الخبر العاجل: باكرخان: عبدالله أوجلان سيوجه دعوة تاريخية

سوريا وخيارات المستقبل... شرعية الغَلَبْة وسياسة الإقصاء

تجلى نفوذ الاحتلال التركي الكبير في سوريا في قرار تنصيب الجولاني رئيساً، تزامناً مع وجود قواعد عسكرية تركية بدعوى تدريب الجيش السوري إلى جانب بدء مشروعات الاستثمار في البنية التحتية وإعلان أردوغان خوض مفاوضات لترسيم الحدود البحرية.

تعكس القرارات الأخيرة التي اتخذتها إدارة تحرير الشام، توجه سوريا صوب النموذج الافغاني، بعد تعمد الإدارة تشكيل حكومة من أيدولوجية واحدة تعتمد فكر السلفية الجهادية العالمية، والسيطرة على كافة مؤسسات الدولة بعد إقصاء معظم المكونات والقوميات إلى جانب الجماعات الإسلامية المعتدلة وعلى رأسها الطرق الصوفية، تزامنا مع بدء تنفيذ مخطط تغيير الهوية الوطنية واستبدالها بالأيدولوجية الدينية دون استخدام القوة الصلبة.

إن ما يحدث في سوريا يؤكد أن الدولة قد تكون أقرب إلى المشهد الأفغاني الساعي لنشر التشدد عبر المنابر الدينية ومنصات التواصل مع التضييق على حقوق المرأة، وإذا كانت هيئة تحرير الشام خرجت من عباءة السلفية الجهادية، وفقاً لتصريحات قياداتها منذ العام 2017 إلا أن هذا لا يعني أنها ليست جماعة متشددة تستخدم البراغماتية  بهدف إنشاء كيان سني تمهيداً للاستئثار بالسلطة  بعد تهميش كل فصائل المعارضة، وهو ما حدث مؤخراً  بتنصيب الجولاني رئيساً قبل أيام  من انعقاد المؤتمر السوري في باريس المخصص لمناقشة العملية السياسية ومستقبل الدولة.

الإدارة الذاتية

كعادتها، بادرت الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، بالإعلان عن رؤيتها الوطنية الجامعة لكل السوريين مؤكدةً في بيان أن أي قرار خارج المؤتمر الوطني السوري ودون مشاركة القوى السياسية يُعد قراراً ناقصاً وغير دستوري، ودعت إدارة تحرير الشام إلى استدراك الخطأ  الذي وقعت فيه خاصة بعد مشاركة أسماء مدرجة على قوائم الإرهاب في المؤتمر الذي عُقد لتنصيب الجولاني رئيساً لسوريا، تزامناً مع رفض العلويين والدروز والمسيحيين ما تم اتخاذه من قرارات انفرادية، الأمر الذي يُنبئ ببوادر صراع يؤثر على الأوضاع الداخلية ويتسبب في اضطرابات.

لا يتوفر وصف.

الدكتور فواز جرجس الكاتب الصحفي والمحلل السياسي قال في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «الجولاني نصّب نفسه رئيساً لسوريا وفق شرعية الغلبة أو الأمر الواقع، دون أي سند من قانون أو دستور أو حتى شرعية شعبية، وهذا تم بناءً على اتفاق بين إدارة تحرير الشام و18 فصيلًا من بين 80 فصيلًا وطنياً سورياً، الأمر الذي ستعقبه انعكاسات سلبية على الأوضاع الداخلية خاصةً بعد إقصاء الكرد والدروز والعلويين والمسيحيين وكافة المكونات ومنعها من إبداء رأيها، ومن ثم فإن تلك الأطراف التي تم إقصائها مُجبرة على البحث عن مصالحها بعيداً عن تلك الإدارة، وهو ما سيؤثر بالطبع على الأوضاع الداخلية، فالبعض يصف تنصيب الشرع رئيساً بأنه انقلاب سبقه تعطيل الدستور وحل الجيش والأحزاب دون مشورة باقي المكونات والقوميات، خاصةً وأن الفصائل التي حضرت مؤتمر تنصيب الشرع لا تسيطر مجتمعة إلا على 50% من مساحة الأراضي السورية».

