وكشف الديهي وهو مؤلف كتاب بعنوان "تركيا.. القمع المتوضئ"، في الحلقة الثانية من حواره الخاص مع وكالة فرات للأنباء ANF، أن مصر لعبت دوراً في تقريب وجهات النظر بين السلطات السورية في دمشق وبين مجلس سوريا الديمقراطية، معتبراً أن المباحثات والتنسيق بين الجانبين تمثل خير رد على الأتراك، وهي الطريق الوحيد للحفاظ على الأراضي السورية ضد الاحتلال التركي.
وأكد أن الجماعات المسلحة المتشددة المدعومة من قطر وتركيا لا تريد الوصول للحل السياسي، وأن الدول العربية لن تقبل بمنطقة آمنة تحت سيطرة تركيا، فإلى نص الحوار:
- ستة وزراء خارجية عرب اجتمعوا في الأردن بالبحر الميت في توقيت أو في اجتماع لم تكن له أجندة معينة، ولكن كان غرضه تعزيز الحضور العربي في الأزمات في المنطقة بهدف "إنهاءها" بحسب البيان الختامي الصادر في منطقة البحر الميت.. هل ترى أن هذا التوجه العربي يمكن أن يترجم في صورة حضور ما في الأزمة السورية، وتحديدا في الشمال السوري.. فقد ذكر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الدكتور أنور قرقاش أن الإمارات لن تقبل بمنطقة آمنة تحت سيطرة تركيا؟
كل الدول العربية لن تقبل ان تكون هناك منطقة عازلة تحت سيطرة الأتراك، فالدول العربية التي كانت مجتمعة في البحر الميت ممثلة في وزراء الخارجية يعلمون تماماً الأحلام التركية، ومخاطر التمدد التركي والتمدد الايراني، وبشكل واضح هناك أحلام فارسية تخرج من ايران تريد استعادة مجد فارس، وهناك أحلام عثمانية تخرج من تركيا يريدون إحياء مجد آل عثمان على حساب الأراضي العربية، ولو لم يندمج ويتحالف العرب والكرد لضاع العرب والكرد.
وفي تقديري أنه لا يمكن أن يندمج العرب أو يتحالفوا مع الإيرانيين أو يتحالفوا مع العثمانيين، فقط الحلف المحلل أو الحلال الحقيقي هو بين الكرد والعرب، لأن الكرد والعرب إن تحالفوا معاً أعتقد أن لا أحد سيستطيع أن يقدر عليهما.
- هل هناك تصور مصري لما يمكن أن تسير عليه الامور في سوريا وخاصة فيما يتعلق بمواجهة التدخل التركي.. بمعنى آخر هل ترى أن هناك طرحاً مصرياً واضح في هذه المسألة؟
هناك طرح مصري واضح، ولكنه طرح ليس مربكا، بمعنى أن مصر لا تريد أن يكون هناك إرباك للمسار الراهن، ومصر قالت منذ اليوم الأول إنها ضد التدخل العسكري في سوريا، وإننا ضد تقسيم سوريا، وأننا مع وحدة الأراضي السورية، وأن النظام السوري يمكن أن يغيره الشعب السوري نفسه، وليس عبر القوى الخارجية.
ومصر تريد أيضا الحفاظ على الجيش العربي السوري، وكل هذه تعد ثوابت بالنسبة للقاهرة، ومصر لا تريد أن تصلح ما يجري في سوريا على حساب بقية المنظومة، فهي تريد ترميم المشهد العربي بهدوء.
والعرب في الخليج وغيره اقتنعوا برأي مصر في نهاية المطاف وساروا في هذا الاتجاه، ومصر لا تريد أن تحدث شرخ فيما تبقى من الدول العربية، وهي تفهم تماما أن سوريا لابد لها أن تعود، ولابد أن يكون لها وضعها، وترفض بكلمات قوية أي تدخل إيراني أو تركي سواء في شمال العراق وفي شمال سوريا.
ومصر تحاول أن تصنع -لا أقول تحالف- ولكن قوى فاعلة من الدول العربية وخاصة الدول الخليجية التي كانت في يوم من الأيام متورطة داخل الاراضي السورية، ومصر تحاول حالياً أن توحد المشهد، وأعتقد أن الدول السبع، التي كانت مجتمعة في البحر الميت، لم يغب عنهم هذا الملف بل ربما يكون هو الملف الرئيسي في الاجتماع، فالدول العربية وعلى رأسها مصر من المستحيل أن تقبل بإطلاق يد تركيا في أي دولة عربية، ونعتبر أن أي تدخل تركي في أي دولة عربية هو تدخل سافر في الدول العربية بالكامل.
- هل تعتبر أن بدء المفاوضات بين مجلس وقوات سوريا الديمقراطية وبين السلطات في دمشق يمثل ترجمة أو صورة من صور ترجمة ما تحدثت أنت عنه حول التحالف بين العرب والكرد؟
مضبوط، الكرد والدولة السورية ممثلة في نظام الرئيس السوري بشار الأسد بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه، هو يمثل السلطة الموجودة في سوريا، وهذا النموذج التفاوضي في تسوية الأزمة السورية يمثل أنجح نموذج حتى الآن وهو الصيغة الواجب توافرها لتعزيز الحلول السورية - السورية للأزمة.
أما الجماعات المسلحة المتشددة المدعومة من قطر وتركيا، فهي لا تريد الوصول للحل السياسي، وتأتمر بأوامر أردوغان وتميم، تحت شعارات ما سمي بالربيع العربي، الذي يخشى أردوغان من تكراره لديه في الداخل التركي.
وفي كل الاحوال أرى أن المباحثات والتنسيق والمفاوضات التي تجري الآن بين وحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سوريا وبين الدولة السورية، هي الطريق الوحيد الذي يجعل الحفاظ على الأراضي السورية الموجودة الأقرب للتحقيق، وهو بمثابة خير رد على الأتراك، ولسان حال الطرفين يقول لأردوغان أن هذه أرضنا، ولن نسمح لأحد بالعبث فيها، وأعتقد أن ذلك يمثل بداية جيدة، وأعتقد أيضا أن هناك تنسيق مصري سوري في هذا الملف، بدليل زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي المملوك إلى القاهرة، قبل أسابيع، وأعتقد أن شيء من هذا القبيل كان يتم طرحه.
- ماذا عن تجربتك مع وسائل الإعلام التركية؟
أنا كنت أعمل في محطة "تي أر تي" التركية الناطقة بالعربية، وهي محطة موجهة ويديرها مكتب أردوغان بشكل مباشر، وأتصور أن هذه القناة لا تقل خطورة عن الجزيرة والقنوات الإخوانية الموجودة هناك، وكنت أعمل في هذه القناة وأقول ما اعتقد أنه صواب، وعندما بدأ يكون هناك تدخل سافر في العناوين والموضوعات والضيوف، كنت أقاوم ذلك، ولكن في النهاية وصلت إلى قناعة أنه لا يمكن أن أستمر مع هؤلاء، الذين ليس لديهم أي نوع من الاخلاق، هذا نظام كاذب ومن يعمل معه كاذب، والاعلام التركي... إياكم أن تصدقوا أن هناك إعلاماً في تركيا، بل هناك نشرات إخوانية تخرج من حزب العدالة والتنمية وأي شخص لديه رأي معارض لأردوغان سيكون إما في السجن أو خارج البلاد.