آلدار خليل: الضربة العسكرية وفرت الأرضية للتعاون في سوريا

قيّم الرئيس المشترك للهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي (TEV-DEM) آلدار خليل التدخل الأمريكي - الفرنسي - البريطاني في سوريا بالقول: "وفّرت هذه الضربة الأرضية للتعاون في سوريا، وهذا التدخل كافٍ للتوصل إلى اتفاق بين هذه القوى المتعارضة".

بعد أن اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا النظام السوري باستخدام السلاح الكيمائي في مدينة دوما، قامت هذه الدول بتنفيذ ضربة ضد النظام السوري. وفي هذا الإطار، تحدّث الرئيس المشترك للهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي (TEV-DEM) آلدار خليل لوكالة فرات للأنباء (ANF) عن هذه الضربة وموقف القوى المنفّذة للضربة والأزمة في سوريا وموقف الدولة التركية التي وقفت إلى جانب روسيا وإيران خلال العامين الماضيين لكنها عادت وساندت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بعد هذه الضربة وكذلك عن مقاومة عفرين والتحركات الدبلوماسية لأجل عفرين.

* نبدأ بالموضوع الأساسي: بعد اتهام النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي في مدينة دوما، قامت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا بتنفيذ ضربة عسكرية ضد النظام السوري. كيف تقيّمون هذه الضربة؟

هناك أسباب طويلة الأجل وأخرى قصيرة الأجل لهذه الضربة، وكذلك هناك أهداف على المدى البعيد وأخرى على المدى القصير. يُقال أن سبب هذه الضربة هو استخدام السلاح الكيمائي، لقد عانينا نحن الكرد من السلاح الكيميائي، فإن كان البعض يعارض السلاح الكيميائي بشكل نظري، فنحن الكرد نعارض استخدام هذا السلاح لأننا عانينا منه الكثير. يجب محاسبة كل من استخدم هذا السلاح واتخاذ التدابير اللازمة لمنع استخدامه، لكن ينبغي التحقيق في هوية وكيفية الحصول على هذا السلاح واستخدامه.

والسؤال الأهم هو لما تم استخدام السلاح الكيميائي، ولما تتصدر الخيارات العسكرية دوماً في سوريا؟ ألا نستطيع التحدّث عن خيار سياسي في سوريا؟ اليوم أو غداً، ينبغي حل مشاكل سوريا عبر الطرق السياسية والحوار، وقبل الجميع يجب على النظام السوري رؤية ذلك. منذ اليوم الأول لبدء الأزمة السورية، كان على النظام السوري رؤية المشاكل وبذل الجهود لحلها. هذه الوضع سيستمر ما دامت هذه المشاكل موجودة، على النظام السوري أن يعي أنه لا يمكن حل مشاكل سوريا عبر إسنادها إلى روسيا أو أي قوة أخرى. إن كان النظام صادقاً في حماية سوريا، فإن ذلك ممكن فقط من خلال الديمقراطية.

"لسنا طرفاً"

لسنا طرفاً في هذا الموضوع، لسنا إلى جانب تلك الأطراف التي استعملت السلاح الكيميائي ولسنا كذلك إلى جانب الأطراف التي نفّذت الضربة. منذ البداية ونحن نقول أنه يجب تحقيق حل سلمي. من جانب آخر، يجب على أولئك الذين يتحدثون عن استخدام السلاح الكيميائي أن يعلموا أن هناك هجمات كبيرة وقعت على عفرين، ففي عفرين أيضاً تم استخدام السلاح الكيميائي وقُتل مئات الأشخاص وجُرح الآلاف وتم تشريد شعب عفرين ونهب منازلهم. لما التزم الجميع الصمت أمام كل ما حدث لشعب عفرين؟ أكرر ما قلته، كان يجب ألا يتصدر الخيار العسكري، وكذلك يجب محاسبة الأطراف التي استخدمت السلاح الكيميائي.

