شهدت العاصمة المصرية القاهرة، مناقشات ساخنة حول القيادة النسائية الجديدة للمكسيك، حيث نظم برنامج الشؤون اللاتينية بمركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية، الملتقى اللاتيني الشهري بعنوان "المكسيك والقيادة النسائية: قراءة في نتائج الاستحقاق الرئاسي 2024"، ليسلط الضوء حول رسائل اختيار المكسيك قيادة نسائية لها والمهام التي تنتظر القيادة الجديدة.
وانطلقت فعاليات الملتقى الذي اداره الباحث محمد ربيع مساعد مدير المركز للدراسات اللاتينية، ومدير تحرير مجلة شؤون لاتينية، ومشاركة السفيرين يوسف زاده سفير مصر لدي البرازيل سابقاً، والسفير عبد الفتاح عز الدين سفير مصر سابقاً بكوبا.
وبدوره أكد السفير يوسف زاده سفير مصر لدى البرازيل سابقاً في كلمته التي جاءت تحت عنوان القيادة النسائية في المكسيك وسياقات الداخل، على أهمية الملتقى اللاتيني في تعزيز العلاقات المصرية اللاتينية مشيراً إلى ضرورة أن تصل مخرجات الملتقى اللاتيني لصانع القرار من خلال طرح توصيات والبحث عن إطار تعزيز العلاقات بين مصر ودول أمريكا اللاتينية والذي تحدث فيها على جملة من الحقائق منها أن المكسيك منقسمة إلى 32 ولاية، موضحاً أن كلوديا شينباوم تمكنت من الفوز بأغلبية كبيرة في 31 ولاية مبيناً أنه حصلت على نسبة 59.04 % من أصوات الناخبين المشاركين في الانتخابات.
وأوضح زاده في كلمته، أن الرئيسة الجديدة ركزت في برنامجها الانتخابي على قضايا الداخل بصورة كبيرة ومنها العنف المجتمعي، خاصة مع تزايد حالات العنف ضد المرأة وانتشار السلاح، حيث تزايدت خلال السنوات الماضية قضايا أطلق فيها الأزواج النار على زوجاتهم، ولذلك كانت من القضايا الرئيسية لشينباوم هو وقف العنف ضد المرأة.
وأضاف سفير مصر لدى البرازيل سابقاً، أنه تضمن برنامج الرئيسة المكسيكية المنتخبة المعاشات والرعاية المجتمعية، موضحاً أن ما اكتسبته من خبرات داخل العمل السياسي يمكنها من التغلب المعوقات التي يمكن أن تواجهها.
وبيّن زادة أن الرئيسة الجديدة في المكسيك سوف تواجه جملة من التحديات المتعلقة بالداخل خاصة على الصعيد الاقتصادي إذ يتعين عليها تحقيق تنمية اقتصادية فضلا عن التحدي المتعلق بخسائر شركة بيميكس خاصة في ظل رؤيتها للتحول نحو الطاقة النظيفة في ضوء خبرتها المناخية.
وأردف سفير مصر لدى البرازيل سابقاً، أن كون رئيسة المكسيك يهودية لن يؤثر على عملها السياسي، لأنه هناك قانون صدر يمنع الأزياء الدينية في المناسبات وعندما قابل الرئيس المكسيكي السابق بابا الفاتيكان قال له أنه يقابله كمواطن كاثوليكي، بل إن الرئيس الأرجنتيني خافيير ميللي يتهمها بأنها تتنصل من أنها يهودية.
ولفت زادة إلى المجهود الذي قام به وزير الخارجية الراحل بطرس غالي الذي كان لديه شبكة علاقات أفريقية ولاتينية واسعة وينسب له فتح سفارات كثيرة في مصر وأمريكا.
وأوضح سفير مصر لدى البرازيل سابقاً، أن حوار الجنوب الجنوب لن يجدي نفعا إلا في حالة واحدة أن تتكتل الدول النامية مثلما كانوا في الماضي، لرعاية مصالح الجنوب مع مصالح الدول الكبرى.
