اجرت وكالة فرات للانباءANF حوار مع الشيخ مرشد الخزنوي بمناسبة مرور اربعة عشرة عاما على اغتياله، وفي مايلي نص الحوار:
يوافق اليوم الذكرى السنوية لاغتيال الشهيد الشيخ معشوق الخزنوي. بعد مرور هذه الفترة الطويلة على اغتياله، هل حصلتم على معلومات أكثر تفصيلاً عن الشخصيات الرئيسية المتورطة في العملية؟
نعم يمر اليوم اربعة عشرة سنة على هذه الجريمة التي مارسها ازلام البعث ونظامه بحق شيخ الشهداء معشوق الخزنوي ، ومنذ اللحظات الاولى لهذه الجريمة كان لدينا تصور للعملية وتأكدت لنا تلك الصورة بعيد عملية الاغتيال ، بعد الاحداث التي جرت في سوريا وانشقاق العديد من الشخصيات عن النظام الاسدي وخروجه عليه كانت لدينا فرصة التواصل ببعضهم الذين كانوا على علاقة بملف اغتيال شيخ الشهداء او قريبين من الملف ، وكانت خلاصتها أننا لم نحصل على معلومة جديدة ولكن تأكيد ما كنا قد حصلنا عليه من معلومات ومن ملابسات لهذه الجريمة .
كانت قضية اغتيال الشيخ معشوق تشغل حيزاً كبيراً من الاهتمام في مرحلة ما قبل الحرب في سوريا إلا أن السنوات القليلة الماضية شهدت حالة خمود في متابعة هذا القضية. برأيك ما هي أسباب هذا الخمود وكيف يمكن دفع القضية مجدداً إلى الأمام لمحاسبة المتورطين في هذه الجريمة؟ وهل اتخذت عائلة الشهيد أية خطوات قانونية في هذا الاتجاه؟
لازالت الجريمة تلقى صداها المؤلمة لدى جماهير شعبنا ومحبي شيخ الشهداء ولازالت صدى كلمات شيخ الشهداء ونشاطه وتفانيه يحملها جماهير شعبنا بكل إكبار ، لكن الخمود هو على الصعيد السياسي والقانوني ، وهذا عائد لسببين.
الأول : من تعمد الحركة السياسية الكردية ومحاولاتها الحثيثة لفك الارتباط الوجداني بين جماهير شعبنا وشيخ الشهداء ، وتخوفها من المكانة التي يحظى بها شيخ الشهداء وهذا واضح لدينا وضوح الشمس في رابعة النهار ، ونحن على علم بما حصل وما جرى من اتفاقية خلال هذه السنوات بين بعض اطراف الحركة من اجل العمل المشترك بينهم كان احد المطالب الرئيسية الغاء الاحتفال بالذكرى السنوية لشيخ الشهداء .
وكان هذا واضحا من قبل الحركة السياسية التي حاولت وعن عمد تهميش عملنا في الثورة السورية خشية من اسم شيخ الشهداء ، عملنا كمؤسسة شيخ الشهداء كنا منذ اللحظات الاولى من الثورة السورية متواجدين في حين كانت الحركة تتخذ دور التريث ، وقفزنا من مظلة المعارضة عندما انحرفت عن مسارها في حين ان الحركة السياسية كانت لازال تفاوض في اليات دخولها لذلك الجسم المشوه ، هذا من جهة .
من جهة اخرى مأساة الشعب السوري وما مارسه ويمارسه النظام السوري بحق الشعب السوري فاق هولها التوقعات ، ولم يترك النظام جريمة الا ومارسها ويمارسها بحق الشعب السوري وبالتالي فما حصل من اجرام كامل بحق الشعب السوري في ظل غياب الواجدان الانساني للمجتمع الاسلامي والدولي ادى بتراجع الملفات الفردية او الاثنية وبرز الاجرام بحق الشعب السوري برمته .
من الناحية القانونية وخلال هذه السنين تم رفع العديد من الدعاوى او رفع الملف الى العديد من الجهات لكن ايضا للأسف كان للدور السلبي للحركة الكردية الدور الابرز في اننا لم نحرز أي تقدم .
اما كيف يمكن دفع القضية مجددا فاعذرني فقدنا الامل بالحركات السياسية والمنظمات التي تدعي دعم حقوق الانسان ونترك الامر لله الى ان يحدث الله لنا امرا .
