ويقول الكاتب في مقال تحليلي بعنوان: "هل تشتري الصين تركيا بثمن بخس؟" منشور على موقع "المونيتور" الأمريكي: "هل ستشتري الصين تركيا المتضررة من الأزمة؟ يبدو السؤال مروعًا في البداية، ولكن عندما يبدأ صحفي في الاستماع إلى مناقشات تدور حول هذا الموضوع في كل مائدة مستديرة تقريبًا، أو حلقة دراسية أو ندوة حول العلاقات الدولية التي يحضرها، يصبح البحث عن إجابة للسؤال واجباً مهنياً".
وقال الكاتب الصحفي التركي البارز قدري غورسيل في مقاله بـ"المونيتور": "تمر تركيا بأزمة اقتصادية متفاقمة تتسم بارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وتزايد عبء الديون الخارجية، وكذا العملة الوطنية الليرة التركية شديدة التقلب. وفوق كل ذلك، تتفاقم مشكلات تركيا مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن أنقرة اصبحت تنجرف بعيداً عن الغرب". وبالتزامن مع ذلك فإن الصين التي تمثل ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم تسعى حاليا إلى إحياء طريق الحرير القديم من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، فهي مهتمة بالمنطقة التي تقع فيها تركيا، بينما تفخر بزيادة غير عادية في صادرات رأس المال وفائض في التجارة الخارجية، وهو ما يعني وفرة من المال.
ولفت الكاتب إلى أنه في الوقت الذي تتوتر فيه علاقة تركيا بأمريكا وأوروبا، فإن العلاقات بين تركيا والصين ظلت في مسار إيجابي، وخاصة أن تركيا أصبحت تتجاهل مشكلة أقلية الإيغور التركمانية المسلمة باسم مصالحها الاقتصادية والسياسية، لافتا إلى عقد الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، اجتماعاً ثنائياً على هامش قمة مجموعة العشرين في نهاية الشهر الماضي في الأرجنتين، معرباً عن استعداده لمواصلة "التعاون الاستراتيجي"، "والروابط الاقتصادية "بين بكين وأنقرة.
واستشهد الكاتب بما ذكرته صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية اليومية الناطقة بالإنجليزية باسم الحزب الشيوعي الصيني، والتي ذكرت أن الرئيس الصيني قال: "إنه والرئيس التركي حافظا على تواصل وثيق في السنوات الأخيرة وقادا التعاون الاستراتيجي بين بلديهما". مستوى أعلى."
واستعرض الكاتب التركي في مقاله عدد من المؤشرات الاقتصادية التي تجعل الصين مهيمنة على الاقتصاد التركي، مشيرا إلى ترحيب عدد من الكتاب المؤيدين للحكومة التركية بالخروج مما وصفوه بـ"الهيمنة الأمريكية" وصولا لتعاون كامل مع الصين، وقال غورسيل أن الاستثمارات المباشرة للصين في الخارج ارتفعت بنسبة 44٪ لتصل إلى 183 مليار دولار في عام 2016، مما يجعلها ثاني أكبر مستثمر في العالم في هذه الفئة. وأوضح أن الميزان التجاري بين البلدين هو في صالح الصين بشكل ساحق، حيث كانت الصين أكبر مصدر لتركيا في العام الماضي، بقيمة 23.3 مليار دولار. وبلغت الصادرات التركية إلى الصين 2.9 مليار دولار، مشيرا إلى أن حالة التجارة مع الصين تعد من بين المصادر الرئيسية لعجز الحساب الجاري في تركيا، إلى جانب واردات الطاقة التركية المرتفعة من الخارج.
إن التباين العملاق بين البلدين قد شجع بوضوح أولئك الذين جادلوا بأن "الصين سوف تشتري تركيا بسعر رخيص" ، وسوف ينتهي الأمر في تركيا على أنها "ولاية اقتصادية للصين"، بحسب الكاتب.
وفي الوقت نفسه، لفت الكاتب إلى الدلالة السياسية للعلاقات بين تركيا والصين بقوله: "البعض في الدائرة المحيطة بأردوغان يعبر عن أهمية إيديولوجية لعلاقات تركيا مع الصين، حيث ينظر إليها في سياق "الشرق مقابل الغرب"، مشيرا إلى مقال ييجيت بولوت، أحد كبار مستشاري أردوغان وعضو في مجلس السياسات الاقتصادية الرئاسية، في صحيفة "ستار" المؤيدة للحكومة بعنوان: "إعادة صياغة المعادلة بين الشرق والغرب".
وأكد الكاتب في مقاله على اندفاع الاتراك نحو الصين في محاولة للهروب من الضغوط الأمريكية، كما تحظى مبادرة الحزام والطريق الصينية وعلاقات تركيا مع الصين بتغطية واسعة في سياق معاداة أمريكا على نطاق واسع في وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة، من خلال التعبير عن أن "فكرة العالم المتمركز حول الغرب انهارت" ومن خلال وصف مشروع الحزام والطريق بأنه "طريق تجاري جديد يبقي الولايات المتحدة خارجها"، في سياق الحرب الاقتصادية.
وأكد الكاتب على وجود تناقض صارخ بين الدوافع الأيديولوجية والسياسية المفرطة التي يتحدث عنها البعض في الدوائر الحكومية التركية بشأن العلاقات مع الصين، حيث "لا يوجد شيء يسمى محور الشرق ومحور الغرب في هذه القضية، فالشرق والغرب متشابكان، وأكبر الاستثمارات في الصين تأتي من الغرب، وأكبر الاستثمارات إلى الغرب تأتي من الصين"، واوضح نقلا عن مصدر لم يسمه، أن هناك شيء واحد يقوله الصينيون لتركيا: "يجب أن تبقى عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي على المسار الصحيح."، بمعنى ان الصينيين أنفسهم لا يريدون أن يكونوا بديلا لعلاقات تركيا بالغرب وأوروبا.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "لا شك أن الأزمة الاقتصادية الحالية ستترك تركيا أكثر فقرا، وسيحصل المشترون الأجانب في الوقت نفسه على بعض شركاتها ومواردها وألغامها". ومع ذلك، وعلى الرغم من وفرة الأموال، فإن "الصين لا يمكنها أن تشتري تركيا بثمن زهيد أو أن تصبح علاجا لأزمتها بتلك الأموال"، بحسب الكاتب.