* بعد الضربة العسكرية، جرت مناقشات حول استمرارية هذه الضربات أم لا؟ هل تعتقد أن هذه الضربات ستستمر؟ وما الذي سيحدث إن استمرت هذه الضربات أم لم تستمر؟

هناك أسباب طويلة الأجل تقف خلف هذه الضربة. الخلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، والخلافات بين قوى التحالف والقوى الحاكمة في سوريا. لا تريد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وحلفائهم أن تكون جميع المبادرات في سوريا بيد روسيا. لقاءات الأستانة والخطوات التي يتم اتخاذها في موضوع سوريا لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وهي ترغب في تحجيم تأثير روسيا وتهديم الاتفاق بين روسيا وإيران وتركيا. ترغب الولايات المتحدة الأمريكية في تنشيط مسار جنيف، هناك الكثير من الحسابات. أمريكا تريد أن تتحول إلى القوة الأولى في سوريا والمنطقة. هذا ما أظهرته اتهامات استعمال السلاح الكيميائي، وهو ما رأته روسيا، فقد فهمت روسيا أنها ليست القوة الوحيدة على الساحة السورية.

"الضربة منحتهم أرضية مشتركة وحلول وسطية"

هذه الضربة وفّرت الأرضية المشتركة للتعاون في سوريا، وهذا التدخل كافٍ للتوصل إلى اتفاق بين هذه القوى المتعارضة. لم يحدث ما قاله ترامب حيث لم يتم تدمير كل مكان ولم يحدث ما أرادته روسيا أيضاً. لقد توصلوا إلى حل وسطي. لقد قاموا بقصف بعض مراكز النظام بعد أن أخطروا روسيا بذلك، وهكذا أبلغوا رسالتهم. أرادوا القول إنهم قادرون على الاستهداف حين يشاؤون وأنهم موجودون في الساحة. لقد قالوا لهم لا تفعلوا الكثير بدوننا. وبالطبع سيكون هناك نتائج لهذا العمل، لكن لا أعتقد أن يستمر ذلك في الميدان العسكري. هذه الضربة ستوضّح مسار أستانا ومستقبل جنيف وعلاقة روسيا بتركيا والكثير من الأمور الأخرى، لكن الشيء المهم هو الحل السياسي، هل سيكون هناك حل سياسي أم لا.

* منذ بداية الأزمة السورية كانت الدولة التركية تتحدث عن إسقاط النظام، ومنذ عام 2016 تعاونت تركيا مع روسيا ضد الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أن روسيا منحتها الإذن لاحتلال عفرين، لكن تركيا غيّرت رأيها وأبدت سعادتها بعد أن رأت الصواريخ الأمريكية، ثم تحدّث بعض وزراء حزب العدالة والتنمية عن حل سياسي ليقوموا بتقديم الطُعملروسيا، كيف تقرأ هذه السياسة؟

تلعب الدولة التركية أدوار مختلفة في الوقت عينه، فهي لا تملك سياسة قوية ومتينة ومبدئية. ففي كل يوم تحاول حماية مصالحها من خلال بناء علاقات مع طرفٍ ما. في حالة فوضوية وقصيرة الأمد، يمكنها تحقيق بعض المصالح قصيرة المدى، ولكن من الصعب الحفاظ عليها كمصالح استراتيجية طويلة الأمد. بعد هذه الخطوة ، ستكون هناك بعض التغييرات في علاقات الدولة التركية. يبدو أنه من الصعب أن تكون علاقتها مع روسيا وإيران كالسابق. العلاقة مع الولايات المتحدة والغرب لن تكون هي نفسها. يجب على تركيا اختيار طريق واحد وينبغي أن تتحسب للمستقبل، فبعد أن سمحت روسيا لتركيا باحتلال عفرين، ستطلب منها الوفاء ببعض الالتزامات، ستضطر تركيا إلى إعادة النظر في العديد من الحسابات، سيكون عليها رؤية هذه الصيغة الجديدة، يجب عليها أن ترى أن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية ليست صامتة في سوريا. لقد رأت تركيا أن بإمكان الولايات المتحدة أن تقلب الطاولة وتفتح مسارات جديدة في سوريا.

رغم أن الدولة التركية تتقرّب من روسيا ، لكنها عضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو". أنظر، إنها تجربة صغيرة جداً، لكن تركيا تفاجأت بما ستفعله وكيف ستتصرّف. وفقا لتقديراتنا، بعد شهر ستدخل تركيا مرحلة جديدة بعد انقضاء الوقت الذي منحته روسيا لتركيا للوفاء بالتزاماتها.

* ستفرض روسيا بعض الالتزامات على الدولة التركية...

