آلدار خليل: أيّ مفاوضات حول مستقبل سوريا دون مشاركتنا لن تفضي إلى حلول

في حوار خاص مع وكالة فرات للأنباء، تحدث القيادي في حركة المجتمع الديمقراطي، آلدار خليل عن التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة على الساحتين الكردية والسورية ورؤية الحركة لها.

في حوارٍ خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، تحدّث القيادي في حركة المجتمع الديمقراطي، آلدار خليل عن القرارات التي تمّ اتّخاذها في المؤتمر الأخير للحركة، موضحاً أنّها أتمّت مهامها في وضع الأرضيّة المناسبة لبناء مؤسّسات الإدارة الذاتيّة الديمقراطية في شمال سوريا، وستبدأ بمرحلة جديدة تهتمّ فيها بالمؤسّسات والمنظّمات المدنيّة. كما تطرّق الحديث إلى التطوّرات الميدانيّة والسياسيّة في الشمال السوري بالعموم.

  • بدايةً لو تتحدّثون لنا عن مقرّرات مؤتمركم الأخير، وكيفية التعامل مع المرحلة القادمة التي أشار إليها البيان الختامي؟

__المؤتمر الذي عقدناه كان المؤتمر الاعتيادي الثالث لحركة المجتمع الديمقراطي، ناقشنا فيه ما تمّ انجازه إلى جانب آليات العمل الجديدة في المرحلة المقبلة. كما هو معلوم، عندما تأسّست الحركة في العام 2011، كان هدفها إيصال المجتمع إلى مرحلةٍ يستطيع فيها إدارة أموره بنفسه، ونجحت الحركة في ذلك، حيث تأسّست الإدارة الذاتية، بالإضافة إلى تشكيل مجالس وكومينات وكذلك إدارات لمقاطعات شمال سوريا.

لذا رأينا أنّه يتعيّن علينا أنّ ننتقل إلى مرحلةٍ جديدة، تعمل فيها حركتنا في الميدان الثالث، أي في مجال المجتمع المدني تكون كمظلّةٍ لكلّ النقابات، المجالس والجمعيات وتدير شؤونها، بحيث تبقى الإدارة المشكّلة هي التي تدير الأمور الإداريّة.

  • هل تشرحون لنا المهام الجديدة للحركة في المرحلة القادمة؟

__ المهام الموكلة إلى الأجزاء التي لا تنتمي للإدارة الذاتية كمؤسّسات، أو حتّى تعمل ضمن إطارها لكن بوضعٍ خاص، ستكون بإشراف حركة المجتمع الديمقراطي. على سبيل المثال: المهندسون، سيكون لهم مهام داخل مؤسّسات الإدارة الذاتية كالبلديّات وغيرها، لكن ستكون لهم نقابة خاصّة بهم، والحركة ستشرف على عمل النقابة. وكذلك الأمر بالنسبة للمعلّمين، حيث يعملون في مدارس الإدارة، لكن لهم نقابة خاصّة بهم، وعلى هذا المنوال المحامون، العمّال وكافة الأطر غيرها. أي أنّ حركة المجتمع الديمقراطي ستشرف على تنظيم تلك النقابات وغيرها من الجمعيّات والمنظّمات الأخرى.

  • فيما يخصّ اللقاءات التي تمّت بين مجلس سوريا الديمقراطي والنظام السوري، كيف تنظرون إليها كحركة المجتمع الديمقراطي، وإلى أيّ حدّ ترون أنّ النظام جاد في البدء بالحوار؟

__ اللقاءات التي تمّت هي حالة طبيعيّة بعد كلّ هذه الحروب التي اندلعت في هذه البلاد، وهي بكلّ تأكيد خطوة إيجابيّة في رحلة البحث عن حلولٍ للأزمة بشكلٍ سلمي. وما قام به مجلس سوريا الديمقراطيّة هو خطوة جيّدة في هذا السياق. الكلّ يحاول أنّ يضع حدّاً للأزمة السورية، فالأمم المتّحدة عقدت جلسات حوار عدّة بين أطراف الصراع السوري لإيجاد حلّ سلمي ينهي الأزمة.

