تقدم المصورة المصرية أسماء وجيه، في معرضها "على طريق الحرية"، الذي تم افتتاحه بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، واقع المرأة الكردية الراهن، والذي هو بمثابة حالة فريدة وصلت فيها المرأة إلى تولي كافة الأمور الحربية منها والمدنية ولتجعل العالم بأسره يلتفت إلى تجربتها بكثير من الإعزاز والتقدير.
احتفالات مختلفة يضمها شهر مارس/ آذار، الذي هو شهر الربيع والحياة والمرأة، شهر نوروز وأعياد المرأة والأم والربيع وحتى شهر الشعر والشعراء، وتزامناً مع هذه الاحتفالات قدمت المصرية أسماء وجيه في معرضها على طريق الحرية، الذي يستقبل رواده حتى الآن بمقر الجامعة الأمريكية في مصر، تجربة المرأة الكردية التي تابعتها بنفسها لتؤكد أنها تجربة مُلهمة ومختلفة عن غيرها من تجارب النساء اللاتي يناضلن من أجل الحرية ومن أجل تحقيق وجودهن.
وقدمت أسماء وجيه في المعرض الذي افتتح الأربعاء الماضي توثيق لتجربة المرأة الكردية عبر عدد من اللوحات الفوتوغرافية التقتطهالتوثيقحالةمقاومةالمرأةخلالالحربعلىتنظيمداعشالإرهابي.
وتوضح أسماء وجيه، في حوار مع وكالة فرات للأنباءANF أن المعرض هو نتاج رحلتين بين كردستان العراق، وخاصة سنجار في 2015، وبين شمال سوريا في نهاية 2017، وكلامهما كانت الحرب على داعش تأخذ منحاها، وصورها المختلفة، لافتة إلى أنها حاولت في المعرض أن تخرج مجموعة صور تُظهر حالة متناغمة وهي توضح كيف أن قوات سواء كردية أو كردية عربية بقيادة كردية وفي أراضٍ مختلفة، لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي.
وتؤكد وجيه التي تجولت بين مناطق مختلفة ودول تشهد صراعات وأزمات كليبيا، العراق، وغزة (فلسطين)، باكستان وغيرها من الدول، أن ما أرادته عبر معرضها أن تُظهر عبر الصورة كيف أن هناك نساء وفتايات وصلن إلى مرحلة غاية في الأهمية على مستويات عدة حتى الحربية والعسكرية منها، إضافة إلى إظهار صور استقلال المرأة حتى في الحياة المدنية وليست الحربية فحسب؛ فإلى نص الحوار:
** أربعون لوحة مصورة تعبر عن أحوال مختلفة للمرأة الكردية.. كيف بنيت اختياراتك للوحات المعرض؟
- لدي صور مختلفة التقتطتها في شمال شرق سوريا، تتناول مجمل الحياة والأوضاع فيها، لكني هنا أردت أن أقدم الصور التي تعبر عن حالة بعينها، وهي أن هناك قوات سواء كردية، عربية، فالقوات أيضا بها عرب يحاربون تنظيم داعش تحت قيادة كردية، ويحاربوا في أراض مختلفة وان كانت تأخذ شكل أوسع في سوريا، ولا سيما الرقة التي كانت عاصمة الخلافة والتي كنت آمل في أن أزورها.
فحتى مع الحجم الكبير لانتشار التنظيم الآخذ في الافول واالنتهاء في العراق إلا أن الرقة كان هي العاصمة والقلب للخلافة الذي كان إصابته في مقتل يعني انتهاء التنظيم فعلياً.
وأنا كنت أحاول تتبع حالة الفتيات الكرديات، وكيف أنهن تقاتلن، وكذلك أن منهن أيضا وصلن إلى مرحلة مهمة في تجربة الحكم الذاتي، فقابلت مثلا محافظة في كانتون تدير الأوضاع، وأخرى في بيت المرأة تهتم بالمرأة وأوضاعها، والمحصلة الأهم كيف أنهن شكلن تجربة متفردة من الاهتمام بالمرأة واستقلالها ليس في الحياة الحربية فحسب، لكن في الحياة المدنية أيضاً.
** إذاً أنت حاولت في المعرض أن تتخيري صور لتقدمي بها حالة المرأة الكردية في هذه المنطقة ككل في حربها على داعش وفي حياتها المدنية أيضا سواء في سوريا أو حتى العراق..
- نعم، وهناك صور أخرى أيضاً، فهناك صور لبنات عرب تتدربن على المعارك، ومظاهرة تشارك فيها المرأة كما الرجل، والفكرة أني أسلط هنا الضوء بشكل أكبر على المرأة.
** ومتى كان توقيت الزيارة التي وثقتي فيها هذه الصور؟
- الصور هي نتاج لزيارتين الأولى للعراق والثانية لشمال شرقي سوريا، فالأولى كانت للعراق، وبالأخص سنجار ولم يكن قد تحرر سوى نصفها فقط في نفس التوقيت في 2015، وفي نهاية السنة كانت قد تحررت سنجار.
