اللواء حاتم باشات: مصر أحبطت مشروع أردوغان العثماني.. و"الانسحاب الأمريكي" مجرد مناورة

قال اللواء حاتم باشات عضو مجلس النواب المصري أن خطاب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو جاء ليعلن، من القاهرة، أن المرحلة المقبلة ستكون موجهة ضد إيران.

وأعتبر اللواء باشات عضو لجنة الشئون الإفريقية، بمجلس النواب، ووكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق، أردوغان لديه دور وظيفي في الشرق الأوسط يؤديه بناء على رفض انضمامه لسوق الدول الأوروبية، ويريد اعادة احياء الخلافة العثمانية كما كان يتخيل ولكنه صدم بعدم استطاعته تحقيق هذا المخطط والسبب الرئيسي في ذلك مصر، وكشف باشات في حوار خاص لوكالة فرات للأنباء ANF عن موقف مصر من الدعوة الأمريكية للتدخل العربي في سوريا بعد قرار الانسحاب الأمريكي، وأشار إلى أنه ليس هناك إرادة دولية لوقف دعم قطر للتطرف والإرهاب.. فإلى نص الحوار:

 

  • ما توصيفكم لما تشهده منطقة الشرق الأوسط حاليا، هل المرحلة الانتقالية التي بدأت في 2011 لا تزال قائمة، أم تجاوزناها، أم أننا دخلنا في إطار مرحلة انتقالية جديدة؟

هناك مخطط، لا أريد أقول مؤامرة، لأن البعض لا يفضله، ومن لا يفضله ليس لديه القدرة على تفهم الموقف بشكل سليم، فأنا أقول أن ما شهدناه كان مخطط لتغيير شكل منطقة الشرق الأوسط، أو رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، وهذه الخريطة تغيرت أكثر من 4 مرات، وأول تغيير حدث كان يقسم بعض الدول إلى جزئيات، وعلى سبيل المثال مصر كانت مخطط لها التقسيم كثلاث أو أربع دول، وبدأت تتغير كل فترة، وهذا يحدث منذ الثمانينيات وليس بعد 2011 فقط، وتم فعلا تقسيم بعض الدول أو جاري تقسيم بعض الدول، وفي الفترة الأخيرة الخريطة تغيرت تماما، وبقيت مصر كما كانت. وفي اعتقادي، أن المخطط حاليا بالنسبة لمصر هي مرحلة "التخدير"، يتم تخديرنا، والاشادة بقوة دولتنا ومكانة بلادنا وقوة جيشنا، وفي نفس التوقيت العدو الحقيقي لنا في المنطقة ومن له مصلحة في تقسيم الشرق الأوسط.

 

  • هل هذا العدو طرف واحد، أم يتسع ليشمل بقية الدول الاقليمية التي تتدخل في شؤون المنطقة وتناوئ مصالحها؟

لا يمكنني القول أن قطر واثيوبيا وتركيا وإيران أعداء حقيقين لنا، بل هم مجرد أدوات، فقطر تنفذ المخطط الموضوع لها، وفي نفس الوقت هي صندوق أسود للسياسة الأمريكية السابقة وخاصة سياسة باراك أوباما، وبالتالي لن يتمكن أحد من الاقتراب منها سواء بالعقوبات او غيره او اتهامها بشكل واضح بأنها راعي للإرهاب، فهناك دول تم تدميرها لمجرد اتهامات غير مثبتة، ولكن العالم كله يعلم رعاية قطر للإرهاب في المنطقة والعالم كله، ولا يتم مساسها، وذلك لأنها تنفذ مصالح خاصة ومخطط، ولديها أموال. وقطر أداة ووسيلة لتنفيذ هذا المخطط وهي تنفذ مرحلة، كما هو الحال تماما كما ينفذ الرئيس الأمريكي سياسة الولايات المتحدة خلال فترة حكمه، ويأتي غيره لينفذ مرحلة أخرى.