بينما كشف السفير عبد الفتاح عز الدين سفير مصر سابقاً بكوبا، في كلمته التي حملت عنوان "المكسيك نحو مقاربات خارجية جديدة"، وفي بداية كلمته أشار إلى أهمية أن نعرف أكثر عن دول أمريكا للاتينية أو يتم عقد لقاءات علمية وثقافية متنوعة حول أمريكا اللاتينية، سواء بمشاركة من الدول اللاتينية أو من خلال وجود خبراء مختصين في الشأن اللاتيني، ووجود ندرة في الباحثين والمختصين بالشأن اللاتيني في مصر وهو الأمر الذي سعي برنامج شؤون لاتينية لمعالجته من خلال عقد هذه اللقاءات الدورية، وأوضح في كلمته أن الرئيسة الجديدة في المكسيك لن تغير كثيراً في السياسية الخارجية المكسيك خاصة ثوابت السياسة المكسيكية التي تقوم على حق تقرير المصير وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والتمسك بالحل السلمي والقانون الدولي، مبيناً أن فوز كلوديا شينباوم في الانتخابات يعد إنجازاً كبيراً في المجتمع المكسيكي الذي يتشابه كثيراً مع المجتمعات العربية.
وأكد عز الدين خلال كلمته، أن الرئيسة الجديدة تصدت لحملات ضد اليهود في المكسيك ووصفتها معاداة ضد السامية، مما يعني أنها متعاطفة، ولكنها في نفس الوقت أصدرت تصريحات إيجابية بشأن القضية الفلسطينية ورفضت العنف وقتل الفلسطينيين في غزة.
وأضاف سفير مصر السابق في كوبا، أنه صدر عن مجلس الشيوخ توصية إلى وزارة الخارجية أن تبدأ للتحضير للاعتراف بفلسطين، ولكن بما يتوافق مع مبدأ استرادا، وقد يكون المقصود هو فتح سفارة لها في فلسطين لأن المكسيك لديها مكتب تمثيل في فلسطين، وفلسطين افتتحت سفارة لها في المكسيك ولم تعترض عليها السلطات المكسيكية.
ولم يغفل السفير عز الدين أن يوضح أن علاقات المكسيك بإسرائيل قوية وتربطهم اتفاقية تجارة حرة، وتبادل تجاري يكاد يبلغ إلى المليار، بينما يبلغ التبادل التجاري بين مصر والمكسيك ١٣٠ مليون، مشيراً إلى أن الشريك الأول المكسيك هو إسرائيل.
وأوضح سفير مصر في كوبا سابقا أن شينباوم ترى أن هناك مصالح مشتركة مع واشنطن، وهذه المصالح تقوم على أسس التعاون المشترك مبينا أن صرحت صراحة بأن الولايات المتحدة مسؤولة عن دخول السلاح للمكسيك مقابل المخدرات وفي هذا الإطار فأن الرئيس القادم في البيت الأبيض ربما يحدد ملامح العلاقات بين الولايات المتحدة والمكسيك وأن كان يتوقع أن السياسية الأمريكية قد لا تشهد تغير كبير عقب الانتخابات المقبلة.
كما تطرق للعلاقة مع المكسيك، مبيناً أن القمة العربية اللاتينية عقدت خمس مرات، آخرها كانت في الرياض عام ٢٠١٧، وكان من المنتظر أن تعقد في عام ٢٠٢٣، الظروف الدولية لم تسمح، موضحاً أنه من الغريب أن المكسيك لا توجد في دول هذه القمة، وكانت تقتصر على أمريكا الجنوبية دون المكسيك ودول الكاريبي، لأن البرازيل بدأتها كنواة لتنمو فيما بعد.
كما أشار عز الدين، أن المنافسة على الرئاسة كانت نسائية، حيث كانت المنافسة الأخرى للرئيسة الحالية عالمة ومهندسة، وكانت منظمة للشعوب الأصلية، ولكن نسبة الفقر وتدني التعليم لم يمكنها من كسب الأصوات الكافية.
ولفت سفير مصر السابق في كوبا أن الرئيسة الجديدة لديها فرصة في تعزيز العلاقات مع الجوار اللاتيني الذي شهدت العلاقات مع بعض دول حالة من الاضطرابات نتيجة تباين وجهات النظر السياسية.
وتخللت الندوة عدد من الكلمات الهامة للعديد من السياسيين والباحثين البارزين حول القيادة النسائية الجديدة في المكسيك.
كما كشف المستشار عز الدين عبد ربه، الباحث في الشؤون السياسية، أنه مقتنع بحوار الجنوب الجنوب، حيث وجد أن حوار الجنوب الجنوب هو محور من محاور المؤتمرات الصينية، حيث أن الصين ترى أن الحل لا يكون جنوب شمال، بل الجنوب الجنوب.
وأكد عبد ربه في مداخلته، أن هناك زعيم لاتيني معروف في آخر خطبة له أوصي وصية بالتوجه امريكا اللاتينية مع افريقيا، لأنه من الأهمية لأمريكا اللاتينية تقرب من افريقيا وأيضاً الحوار جنوبي جنوبي.