أما شمال سوريا فكانت أجزاء صغيرة من دير الزور قد تحررت من تنظيم داعش الإرهابي في أواخر 2017، والأهم أن الحرب هي في مرحلتها الأخيرة حيث بات النصر على التنظيم قريب جداً ليتحرر كل الشمال السوري من التنظيم الإرهابي.
** كامرأة مصرية أيضا تنقلت بين شطرين تواجد فيهما التنظيم الإرهابي، ما الرسالة التي أردت أن تقدميها عبر هاتين الرحلتين عبر الكاميرا، وأيضا ما الهواجس التي كانت لديك وقت الزيارة؟
- أنا عندما ذهبت سافرت لأماكن متشابهة قبل ذلك، وكان لدى الناس تفكير سوريا، العراق، وكيف يمكن لأحد الذهاب إليهما، وفعلا قد تكون هناك فعلا صعوبة في التوثيق، لكن وقتما تذهبي إلى هناك تسبق المسألة تفكير دقيق، لكن في النهاية هي تشبه أي مكان به أحداث أوثقها، كانت بالنسبة لي مثلا كمظاهرة من التي كانت في ميدان التحرير في مصر، ممكن حجر بسيط يصل إليك فيقتل مثلها مثل غيرها، لذلك فليس الفارق كبير بين مظاهرة فيها غازات مسيلة للدموع، أو غير ذلك المهم كيف تتعامل مع الحدث، وهذا على الأقل بالنسبة لي.
المصور لديه ترمومتر داخلي يقيس به الأوضاع ويحدد وفقه حركته في مناطق الأحداث.
** لكنك ذهبت في وقت أيضا حاسم وفيه وسائل الإعلام تصدر لحالة الحرب الدائرة هناك.. ألم تخافي مما يُصدر؟
- الخوف هذا أمر نسبي، وعندما تذهبي إلى مناطق متشابهة في الأحداث أو الصراع وما إلى ذلك، فذلك يعطيك مع الوقت ما يشبه الحصانة من الخوف، لكن في النهاية أنت لا تتحركي جزافاً كما أنك تتحركي بالأساس مع قوات لن تضعك في مناطق الخطر، بل على العكس.
** بمعنى أننا يمكن القول بأن "أسماء وجيه" مقاتلة سلاحها الكاميرا؟
- في الحقيقة أنا رأيت نفسي في كل الفتيات والنساء المقاتلات، وعندما ذهبت إلى سنجار ورأيت الفتيات الصغيرات وهن يحاربن الإرهاب، تذكرت نفسي وأنا في نفس فترتهم العمرية، كنت أيضاً أحارب، فالحرب ليس شرط أن تكون بسلاح أنا مثلاً كنت أحارب عادات وتقاليد متجذرة، وبالتالي فهي نفس الفكرة، وكل إمرأة في العالم لديها حربها التي تخوضها والتي تختلف من مجتمع إلى آخر لكن تبقى هذه الحرب، هي حرب وجود وربما صمود، ومع اختلاف التجارب إلا أن بها متشابهات كثيرة باستمرار.
شعرت بنفسي مثلا بين النساء المتزوجات من دواعش وهن مستسلمات لهذه المسألة ولما هو أكثر، فحتى هؤلاء رأيت فيهم نفسي، فتربيتي وحياتي ليس بالضرورة أني وجدت حرية متاحة لي وسط أسرتي بسهولة، أو ماذا أرتدي، متى أتزوج وغيرها من ضغوط مجتمعية بالتأكيد جاءت لي، ومن هنا أنا عندما أتعامل مع فتيات من الشرق الأوسط على اختلافهن واختلاف ثقافتهن أرى فيهن نفسي وأحب أن أنقل الجزء المُقاتل فيهن الذي ربما حتى يقف أمام عادات وتقاليد قد تُقيد من وجودهن، وأعتبر أن هذا جزء من رسالتي.
** تحدثت بأن الحالة التي قابلتيها لم تكن الأولى فما الدول ذات الأحداث التي زرتيها من قبل؟
- باكستان، غزة (فلسطين)، وكذلك ليبيا، كما أني عشت في العراق أيضا فترة، وكانت مناطق منها بها درجات مختلفة من الخطورة.
** إذا حالة المقاتلة التي تتنقل في مناطق مختلفة لنقل الحقيقة عبر الصورة تتلبسك باستمرار؟
** زرت مناطق كردية مختلفة وبالتأكيد كردستان العراق تختلف عن روج آفا في سوريا.. كيف لمستي حالة الاختلاف تلك؟
- المنطقة مختلفة حتى المقاتلات في زيهن مختلفة، والطبيعة مختلفة من العراق إلى سوريا.. أيضا العراق مناطق كردية كاملة أما سوريا فرأيت حالة التمازج والتناغم العربي الكردي وغيرها.
أيضا في سوريا وبحكم تواجدي بشكل أكبر هناك فقد اتيحت الفرصة لي لأتعرف على تجربة الحكم الذاتي وألمس أنه ورغم حالة الحرب الأهلية في سوريا الممتدة إلا أن هذه التجربة في المناطق التي زرتها تعطي حالة الشعور بالأمان والاستقرار، كما أنهم نقلوا التجربة إلى العرب وإلى المناطق العربية المحيطة.