  • بمناسبة الحديث عن المراحل.. كيف ترى المرحلة المقبلة؟

وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو جاء للقاهرة لتوضيح رسالة تعبر عن طبيعة المرحلة القادمة وهي مواجهة إيران لخطورتها في اليمن ولبنان والعراق والخليج، وهي أن المجهود الرئيسي سيكون موجها نحو إيران وطبعا حزب الله، وبالتالي هو يأتي لهذه المهمة، ولكي يوضحها، وأيا كان هناك علاقات مع هذه الدول من دول المنطقة بصفة خاصة، لأنه لن يواجه علاقات ايران بمناطق أخرى فطهران لها علاقات مع أوروبا وآسيا ولن يمسها أحد، ولكن دول الشرق الأوسط فرصة ووسيلة للتحكم فيها وتنفيذ مخططها عليهم بحجة ان لديهم علاقات مع إيران، فيتم الضغط على بعض الدول أو ابتزازها، ولكن هل سيتم بالفعل مواجهة النفوذ الايراني في المنطقة؟

  • كيف ترى قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا؟

اتخيل انها مناورات يقوم بها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لكي تحل قوة أخرى محل هذا الفراغ، والجاهز لمليء هذا الفراغ هو يفاضل بين تركيا أو بعض الدول العربية، والأمريكان طلبوا بالفعل من بعض الدول العربية القيام بذلك، وتحديدا دول خليجية.

  • وهل مصر ليست مطالبة بهذا الحضور والتواجد أيضا؟

لا أعتقد أن القيادة المصرية ستتدخل في هذا الشأن، نحن لدينا مبدأ وهذه سياسة مصر منذ فترة طويلة، وهي عدم التدخل المباشر والانخراط في صراعات في المنطقة لفترة طويلة، نحن يمكن ان نساند أو ندعم أو يكون لنا رأي أو دور في التسوية، أما دخولنا بقوة في صراع لا أعتقد أنه وارد، وكما رأينا في كثير من الأزمات حولنا في المنطقة لم نتورط حتى الأن، وهذا نتيجة الخبرات السابقة التي تعرضت لها مصر، كمثال اليمن في الستينيات التي كانت سبب رئيسي في انهاك قوانا واستفزازنا واستنزاف جزء كبير من قواتنا لكي يتم الوصول لمخطط 1967، ولا يزال هناك مخطط لاستفزاز مصر وجرها لحروب خارج أراضيها، لكي يتم التمكن من تقسيمنا، لأن الجميع أدرك عدم القدرة على التفوق على مصر عسكريا، وخاصة منذ حرب 1973، والبحث حاليا عن وسائل أخرى ومن ضمنها هذا الأسلوب، أو اضعاف البنية التحتية للدولة وعناصر قوتها من مجتمع وتعلم وصحة وغيرها، وغرس روح اللامبالاة واليأس وغيرها. ولكي نتغلب على محاولات اضعافنا لابد من تعزيز الولاء والانتماء للدولة وتطوير قدراتنا الاقتصادية وقوة جيشنا، فهو حاليا في المرتبة التاسعة عالميا ولدينا جهاز أمني في المرتبة الرابعة أو الخامسة، ولدينا موقف ريادي على مستوى المنطقة وأفريقيا، وهذه العناصر يجب ان نشعر بها دون غرور يدفعنا للتورط في صراعات تضعف قوتنا.

 

  • هل معنى ذلك أن هناك تحرك لجر مصر لصراعات بالفعل؟

رأينا بالفعل أنه تم جر العديد من الدول لصراعات غير مبررة في المنطقة وخاصة من الدول التي تسيطر عليها الطبيعة القبلية، والقوى الكبرى حاولت مع مصر ذلك ولكن من خلال زرع الفتنة الطائفية، فشلت تلك المحاولات، والرد يكون سريع جدا من مصر، والأن ليس هناك وسيلة لذلك سوى تضخيم الحديث حول قوة مصر ودورها لجرها لنزاعات في المنطقة، ولكننا نقوي أنفسنا دفاعا عن حدودنا وأمننا القومي، الذي قد يمتد خارج حدودنا ولكن بدراسة وحسبان.

