بايك إلى أن هناك مقاومة بطولية ومصيرية في شمال وشرق سوريا، وقال "تشهد روج آفايي كردستان مقاومة الكرامة، وتبذل الشعوب الشجاعة والمقاتلين الفدائيين مقاومة منقطعة النظير في مواجهة دولة الاحتلال التركية، وأنا أحيي وأبارك شعبنا ومقاتليه على هذه المقاومة، وأقدم لهم احتراماتي وأستذكر جميع الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في مقاومة الكرامة هذه".
وأضاف "هناك حرب عالمية ثالثة تدور رحاها في الشرق الأوسط، وهناك محوران أساسيان في هذه الحرب، المحور الأول يتعلق بالعالم والثاني يتعلق بالشرق الأوسط، فالشرق الأوسط ليست كغيرها من مناطق العالم ولديها أهمية خاصة، فقد بدأ كل شيء من الشرق الأوسط، كما تكمن الشرق الأوسط في محور العالم وتعتبر هذه المنطقة أساساً في التوازنات الدولية. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، انهار معها التوازن ونشأ فراع في المنطقة، وأرادت الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر نفسها قائدة الحداثة الرأسمالية، الاستفادة من هذا الفراغ الحاصل والتدخل في هذه المنطقة، وبهذا الشكل بدأت الحرب العالمية الثالثة، حيث سعت أمريكا إلى تغيير الأنظمة التي لم تعد تلبي متطلباتها، وتؤسس أنظمة جديدة تتوافق مع نظامها".
القوى المهيمنة لم يعد باستطاعتها إحداث التوازن دون إرادة الشعوب
قال بايك " الشرق الأوسط تعيش نضالاً وحرباً كبيرة، إلى حدثت تغييرات كثيرة وستحدث على التوالي، ولن يعود الوضع في الشرق الأوسط كما السابق لا من جهة شعوب المنطقة ولا من جهة أنظمتها، والوضع الذي كان قائماً قبل الحرب العالمية الثالثة لم يعد صالحاً، ويخلق وضع جديد في هذه المنطقة. حيث كان في الحربين العالميتين الأولى والثانية، جبهتين متضادتين، وكانت تتصارع الجبهات المتسلطة وأسسوا لوضع جديد فيما بعد، ولكن اتضح في الحرب العالمية الثالثة أن الوضع لن يكون كما في السابق وليست هناك جبهتان متضادتان، حيث أن القوى المهيمنة تتصارع من ناحية وبنفس الوقت بينهم علاقات متواصلة ومصالح، كما أن شعوب المنطقة قاموا بتنظيم أنفسهم ويناضلون في سبيل حقوقهم، أي أن الوضع الجديد لن يتحدد من قبل القوى المهيمنة وليس بإمكانهم ذلك، ولنضال الشعوب تأثير كبير ومباشر على تلك القوى، ولذلك الوضع الجديد سيتأثر بنضال شعوب الشرق الأوسط، كما أن الحرب الدائرة في الشرق الأوسط لن ينحصر تأثيرها على الوضع والتوازنات القائمة في الشرق الأوسط، بل ستحدد العالم الجديد الذي بدأت ملامحه بالظهور".
وأكد الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، جميل بايك، أن الدولة التركية تسعى على الدوام لحجز مكانها في الوضع الجديد للمنطقة والعالم من خلال إصرارها على عداء الكرد كردستان، وقال "الدولة التركية تريد القضاء على كل ما هو كردي وكردستاني، ومن يقودون النظام المهيمن في المنطقة لا يريدون فناء الكرد بشكل كامل، لأنهم يرون أن هذا غير ممكن، في السابق كانت لهم سياسات في هذا الاتجاه وكانوا يقدمون الدعم لتركيا، لأن الكرد قد نضجوا وأصبحوا واعين لما يدور حولهم، لذلك هم لا يتقربون من هذه المسألة مثل تركيا، بلا شك هم أيضاً لا يقبلون بحركة الحرية ولا يقبلون بالكرد الأحرار، ويسعون إلى استغلال الكرد ويريدون كردياً يخدم مصالحهم، وهذا قد ولد خلافاً بينهم وبين تركيا، أحدهما يسعى إلى القضاء على كل ما هو كردي وكردستاني والآخر يسعى إلى استغلال الكرد لخدمة مصالحه، وهذا يولد خلافاً بينهما ولكن هذا الخلاف تكتيكي، وعندما يسير الشعب على خطى نضال الحرية، تواجهها هذه القوى على الفور، كما في مثال روج آفا".