هذا صحيح. لقد حان وقت هذه الِالتزامات. إذا أوفت الدولة التركية بهذه الالتزامات فإنها ستختار الجهة التي ستقف إلى جانبها، وإذا لم تفعل ذلك فسيتعين عليها اتخاذ قرار بشأن مستقبل علاقتها مع روسيا.

* لقد احتلّت تركيا مناطق جرابلس والباب وإعزاز وعفرين بمساعدة من روسيا، فهل يمكنها في مرحلة لاحقة وضع هذه المناطق تحت حماية الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو؟

الوضع الجديد ومواقف القوى الدولية لا تتشابه مع العلاقات القديمة في القرن المنصرم. في الماضي، كان العالم ثنائي القطب، كنت تقيم علاقات مع أحد القطبين، فلم تكن إقامة العلاقات مع القطب الآخر سهلة، لكن الوضع مختلفا لآن، هناك انتقالات بين القطبين، ولهذا السبب، لا أعتقد أن الدولة التركية سوف تنتقل بالكامل من جانب إلى آخر، ولكن يمكننا القول أن الحسابات لا تجري كما تشاء تركيا.

* تاريخياً، قدّمت تركيا عدة وعود لروسيا، لكنها تراجعت عنها. على سبيل المثال، حين تم تأسيس الدولة التركية، قدّمت تركيا بعض الوعود لروسيا السوفيتية، ولكنها تراجعت عنها فيما بعد. هل هناك خطة مماثلة في ذهن أردوغان؟

نهاية أردوغان هي السقوط، ولن يكون سقوطه طبيعياً وعادياً، سيكون سقوطاً مدوياً وسيئاً للغاية. لن يغادر أردوغان بطريقة عادية. لا أقول ذلك فيما يخصّ علاقته بروسيا. يقوم أردوغان بعض الألاعيب في المنطقة وهذا ما سيقضي عليه، وحين يصبح الوضع واضحاً، لن يكون أردوغان قادراً على ممارسة ألاعيبه كالسابق، لأن أردوغان يعاني مشاكل كبيرة جداً في الداخل أيضاً. لقد قضى في داخل تركيا على كل ما يمت للديمقراطية والعدالة بصلة، وضيّق على نفسه في كافة المجالات، وهذا يمثّل خطراً كبيراً بالنسبة لتركيا.

يواجه أردوغان أوقاتاً عصيبة، على سبيل المثال، لن يكون غزوها لعفرين كما كان يشتهي.على المدى القصير يمكنه القول أنه احتّل عفرين، ولكن على المدى الطويل هناك أيام صعبة تنتظره، سيكون لأعماله عواقب كثيرة.

* بدأنا بأجندة ساخنة، لكن موضوع عفرين يمثّل جدول الأعمال الرئيسي للشعب الكردي. تستمر المقاومة السياسية والاجتماعية في عفرين. وصفت بعض الأطراف آخر التطورات بأنها "لعنة كردية"، ما الذي تقولونه عن آخر تطورات مقاومة عفرين؟

الآن ثلاثة أرباع سكان عفرين يعيشون بعيداً عن منازلهم ووطنهم بعد احتلال عفرين. هذا يدل على وجود اضطهاد. شعبنا يواصل المقاومة في ظروف صعبة للغاية، كذلك تواصل قواتنا العسكرية عملياتها، وفي الخارج أيضاً يستمر شعبنا في التعبئة والكفاح، ويستمر كفاحنا السياسي والدبلوماسي من أجل عفرين. شعبنا في الشهباء يُبلغ أقوى رسالة باستمرار مقاومته،ويوضّح موقفه للعالم بأسره بأنه يريد تحرير أرضه. للأسف، أولئك الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان والقوانين الدولية، يشاهدون مأساة عفرين دون أن يتحرّكوا. ستدفعهم مقاومتنا إلى فتح عيونهم، وسوف نجعلهم يسمعون أصواتنا. لكن ما زلت أقول إن الشيء الرئيسي هو مقاومتنا، مقاومة شعبنا. نعتقد أيضًا أن هذه المقاومة ستعزز أكثر فأكثر وستغدو أرضية للموازين المتغيرة.

