"أردوغان" يسعى لترسيخ وجوده من خلال الانتخابات التركية القادمة

يحاول الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان السيطرة على المشهد السياسي التركي بالعموم, وعدم منح أيّ فرصة لخصومه للعب دورٍ سياسي, كما أنّ تطلّعاته الاستعمارية باتت واضحة من خلال تدخّلاته في العديد من الملفات والقضايا الإقليمية.

يسعى رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي، المأزوم في علاقاته الخارجية مع دولٍ عدّة، بفعل سياساته، إلى بسط نفوذه في المنطقة العربية والقارة السمراء، مستخدمًا في ذلك، شتى الأساليب سواء عبر التدخل العسكري المباشر كما يحدث حاليا في مدينة عفرين السورية محاولًا احتلالها وقتل أهلها وتهجيرهم، وما سبقها من محاولة شبيه في شمال العراق. حيث يستخدم أسلحة محرمة دولية لتحقيق أهدافه الاستعمارية أو عبر الدعم الخفي للجماعات الإرهابية في العديد من البلدان العربية،

وأخيرًا بالتغلغل في القارة السمراء لنهب بلاد الذهب وما تحتضنه من ثروات معدنية أهمها الذهب أو بإقامة ميناء تجاري وقواعد عسكرية في السودان والصومال. كل ما سبق دفعه دفعًا لتقديم موعد الانتخابات الرئاسية بهدف ترسيخ وجوده داخل تركيا ومن ثم الانطلاق لتحقيق مطامعه في المنطقة العربية والقارة السمراء.

تقديم موعد الانتخابات

في البداية، قال الباحث في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات، كرم سعيد، في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء ANF، إن تقديم موعد إجراء الانتخابات الرئاسية التركية قبل موعدها بعام ونصف لتتم في 24 حزيران المقبل، دون التنسيق مع الأحزاب السياسية الموجودة في البلاد، هدفه ترسيخ أردوغان في المشهد السياسي، خاصة أن أغلب هذه الأحزاب غير مستعدة في الوقت الحالي للانتخابات الرئاسية، إضافة إلي قرار الحكومة التركية بسحب الصلاحيات من البرلمان كلها عوامل تزيد من حدة الانقسام في الداخل وتزيد من طموحات أردوغان في المنطقة العربية عقب انتهاء الانتخابات الرئاسية.

حلم الخلافة بإنهاء جمهورية اتاتورك

وأضاف سعيد، أن طموحات أردوغان في المنطقة العربية وحلم الخلافة، بما تمثله من مكاسب سياسية ونفوذ يجعله الأمر الناهي في المنطقة، لن يتم إلا عبر القضاء على "جمهورية اتاتورك" العلمانية التي تحول دون إقامة "الدولة العثمانية" بامتدادها الجغرافي في المنطقة العربية واستعادة السيطرة عليها وبسط نفوذها على دول المنطقة.

الربيع العربي

وأوضح سعيد، أن أردوغان استغل الربيع العربي في تقديم الدعم للتيارات الإسلامية في مصر وتونس وليبيا والصومال من أجل تحقيق الأهداف سالفة الذكر، ولكن انهيار هذا النموذج أجهض محاولات اردوغان وفضح دوره في المنطقة، بعد عدم تأييده للتغييرات التي شهدتها تلك البلدان ومع الرفض العربي الكبير لتركيا وانحيازها إلى جانب قطر فى الأزمة الخليجية الأخيرة.

القارة السمراء

وتابع الباحث المصري بالقول "بعد الرفض العربي لوجود أردوغان، وجد الأخير في القارة السمراء ضالته ليعيد اعتقاد أنه الزعيم أو السلطان أو الحاكم الذي لا يفشل، بإنشاء قاعدة عسكرية تركية في الصومال بحجة «تدريب الجيش الصومالي» لمكافحة الإرهاب".

جزيرة سواكن

وأوضح سعيد أنّ كما تركيا عقدت اتفاقاً مع السودان "تقوم الأولى بموجبه بتطوير وإعادة تأهيل وإدارة جزيرة سواكن ذات الأهمية الاستراتيجية والواقعة في البحر الأحمر شرقي السودان والتي يوجد فيها الميناء الأقدم في السودان، وفي أزمنة سابقة كانت الدولة العثمانية تستخدم الجزيرة مركزاً لقواتها البحرية في البحر الأحمر ومقرًا للحاكم".

نهب الثروات

يحاول نظام أردوغان، من خلال تواجده في السودان إضافة إلي طموحاته الرامية لتغلغل بالقارة السمراء، السيطرة على المعدن النفيس الذي تمتلكه السودان، إذ أكدت أنقرة أنها ستحاول الحصول على أصناف المعادن الموجودة فى السودان، وهى أكثر من 30 صنفًا من المعادن، أهمها الذهب، الذي يعد مصدرًا رئيسًا للعملة الصعبة فى البلاد، إضافة لتوفر مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية التي تقدر بـ 104 ملايين رأس من الماشية وفقاً لما قاله الباحث المصري.

الاحتلال التركي لعفرين أ

أكد الباحث في الشأن التركي، كرم سعيد، أن احتلال تركيا لمدينة عفرين خطط خلاله أردوغان لتحقيق مجموعة من الأهداف، أولها منع قيام كيان كردي وتأمين حدود تركيا عبر قتل أهل المدينة وتهجيرهم، كما حدث في شمال العراق سابقًا في محاولة منه لاحتلالها عسكريًا وهو ما رفضته الخارجية العراقية وقتها.

وأضاف سعيد، ثاني أهداف أردوغان من احتلال عفرين هو وضع موطئ قدم له في الأزمة السورية يجعله محورًا فعالًا خاصة بعد نبذه من قبل الاتحاد الأوروبي وأمريكا، وذلك عن طريق إقامة مناطق نفوذ جديدة سياسية وعسكرية يحقق من خلالها مكاسب سياسية واقتصادية لحلم الخلافة الذي يراوده.

تركيا تبتعد عن الديمقراطية

وأوضح الباحث المصري أن الاقتصاد التركي يعاني حالة كبيرة من التراجع فهناك أكثر من 223 مليار دولار ديون خارجية مستحقة ترتفع يوميا بسبب انخفاض قيمة العملة أمام الدولار الأمريكي، مشيرا إلى الإدانات الخارجية والرفض الأوربي لإعلان أردوغان تقديم موعد الانتخابات الرئاسي تتصاعد، لافتًا إلي إعلان الاتحاد الأوروبي أن تركيا ابتعدت كثيرا عن الاتحاد الأوربي والديمقراطية، إضافة إلي رفض النمسا السماح لأي دعاية لأعضاء حزب العدالة والتنمية داخل بلادها، ورفض الرئيس الأمريكي تلك السياسات، مؤكدا أن تداعيات تلك الانتخابات ستكون أكبر من أي مستوى.