وبمناسبة صدور رواية "الوحش الذي في داخلي" للكاتب الكردي السوري حليم يوسف أجرت وكالة فرات للأنباء ANF حوارا صحفيا مع الكاتب حول روايته التي مثلت رحلة بين الخوف والأمل، ووثيقة إدانة للأنظمة التي تحول الإنسان إلى وحش، فهي رواية تستلهم سنوات الرعب السورية في عمل أدبي ملحمي، صدرت في القاهرة وشاركت بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخة اليوبيل الذهبي للمعرض، كما كانت محور احدى فعاليات مهرجان القاهرة الأدبي.
وشهدت القاهرة قبل يومين أمسية ثقافية مصرية-كردية، لمناقشة وتوقيع رواية "الوحش الذي في داخلي" للكاتب الكردي السوري حليم يوسف، المقيم في ألمانيا، حيث شارك بالندوة التي جاءت ضمن مهرجان القاهرة الأدبي بحضور لفيف من الكتاب والمفكرين وأصدقاء الشعب الكردي في مصر.. فإلى نص الحوار:
- ما هي فكرة رواية الوحش الذي في داخلي؟
-
إن الرواية كانت بمثابة رحلة بحث عن مصدر الوحشية التي عشناها خلال السنوات الأخيرة بسوريا بوجه عام وفي روج آفا بشكل خاص، حيث حاولت من خلال هذه الرواية البحث عن مصدر تلك الوحشية المفاجئة ومظاهر الذبح والقتل وهدر الدم والاغتصاب والتخريب التي ظهرت خلال السنوات الاخيرة بالبحث عن اجابة حول سبب ظهور هذه الوحشية، ولذلك فكرة الرواية جاءت من هنا، من خلال الحكي عن جيلين هما جيل الاستاذ والتلميذ، اي فترتي حكم "الرئيسين" الأب والأبن، وبعد انتهاء فترة الرئيس الأب يخرج هذا الاستاذ من السجن، ليدخل التلميذ إلى نفس السجن الذي كان به الاستاذ، ولكن في فترة الرئيس الأبن، فأنا أتحدث عن تجربة السجن في ظل النظام السوري عبر جيلين مختلفين، ثم ظهور الوحشية في كل اطياف المشهد السياسي والجماعات المسلحة والارهابية من جميع الاطراف، لدرجة أن المؤلف نفسه بات يتساءل عن مصير الوحش الذي بداخله.
- ما هي أبرز الاجابات التي توصلت اليها فيما يتعلق بتفسير هذه الوحشية؟
-
هي مجموعة أسئلة تطرح عبر الرواية، ومحاولة للبحث عن اجوبة، وليست تقديم اجابات محددة على أي سؤال، لا يوجد بالرواية مثل هذه الاجوبة المباشرة، فهي رحلة بحث وطرح اسئلة التي كانت شبيهة بالألغاز والطلاسم ومحاولة لكشف الشيء المختبئ او المستور او الاشياء الغامضة التي اتحدث عنها، فهي محاولة لكشف المستور والرواية لم تقدم جواب عن أي سؤال.
- بمعنى انها دعوة للقارئ لكي يفكر ويتساءل أكثر من كونها تقديم لإجابات جاهزة؟
-
نعم، هذا احد اهداف الرواية، بمعنى جعل القارئ يفكر ويبحث عن مصدر هذه الوحشية والشخصية الرئيسية في الرواية ايضا في النهاية والمحصلة يشك بنفسه انه هو ايضا يحمل وحش في داخله، وربما هذا الوحش يستيقظ في أي يوم أو في أي وقت أو في أي مكان، ولذلك الجميع تحت الشبهة والجميع مشبوهون والجميع يمكن ان يحملوا هذا الوحش النائم، وهذه الوحوش النائمة يمكن ان تستيقظ في أي وقت.