خلال الحروب والمراحل المصيرية التي تعصف بالمجتمعات والدول، يفرّق علماء الدين والأشخاص القياديون بين المشاريع السياسية والمجتمعية. برأيكم ألا تستحق منطقة يعيش فيها خمسة ملايين شخص مزيداً من الإحساس بالمسؤولية من جانب هذه الشخصيات لتعزيز العيش المشترك الذي كان يشكل أساس رسالة الشيخ معشوق الخزنوي قبل أن يتم اغتياله من قبل النظام السوري؟
هذا صحيح ولكن اعتقد ان غياب الامر يعود الى امرين الاولى عامة والأخرى خاصة .
اما العامة فان مسألة العيش المشترك اصبحت مهددة في كامل التراب السوري ، والمأساة السورية والتغريبة السورية تشغل عن المسائل الاصغر منها حجما او الاصغر جغرافية .
هذا من جهة، ومن الناحية خاصة فإن الادارة الذاتية ومؤسساتها لم تقم بما يلزم لشرح عملها على الصعيد الاسلامي الذي توجه انت الحديث او اللوم الى علمائه ، بل على العكس فخلال السنوات الماضية والى اللحظة كانت الادارة الذاتية بعيدة كل البعد عن رجال الدين او المؤسسات الدينية خارج اطار جغرافية الادارة الذاتية وما اذيعت من رسائل من قبل الادارة الذاتية ومؤسساتها انا اتصور انها كانت سلبية فبالتالي قبل لوم علماء الدين وهذا حق وهم مقصرون وسوف يحاسبون امام الله ، لكن المسؤولية ايضا تقع على عاتق مسؤولي هذه الجغرافية الذين قدموا رسائل سلبية ، في حين انها بذلت كل جهد في ارضاء المجتمع الدولي والاوربي .
تمكنت قوات سوريا الديمقراطية خلال الأشهر القليلة الفائتة من تحرير كافة المناطق التي كانت تقع تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي. كيف تقيّم المعركة التي جرت وبرأيكم ما هو المطلوب من الآئمة وعلماء الدين لتلافي عودة هكذا تنظيمات إرهابية؟
عذرا فلا استطيع تقييم المعركة او المعارك فهذا الامر يتطلب خبراء عسكريين اصحاب الاختصاص ، لكن الذي استطيع قوله ان الدور الاساسي يقع على عاتق علماء الدين في عدم عودة هذه المنظمات على الاقل من الناحية الجماهيرية وليس العسكرية .
لان العودة العسكرية لهذه المنظمات بتصوري مرتبطة بقوى ومنظمات اقوى مني ، ومنك ومن الادارة الذاتية ، وقسد، والحكومة السورية كلها والمصالح هي التي تلعب الدور الحسام بها .
لكن من الناحية العقائدية والجماهيرية فان المسؤولية الكبرى تقع على عاتق علماء الدين والمؤسسات والمدارس الشرعية من خلال فحص المناهج وبروز الخطاب الحقيقي للإسلام من خلال فضح هذه العقيدة الارهابية الداعشية او القاعدية وربطها بالأدلة، العقيدة الداعشية او القاعدية ، أو التكفيرية هذا فكر ولابد ان يجابه اولا بالفكر .
كيف تنظرون لردود فعل المؤسسات الدينية ورجال الدين في سوريا حيال الممارسات التي يتعرض لها المدنيون في عفرين، وبرأيكم كيف يجب أن يكون خطابهم الآن؟
عادي جدا كما هو الامر عند كل الجماعات كل طرف لديها علماؤها الذين يؤيدونها ويبررون لها تصرفاتها، ولديها فنانوها الذين يتغنون بامجادها، ولديها اعلاميها الذين يروجون لها.
عادي جدا لا تكبر الموضوع ولا تتألم وتتحسر، اضافة الى ان كلمة المؤسسات الدينية كلمة عجيبة، اين هي هذه المؤسسات تذكرني بحالة الاحزاب الكردية.
فلا يوجد مؤسسات دينية حقيقة في سوريا، جميع المؤسسات اما فردية او عائلية او حزبية او سياسية
العلماء الحقيقون لا تعرفونهم، لا يظهرون في الاعلام ولا في هذه المؤسسات لأنهم اساس لا يمشون حسب هوى الممول ، وبالتالي تراهم منعزلون لان اصواتهم غير مسموعة بفعل الساسة والمال .