نأمل أن تنجم عن اللقاءات نتائج إيجابيّة، لكن في حال لم يتمّ ذلك، فإنّنا بالأساس ماضون في تنظيم المجتمع وإدارته، ولم يتوقّف عملنا مع البدء باللقاءات، لكن ما أودّ قوله أنّ أيّ تقييم لنتائج الحوار، بمجرد البدء به، لن يقوم على أسس صحيحة، لأنّه في بداية أيّ حوار، كلّ طرف لديه رؤاه ومطالبه الخاصّة به، ويحاول أن يفرض نفسه وفقاً لظروفه، وقد لا تكون تلك متوافقة مع الطرف الآخر، لذا نرى أنّه من الحديث عن أيّة نتائج الآن سيكون سابقاً لأوانه

  • مؤخّراً نشبت اشتباكات بين قوّات آسايش الإدارة الذاتيّة وعناصر من الأمن العسكري التابع للنظام السوري في مدينة قامشلو، برأيكم ما خلفيّة تلك الاشتباكات، وهل لتوقيت اندلاعها دلالة معيّنة؟

__تلك الاشتباكات حدثت بعد الاجتماع الثلاثي الذي ضمّ كلّاً من روسيا، إيران وتركيا في طهران، وتزامنت مع إعدام النظام الإيراني لثلاثة شبّان كرد وأيضاّ مع الهجمات التي استهدفت الحزب الديمقراطي الكردستاني-إيران والحزب الديمقراطي الكردستاني في جنوب كردستان. يعني لنا هذا أنّ الأنظمة المعادية للديمقراطيّة ولإرادة الشعوب وتقف ضدّ وجود الشعب الكردي قد اتفقت فيما بينها على المضي في العدوان. بالنسبة للنظام السوري، فإنّه يتماهى مع أيّ اتفاقٍ بهذا الخصوص بين تلك الأنظمة.

الأنظمة المغتصبة لكردستان، على الرغم من الخلافات والتناقضات فيما بينها، إلّا أنّها تتّفق دوماً إذا ما تعلّق الموضوع بقضيّة الشعب الكردي ومعاداته. فأيّ لقاء يجمع تلك الأنظمة، حتّى لو كان الموضوع اقتصاديّاً أو تجاريّاً، لا بدّ أن يُناقش فيه العداء على الكرد، لذا نحن نربط بين اجتماع طهران والأحداث الثلاثة تلك.

  • هناك أنباء عن تحضيرات أمميّة لعقد جولة جديدة من مفاوضات جنيف بشأن حلّ الأزمة في سوريا، ورأينا تغريدةً للمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لدى التحالف الدولي ضدّ تنظيم داعش، بريت ماكغورك قال فيها ’بينما أنا في جنيف، بدأت قوّات سوريا الديمقراطيّة مرحلة جديدة للقضاء على داعش’، هل ترون في هكذا تصريح إشارة من واشنطن على عزمها إشراك ممثّلين عن الشمال السوري في تلك الجولة؟

__ صراحةً، لا يمكنني تقدير موقف واشنطن من ذلك. لكنّني أستطيع أن أقول بأنّ القوى الدوليّة متى ما وصلت لقناعةٍ تامّة لإيجاد حلّ للأزمة السوريّة، ينبغي عليها حينذاك أن تشركنا في مفاوضات الحل. وعندما لا تتمّ دعوتنا لحضور الحوارات، هذا يعني شيئاً واحداً، أنّهم لا يأملون شيئاً جديّاً من تلك المفاوضات ولا تتواجد ليدهم النيّة في إيجاد حلّ للأزمة.

إذا ما وصلوا لقناعة بإشراكنا في مفاوضات جنيف، هذا يعني أنّه باتت لديهم الرغبة في البحث عن حلّ سياسي وإنهاء الصراع.

  • هناك جهات تتّهمكم، كحركة المجتمع الديمقراطي، بالدكتاتوريّة وقمع المعارضين لكم، وأشارت منظّمة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) في تقريرٍ لها إلى اعتقال العشرات من السياسيّين، كيف تردون على تلك الاتّهامات؟

__للأسف، وقعت هيومان رايتس ووتش في خطأ عندما جعلت من نفسها طرفاً لا محايداً. كان ينبغي عليها أن تلتزم الحياد، أو حتّى تتحرّى أيّ شكوى مقدّمة لديها بشكل أكبر من ذلك، كان ينبغي عليها أنّ تسأل الطرف المقدّم عليه الشكوى، يمكن أنّ هناك من تقدّم بشكوى لديها، قد يكون كاذباً في شكواه تلك، قد يكون صادقاً أيضاً، لكن مع ذلك، فعلى المنظّمة أن تجري تحقيقاً مهنيّاً وحياديّاً في ذلك.

