السفير جمال بيومي: أردوغان يريد استعادة أمجاد الإمبراطورية الغابرة وعلى الدول الانتباه لهذا الخطر

أكد السفير جمال الدين بيومي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن مصر تتخذ خطوات واضحة في مواجهة الغزو التركي الجديد للمنطقة في سياق ما يُطلب عليه بالعثمانية الجديدة.

وشدد على أن مصر منذ تصاعد الأحداث في ليبيا قدمت ثلاث رسائل قوية تؤكد أنها تحتفظ بحق الرد في الوقت المناسب وأنها لن تقبل باحتلال تركيا لجارتها الليبية.

وأشار في حواره مع وكالة ANF إلى أن قطر تبقى الدولة العربية الوحيدة التي تريد تركيا ومواقفها والأكثر من ذلك أنها ومن خوفها على استقلالها قررت أنا تأتي بقاعدة تركية ومن قبلها أمريكية لاحتلالها، لافتاً أيضاً إلى أن هذا الموقف يقابله حالة عدم معرفة من قبل عدد من الدول العربية بحجم التهديد التركي للمنطقة ما يتطلب ضرورة التحرك لإيضاح خطورة التحركات التركية في المنطقة.

ونوه السفير بيومي بخطورة الورقة التي تستخدمها تركيا للتغلغل والإضرار بالمنطقة "الإخوان" لافتاً في الوقت نفسه إلى أن أوراقهم بدأت تتساقط ويظهر وجههم القبيح وعملهم ضد أوطانهم، مشيراً إلى أنهم بدأوا في السقوط في تونس، وإلى قرار الأردن الأخير مجددا التأكيد على أن هذه المواجهة تحتاج عمل كبير جماعي للمواجهة.. فإلى نص الحوار:-

** ما رؤيتك لما جرى في مؤتمر مشايخ وأعيان ليبيا ولقاء الرئيس السيسي وخاصة أنه يأتي بعد دعوة البرلمان والجيش الليبي مصر بالتدخل؟

- أنا أرى أن ما حصل هو تفويض إضافي، فمصر ليست بحاجة لدعوتها لحماية أمنها القومي، فالمادة51 من ميثاق الأمم المتحدة تعطي حق الدفاع الشرعي عن النفس. وقد يخرج من يقول هذا يخص أمن الحدود، لكن هناك أكثر من مليوني  مصري موجودين في ليبيا ولابد للانتباه لهذا فأنا من حقي التدخل لحماية مليوني مصري هناك ولن أنتظر حتى يصل التهديد إلى الحدود المصرية.

وأنا أُذكر دائماً أن بريطانيا احتلت مصر 70 عاماً بدعوى قتل أحد رعاياها، وكأن من مالطا، بالخطأ في الإسكندرية، وكان هذا السبب المباشر لاحتلال مصر ودخول الأسطول الإنجليزي الإسكندرية. 

أما في حالة مصر فهناك اثنين مليون مصري يحق لي التدخل لحمايتهم، بل إن مسألة قتل 23 مصري مسيحي في ليبيا بصورة بشعة هذا أيضاً سبب للتدخل، ثم والأكثر خطورة أن يأتي جيش أجنبي بهذا الشكل.

فإذا كان السراج وقع اتفاقية دفاع مشترك مع تركيا، فهذه حتى إذا صحت لا يمكن أن يكون التعامل في سياقها باستقدام مرتزقة من سوريا وغيرها.

وبالتالي فإن كل هذه تهديدات لمصر ونحن في إطار نطاق القانون الدولي للأمم المتحدة فمن حقنا الدفاع عن أنفسنا.

والحقيقة أن هذه الزيارة الأخيرة لأعيان ومشايخ ليبيا أيضا جيدة هو تحدثوا بأمور مهمة وقدموا تفويض للرئيس المصري بالتدخل.