وأضاف الباحث في الشؤون السياسية، أن من يفهم السياسة وقواعدها والفلسفة السياسية لا تفرق بين امرأة ورجل لأن القواعد واحدة فالمرأة مثل الرجل والقواعد السياسية ثابتة على الرجال والنساء ونجد ان المرأة الأمريكية تشتكي من المجتمع الذكوري ايضا لديها مشكلة مع المجتمع الذكوري لان لا توجد امرأة رئيسة جمهورية، والمرأة في مجلس الشيوخ والكونجرس تمثل واحد ونصف في المائة، والمجتمع غير ذكوري يوجد في شمال أوروبا فقط مثل دول السويد والنرويج والدنمارك فالمجتمع هناك معروف.
وبيّن عبد ربه، أنه تتميز دول شمال أوروبا بأن المجتمع غير ذكوري، حيث أن وظيفة المرأة والرجل معروفة ويتعاونون مع بعض، مبيناً أن ما يهمه مع الرئيسة الجديدة هو الاهتمام بحوار الجنوب الجنوب وان تهتم بحوار أمريكا اللاتينية مع افريقيا و يظهر فيما بعد هل هي صهيونية او تتعاطف مع الصهيونية فهي تتحدث عن معاداة السامية التي تنحاز إليها الصهاينة وهي بشرى غير سارة، ولكنها إذا انتهجت نهج المجتمع المكسيكي ستستمر في تأييد القضايا الفلسطينية والقضايا العربية بشكل عام.
وأوضح الباحث في الشؤون السياسية، أنه بالنسبة للسياسة المكسيكية فالصورة الذهنية الراسخة في أذهان المثقفين بشكل عام هي التي رسمتها الصورة السينما المكسيكية، والتي تظهر الفقر وأن الدولار يشتري كل الموجودين وأنها أماكن العصابات وأنه يتفق مع جمال عبد الناصر في المقولة الذي كان يقولها فكان يقول قوموني إذا رأيتموني أمريكا راضية عني تعرفوا انني على خطأ وإذا كانت أمريكا غير راضية تعرفون أني أسير في الاتجاه الصحيح.
كما كشفت كريمة الحفناوي، القيادية في الحزب الاشتراكي المصري، أنه يجب أن ننتبه للتغيرات التي تحدث في العالم، حيث بدأت شعوب أوروبا في تغيير قياداتها التقليدية وذلك بالاتجاه ناحية اليمين المتطرف، والذي له آراء متشددة ضد المهاجرين.
وأكدت كريمة الحفناوي، في مداخلتها في الندوة، أنه في أمريكا اللاتينية بدأ ظهور التيار اليساري، والذي أخذ مقاليد الحكم في بلاد مثل فنزويلا، والمكسيك، والعديد من بلدان القارة، والعوامل السابقة تؤكد أننا بصدد عالم جديد بشكل متعدد الأقطاب.
بينما كشف هاني الجمل، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد استمر في بناء الجدار العازل مع المكسيك، رغم أنه ضد قناعاته، مدعياً أن السبب في ذلك أن بايدن رصد ميزانية في هذا الشأن.
وأكد الجمل، في مداخلته، أن في نوفمبر\ تشرين الثاني القادم قد يصبح ترامب على سدة الحكم مرة أخرى، وهو صاحب آراء عنصرية، وصدامية بعض الشيء، مما يثير التساؤلات حول إمكانية الوصول لتفاهمات مع الرئيسة الجديدة حول الجدار العازل.
وأضاف أن الصين استفادت من المكسيك، حيث تتخذ منها بوابة خلفية للتصدير للولايات المتحدة الأمريكية، ورغم ذلك فإن المنتجات المكسيكية لم تستفاد بنفس القدر من تقديم نفسها داخل السوق الأمريكية.
بينما كشف محمد صبحي، المدرس المساعد بجامعة نيو جيزة، كلية العلوم السياسية، أن القيادة النسائية مصطلح جديد، سواء في العلوم السياسية، أو المجتمع اللاتيني، مبيناً أنه على الرغم من أن الرئيسة الجديدة ذات ايدلوجيا يسارية، إلا أنه من الجانب الاجتماعي كانت أكبر المفاجآت في مجتمع يهيمن عليه العقلية الذكورية، خاصة وأن المنافسين الرئيسيين كانوا نساء.
وأكد صبحي في مداخلته، أنه من الممكن أن تنتقل تلك التجربة النسائية إلى دول أخرى في أمريكا اللاتينية، وتنتقل أيضا لعالمنا العربي.