تقول المنظّمة، على سبيل المثال، أنّ هناك مختفون، حسناً، في ظلّ الحرب والفوضى التي تعمّ سوريا منذ أكثر من سبع سنوات، هناك الآلاف من المخطوفين، الملايين من المهجّرين ومئات الآلاف من القتلى، وفي المناطق التي تقع تحت سيطرة الإدارة الذاتية اندلعت معارك كثيرة، إذا ما اختفى أحد ما، فهل يعني هذا أنّ الإدارة قد اعتقلته!.

نعم يمكنها القول بأنّ الإدارة تتحمّل مسؤولية البحث عن المفقودين والمختفين مثلاً، وعليها البحث عن مصيرهم، لكن لا يمكن لها اتّهام الإدارة باعتقال أولئك.

من جانب آخر، بعض الحالات التي وردت في تقرير هيومان رايتس ووتش، الإدارة الذاتية غير معنيّة بها حتّى، وحدثت تلك الحالات في مناطق خارج سيطرتها، واعتمدت المنظّمة في أقوالها تلك على مصادر ومعلومات خاطئة. لذا نقول بأنّها وضعت مصداقيّتها، التي كان لها احترام كبير لدينا، موضع الشكوك.

شخصيّاً، لم أشهد بحالات اعتقال أشخاص بمجرد معارضتهم للإدارة الذاتية. هناك المئات من المثقّفين والنشطاء ممن يعارض الإدراة ويكتب المقالات في نقدها، ولهم مكاتب هناك، ولا أحد يتعرّض لهم. أستطيع أن أقول أنّ هناك قوانين للإدارة، وعلى الجميع الالتزام بها، مثلها مثل أيّ دولةٍ تفرض قوانينها على مواطنيها.

  • بخصوص العلاقات بين الإدارة في روج آفا-شمال سوريا وجنوب كردستان، هناك بوابة حدودية مفتوحة من الطرفين، وتشهد حركة تجاريّة يوميّة، هل هناك علاقات دبلوماسيّة بموازاة تلك؟

__ حقيقةً لا توجد علاقات سياسيّة، فقط هناك علاقات تجاريّة يستفيد منها الجانبان. الموضوع اقتصادي بحت، كثيراً ما نرى دولاً متخاصمة سياسيّاً، لكنّ الحدود مفتوحة فيما بينها للعلاقات التجاريّة والاقتصاديّة.

أستطيع أن أؤكّد أن لا يوجد هناك أيّ اتّفاقٍ سياسي بين روج آفا وجنوب كردستان، لكن في الوقت ذاته لا توجد خلافات أيضاً. جنوب كردستان جار لنا، هم جزء من جغرافيّة كردستان تقع ضمن الحدود العراقيّة ونحن كذلك ضمن الحدود السوريّة.

بكلّ تأكيد، هناك العديد من المواضيع التي يجب أن نتّفق عليها، نحن الطرفان، ككرد، وكنّا نرى الحلّ الأمثل لذلك في عقد "المؤتمر القومي الكردستاني"، حينذاك كان بإمكاننا العمل المشترك وتوحيد مواقفنا وآرائنا، لكن للأسف لم تنجح كلّ محاولاتنا لعقد المؤتمر. وبدلاً أن نجلس لبعضنا كغرباء، كان من الأجدى أن نكون نجلس كأخوة يدعمون بعضهم ويمنحون القوّة لبعضهم البعض.

ما أودّ قوله، أنّ هناك أطراف كرديّة تعمل في الائتلاف السوري المعارض، للأسف، دعمت الاحتلال التركي لعفرين، فالائتلاف قاد الهجوم على عفرين بالتشارك مع الدولة التركيّة، لذا نقول بأنّ بعض الأطراف التي تعمل تحت مسمّى "الكرد" أصبحوا شركاء في احتلال عفرين. وهذا ما أثّر على علاقاتنا بها وعلى علاقاتنا بالقوى التي تدعمها وتتبنّاها، لماذا؟ الجواب لأنّ تلك الأطراف تتعاون مع المحتلّ في هجومه علينا، وهناك قوى تدعمها. كنّا نأمل، على الرغم من خلافاتنا، أن لا تصل بهم الأمور إلى مستوى يتعاونون فيه مع أعدائنا في احتلال أرضهم.