تقدم الدولة التركية دعماً كبيراً للمجموعات الإرهابية مثل تنظيمي "داعش" والقاعدة. من وجهة نظركم ما هي الخطوات الواجب اتخاذها من قبل جميع الأطراف الفاعلة في الملف السوري سواء أكانت محلية أم خارجية لمكافحة هذه التنظيمات ومشاريعها الهدّامة؟
اعتقد ان هذا السؤال عندما يسأل لشخص مثلي او أي سوري مهما كبر او صغر مهما كان موقعه في المعارضة او النظام او مستقل هذا السؤال من باب الفزلكة الاعلامية، لان الامر ليس بأيدينا وخطوات مواجهته ايضا ليست متاحة لنا ابدا، هذا ملف تابع للدول الكبرى التي تسوده وتبيضه وفقا للمصالح والاجندة.
تركيا دعمت وتدعم هذه المنظمات وقدمت لها كافة الخدمات اللوجستية وفتحت مكاتب التجنيد على حدودها على "عينك يا تجار"، وامام الراي العالمي، وكبار المؤسسات الاعلامية الغربية ذهبت ورصدت الامر ومع ذلك لم يتغير الامر الا بمقدار المصالح الغربية وليس مصلحة السوري.
وقريبا الانفراج قادم في العلاقات التركية والامريكية، أنسي شي اسمه سوري او كردي ما نحن الا احجار شطرنج يحركنا الاخرون وفق مصالحهم شعرت بذلك او لم تشعر.
أردوغان يقدم نفسه بأنه الممثل الحقيقي للمسلمين في العالم. كيف يمكن لشخص أن يستشهد بآيات الله وفي نفس الوقت يرتكب مجازر بحق المدنيين في عفرين وعموم مناطق كردستان؟
باختصار استطيع القول حلال على الشاطر، نعم حلال على الشاطر، لا تستغرب فنحن لا نتحدث عن القيم ولا المبادي الاسلامية ، لانه اساسا القيم والمبادئ الاسلامية تمنع الظلم والعداون، والقضية ليست فيمن يمثل الاسلام ، فالإسلام امر انساني ومشاع لكل الناس وحقيقته وخطأ الانسان سوف يقدم فاتورة ذلك بين يدي الله عز وجل يوم القيامة ، وليس من حق احد ان يختصر الاسلام في شخصه او جماعته او حزبه او طائفته .
لكن القضية هنا استغلال المقدس من قبل اردوغان وحزبه وهذا امر سيء لا نقبله ونرفضه ، لكننا لا نستطيع ان نمنع هذا الامر الا اللهم فضحه وهذا الفضح لا يؤدي مفعوله في ظل من ينادي بالدين وبين من يهمش الدين ولم يقدم البديل .
لا تتألم انا اتعمد قول هذا واقصد بذلك قسد ، والادارة الذاتية ، يعني كلنا يرفض استغلال اردوغان للدين ، وكلنا وقفنا وفضحنا هذه الاستغلالية للدين وللقران ولسورة الفتح في حربهم على عفرين ، لكن في المقابل ماذا فعلنا ، لم نؤثر باي مقدار هل تعلم لماذا لان الادارة الذاتية تتهرب من الدين ولم تقدم البديل ،طبيعي جدا عندما يرى الناس هذا المشهد ان لا يهتمون بقولنا عن فضائح اردوغان .
دعني اجيب بصورة اخرى اردوغان دعا كل الائمة والمساجد لقراءة سورة الفتح لدعم جنجويده وازلامه في غزو عفرين ، ماذا فعلنا خرجنا في مظاهرات ، في برامج ، في محاضرات ان هذا استغلال للدين ، في حين ان الادارة الذاتية تمتلك اكثر من عشرة قناة فضائية وكل مساجد وائمة جغرافية الادارة الذاتية تحت يدها وعندهم في اوربا 62 مسجد تحت مظلمة المجتمع الاسلامي الكردستاني طيب لماذا لا تدعوا الادارة لقراءة يس مع الفتح في دعم مقاومة عفرين ضد الغزو التركي ، لماذا لم تفتح البث المباشر عبر العشرات من قنواتها لتبث من المساجد الائمة يقرأون ويدعون لصمود عفرين ، لماذا لم يسافر علماء الادارة الذاتية الى مصر الى السعودية الى الامارات الى كثير من دول العالم الاسلامية ليشرحوا مأساتهم مع الخلفية اردوغان سود الله وجهه .
اقصد من هذا عزيزي قبل ان نلوم الناس تعال لنلوم أنفسنا.
