سيناريوهان يتنازعان.. هل يتجه الشرق الأوسط نحو حرب إقليمية؟

ما بين مخاوف الانزلاق نحو حرب إقليمية أو الضربات المحسوبة يظل الشرق الأوسط أمام مرحلة استثنائية في ظل نجاح توجه الاغتيالات الإسرائيلية الذي أحرج إيران ووكلائها.

ويترقب العالم رد الفعل الإيراني على اغتيال إسرائيل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأسبوع الماضي خلال وجوده بالعاصمة الإيرانية طهران، حين كان يشارك في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، في ضربة مهينة للإيرانيين على نحو يذكر بالحالة التي كانت عليها المنطقة في أبريل/نيسان الماضي عقب الغارة الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق وراح ضحيتها عدد من المسؤولين البارزين في الحرس الثوري الإيراني.

ومع مرور كل هذه الأيام دون رد من طهران، تتباين وجهات النظر بشأن الوضع في الشرق الأوسط، ففي وقت تخرج تصريحات من قبل دول كبيرة تحذر من انزلاق المنطقة نحو حرب إقليمية، تؤكد وجهات نظر متعددة أن هذا السيناريو مستبعد، بل وأن كل الأطراف لا تريد الذهاب باتجاه حرب واسعة وتريد أن يبقى الأمر في إطار الضربات المحسوبة.

حرب واسعة؟

لا يتوفر وصف.

يرى المحلل السياسي الأمريكي ماك شرقاوي، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه لن تكون هناك حرب إقليمية موسعة في الشرق الأوسط كما يعتقد البعض، لكن المتوقع أن يكون هناك رد فعل شبه متفق عليه بين حزب الله وإسرائيل وإيران في إطار لا يدفع نحو دخول طهران الصراع بشكل مباشر.

ويلفت شرقاوي إلى أن موقف المحور المصري الأمريكي القطري مبني على أهمية التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتسليم الأسرى، معرباً عن اعتقاده بأنه يمكن الوصول إلى اتفاق مع طهران بأن تتغاضي عن رد فعل عنيف ضد إسرائيل مقابل إنهاء العملية العسكرية على القطاع وليس مجرد وقف إطلاق النار.

ويقول المحلل السياسي الأمريكي إن هناك مفاوضات وضغوط على الجانب الإيراني ومفاوضات غير مباشرة بين واشنطن وطهران لتجنب رد فعل إيراني عنيف، مشيراً إلى التحركات المصرية لامتصاص الغضب الإيراني وعدم تصعيد الموقف حتى لا ندخل صراعاً غير محمود في المنطقة.

وشدد شرقاوي على أن الجميع في المنطقة يريد التهدئة ما عدا إسرائيل، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد توريط أمريكا وبريطانيا في حرب إقليمية، في حين واشنطن تدرك جيداً ما يخطط له رئيس الوزراء الإسرائيلي، كما أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يمكن أن يقدم على خطوة الحرب قبل 90 يوماً من الانتخابات الرئاسية ويورط إدارته والديمقراطيين في قرار كهذا.

وكانت مصادر أمريكية أكدت أن وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي يقودون جهوداً دبلوماسية لإقناع إيران بعدم الرد على اغتيال إسماعيل هنية، إذ يرون أن رداً إيرانياً يعني جر المنطقة نحو صراع شامل، كما أنه في الوقت ذاته هناك تحركات دولية لإقناع نتيناهو بتخفيف موقفه الحاد في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، باعتبار أن إنهاء الحرب الحالية على غزة من شأنها إعادة الهدوء إلى الشرق الأوسط.

وقد كشف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قبل يومين أن الولايات المتحدة وحلفاؤها تواصلوا مباشرة مع كل من إسرائيل وإيران، وأكدوا أنه لا ينبغي لأحد تصعيد هذا الصراع، مضيفا أن مفاوضات وقف إطلاق النار قد دخلت "مرحلة نهائية"، ويمكن أن تتعرض للخطر بسبب المزيد من التصعيد في أماكن أخرى في المنطقة.

استراتيجية جديدة لإسرائيل

لا يتوفر وصف.

بدوره، يتوقع المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية حازم الغبرا أن تكون هناك مرحلة تهدئة في الشرق الأوسط وليس الانزلاق إلى حرب إقليمية كما يردد الكثيرون، مبرراً موقفه بأن الرد الإيراني تأخر لدرجة أنه قد لا يأتي.

وأضاف، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الأحاديث الإيرانية تتجه نحو فكرة عدم وجود رد وهذا الأمر يتم تداوله بين القيادات السياسية الإيرانية، كما أنه بالنسبة لإسرائيل فإنها تبدو راضية عن نجاح توجه الاغتيالات المركز أو استهداف قيادات حزب الله وحماس دون توسيع المعركة وإبقاء الأمر في نطاق استهداف الأفراد، وبالتالي فنحن أمام توجه جديد للحرب من قبل تل أبيب.

ويرى الغبرا أن هذا التوجه في المنطقة قد يستمر لفترة دون تغيير، أي تبقى المنطقة في إطار ضربات محددة من قبل حزب الله أو الحوثي في المقابل اغتيالات تقوم بها إسرائيل، مشيراً إلى أن هذا كان رأي واشنطن منذ اليوم الأول بخصوص التعامل مع حزب الله أي اعتماد فكرة الاغتيالات، إلا أن موقفها في غزة كان مختلفاً لأن ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي من قبل حماس كان يحب الرد عليه من تل أبيب، وفقاً له.

وقف إطلاق النار مقابل عدم الرد الأمريكي؟

وفي ظل هذه التوترات كانت شبكة سي إن إن الأمريكية ذكرت أن إيران ربما لم تقدم على خطوة الرد على إسرائيل مقابل أن يتم وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لتبدو طهران بمظهر من يحافظ على الفلسطينيين وحقوقهم وبالتالي تحفظ ماء وجهها حسما يفهم مما تذكره الشبكة الأمريكية.

حول هذه الفرضية يقول حازم الغبرا إنه يرى عكس ذلك إذ يقول إن التكلفة التي يمكن أن تلاقيها طهران تجعلها لن ترد أو أن يكون ردها في إطار الاستعراض الإعلامي كما حدث في أبريل/نيسان الماضي، واصفاً ضرباتها بالأضحوكة، كما جاء اغتيال هنية ليكشف مدى الاختراق الذي تتعرض له إيران.

كما يرى المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية أن إيران من الأساس غير مهتمة بوقف إطلاق النار في غزة ولا تريد ذلك، ولو كانت حقاً تريد لضغطت على وكيلتها حركة حماس وكانت أكثر انفتاحاً في المفاوضات، إلا أن الحركة الفلسطينية اشترطت رفع عقوبات عن إيران ضمن شروطها التفاوضية بحسب عديد من المصادر، وفقاً له.

ووافقت إسرائيل على استئناف المحادثات حول هدنة في قطاع غزة في 15 أغسطس/آب المقبل، بناء على طلب دول الوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، بحسب ما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.