** أيعني ذلك أن مصر ستتدخل في ليبيا لحماية أمنها القومي وكذلك أمن ليبيا خاصة أننا رأينا ذلك واضحاً في الرسائل التي قدمتها مصر وقيادتها؟

- يحق لمصر التدخل في الوقت الذي تراه مناسباً، ونحن وجهنا ثلاث رسائل في هذا الصدد، الرسالة الأولى جاءت في خطاب الرئيس السيسي في قاعدة الرئيس الأسبق محمد نجيب، عندما قال لهم اجهزوا.

والحقيقة أن بعد هذا الخطاب تسائل البعض هل مصر جاهزة حقاً وهل طائراتنا يمكن أن تصل لهذا المدى، فكان الرد والرسالة الثانية، التي ظهرت في مناورات كبيرة تابعنا فيها كيف تتزود الطائرات بالوقود في الجو وكذلك رأينا المفاجآت التعبوية ومدافع الأر بي  جي المحمولة على الأكتاف، ورأينا الكثير من الأشياء بل وإن ما خفي كان أعظم فهذه عينة من إمكانيات مصر وتم إظهارها أولاً للمصريين ليطمئنوا، وثانياً: للخارج حتى يفهم أن المسألة ليست نزهة أو لعبة.

وتبقى الرسالة الثالثة والتي تتمثل في خطاب وزير الخارجية سامح شكري في مجلس الأمن عبر الفيديوكونفرانس، فمن يقرأه يجد فيه أن مصر تحذر من يأتي بقوات أجنبية أو مرتزقة، خصوصاً أن مصر وتركيا وكل بلدان المتوسط لديها مع الاتحاد الأوروبي اتفاقيات مشاركة تتعهد فيها بمواجهة الجريمة المنظمة التي يتقدمها الإرهاب وغسيل الأموال والهجرة غير المشروعة، وتركيا الآن ترتكب الجرائم الأربع بدخولها إلى ليبيا.

** يمكن القول الآن أن مخطط تركيا لاحتلال ليبيا بات واضحاً للعيان وهي تعمل على تطبيقه...

 - بل إنه خرج ليقول نحن باقون 100 سنة وزير الدفاع صرح بهذا وأردوغان قال إنها كانت أملاكنا، ونسي أنه كان يحتلها، وإلا فليذهب للنمسا والمجر فقد كان يحتلهما أيضاً. ولكن كل هذا التحرك مفهوم ومفهوم ماهي الأطماع التي يتحرك بصددها.

** لازالت تركيا تتحرك عبر ورقة الإخوان في ليبيا وحتى الإخوان المصريين في تركيا الذين تلمح منهم مواقف واصطفاف ضد أوطانهم مع العدو كيف يمكن التعامل مع ذلك خاصة أن تركيا تستخدم هذه الورقة للضغط والتأثير في أكثر من دولة؟

- حقيقة بل إنهم باتوا يعلنون مواقفهم هذه بوقاحة.

ومسألة الإخوان خطر كبير وقفنا له في مصر وكسرنا شوكته، وسنظل نترصده حتى نكشف كل هذه هذه المخططات كما فعلنا في مصر وهذا ما يحدث الآن فعلاً؛ هو ينهار في تونس بالتدريج وهذا ما نراه في الأحداث المتسارعة هناك، أيضاً الأردن اعتبرهم (الإخوان) منظمة خارجة عن القانون وهكذا.

**لكن تركيا لا تزال تعتبرهم الورقة الأقوى التي تتحرك بها في المنطقة؟

-نعم؛ طابور خامس.. لكن هي هذا السياق فإن المعركة ليست سهلة، فأنت تواجه طابور خامس متغلغل داخل المجتمعات وهذا أخطر فالجيوش والمرتزقة موجود علينا وظاهر، أيضاً موضوع الإرهاب شيء الكل يعاديه ويلفظه لكن هذا التنظيم لازال متغلغلاً في المجتمعات وعناصره المنتمين إليه يصعب تحديدهم جميعاً وهذا أخطر ما في المسألة لكن ترصد مخططاتهم مستمر ولابد أن يتواصل بشكل عام.

