بولندا: إننا في "حقبة قبل الحرب".. هل تترقب أوروبا حرباً جديدة واسعة؟
فاجئ رئيس الوزراء البولندي بتصريحاته المثيرة للجدل بأنه للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تدخل القارة "حقبة ما قبل الحرب".
فاجئ رئيس الوزراء البولندي بتصريحاته المثيرة للجدل بأنه للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تدخل القارة "حقبة ما قبل الحرب".
أثارت تصريحات رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك بأن الحرب قادمة في أوروبا، وأن القارة تعيش مرحلة ما قبل الحرب الذعر من جديد من شبح تمدد الحرب الأوكرانية إلى الداخل الأوروبي خاصة بعد نجاح موسكو في ضم معظم أراضي دونباس في أوكرانيا وفشل إمدادات الأسلحة الأوروبية على إيقافها وفشل الهجوم الأوكراني المضاد، مما يفتح باب السيناريوهات لتوسع الحرب في الداخل الأوروبي وأن تتحول المواجهة من أوكرانيا لباقي دول القارة.
علق إيفان أوس، مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، أن أوكرانيا، حتى قبل بدء حرب واسعة النطاق، قالت إن كييف ليست هدف روسيا، بل هدف روسيا هو أوروبا، لأنه إذا كنت تتذكر ما كان مكتوبا على السيارات الروسية لسنوات عديدة، وخاصة يوم 9 مايو، فقد كتب على برلين، أي ليس على كييف ولا حتى على وارسو.
وأكد أوس في تصريح خاص لوكالة فرات، أن هذا في جوهره، كان هذا إعدادا أيديولوجيا للسكان لحقيقة أن هدف روسيا هو الاستيلاء على أوروبا على الأقل حتى برلين، ولا أحد يعلم كيف سينتهي الأمر، حتى أن بعض السياسيين الروس قالوا إن الهدف هو الوصول إلى نهاية القارة الأوروبية، أي إلى القناة الإنجليزية.
وأضاف مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، أنه في بداية الحرب واسعة النطاق في أوروبا، لم تأخذ العواصم الرئيسية التهديد الروسي على محمل الجد، و لكن في النصف الثاني من عام 2023 تغير الوضع بشكل جذري
وبين أوس، أنه في خريف عام 2023، كتب مجلس السياسة الخارجية الألمانية في تقريره أن الحرب بين روسيا وألمانيا ليست نظرية، بل هي احتمالية من 6 إلى 10 سنوات، ثم قال وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس أيضا إن الحرب بين روسيا وأوروبا هي احتمال قريب جدا.
وأشار مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، إن تصريح رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك هو تصريح آخر من بين العديد من التصريحات التي أدلى بها السياسيون الأوروبيون بأن أوروبا في حقبة ما قبل الحرب.وبناءً على ذلك، وكذلك على تقرير مجلس السياسة الخارجية الألماني، يمكننا أن نستنتج أن الحرب ممكنة، ولكن هناك إمكانية لمنع هذه الحرب، والتي تكمن في أن أوكرانيا يجب أن تفوز بالحرب ضد روسيا ومن ثم لن تهدد حرب كبيرة أوروبا للعقود القادمة.
قالت سارة كيرا، رئيسة المركز الأوروبي الشمال أفريقي للدراسات، أن أوروبا كلها تنتقل أجندتها من الدفع بالسياسات الخضراء، وتطوير البيئة، والمحافظة على الموارد إلى الاتفاقات العسكرية منذ دخول روسيا أوكرانيا، هناك تغيير وانتقال في طريقة الانفاق، وأولويات الأجندات، ويتجهون إلى زيادة الإنفاق العسكري، خاصة وأن أوروبا عاشت أطول فترة سلام في تاريخها منذ تكون الاتحاد الأوروبي، وأول تهديد حقيقي منذ عام ١٩٤٥ هو اجتياح روسيا لأوكرانيا، وحلف الناتو لم يكن يعي خطورة خطواته واستمر في ضم الدول من الأعضاء السابقين في الاتحاد السوفيتي على حدود روسيا، حتى جاؤوا على أكبر دولة على حدودها وهي أوكرانيا ولذلك قامت موسكو بالدفاع عن أمنها القومي، لأنها لن تنتظر وجود صواريخ الناتو على حدودها.
