لا يزال النظام التركي يتعامل مع القائد عبدالله أوجلان بفرض العزلة رغم الإجراءات المحدودة التي يتخذها بين آن وآخر لتخفيفها بفعل حالة الضغط الشعبي عليه والتي بدت ذروتها مع النضال والمقاومة الكبيرة التي قادتها ليلى كوفن بحملة الإضراب عن الطعام، إلا أن الواضح أن نظام أردوغان لا يتوانى عن سياسته الإقصائية التي يفرض بها مزيد من العزلة على إمرالي وعلى الشعب الكردي عامة.
وفي هذا السياق أجرت وكالة فرات من قامشلو حواراً مع المُحامي في الرئاسة المشتركة لاتحاد المحامين في إقليم الجزيرة وليد الحسيني تناولت فيه مسألة العزلة المفروضة على القائد وما يدور حولها من قضايا وموضوعات.
وأكد الحسيني في اللقاء أن العزلة المفروضة على القائد "آبو" هي انتهاك صارخ لكافة العهود والمواثيق ذات الصلة بحقوق الإنسان عامة وحقوق السجناء خاصةً، وأنه لايمكن قانونياً أن نقول إن هناك تصنيفات للعزلة.
ودعا الحسيني الجميع إلى عدم نسيان أن مؤامرة 15 شباط كانت بالأساس مؤامرة دولية، اشتركت فيها العديد من دول العالم، وأنه لذلك يجب أن لا نتوقع من الدول التي أسهمت بالأساس في أسر القائد عبد الله أوجلان، أن تقوم فيما بعد بإصدار مواقف إيجابية تجاه قضيته الإنسانية.
فإلى نص الحوار:
يفرض النظام التركي عزلة مشددة على القائد أوجلان منذ سنوات طويلة وسط صمت دولي في ظل وجود الكثير من القوانين الدولية التي تحمي حقوق السجناء السياسيين، برأيك ما سبب هذا الصمت وخاصةً من قبل منظمة مناهضة التعذيب؟
- حقيقة يجب أن لا نتوقع سوى الصمت من المجتمع الدولي سواءً الحكومات أو المنظمات لأن جميع المنظمات كالتي ذكرتموها تدار من قبل الحكومات ويتم تمويلها منها، وبالتالي فإنه سيكون من المستحيل أن تصدر مواقف مستنكرة للعزلة من قبل هذه المنظمات، لأن هذه المنظمات لا تتحرك سوى بما يتوافق مع مصالح الدول ويجب أن لا ننسى أن مؤامرة 15 شباط بالأساس كانت مؤامرة دولية، اشتركت فيها العديد من دول العالم منها ما تم معرفتها ومنها ما لم يتم، وعليه يجب أن لا نتوقع من الدول التي أسهمت بالأساس في أسر القائد عبد الله أوجلان، أن تقوم فيما بعد بإصدار مواقف إيجابية تجاه قضيته الإنسانية.
كيف تصنف كحقوقي هذا النوع من العزلة بحسب القوانين الدولية؟
إن العزلة المفروضة على القائد APO هي انتهاك صارخ لكافة العهود والمواثيق ذات الصلة بحقوق الإنسان عامة وحقوق السجناء خاصةً، وقانونياً لا يمكن أن نقول إن هناك تصنيفات للعزلة وما شابه، فالعزلة المفروضة على القائد أي منع محاميه وذويه ومنع مندوبي المنظمات الدولية من زيارته والتواصل معه هي كما ذكرت انتهاك وخرق لحقوق الإنسان الطبيعية والقانونية.
هل هناك أي بند في القوانين الدولية يمنع عائلة ومحامي السجناء السياسيين من زيارتهم؟
مطلقاً لا يوجد أي بند أو نص قانوني لا في القانون الوطني التركي ولا في القوانين الدولية يمنع عائلة أي سجين من زيارته وكذلك يمنع محاميه من زيارته، فحق الزيارة والتواصل مكفول بالقانون ومصادرة هذا الحق هو انتهاك لأبسط قيم ومبادئ العدالة. وأن قرار المنع الذي أصدرته الدولة التركية هو مخالف للقانون ويدخل في خانة قرارات حالة الطوارئ، والدولة التركية بإصدارها لهكذا قرار تكون قد انتهكت قانونها المحلي قبل القانون الدولي.