وأضاف بايك في حديثه حول قيادة الولايات المتحدة للحداثة الرأسمالية، وقال "أن أمريكا تقود الحداثة الرأسمالية وأرادت أن تقوم لوحدها بتغيير الشرق الأوسط ولكنها لم تستطع، لأن النظام الرأسمالي ليس كالسابق كما أن قيادة أمريكا للنظام الرأسمالي كما السابق، ولذلك دخلت روسيا والصين أيضاً على الخط في هذه المنطقة وخاصة في سوريا، لذلك نرى قوى الحداثة الرأسمالية على الرغم من عملهم مع بعضهم البعض إلا أن بينهم خلافات أيضاً، ولا تنشأ جبهات كما السابق، وفي الوقت ذاته لا تزال قوى الحداثة الرأسمالية والسلطات الحاكمة في المنطقة تربطهما مصالح مشتركة، ولذلك يسيرون مع بعضهم البعض".
أهمية نضال ووحدة شعوب المنطقة
وشدد بايك على ضرورة تكاتف شعوب المنطقة وتكثيف نضالاتها من أجل الحرية، وقال " كيفما نرى ان هذه القوى تتعامل وتتعاون مع بعضها، على شعوب المنطقة أيضاً أن تتكاتف وتصعد من نضالاتها المشتركة، ويظهر ذلك الان في روج آفا، ومع مرور الوقت يتطور هذا النضال في كامل منطقة الشرق الأوسط، وإذا أرادت الشعوب أن تقطف ثمار نضالها وتضحياتها، عليهم أن يتكاتفوا ويقفوا جنباً إلى جنب، والمرأة الكردية تناضل الآن في كردستان وفي الشرق الأوسط في مواجهة الهيمنة والتسلط، يمثلون ويستمرون في الثورة النيوليتية في العصر الحالي بأساليب جديدة، المرأة الكردية لا تناضل فقط من أجلها بل من أجل خلق الحرية لجميع نساء العالم، وهذا يشكل تأثيراً بالغاً على الإنسانية وخاصة على النساء."
وركز بايك في حديثه إلى أن شعوب المنطقة ستنتفض في وجه نظام الحداثة الرأسمالية، إذا لم تأخذ بعين الاعتبار إرادة الشعوب في الوضع الجديد المراد تأسيسه، وقال " شعوب المنطقة لم تعد تقبل العبودية، سينتفضون ويناضلون من أجل الحرية، وقد أسس القائد أوجلان باراديغما جديدة من أجل الشعوب والإنسانية، وهذه الباراديغما لا تتخذ من الدولة والسلطة اساساً لها، بل ترتكز على الإرادة الذاتية والأمة الديمقراطية، وخلق المرأة الحرة على أساس ديمقراطي ايكولوجي، وهذا ما حدث في روج آفا، وهذا الشيء أثر بشكل كبير على شعوب المنطقة والعالم، ومع مرور الوقت يزداد التفاف العالم حولهم، لأنهم يرون عالماً جديداً وحياة جديدة وفق منظور القائد عبدالله أوجلان، ولا بد من القول أن الشعب الحركة التي تتخذ من هذه الباراديغما اساساً لها، تصبح اكثر قوة مع مرور الوقت، وهما حاولت القوى المهيمنة والمتسلطة إلا أنهم لن يثبطوا من عزيمتنا".