**تركيا إضافة إلى ليبيا متواجدة عسكرياً وتحتل أراضي في سوريا والعراق وماضية إلى ما هو أكثر..

- وهذا عدوان واضح ويبدو أن أردوغان يريد أن يستعيد أمجاد الإمبراطورية الغابرة، فيحتل شمال العراق، ويحتل شمال سوريا.

وأريد التنبيه بأن تركيا تحتل شمال سوريا من قبل الأحداث الأخيرة، في لواء الإسكندرونة، وعاصمته مرسين، وكنا دائماً في وزارة الخارجية وفي زمن الوحدة مع سوريا نُطلق عليه اسم اللواء السليب، فهو أرض سورية تحتلها تركيا من بعد الحرب العالمية الثانية.

** هذا يدفعنا إلى التساؤل عن سبب الصمت الدولي تجاه هذا العدوان المُركب الذي تقوده تركيا فهناك احتلال لشمال العراق منذ ٢٠١٥ أدى بالعراق للتوجه لمجلس الأمن هناك عدوان على عفرين وانتهاك لحقوق الإنسان ومؤخرا ليبيا ونقل المرتزقة وتهديد الأمن والسلم العالمي؟

-طبعاً نحن سلكنا  كل السبل المدنية والسلمية، وما زلنا نقرع باب مجلس الأمن، لكن التحركات الأخيرة التي تحدثنا عنها جاءت بنتيجة، فرنسا ساندتنا والرئيس إيمانويل ماكرون هدد وقال إن تركيا تقوم بعمل ضد حلف شمال الأطلسي، كذلك ألمانيا، إيطاليا واليونان وقبرص، فجميعهم لديهم نفس الشكوى من تركيا، هناك أيضا حديث عن أن المفوضية الأوروبية تدرس كيفية تُعاقب تركيا وستفرض عقوبات اقتصادية عليها وهذه كلها تحركات لا بأس بها.

** ماذا عن الناتو ككيان بين أعضاءه الدول الأوروبية التي تحدث عنها سلفاً وهل تتغير الرؤية تجاه تركيا؟

-نحن بدأنا في كسب الرأي العام العالمي وفي بدايته الاتحاد الأوروبي والناتو، وهذا واضح، لازالت ننتظر مواقف بعض الدول الأخرى لتعلن عنها كروسيا.

** وماذا عن الموقف الأمريكي كيف تراه؟

- حتى الموقف الأمريكي مقبول، فحتى وهي تعتبر تركيا خط دفاعها الأول في مواجهة روسيا تعي الولايات المتحدة أنه لا يمكن لأحد الدخول إلى الشرق الأوسط متجاهلاً الأمن في مصر، وهذا منذ أيام أيزنهاور  وعبدالناصر، وأمريكا ترى في مصر بعد لأمنها القومي.

** ماذا عن موقف الدول العربية حيال ما تقوم به تركيا وهذا السعي لاستعادة أوهام الدولة العثمانية على حساب دول المنطقة؟

 - طبعا تتصدر قطر القائمة التي تقف مع تركيا تماماً وتتبنى وجهة النظر التركية، بعد هذا تأتي مسألة عدم معرفة لقطاع كبير من الدول، والحقيقة هذا الأمر يحتاج لعملية تثقيف للدول التي لا تدرك أبعاد ولا خطورة التحرك التركي، بدءاً من دول الجوار الليبي، تونس والجزائر، مطلوب أن نكون على صلة دائمة بهم لتوضيح ذلك.

** ماذا عن بقية دول الخليج التي يبدو أنها باتت تتفهم أبعاد المؤامرة التركية؟

- السعودية والإمارات والبحرين في نفس الإطار مع مصر في المسألة فالدول الأربعة في مقاطعة مع قطر وبدورها تتحالف  قطر مع تركيا.

** ليس مجرد تحالف بل إن الأمر وصل إلى تأسيس قاعدة عسكرية لتركيا على أراضيها ما يشكل تهديد لكل دول المنطقة بما فيها قطر؟

- حقيقي أن قطر من خوفها على استقلالها جعلت تركيا ومن قبلها أمريكا تحتلها ببناء قواعد عسكرية.