منذ أيام طالبت نقابات العالمية البريطانية بإطلاق سراح القائد أوجلان وقاموا من خلال اجتماع لهم برفع صورته، برأيك هل بات العالم يدرك ضرورة إطلاق سراح القائد وبعدم قانونية اعتقاله وظروف سجنه؟
بدون شك فإننا لم نعول يوماً على السلطات والحكومات من أجل اتخاذ مواقف إيجابية تجاه قضية سجن القائد، ولكن كان التعويل دوماً على الشعوب والمؤسسات من هم مطلعون على فكر ونهج القائد أوجلان، وقد أدركوا بأن القائد عبد الله أوجلان هو شخص استثنائي ويحمل فكره ونهجه حلاً لأزمات المجتمع التي لم يخلقها سوى النظام الرأسمالي، لذلك يجب أن لا نستغرب مثل ذلك الموقف الذي خرج به نقابات البريطانية.
كحقوقي برأيك ما المطلوب من النظام التركي قانونياً وإنسانياً بما يتعلق بوضع القائد أوجلان في معتقله؟
يجب على تركيا أن تدرك بأنها باستمرارها بأسر القائد أوجلان لن تحل أي مشكلة بل ستتراكم المشاكل أكثر وأكثر كما سيتأزم وضع تركيا أكثر مما هو حالياً، فإذا كانت تركيا راغبة في إنهاء الأزمة التي تعاني منها عليها أن تطلق سراح القائد وتتفاوض معه، وتستطيع تركيا أن تصنع مخرجاً قانونياً لذلك بأن تعيد محاكمة القائد ومن ثم تخلي سبيله وتبدأ بمفاوضات جدية من أجل إحلال السلام وإنهاء الحرب.
القائد أوجلان أرسل من معتقله رسائل ودعوات متجددة للسلام، وفي المقابل قام النظام التركي مؤخراً بتشديد العزلة مجدداً ومنع الزيارة للقائد، كيف تفسرون هذه الخطوات من النظام التركي؟
إن استمرار تركيا وتشددها في فرض العزلة هو لأن الدولة التركية لا تعترف أساساً بوجود القضية الكردية في تركيا وبأنها يجب أن تحل، وتتهم حزب العمال الكردستاني PKK بأنه منظمة إرهابية ولا تزال تركيا تظن أنها سوف تنهي مقاومة الشعب الكردي من خلال الاستمرار بسجن القائد وعزله عن شعبه، علماً بأنها مدركة تماماً أنها مخطئة، لكن روح الفاشية التي تتحلى الدولة التركية وأنكارها للغير المختلف عنها هو الذي يجعلها مستمرة في عزل القائد واستمرار أسره في سجن إمرالي.
كانت هناك مقاومة كبيرة من خلال حملات الإضراب عن الطعام واستشهد عدد من المناضلين على أثرها وذلك لرفع عزلة القائد أوجلان حيث أجبر النظام التركي على السماح بالزيارات للقائد، برأيك السماح بالزيارات يعني إنهاء العزلة نهائياً؟
لا يمكن أن ننكر الأثر الكبير لحملات الإضراب المفتوحة عن الطعام التي حصلت وكان لها دور كبير في تحويل الرأي العام الشعبي في العالم، الأمر الذي وضع تركيا في موقف صعب وأجبرتها على استئناف السماح بالزيارات للقائد ولكن كما أشرت سابقاً فالشعب الكردي وجميع الشعوب التي ترى في الفكر الأوجلاني خلاصاً وحرية لن يروي ظماها مجرد رفع العزلة وإنما تتطلع إلى خروج القائد من السجن...ولكن العزلة لم يتم أنهاءها فالدولة التركية عادت مجدداً لرفض طلبات الزيارة التي يتقدم بها محامو القائد وعائلته.
أخيراً كشعوب وبمختلف مكوناتها والمؤمنة بالحرية وفكر القائد أوجلان ما هو شيء المطلوب أمام هذه العزلة؟
يجب على جميع الشعوب في شرق الأوسط أن لا تتوقف عن تصعيد النضال على كافة المستويات لتتشكل قوة ضغط على الدولة التركية وعلى عموم الدول الأوروبية من أجل إنهاء سجن القائد وليس فقط إنهاء العزلة المفروضة عليه، لأن أسلوب الأمة الديمقراطية والعيش المشترك هو سبيل الوحيد لانتهاء جميع الأزمات والحروب وطريق الخلاص للشعوب لذلك يقع على عاتق الجميع أن يتمثل قيم ومبادئ الأمة الديمقراطية.