- ما هي أمثلة الوحوش التي شاهدناها في الحالة السورية، هل تقصد في روايتكم فقط الدواعش؟
-
لا أبدا، أنا أقصد الوحشية التي توزعت بين الطوائف والاجناس والقوات والجهات كلها، سواء بسوريا او بمناطق أخرى من العالم أو العالم كله حتى، فهي عملية بحث عن اللاإنساني في روح الانسان وعقله وعقله الباطن، ولذلك هو سؤال يمكن ان يكون غير متعلق باطار جغرافي معين ولا قوة معينة ولا اتجاه معين او حزب او تنظيم معين، بقدر ما هو سؤال وجودي وانساني ويوجه للإنسان الذي يحمل من الشر ما يكفي احيانا لتدمير العالم.
- دعنا ننتقل قليلا للسياق المحيط بالرواية، كروائي، أين وصلت الأزمة السورية بعد السنوات الثماني ومستقبل التجربة في شمال سوريا؟
-
انا من الناس الذين لا يجيدون قراءة المستقبل، واحيانا وقراءة الحاضر ايضا، انا انظر لما حولي بعيون أدبية، أو بعين ثالثة غير العينيين المعروفين، فهي عين حسية وشعورية، ولا يمكنني تقديم اجابة شافية وافية حول المشهد الراهن.
- صحيح، وسؤالي عن انطباعاتك وما تراه فهذه العين الأدبية؟
انطباعاتي عن المشهد ان الوضع لن يستمر الى ما لا نهاية بهذا الشكل، إما سيتجه إلى الأسوأ فيما إذا لم يتم ترويض هذا الوحش الذي يسمى أردوغان، أو يتحول الوضع للأفضل بأن يكون هناك تسوية سياسية، باتفاق أمريكي روسي والوصول إلى صيغة سياسية لسوريا المستقبل.
- هل ما عانيته وما تتحدث عنه من المنع والقمع طوال جيلي الرئيسين الأب والأبن في الرواية.. هو ما نشاهده ايضا الأن بفظاعة على يد المحتل التركي كما يحدث في عفرين وأماكن أخرى... كيف تصف هذه الممارسات؟
-
برأيي ان تركيا الأن هي في موقع داعش الأم، والقضاء على داعش في سوريا لا يعني انتهاء داعش، وسوف تستمر داعش فكرا وممارسة وبكل الاشكال كما السابق طالما هناك أردوغان ونظامه، وطالما تتصرف تركيا بهذه العنجهية، تجاه سوريا وروج آفا وتجاه الكرد بشكل خاص، لذلك انا اعتقد ان جذر المشكلة في أنقرة وليس في دير الزور أو الرقة أو أي مكان أخر، واذا تم التعامل "بقصقصة" أجنحة هذا الداعشي كما يتوجب فسيتم حل الأمور، والتهديد الوحيد والخطير الذي يهدد ليس فقط روج افا فقط ولكن كل سوريا هو تركيا، واذا تم تجاوز هذا التهديد وايجاد حل له فسيتم حلحلة الأمور والوصول إلى حل سياسي.
- هل هذا التوقيع هو الأول لك في مصر لكتاب يصدر من القاهرة؟ وما هي خصوصية ذلك؟
-
نعم، "الوحش الذي في داخلي" هي الرواية الأولى التي صدرت لي في مصر، وهي روايتي الخامسة، فقد طبعت بدول عربية كثيرة، ولكن في مصر هذه روايتي الخامسة، ولأول مرة اقوم بإصدار كتاب في مصر حيث شارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في يوبيله الذهبي.
انا شعرت كثيرا انها أول مرة اعيش هذه التجربة الثقافية، فهناك الكثير من الوجوه الثقافية المصرية التي التقيتها للمرة الأولى في القاهرة خلال زيارتي الراهنة، وكانت تجربة جديدة، وهناك مثقفين كثيرين كنت اعرفهم فقط من خلال الكتابة والتقيت بهم هنا، والاجواء الثقافية هنا في مصر والقاهرة بشكل عام كانت تجربة مميزة وعلى الرقم من الزيارة القصيرة إلا انها كانت ثرية وكثيفة المواعيد واللقاءات، وسأعود لألمانيا وأنا احمل معي كثير من الاشياء الجميلة وافكار مشاريع ربما تكون سببا للعودة للقاهرة بين فينة وأخرى.