  • بهذا المعنى مصر ليست منكفأة على ذاتها، ولا يوجد دولة ولا منظمة دولية الا وتعود لمصر في كثير من الملفات مثل الملف الليبي وكذلك سوريا.. فما هي رؤية مصر لدورها وخاصة في الحالة السورية؟

الظروف التي مرت بها المنطقة أثبتت انه لا يمكن إلغاء الكيان السوري، ولذلك الكيان السوري لابد أن يُدعم، لأن اليوم اذا انتهى الكيان السوري سيكون هناك منطقة مشتعلة بلهيب التطرف، والارهاب سيجتاح مجددا هذه المنطقة، اذا لم تكن هناك ارادة سياسية ودولية لإيقاف الارهاب لن يتم القضاء عليه، والقوى الدولية أخذت خطوات تمثيلية مثل تجميد تمويل الارهاب، فدعوا قطر لوقف التمويل، وبالفعل قامت بذلك جزئيا، وتتعرض لعقوبات من 4 او 5 دول ولكن اين بقية العالم؟ ويجب ان يكون هناك تحرك فعلي ضد القوى الداعمة للإرهاب مثل قطر وتركيا ولا يجب تسييس مكافحة الارهاب، بالأمور واضحة للجميع.

  • ما هي امكانيات مواجهة التدخلات الايرانية والتركية في المنطقة؟

سأتحدث معك بمنتهى الصراحة.. لو التهديدات الايرانية ضد إسرائيل فإنها سوف تواجه من قبل القوى الدولية، ولو تهدد التهديدات الايرانية تهدد الأمن القومي المصري والعربي، فستجد من يدعمها، ولأن هناك خطورة من التهديدات الايرانية على اسرائيل وسيما من جانب حزب الله، فإنه في تقديري سيتم مواجهة التهديدات الايرانية، وان كانت ايران ايضا تهدد باب المندب وهذا يهدد الملاحة البحرية في البحر الأحمر وقناة السويس، ولذلك فيجب أيضا مواجهتها عربيا. والموقف التركي يشوبه الغموض نتيجة علمنا بوجود تنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بسوريا، فما يحدث أحيانا كنوع من التمويه والمناورة بما يعطي ايحاء بأن الموقف التركي متعارض مع المصالح الأمريكية، وكيف تقوم تركيا بقتل السفير الروسي على الهواء مباشرة وعلاقاتها معها مستمرة، واسقطت طائرة والعلاقات مستمرة والسياحة مستمرة.. كل هذه تساؤلات وتعطي انطباعات واسئلة حول حقيقة الموقف التركي أو الموقف المعلن والتحرك الحقيقي، وأعتقد أن هذه الأمور تحتاج إلى وقفة.

 

  • هل يفهم ذلك في إطار الدور الوظيفي الذي تقوم به الدولة التركية في علاقاتها مع القوى الكبرى منذ نشأتها؟

تركيا تقوم بدور خطير وهم متخيلين أن بإمكانهم احتلال اجزاء من سوريا ومستندين على الموقف الأمريكي والدعم القطري وهي فرصة بالنسبة لهم أن يثبتوا وجودهم، وحاولوا في ذلك تاريخيا والرئيس مبارك منع هذه المحاولات في أخر لحظة، ولذلك فإن موقفنا التاريخي واضح ومساند، والموقف التركي ليس فيه اي مصداقية فهو يسب اسرائيل ويجري معها مناورات عسكرية، ويتاجر بالقضية الفلسطينية، فلا يوجد مبدأ لدى أردوغان ولا ثقة في مواقفه، ولا أحد يفعل ما فعله ويكون محل ثقة، هذا الرجل يحاكم جيشه ويسجنه ويهينه ويعتقل قياداته، ويتقلب بين التحالفات، والقوى الكبرى جالسة تبتز الاطراف وتأخذ منهم الأموال، ودول تدفع دون ان يُطلب منها مثل قطر.