سياسة الإقصاء

ونتيجة لسياسة الإقصاء والتهميش ستعمل القوميات والمكونات والطوائف السورية وفق  ترتيبات أخرى فيما يخص مستقبلها السياسي والعسكري خاصةً بعد أن وضعت قوات سوريا الديموقراطية «قسد»، شروطاً للاندماج في الجيش وفق آلية دستورية وقانونية، كما منع الدروز دخول إدارة عسكرية إلى السويداء ووضعوا شروطاً حول الدولة وشكلها وتعريفها، وهو ما يتوجب على إدارة تحرير الشام وقياداتها الإجابة عليه، تزامناً مع تحرك المسيحيين والعلويين نحو تحقيق مصالحهم وضمان حقوقهم في الدولة الجديدة، وإذا لم يتم التوافق مع تلك المكونات والقوميات سيكون لهم خيارات أخرى على الصعيدين الداخلي والخارجي من خلال اللجوء إلى المجتمع الدولي للضغط على الإدارة الحالية التي يتوجب عليها اتخاذ إجراءات إيجابية حيال كل السوريين دون أن تكون العملية السياسية مجرد تصريحات براغماتية على عكس ما يحدث في الواقع.

لقد تجلى نفوذ الاحتلال التركي الكبير لسوريا في قرار تنصيب الجولاني رئيساً، تزامناً مع وجود قواعد عسكرية تركية بدعوى تدريب الجيش السوري إلى جانب بدء مشروعات الاستثمار في البنية التحتية وإعلان أردوغان خوض مفاوضات لترسيم الحدود البحرية، ما يؤشر إلى الدور القوي والفاعل للاحتلال في فرض سياسات وإجراءات لتحقيق مصالحه حتى ولو كان ذلك على حساب الشعوب والمكونات، ورغم تدفق الوفود الدبلوماسية إلى سوريا ولقاء إدارة تحرير الشام إلا ان فحوى ومضمون تلك الزيارات لم ينعكس على مستقبل سوريا، فالواقع والمعطيات الراهنة تؤشر إلى التوجه صوب الدولية الدينية القائمة على الإقصاء أو المحاصصة، وحتى الآن لازالت سوريا بكل شعوبها ومكوناتها تخضع للتجاذبات الدولية والإقليمية.

انفراد بالسلطة

لا يتوفر وصف.

عبدالرحمن ربوع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أكد في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»: «رغم أن تنصيب أحمد الشرع رئيساً جاء في ظروف المرحلة الاستثنائية، حيث حالة الفوضى وتربص عيون الطامعين وترصد أحلام الطامحين، فإن هذا يجب ألا يثني السوريين عن ضرورة اتباع القانون والدستور في كل خطوات وترتيبات المرحلة الانتقالية وأن تكون بالسرعة الكافية لضمان الاستقرار وتهدئة الأوضاع، وأن يشارك فيها أشخاص وجهات لديها الخبرة اللازمة والتجربة الكافية، أما الارتجال والعشوائية السائدة الآن فهي تؤدي إلى نتائج عكسية، ولولا حرص جميع السوريين على إنجاح هذه المرحلة لرأينا واقعاً مختلفاً لكن الجميع يسعى للعبور بالبلد إلى بر الاستقرار بأمان وسلام وعلى الإدارة المؤقتة الحالية أن تعي ذلك وتقدره».

يبدو أن الإدارة السورية الجديدة أمام خيارين لا ثالث لهما، أولهما الإطاحة بكل منجزات التغيير السياسي الجديد إذا أصرت على الانفراد بالقرار الوطني ومنع القوى السياسية من مشاركتها، وخصوصاً قوى الثورة والعمل الوطني الذي استمر كفاحهم لأكثر من أربعة عشر عاماً، وإما أن تمضي إلى الأمام بإعادة بناء الدولة السورية وفق النمط الذي يرجوه كل السوريين والقائم على أسس المواطنة والمساواة والمشاركة والنزاهة، وأن يشعر السوريون بأنهم جميعاً ممثلون في إدارة البلاد ومؤسسات الحكم.