"يجب ألا تحمي القوى وشعوب المنطقة نفسها فقط بل يجب أن ينجزوا مكتسبات جديدة"
وأضاف بايك "يجب ألا تعتمد قوى المنطقة وشعوبها الحماية فقط كأساس لها. فمن مميزات الحرب العالمية الثالثة أن كل طرف يريد تعزيز مصالحه، وتعزيز مكتسباته وخلق مكتسبات جديدة. وهم يعملون من أجل هذا الشيء. ويجب أن تناضل الشعوب والثوار بشكل أكبر في ظروف الحرب العالمية الثالثة. وألا يكتفوا بالمكتسبات الموجودة. ويجب أن يحصلوا على مكتسبات جديدة وأكبر وأن يعتمدوا هذا الأمر كأساس. يجب أن يصعدوا النضال بهذه الروح. ويجب أن يعتمدوا على الديمقراطية كأساس من أجل أن يحاربوا من أجل الحرية والتخلص من السلطة. يجب أن ينظموا أنفسهم في الأحياء، الشوارع، القرى، المدن وكل مكان. ويجب أن يخلقوا الديمقراطية من جديد. ويجب أن يحققوا الديمقراطية المحلية من أجل الحصول على نتيجة. "
وأشار بايك إلى أن الدولة التركية هي العدو الرئيسي لكل شعوب المنطقة وللقوى الديمقراطية وقال "ولذلك يجب على الشعب الكردي والشعوب الأخرى أن تستوعب هذه الحقيقة بشكل جيد. يجب أن يناضلوا سوية ضد الدولة المحتلة والقائمة على الإبادة. حينذاك يمكنهم الحصول على نتيجة. الدولة التركية تهاجم من أجل الاحتلال بالقوة التي تكتسبها من القوى الدولية والإقليمية. وعلى شعوب المنطقة كذلك أن توحد قوتها وأن تناضل ضد هذا الأمر. حينذاك يمكنهم الحصول على نتيجة. "
أعطت أمريكا وروسيا الضوء الأخضر لتركيا من أجل إبادة الكرد
وفيما يخص السياسة الأمريكية في المنطقة قال بايك " كانت تريد استخدام الكرد وتركيا معاً من أجل مصالحها في سوريا. وذلك من أجل بناء سوريا وفق أهدافها. لم تبتعد أمريكا عن تركيا أبداً. وذلك لأن تركيا دولة عضو في حلف الناتو. وبنت علاقة مع الكرد أيضاً لكنها استمرت بعلاقتها مع تركيا. أرادت أمريكا أن يتصرف الكرد وتركيا وفق مصالحها وحسب برنامجها وأن يقتربوا منها بهذا الشكل. ولكن تركيا لم تقبل بذلك لأنها تعادي الكرد. تريد القضاء على الكرد. وكانت تقول بشكل صريح إما ستكونين معي أو ستكونين عدواً لي. وأرادت أمريكا تطوير علاقة بين تركيا والكرد في روج آفا بحيث يخدم الاثنان المصالح الأمريكية. وكانت تعتقد أنها ستحصل على نتيجة بهذه السياسة. وعندما رأت أن تركيا لا تقبل بهذا الأمر حينذاك اتخذت تركيا كأساس، لأنها وجدت أن مصالحها أكبر مع تركيا. لأنها دولة عضو في الناتو. صحيح أنها طورت علاقة تكتيكية مع الكرد ضد داعش لكن بعد أن وجهت ضربة لداعش بدأت بتطوير علاقتها مع تركيا. وبعد ذلك توصلت إلى اتفاق مع تركيا. وبهذا الشكل أرادت إقامة "منطقة آمنة". وطلبت من الكرد القبول بهذا الأمر. لكن الكرد لم يقبلوا. لذلك فتحت المجال أمام تركيا من أجل غزو غرب كردستان وشمال سوريا. وبعد أن أظهر الكرد مقاومة رأوا أنه في حال لم يجدوا حلاً فإنه سيكون سيئاً بالنسبة لهم. لذلك جلسوا مع تركيا وتوصّلوا إلى اتفاق. وكان هدفها من الاتفاق هو فتح الطريق أمام تركيا وذلك من أجل إضفاء الشرعية على الاحتلال التركي. وأرادت إضعاف الكرد بواسطة تركيا من أجل أن يحتاجوا لأمريكا بشكل كلي ولكي يقبلوا بمطالب أمريكا وخدمة أمريكا ومصالحها. وأرادت بهذا الشكل بناء سوريا جديدة وفق أهدافها عن طريق تركيا."
