"هذا ما حذرت منه مصر".. مراقبون عن المواجهات الإسرائيلية – الإيرانية

رغم أن الكثيرين كانوا يعتقدون أن الأمور ستنتهي مع الضربة الإيرانية لإسرائيل، إلا أن الأخيرة تؤكد أنها سترد، ما يهدد بجر المنطقة إلى مزيد من الاضطرابات.

وكانت إيران قد شنت هجوماً بمسيرات وصواريخ على إسرائيل، مساء يوم السبت الماضي، في رد من قبلها على ضربة جوية إسرائيلية استهدفت مقر قنصليتها في العاصمة السورية "دمشق" يوم 1 أبريل/نيسان، أدت إلى مقتل عدد من العسكريين، كان أبرزهم العميد محمد رضا زاهدي مسؤول فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان.

وإذا سارت الأمور بمنطق "ضربة مقابل ضربة"، المتبع منذ اندلاع أزمة غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يفترض أن الأمور تكون قد انتهت هكذا، إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي توعد برد عسكري قريب، وطهران بدورها ردت عليه وأكدت أنها في حال تعرضت لأية ضربات فسترد بشكل "أكبر وأقوى"، الأمر الذي يراه مراقبون بأنه تعبير عن "المحظور" الذي نبهت إليه مصر قبل أشهر، بأن استمرار الوضع على حاله في غزة من شأنه تمديد وتوسع الصراع الإقليمي.

سياسة مصر

في هذا السياق، يقول السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إن موقف مصر في كل الأحوال مبدئي منذ بدء الحرب على غزة، فالقاهرة لا تريد تصعيداً في المنطقة، لأنها من الأساس مليئة بالأزمات المستمرة منذ نحو 14 عاماً أو أكثر، ولدينا الأزمة السودانية، وبالتالي فإن منطقة الشرق الأوسط ليست بحاجة إلى مزيد من الاشتعال، وهذا ما تتمسك به السياسة الخارجية المصرية على كافة المستويات.

وأضاف الدبلوماسي المصري، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن القاهرة ترى كذلك أن اتخاذ الأحداث مسارا بالشكل هذا، فإن هذا وضع خطير، وسنكون أمام عملية تدمر المنطقة ومواردها، والأهم أنها ستؤدي إلى الانشغال عن القضية الرئيسية، أي ما يجري في غزة، ويتحول القطاع إلى مجرد مسألة فرعية، وهنا فإن مصر تريد العودة إلى القضية الأساسية، إي وقف القتال وإنهاء هذه المأساة الإنسانية التي يعاني منها الفلسطينيون.

ويرى السفير رخا أحمد حسن أن إيران بضرباتها لم تكن لديها نية أن تقوم بعمل عسكري جدي باتجاه الأراضي الإسرائيلية، لكنها أرادت أن تصل رسالة بأنها قادرة على الوصول إلى عمق إسرائيل، إلا أنها لن تُقدم على ذلك، لأنها تعلم أن المواجهة مع إسرائيل مواجهة مع الولايات المتحدة وكثير من حلفاء تل أبيب، وبالتالي كان الجميع على علم بطبيعة الضربة الإيرانية وما ستقدم عليه، ومعروف مقدما أن الطائرات المسيرة سيتم إسقاطها قبل الوصول إلى هدفها.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكين، وفق بيان حصلت وكالة فرات للأنباء (ANF)، على نسخة منه، أكد خلاله حرص مصر على التنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة من أجل احتواء الأزمة الراهنة بين إيران وإسرائيل، واستمرار بذل قصارى الجهد من أجل وقف الحرب الدائرة في قطاع غزة، مشددا على أن اتساع رقعة الصراع على النحو الذي نشهده لن تصب في مصلحة أي طرف، ولن تجلب سوى المزيد من التوتر وعدم الاستقرار لشعوب المنطقة.

بدوره، يقول محمد فتحي الشريف مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن حديث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كان واضحا منذ بداية العدوان على غزة، عندما حذر في أكثر من مناسبة من أن استمرار ما يجري في غزة من شأنه أن يؤدي إلى تمدد الصراع إقليميا، ودخول منطقة الشرق الأوسط في دوامة من العنف والاضطرابات الغير المسبوقة.

وأضاف "الشريف" أن هذا الموقف يأتي انطلاقا من سياسة مصر الخارجية القائمة على اعتبار السلام والاستقرار أولوية أولى، ليس للقاهرة وحدها، بل للمنطقة ككل، ولكل شعوب الشرق الأوسط، وارتباطا بذلك، فقد ربطت القيادة المصرية بين تحقيق تلك الغاية – أي السلام والاستقرار – بحل القضية الفلسطينية على أساس دائم وعادل وشامل، وفق حل الدولتين وإقامة دولية فلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

ولفت إلى أنه بمجرد أن توترت الأجواء بهذا الشكل، سارعت مصر إلى إجراء الاتصالات بمختلف الأطرف ذوات الصلة من أجل التهدئة، والتحذير من خطورة التصعيد، الذي لن تحمد عقباه، فكانت هناك اتصالات بوزير الخارجية الأمريكي ونظيره الإيراني ومسؤولين أوروبيين ودوليين، مشددا على أنه إذا لم تدرك الدول خطورة الوضع فإن الأمور ستسوء، والمعاناة ستتفاقم في الشرق الأوسط.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد استقبل، أمس الثلاثاء، سيرجي ناريشكين رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، حيث بحث معه ملفات المنطقة، وعلى رأسها سبل تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط في ظل الأزمة في قطاع غزة، وما تشهده المنطقة من تصعيد للتوتر الإقليمي.