وأكدت كيرا في تصريح خاص لوكالة فرات، أن زيادة الإنفاق العسكري في الناتو هو ما كان ينادي به ترامب، حيث طلب من كل دول الناتو أن تدفع ٢ في المائة من إجمالي الناتج المحلي، من كل دول أعضاء الناتو ٣٢ هناك من يدفع ١.١ وهناك من يدفع نصف في المائة وهناك من يدفع مثل بولندا ٢.٩ أي ما يصل إلى ٣٪ من ناتجها، وضخ الأموال للسياسات الدفاعية.
وأضافت رئيسة المركز الأوروبي الشمال أفريقي للدراسات، أنه توجد ثلاث أسباب دافعة رئيس وزراء بولندا تصرف أموال أكثر من دول كثيرة داخل الناتو من ميزانيتها على الجزء العسكري والدفاعي في ميزانية الناتو المجمعة، وذلك بسبب حدودها مع روسيا وحليفتها بيلاروسيا، ولذلك بولندا من أكثر الدول القلقة بسبب تجاور حدودها، كما أن أوروبا بدأت تهتم بتصنيع السلاح وتطوير السياسات الدفاعية.
وبينت كيرا، أن تصريح رئيس الوزراء البولندي يؤكد فشل سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه أوكرانيا وتحمي حدودها من الناتو، خاصة وأن روسيا تنتهز فرصة ضعف الناتو لعدم توازن الإنفاقات العسكرية للدول الأعضاء، حيث ستجد أن ألبانيا مثلاً تدفع أقل من ١٪، وبلغاريا أقل من نصف في المائة، إيطاليا ٨٪ وإسبانيا ٥٪ والسويد والتي هي أغنى من بولندا لا تصل إلى ٢٪
وأوضحت رئيس المركز الأوروبي الشمال أفريقي للدراسات، أن بولندا ترى نفسها أنها الهدف القادم للهجمات الروسية بعد أوكرانيا، خاصة بعد قيام بيلاروسيا من سحب نفسها من تدريبات القوات الأمنية الأوروبية، وذلك على خطى روسيا، والانسحاب من اتفاقيات للقوات التقليدية في أوروبا، والتي كانت ذات يوم عقيدة أمنية رئيسية في القارة، وهذا يعني أن بيلاروسيا تنسحب من أي مشاركات أو تعهدات سلمية في أوروبا، وهذه الاتفاقية كانت تهدف إلى خلق التوازن بين أوروبا والبلدان السابقة في حلف وارسو، ومن الناحية التاريخية روسيا ترى أن لها مطالبات في بولندا مثل أوكرانيا.
وبينت كيرا، أن أي خطوة عسكرية حقيقية من الولايات المتحدة أو أوروبا تجاه روسيا، وهنا لا يعني تفجير خط غاز أو ضربة مخابراتية ولكن تحرك عسكري حقيقي أو ضربة تجاه أي من سفارات روسيا، حتى لو كانت عملية روسية مدبرة ضد نفسها ستكون بولندا هي كبش الفداء الأوروبي لتلك الضربة، ولكن صعب ان تعتدي روسيا على دولة عضو في الناتو، لأن ميثاق الناتو يتحدث عن الدفاع عن الدول ولكن روسيا لن تعتدي على ٣٢ دولة.
وأردفت رئيسة المركز الأوروبي الشمال أفريقي للدراسات، أن الأزمة تكمن أنه لا توجد لدى جميع الدول الأعضاء في الناتو النية والدافع لمواجهة روسيا، وهذا قد يتسبب في تفكك حلف الناتو في وقت قريب إذا استمر بالشكل الحالي.
وأشارت كيرا، إلى أن روسيا نجحت في تحقيق انتصارات متتالية في أوكرانيا نتيجة أن أوروبا بطيئة في التعامل مع روسيا، طريقة التعامل الأوروبي تؤدي إلى فشل في مواجهة روسيا، لم يتفقون على الانفاقات العسكرية خاصة وأن هناك دول مثل ألبانيا تنفق أقل من ١٪ في ميزانية الناتو العسكرية وترى أن القوات الروسية ليست خطر يهددها، ولولا اشتراكها في الناتو لكانت في حالة حياد كامل، بالإضافة إلى أن هناك رؤساء مثل ماكرون مقتنع بالسياسات الروسية، وأوروبا خائفة على الاتحاد الأوروبي خاصة وأن فكرة الناتو قامت أصلا لمواجهة حلف وارسو الذي كونه الاتحاد السوفيتي.