لا تزال الكتل الاسمنتية الضخمة تصل بشكل متقطع وسري إلى محيط مقاطعة عفرين المحتلة بهدف استكمال بناء جدار التقسيم، والذي بدأ الاحتلال التركي ببنائه، منذ 8 أبريل 2019م؛ وفي ذات السياق أفادت مصادر محلية من داخل ناحية شيراوا المحتلة لوكالة فرات للأنباءANF باقتلاع الاحتلال التركي لأكثر من 350 شجرة زيتون والعائدة لأحد المواطنين من عائلة" نبو " والتي تقطن قرية كيمار، وذلك بهدف استكمال أعمال بناء الجدار، ويهدف الاحتلال التركي من خلال بناء هذا الجدار(التقسيم) في محيط مقاطعة عفرين المحتلة الى سلخ المقاطعة عن باقي الأراضي السورية وضمها لولاية هاتاي (لواء اسكندرون)، ويمتد الجدار من جبل الشيخ بركات حيث الحدود الإدارية التي تفصل مقاطعة عفرين عن الريف الادلبي والذي يعتبر مزاراً دينياً لدى المكون الإيزيدي مروراً بالعديد من القرى ومنها كيمار وجلبره ومريمين، انتهاءً بالقرب من مدينة إعزاز المحتلة، ويتألف الجدار من أبراج مراقبة تكون على اتصال مباشر مع نقاط عسكرية لقوات الاحتلال التركي في مدينة إدلب، وبحسب المصادر فقد أتم الاحتلال التركي بناء أكثر من 500 كيلومتراً من الجدار.
وبهذه الممارسات التي تمارسها دولة الاحتلال التركي ولغاية هذا اليوم فهي تقوم بانتهاك مبادئ القانون الدولي والاتفاقيات والبروتوكولات المتعلقة به. وهذا ما أكده لوكالة فرات للأنباء ANF الحقوقي والمحامي حسن ايبش، والذي أشار أيضاً بأنه بالرجوع الى القانون الدولي نجد أن الدولة التركية باحتلالها لمدينة عفرين بهذا الشكل الوحشي، قد انتهكت ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 وبروتوكولاته جميعا" والذي ينص في المادة 2 الفقرة 4 على ( يمتنع أعضاء الهيئة جميعا" في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق و مقاصد الأمم المتحدة) .
كما أنها انتهكت بأعمالها الوحشية والارهابية اتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 المتعلقة بحقوق الانسان . من خلال أعمال القتل والخطف والتعذيب التي يمارسها بحق المواطنين الاصليين. وقضية الجدار ما هي إلا ذريعة القصد منها هدم القرى الكردية ومصادرة الأملاك الخاصة و قطع أشجار المواطنين بهدف تهجيرهم عن قراهم وقطع أرزاقهم وإلحاق الأضرار الجسيمة بهم وهذا ايضا" انتهاك واضح لاتفاقية لاهاي لعام 1907 التي تحرم هذه الافعال من قبل القوات المحتلة في المواد (( 42 الى 56 )) باعتبار أن الاحتلال هو حالة مؤقتة وليست دائمة. حتى يزول الاحتلال إما بالانسحاب من المناطق المحتلة أو بدفع هذه القوات للخروج منها بالمقاومة .
ومضى ايبش بالقول : بالنظر لتاريخ منطقة عفرين وتحليلها سياسياً وعسكرياً وسكانياً يتبين لنا الأسباب المباشرة الي دفعت الدولة التركية لبناء هذا الجدار ومن أهم هذه الأسباب :
أولاً : عدم توفر الحاضنة الاجتماعية والثقافية والقومية في عفرين للقوات المحتلة. ورفض أهالي عفرين للاحتلال وللفصائل الاسلامية المساندة والداعمة لهذا الاحتلال بسبب الاختلاف الكبير في العادات والثقافات التي يفرضونها على السكان الأصليين الكرد . بهدف تتريك المنطقة وطمس هويتها الكردية و السورية .
ثانيا : صعوبة السيطرة على منطقة عفرين من الناحية العسكرية والادارية مما ادى الى ارتفاع الكلفة المالية لاستمرار هذا الاحتلال مما جعل تركيا في أزمة مالية واقتصادية خانقة باتت تهدد كيانه واستقراره الداخلي .
ثالثا" : استمرار المقاومة الشعبية والعسكرية ضد قوات الاحتلال، حتى بعد احتلال عفرين مما جعل القوات المحتلة في حالة من عدم الاستقرار وعدم الشعور بالأمان؛ رغم التعتيم الاعلامي الشديد التي تمارسه في عفرين ومنع المنظمات الدولية الانسانية والحقوقية من القيام بواجبها داخل عفرين والمناطق الأخرى المحتلة .
كل هذه الأسباب دفعت بالدولة التركية للقيام ببناء هذا الجدار أملاً" منها في استمرار احتلال المنطقة وإلحاقها إدارياً " بولاية هاتاي التركية تمهيدا" لتتريكها وكسب الشرعية عليها .
وانهى ايبش حديثه قائلاً: إن هذا الجدار الذي تريد الدولة التركية بنائه حول منطقة عفرين لن ينجح في ما يهدف اليه ولن يغير من الصفة الشرعية لمنطقة عفرين كأرض سورية كردية ولا بد من نهاية لهذا الاحتلال. ونناشد المجتمع الدولي بالتدخل السريع بمنظماته الحقوقية والسياسية والانسانية لإنهاء هذا الاحتلال ووقف المجازر التي يرتكبها نظام العدالة والتنمية بحق شعب عفرين وكافة شعوب المنطقة. حيث لا تختلف قضية عفرين والمجازر التي ترتكب يومياً فيها عن المجازر التي ارتكبتها الدولة التركية بحق الأرمن وبحق المناطق الكردية في تركيا ولا تختلف عن المجازر التي ارتكبت في يوغسلافيا وفي العراق . فالطريقة التي اتبعتها الدولة التركية في احتلالها لمنطقة عفرين هي بحد ذاتها مجزرة ترقى الى مصاف جرائم حرب وجرائم بحق الانسانية . وقد أضحى واضحاً للمجتمع الدولي، ما يمثله النظام التركي من تهديد للسلم والأمن الدوليين وفق القانون الدولي.