يؤيد بعض الكرد السوريين سياسات أردوغان، حتّى تلك التي تعادي الكرد وتهدف لإبادتهم تحت مظلّة الدين الإسلامي. كيف تفسر هذا التوجه لدى بعض الكرد الموالين لأردوغان؟
هذا عائد في مجتمعنا الكردي لسببن الاول يتمثل في الطرق الصوفية ، والثاني يتمثل في الجماعات التي تحمل التوجهات السياسية كجماعة الاخوان الكردية هاتين المنظمتين او المؤسستين لا تجد عمقها في الادارة الذاتية ولا في الحركات السياسية الكردية ، كما ان الحركات السياسية والادارة الذاتية لم تحتويها ، ولذلك فالدعاية قائمة بين صفوف جماهير هاتين المؤسستين على أن العمق يكمن في تركيا اردوغان ، كما ان تركيا اردوغان ايضا بدورها لم تبخل في احتوائهم وتقديم كافة اشكال الدعم لهم . وهذا واضح وجلي ،
على سبيل المثال اثناء الغزو التركي على عفرين الحبيبة نسأل الله ان يرد عنها كيد العدوان التركي وازلامها ، اقول اثناء هذا الغزو دعينا الى مؤتمر في مدينة دورتموند الالمانية للاجتماع واصدار بيان يندد بالسياسة التركية ودعت لهذا الاجتماع منظمة المجتمع الكردستاني احد اذرع حزب العمال الكردستاني وكان من بين المدعويين الاتحاد الاسلامي الكردستاني وهي حركة سياسية اسلامية تتبنى النهج الاخواني هو فرع جماعة الاخوان العالمية في كردستان العراق وله ممثلين ونواب في البرلمانيين العراقي والكردستاني وللاسف لم يوقعوا على صيغة البيان التي تندد بالعدوان التركي وتفضح استغلال اردوغان الفاضح للدين ، والسبب انهم يعتبرون اردوغان اقرب اليهم من اخيهم الكردي ويجدون في اردوغان وحزبه العمق والدعم ، الذي يقدم لهم المال والاعلام ، في حين ان المجتمع الاسلامي الكردستاني التابع لحزب العمال الكردستاني تفرض على الائمة والملالي دفع اجار المسجد الذي يقدم فيه ندوة او محاضرة تدعم مقاومة عفرين وتفضح سياسة اردوغان ، مثال بسيط ولدينا العشرات من هذه الامثلة .
ما هو الدور الحقيقي للإسلام والرسالة الحقيقية التي يجب أن يوصلها علماء الدين في المنطقة؟
معلوم أن الله أرسل الرسل والأنبياء للبشرية كي يقيموا العدل في المجتمع ، وأنزل عليهم الكتب السماوية لتساهم معهم في تبيان الحقيقة والعدل بين الناس ، ولذلك قال الله في القرآن الكريم ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) سورة الحديد الآية 25 .
وعلى اعتبار أن النبوة ختمة بسيدنا محمد كان لابد من خلفاء ووارثين لحمل هذه المهمة ولاستمرار رسالة الأنبياء، فحمل الله هذه الأمانة للعلماء ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { العلماء ورثة الأنبياء } .
والعلماء قسمان:
قسم لم يؤمنوا بتلك الحقيقة ، ولم يكتمل بذرة الإيمان في قلوبهم ، فاتخذوا كلام الله ودينه تجارة للحصول على مأربهم الشخصية وتجدهم دائماً بجانب الطغاة والظلمة والجبابرة ، فتراهم في سما العلماء لكن بواطنهم عكس ذلك ، وهذه هي الحقيقة : يقول الحسن البصري : عقوبة العالم إذا أحب الدنيا موت القلب ، وإذا أحب الدنيا طلبها بعمل الآخرة ، وعند ذلك ترحل عنه بركات العلم ويبقى عليه رسمه ، ولذلك وعد الله أمثال هؤلاء بالخزي في الحياة الدنيا والويل في الأخرة فقال ربنا : { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً } .
وأمثال هؤلاء كثيرون وتواجدوا على مر التاريخ منذ النبوة فقد كان المنافقون منذ زمن النبوة، وقد وعدهم الله أنهم بالدرك الأسفل من النار.
وأمثال هؤلاء العلماء ليتهم أساءوا لأنفسهم فقط بل أساءوا لأنفسهم وللإسلام ولمجتمعاتهم.
قليلون هم من اصطفاهم الله واختارهم لمهمة الأنبياء ، وهذا هو القسم الثاني من العلماء ، تعمق الإيمان الكامل في قلوبهم وعرفوا الحقيقة فأصروا على تبليغها واصتبروا عليها وتحملوا في سبيلها كل شيء دائما يضعون نصب اعينهم قول الله تعالى : ( ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ) وقدوتهم الإمام علي كرم الله وجهه الذي كان يقول { العامل بالظلم والمعين عليه والراضي به شركاء ثلاثة } .