الأرض التي تعرف صاحبها لا تكون عوناً للأعداء 

"في نهاية المطاف تعود خيانة الخونة إلى أصحابها، والعدو يبقى عدواً، ولكن إذا تصرف أحد ما بمسؤولية للدفاع عن أرضه، فلا تمنعوه عن ذلك ولا تعرقلوه ولا ترموه بالحجارة".

لم يستسلم أهالي المنطقة قط في مواجهة القصف والدمار، وأعادوا بناء قراهم من جديد على الحطام، ولهذا، فإن هذه الأرض والسماء أيضاً تعرف أصحابها جيداً، ولأن هذه الأرض انتفضت في وجه أفظع الهجمات ببركاتها وبأبنائها الموهوبين، فلن تكون أبداً عوناً للأعداء.

إنهم هؤلاء (خيانة الحزب الديمقراطي الكردستاني) الذين يبيعون وطنهم ويعبثون بقدر شعبٍ، وهم الذين يريدون التستر على خيانتهم، ولهذا يوافقون على أفظع قسوة لشركائهم القبيحين ويقدمون المناطق الأكثر قدسية في هذا الوطن للمحتلين الفاشيين، وتقول هذه الأراضي العريقة، التي أصبحت مهد البطولات وبسالة الكرد الشرفاء، كما لو أنها تُركت بلا صاحب؛ "الأرض أرضنا، ولكنهم يقولون بهجماتهم لا الأرض ولا حتى السماء لكم"، هذا الكلام كافي لأن يشعل الجمر في قلوب الناس ويشعل النار في قلوب الناس.   

من يتحدث هو الألم والمعاناة التاريخية للشعب الكردي

إن هؤلاء الذين يريدون العيش في أرضهم، وعلى أرض أجدادهم، يواجهون مرة أخرى أحلك الوجوه، وأظلم صفحات التاريخ، لذلك، يعبرون عن آلامهم التاريخية بهذه الطريقة، ويُهجرون قسراً من قراهم، ويجري تدمير جهدهم الممتد على مدى سنوات، ويُسحقون تحت الجحافل القذرة للمحتلين، ولذلك يقولون "يبدو أن هذه الأرض والسماء لم تعد لنا"، وهنا، من يتحدث هي الآلام والمعاناة التاريخية للشعب الكردي، والذي يتكلم هو نتيجة أفعال الخونة، أي شرح حقيقة دودة الشجرة، التي تبرز أمام الشعب الكردي كأقذر ميكروب في كل عصر وتصبح أكبر خطر على وجوده.

وبسبب الهجمات الفاشية للدولة التركية ومساندة عائلة البارزاني لهم، فإن أهالي منطقة بهدينان بالمقام الأول، الذين عايشوا أيضاً أعمق آلام الأنفال، يدفعونهم لمعايشة نفس المعاناة مرة أخرى ويجبرونهم على التهجير من ديارهم، أي أنهم يحاولون القضاء على التاريخ الأصيل لهذا الشعب، فهل من الممكن نزع الأرض والسماء من أصلهما، واقتلاعهما من الجذور، وهل من الممكن نسيان حقيقتهما؟ بالتأكيد لا، فعلى الرغم من أن دولة الاحتلال التركي الفاشية تعتقد أنها قادرة على التمركز والسيطرة على الجبال وإظلام السماء بهجماتها المتواصلة التي لا تُحصى، إلا أن الأبناء الأكثر قيمة وشجاعة للشعب الكردي، ومقاتلي ومقاتلات الحرية، يجعلون هذه الأحلام الفارغة والعبثية عالقة في حناجرهم كما في كل مرة، ويعيدونهم من متينا وزاب. 

