وكعادتها، لم تعلن إسرائيل أية مسؤولية عن انفجارات أصفهان، إلا أن وسائل إعلام أمريكيّة نقلت عن مسؤولين قولهم إن تل أبيب نفذت ضربات انتقاميّة ضد طهران، فيما فعّلت الأخيرة في المقابل دفاعاتها الجوّية فوق عديد من المدن.
وأتى الهجوم بعد وعيد إسرايلي بالرد على هجوم شنته إيران يوم السبت الماضي بمئات المسيرات والصواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلي، التي اعترضت غالبيتها، في خطوة أتت ردا على غارة إسرائيلية استهدفت القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق.
مواجهة مباشرة
تقول هدى رؤوف مسؤولة وحدة الدراسات الإيرانية بالمركز المصري للفكر والدراسات، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن ضربات اليوم جولة من جولات المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، حيث من المتوقع اتساع دائرة العنف بين الطرفين خلال الفترة المقبلة.
وأعربت عن اعتقادها أن الأمر حتى الآن انتهى على صعيد الضربات المباشرة بين الطرفين، لكنها ترى أن هذا لا يعني أنه لن تكون هناك توترات فيما بينهما، لكنها ستعود لتأخذ شكلها السابق من خلال حروب الوكالة أو حروب الظل، على حد قولها.
ولفتت الخبيرة في الشؤون الإيرانية إلى أن ما جرى بين إسرائيل وإيران حول الانتباه العالمي عن المأساة الإنسانية التي تحدث في قطاع غزة وتخفيف الضغط على إسرائيل، وبالتالي فإن التصرف الإيراني أثر سلبا على الأوضاع في القطاع، وأن تلعب تل أبيب دور الضحية مرة أخرى.
وعقب هجوم المسيرات، أعلنت إسرائيل عزمها الرد قريبا على خطوة إيران غير المسبوقة، فلأول مرة تهاجم بشكل مباشر الأراضي الإسرائيلية، بصرف النظر عن تأثير الهجوم، لكن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان صرح أن بلاده سترد حال الهجوم عليها وبشكل أقوى، ما يعني أن المنطقة ربما تقدم على مزيد من المواجهات.
حدود المواجهة
من جهته، يقول السيد هاني الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون الخارجية إن الوضع في منطقة الشرق الأوسط متوتر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن من الواضح أن إسرائيل وإيران لا تريدان الدخول في مواجهة شاملة أو الحرب، والدليل على ذلك أن ردود الفعل المتبادلة بينهما ضعيفة جدا ومستواها بعث على السخرية من قبل البعض.
وعما إذا كانت إيران تفكر في الرد على ما جرى اليوم، يقول نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الرد الإسرائيلي الأخير على إيران جاء باهتا للغاية، ولم يوقع أية خسائر أو أضرار، ولم تعترف تل أبيب بمسؤوليتها عنه، وبالتالي فطهران ليست بحاجة إلى الرد على الإطلاق.
وذهب السيد هاني إلى ما ذهبت إليه هبة رؤوف من أن إسرائيل حققت مكاسب سياسية من جراء الرد الإيراني على قصف القنصلية في دمشق، فقد استفادت منها تل أبيب في تكوين تحالف عسكري كبير إلى جانبها مكون من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، والدول الثلاث شاركت في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية.
وذكر أن تل أبيب، كذلك، تحركت على مستوى مجلس الأمن، وبدأت تظهر أمام العالم في ثوب المعتدى عليه وتطالب بإدانة إيران، وبالفعل بدأت الدول الغربية في توقيع وفرض عقوبات على طهران، رغم أن الأخيرة لم تقم إلا برد باهت على هجوم القنصلية، مشيرا إلى أن الضربات التي تحدث تتم بالتنسيق والإخطار المسبق بينهما، حتى أصبحت المسألة مسار استهزاء أو سخرية للرأي العام والمتابعين لما يحدث.
ويشدد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن إسرائيل وإيران تشكلان مصدر خطر كبير على الأمن والاستقرار الإقليميين، معربا عن أسفه من أن الشعوب العربية تدفع ثمن المواجهة بينهما، خاصة الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن كليهما له مصلحة في إضعاف الدول العربية وتحقيق أهداف على المستوى الإقليمي من حيث بسط النفوذ.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن 3 انفجارات سُمِعت قرب قاعدة شيكاري الجوّية التابعة للجيش قرب أصفهان، كما قال مسؤولون إن مُسيرات عدة أسقِطت بنجاح من جانب الدفاع الجوّي الإيراني، وسط تأكيدات بأن المنشآت النوويّة الموجودة في أصفهان آمنة، فيما تواصلت الدعوات الدولية المطالبة بالتهدئة وتجنب تصعيد الأمور.
رسالة روسية
لكن الإعلام الإيراني عادة مرة ثانية ليؤكد أن البلاد لم تتعرض لهجوم خارجي، وأن ما جرى ربما تكون عملية تسلل، حيث أكد مسؤول إيراني أن بلاده ليس لديها خطة واضحة للرد حتى التأكد من المصدر المسؤول عن الواقعة، في علامة على الإنكار، الذي قد يعني أن الجانب الإيراني لا يفكر في الرد كما صرح من قبل.
وتأكيدا على ذلك، صرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، صباح اليوم، أن موسكو خلال الاتصالات الأخيرة مع مسؤولين إسرائيليين نقلت موقف إيران، وكانت رسالة الأخيرة واضحة بأنها لا تريد التصعيد، مؤكدا على أن الموقف الإيراني لم يتغير بعد.
يذكر أنه تزامنا مع الهجوم الذي طال الأراضي الإيرانية، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن ضربات إسرائيلية استهدفت موقعا للجيش السوري في جنوب سوريا، فجر اليوم الجمعة، على ما قال الجيش السوري والمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو ما أكده كذلك الجيش التابع لحكومة دمشق، على نحو أدى إلى وقوع خسائر مادية.