وأضاف " وبعد ذلك دخلت روسيا للساحة. حيث رأت روسيا أن أمريكا فسحت المجال أمام تركيا وسحبت قواتها وهم بدورهم توصلوا إلى اتفاق مع تركيا. لأنهم وجدوا أن تركيا ضعيفة جداً وأرادوا عن طريق ذلك الاتفاق الاستفادة من الضعف التركي. وحولت كل من أمريكا وتركيا الكرد إلى ضحايا من أجل أهدافها ومصالحها. وفتحت كل من أمريكا وروسيا المجال أمام تركيا. حيث يستخدمون تركيا ضد الكرد. لأنهم فهموا أن الكرد هم نقطة ضعف تركيا. لذلك فإن مقاربة أمريكا وروسيا من الكرد متشابهة. وهي قائمة على العداء وهم يساعدون تركيا من أجل إبادة الكرد. والحقيقة هي بهذا الشكل. حيث لا يوجد لا وقف إطلاق نار ولا محاولة من أجل الحل. حيث فتحوا المجال أمام تركيا بشكل كامل من أجل إبادة الكرد. وتركيا تقول هذا الشيء بشكل صريح أنها "ستبيد الكرد." كما تقول ’إنني سأوطن الأتراك في تلك المنطقة وسأسكن المرتزقة فيها’ وبهذا الشكل تثأر من الكرد. لأن الكرد وجهوا ضربة شديدة لداعش، فيما سحبت تركيا أعضاء داعش إلى داخل أراضيها ونظمتهم وتستخدمهم الآن في سري كانيه وكري سبي ضد الكرد".
تركيا سقطت في بئر عميق وستتلقى ضربات شديدة
وحول الأهداف التركية في سوريا قال بايك " الهدف الأول هو إبادة الكرد، والهدف الثاني هو القضاء على الديمقراطية الموجودة. والسياسة التي تمارسها خارج الوطن الآن هي استمرار للسياسة الممارسة داخل تركيا ضد قوى الديمقراطية. لذلك تريد إبادة الكرد في سوريا والقضاء على النظام الديمقراطي. حيث ترغب في بناء سوريا وفق مقاساتها وذلك عن طريق المرتزقة. حيث تقول "بنيت جيشاً وطنياً من أجل سوريا." حيث أنشأت جيشاً ضد سوريا".
وأضاف "لن يتحقق السلام والأمن في سوريا بشكل سريع. لأن تركيا دخلت إلى سوريا بعقلية داعش. فحزب العدالة والتنمية AKP هو داعش بعينه. والقوى التي تستخدمها تحت مسمى ’الجيش الوطني’ هي مرتزقة بأكملها فهي عبارة عن مرتزقة داعش وجبهة النصرة. وهؤلاء المرتزقة يقومون بالنهب والقتل وكل الموبقات.
ورغم وجود اتفاق بين روسيا وتركيا وإيران وعلى الرغم من الاتفاق الجديد الذي يضفي الشرعية على الاحتلال التركي فإن هذا الوضع لن يستمر حتى النهاية. فمن الواضح أن سوريا وإيران وحتى روسيا أيضاً غير راضية عن الوضع. ومن الواضح للعيان أن هذا الأمر سيكون سبباً للمشاكل بينهم. وقد يصل الأمر للحرب أيضاً وهذا الاحتمال كبير".
وتابع قائلاً " تقول تركيا "إنها منتصرة" وتقوم بالدعاية لهذا الشيء. وإلى أي حد هذا صحيح هذا غير معلوم. فتركيا وقعت في بئر عميق. وتقوم كل من أمريكا وروسيا باستخدامها من أجل أهدافها. وتركيا تعادي كذلك الكرد. وتستخدم داعش وغيرها من المرتزقة. وترتكب الجرائم. وبحسب القانون الدولي فإن غزو شمال سوريا غير شرعي ولا يقبل به أحد بطبيعة الحال. ولا يقف أحد مع تركيا ولا يدعمها أحد. والدول التي فتحت المجال أمام تركيا وعقدت معها الاتفاقيات لا يستطيعون شرح الوضع لشعوبها.
وتركيا تعادي الكرد من طرف ومن طرف آخر وقعت بين روسيا وأمريكا ومن غير الواضح كيف ستخرج من هذا الوضع. وهناك احتمال كبير أن تتلقى ضربات كبيرة وهذا احتمال كبير جداً".