أردوغان لديه دور وظيفي في الشرق الأوسط يؤديه بناء على رفض انضمامه لسوق الدول الأوروبية، ويريد اعادة احياء الخلافة العثمانية كما كان يتخيل ولكنه صدم بعدم استطاعته تحقيق هذا المخطط والسبب الرئيسي في ذلك مصر، مصر احبطت مشروع اردوغان العثماني.. وهذا المشروع بدأ من تونس تم تحرك إلى ليبيا وسوريا، وطبعا اليمن والعراق، ثم جاءت مصر كحائط صد أحبط المشروع التركي، والأن اتجه لزعزعة الأوضاع الداخلية في الخليج، وبدأ ذلك من السعودية التي قامت بالمواجهة بجهود اصلاحية حكيمة لإيقاف التطرف.

ولكن مصر ستظل دائما مهددة ومستهدفة وكُتب عليها ذلك، وهذا سيكون دائما سببا في قوتنا، والحملات ضدنا لم تتوقف منذ القرن الـ16، وقد كُتب علينا ايضا ان نظل أقوياء لكي نبقى.. لأن مصر محروسة فعلا وهذا ليس من فراغ. ومصر استعادت دورها ومكانتها بشكل سريع جدا وبصورة أقوى مما كانت عليه قبل ذلك، وهذا يجعلنا دائما في حالة تأهب وحرص لأن أكد هناك من يريد إيقاف هذا التقدم وهذه القوة التي ستظهر أكثر في المنطقة، ولذلك يجب ان نضع ذلك دائما في الاعتبار، لذلك جاء وزير الخارجية الأمريكي لتوجيه رسالة واضحة من القاهرة، ونحن مؤيدون لطرحه لأننا دولة تكافح الارهاب بالفعل، ولكن يجب ان يكون هناك عدالة في التنفيذ وهذا كان واضح في خطاب الرئيس السيسي إلى الجانب الأمريكي في هذا السياق، وكنا نريد ان يتطرق وزير الخارجية الأمريكي في خطابه من القاهرة للقضية الفلسطينية ويوضح الموقف الأمريكي.

 

  • ماذا عن الصراع التركي على الغاز في شرق المتوسط؟

 مصر اليوم ستصبح قوة اقليمية في مجال الطاقة ولديها اكتشافات كبيرة في الغاز والبترول ويمكن سابقا لم يكن لدينا القدرة على الاستفادة من تلك الموارد بشكل سليم، فاليوم قمنا بترسيم حدودنا وانطلقنا. واصبحنا قوة في هذا المجال، ونحن الدولة الوحيدة في المنطقة التي لديها البنية التحتية لإسالة الغاز وكل الدول بما فيها اليونان وقبرص واسرائيل ولاحقا لبنان وسوريا يعتمدون على البنية التحتية المصرية في مجال الغاز، والمنافس لنا في ذلك هي تركيا وقطر، فالأمور واضحة، ولا تشغلنا التهديدات والاستفزازات التركية، لأن أنقرة تعلم جيدا انها لا تستطيع، ولا يمكنها الدخول في هذه المنطقة أو النوع من النزاع، لأنه سيكون باب ولن يغلق عليها، فالدول المستفيدة من الغاز والمساهمة من خلال شركاتها في اكتشافه واستخراجه لن تصمت أمام أي تهديد تركي، وبصرف النظر نحن مصر كدولة حتى لو اخذت موقفا منفردا فهي في مركز قوة، وتعلمنا ألا نعتمد على الآخرين، وعندما كنا نغرق جربنا كل اطواق النجاة ولم ينفعنا سوى طوق النجاة المصري، وطوق النجاة هذا يتمثل في الإرادة الشعبية والوحدة الوطنية ومبادئنا وقيمنا.