* تحدثت عن الكفاح الدبلوماسي. حبذا لو تحدثنا عن مستوى لقاءاتكم الدبلوماسية من أجل تحرير عفرين؟

عملنا الدبلوماسي مستمر منذ بداية ثورة روج آفا، لكن بعد الوضع في عفرين ازدادت هذه الفعاليات الدبلوماسية بشكل أكبر. لدينا اتصالات مع العديد من المكونات الاجتماعية والدول. الدول التي نلتقي مع ممثليها تقول أنها ضد احتلال عفرين. يعبرون عن رفضهم لاحتلال عفرين كموقف، ولكن للأسف، المساومات التي تمت على حساب عفرين كانت أبعد من هذه الكلمات.

* أعلنت الدولة التركية قبل يومين عن تشكيل مجلس لإدارة عفرين. لقد سبق أن وصفتم هذا المجلس ب"مجلس الخونة". كيف يجب أن يكون الموقف الكردستاني في مواجهة تأسيس هذا المجلس؟

عندما تلفظ كلمة الاحتلال، لا ينبغي عليك الإسهاب في الشرح وقول شيء آخر. كل شيء واضح للعيان. سنكرر ما قلناه سابقاً، مهما كان ما يؤسسونه هناك، ومهما كانت التسمية التي يطلقونها عليها، فإنهم محتلون ومرتزقة وخونة. كل كردي ينضّم إلى ذلك المجلس ويسعى لتبرير الاحتلال هو خائن ومن يؤيد هذا المجلس هو خائن ومعادي للشعب الكردي. إلى جانب ذلك، على الجميع أن يعارض الاحتلال، على كل من يقول أنا ديمقراطي وعلى كل من يقول أنا سوري أن يعارض هذا الاحتلال. يجب على الجميع أن يرفض الاحتلال. ويجب على الكرد خاصةً أن يرفضوا هذا الاحتلال.

يجب ألا يسمح الكرد أبداً بعرض هؤلاء الأشخاص كممثلين لعفرين. كل حزب أو قوة كردية تحاول إضفاء الصبغة الشرعية على هؤلاء الخونة سيتم النظر إليها كجزء منهم، يجب ألا تشرعن أي قوة كردية هؤلاء الخونة. يجب على شعبنا أن يظهر موقفه تجاههم، وبالطبع فإن موقف شعبنا واضح.

* لقد قلت أن ثلاثة أرباع شعب عفرين مهجّر من أرضه ووطنه. وفقاً للقانون الدولي، إن لم تعارض دولة احتلال أراضيها من قبل دولة أخرى أو لم يكن بمقدورها معارضة الاحتلال، يمكن جمع 100 ألف توقيع من المنطقة المحتلة وتحويل ملف الاحتلال إلى القضاء الدولي. هل عملتم شيئاً من هذا القبيل؟ ولما لم يصدر حتى الآن أي موقف من الجمعية العمومية للأمم المتحدة؟

عندما بدأت هجمات الاحتلال ضد عفرين، صمتت المؤسسات الدولية، خاصة الأمم المتحدة، أمام تصرفات روسيا وتركيا ولم تتخذ أي موقف، وتوضّح للجميع أنها أصبحت مؤسسات شكلية. لقد رأينا كيف تمت استباحة حقوق الإنسان في عفرين، في عفرين أيضاً تم استخدام الأسلحة الكيميائية ولكن الجميع بقي صامتاً. لكن حين تعرّض عميل من بريطانيا للتسميم من قبل روسيا، قامت عشرون دولة على الفور بإيقاف الأنشطة الدبلوماسية مع روسيا، هذا التصرّف يظهر لنا ازدواجية المعايير. لم يقفوا ضد الاحتلال، حتى أنهم لم يؤدوا واجباتهم الإنسانية تجاه شعب عفرين الذي تم تهجيره من أرضه. لقد قامت الإدارة الذاتية وحركتنا بتلبية كافة احتياجات شعب عفرين، بينما لم يقوموا بإرسال علبة دواء لشعب عفرين.

* السؤال الأخير، نريد أن نسأل عن مسار مقاومة عفرين؟

حدثت مقاومة كبيرة في عفرين وستستمر هذه المقاومة. على شعبنا في كل مكان أن يعمل على زيادة هذه المقاومة. لا نقبل احتلال عفرين ويجب أن نستمر في التعبئة في كل مكان للدفاع عن أنفسنا. لدينا إيمان بإهداء النصر لشعبنا على نهج استذكار أبطال وشهداء عفرين.