لم يبق مكان لهم لا على هذه الأرض ولا حتى تحت هذه الأرض

إن الشعب الكردي هو شعب قوي جداً، حيث انتفض في وجه كل عاصفة، تارة حارب من أجل استقلاله بقيادة الشيخ سعيد، وتارة حارب ضد مؤامرات الأعداء بانتفاضة قاضي محمد، وسطر بكل فخر انتصار شعبه للأصدقاء والأعداء والجميع، والآن، ها هو يحارب مع حزب العمال الكردستاني في مواجهة كل القوى المتآمرة، فالشعب الكردي شعب قوي جداً، حيث انتفض في وجه كل عاصفة، وتارة تعرض الشعب الكردي لمجازر الأنفال، وقُتلوا بشكل جماعي، وأُحرقت قراهم عشرات المرات، وواجهوا أسوأ الآلام في دروب التهجير، لكن جذورهم نمت وتفتحت مرة أخرى، قرى دركل وميسكا وغيرها، التي تتعرض للقصف عشرات المرات يومياً، ولم تتعرض للتدمير مرة واحدة بل لعشرات المرات، لكن أهل المنطقة لم يخنعوا ويستلموا أبداً، وأعادوا بناء قراهم مرة أخرى على الحطام، ولهذا، فإن هذه الأراضي وهذه السماوات تعرف أصحابها جيداً، ولأن هذه الأرض انتفضت في وجه أفظع الهجمات ببركاتها وبأبنائها الموهوبين، فلن تكون أبداً عوناً للأعداء، ولذلك، فإن جبال وقرى وأرياف منطقة بهدينان، وخاصة جبال متينا وآمديه، التي تتعرض للقصف والحرق والتدمير يومياً، لن تفنى أبداً، وتسطر الانتقام أكثر في كل هجوم يتعرض لها، وهذه هي الحقيقة التي سيتعين على فاشية الدولة التركية وخونة الحزب الديمقراطي الكردستاني مواجهتها عاجلاً أم آجلاً، ومن الآن يتضح من سيتم الانقضاض عليه، ولذلك، يقفون ويقعدون، قائلين بأكاذيبهم التي لا أساس لها من الصحة: "في هذا الصيف، سننهي عملية مخلب القفل"، ولكن يُلاحظ إلى مدى أنهم في حالة من الفقر والتشتت، ويتلقون مثل هذه الضربات يومياً من مقاتلي قوات الدفاع الشعبي – مقاتلات وحدات المرأة الحرة-ستار، من متينا إلى سركل وآمديه وغرب زاب، بحيث لم يعد بإمكانهم المضي قدماً نحو الأمام أو الهروب إلى الخلف، أي، أنه لم يعد لهم مكان لا في هذه الأرض ولا تحت هذه السماء. 

تجري معركة الوجود والعدم في كل لحظة

لا مكان للمحتلين في هذه الأرض ولا تحت هذه السماء.

ويقول القائد أوجلان: "حتى الورق لا يهتز في كردستان بدون النضال"، فعندما نتعمق في هذه الجملة ونضع واقع الحرب التي نعيشها في يومنا هذا، سنجد إلى أي مدى أن هذه المقولة تاريخية وذا معنى، وعلى وجه الخصوص في واقع الكرد وكردستان، فهي حقيقة لا يمكن غض الطرف أو السمع عنها، ولذلك، فإنه من أجل حرية شعب، ومن أجل وجود أمة، تجري معركة الوجود والعدم في كل لحظة، فهذه الحرب هي حرب حتى إن تظاهر فيها الجميع بالصم والعمى والبكم، إلا أن حقيقة معركة المناضلين الآبوجين لا يمكن إخفائها على الإطلاق، لأن جذورهم تزداد قوة دون أن يعتريها الضعف والوهن منذ التاريخ وحتى الآن، وبهذه الطريقة، يتبيّن أن هناك طريقة واحدة فقط لضمان وجود شعب، آلا وهي خوض النضال، ومن الواضح والجلي في الواقع الكردستاني في هذه الحقبة، أن الحركة الآبوجية ومقاتلي ومقاتلات الحرية هم وحدهم الذين يناضلون للدفاع عن وجود شعبهم، وهم منخرطين في خوض نضال لا هوادة فيه، ليس فقط ضد عدوهم ولكن أيضاً ضد الكرد الخونة بشكل أكثر.

ولذلك، سأكرر هذه الحقائق التاريخية بأوضح صورة وأثمن كلمات قاضي محمد الذي ذهب إلى منصة الإعدام في سبيل تحرير واستقلال الشعب الكردي؛ "في نهاية المطاف تعود خيانة الخونة إلى أصحابها، والعدو يبقى عدواً، ولكن إذا تصرف أحد ما بمسؤولية للدفاع عن أرضه، فلا تمنعوه عن ذلك ولا تعرقلوه ولا ترموه بالحجارة، لذلك، ليس هناك أفضل وأجدر من أن يضحي الإنسان بنفسه من أجل شعبه، وهذا الموت هو الموت الأقدس".