حديث جارو جاء خلال حوار خاص لوكالة فرات للانباء ANF أشار فيه إلى ثقل كل من مصر والسعودية في المنطقة، حيث كان لهما تواجد تاريخي ودور مؤثر في المنطقة العربية والشرق الاوسط بشكل عام بما تمتلكانه من ميزات وصفات وامكانيات بحسب قوله.
وأوضح جارو أن السعودية كانت مركزاً دينياً ووجهة وقبلة لكل المسلمين من العالم حيث لعبت دوراً مهماً ومؤثراً في المنطقة، وأن لديها اقتصاد قوي "تتحكم من خلاله بالمنطقة ولها دور فعال اقتصادياً بالاضافة لثقل دورها التاريخي، حيث تقودهاعائلة ملكية منذ عقد من الزمان تتصف بإتزان سياسي".
وحول الدور المصري في المنطقة وبما يتعلق بالازمة السورية، قال جارو: "مصر لها دور تاريخي في المنطقة فهي بلد سعد زغلول واحمد عرابي وجمال عبد الناصر وثورة تموز، يعني لها ثقل تاريخي وسياسي واقتصادي في المنطقة بالاضافة الى انها مهد الحضارات وام الدنيا".
وتابع: "طبعا هذه الميزات أدت بمصروالسعودية الى لعب دورهما التاريخي في المنطقة كونهما يمثلان الثقل العربي والتاريخي في المنطقة ويتمتعان من الناحية الجغرافية بموقع إستراتيجي هام، كما أن لهما موقع جيواستراتيجي وجيوسياسي في المنطقة أدى الى قيامهما بلعب دور فاعل في المنطقة".
وأضاف: "طبعا مصرعانت من عدة ازمات عام 2010-2011 واستطاعت الخروج منها بحكمة، أحداث شباط التي وقعت في مصر ومحاولة الانقلاب تحت يافطة الثورة وحق الشعوب في الحرية طبعاً كانت لها اغراض سياسية، لكن الاهم استطاعت مصر بنتيجة خبرتها العميقة ودرايتها السياسية بتخطي هذه الازمة وإعادة الاستقرارالى البلاد طبعاً هي عانت من هذه الازمة واصبح لديها تجربة وباعتبارها تتمتع بدورايجابي في المنطقة وهي وجهة كافة القوى الداخلية والاقليمية قامت بدور إيجابي في الازمة السورية وحاولت خلق نوع من التوازن بين المعارضة والنظام واستطاعت تشكيل منصة القاهرة وتمكنت من استيعاب كل المعارضيين الديمقراطيين واصبحت منصة فاعلة في المفاوضات السورية".
وحول الدور السعودي في المنطقة وبما يتعلق بالازمة السورية قال جارو: "كان للسعودية بداية الازمة دورها السلبي نظراً لقرأتها الخاطئة للأوضاع في المنطقة، فاستقبلت بعض المعارضين وأسست هيئة تفاوضية وتكاتفت مع تركيا في إحداث انقلاب في المشهد السوري والمجيء بمعارضة راديكالية ذي توجه سياسي وديني".
"السعودية شعرت مؤخراً بخطورة الموقف والدور التركي السلبي في المنطقة التي كانت لديها خطط إستعمارية مبطنة كانت تهدف من خلالها اللعب على الوترالديني والعاطفي بهدف الإحتلال والإستعمار، وتشكيل قواعد لها في معظم الدول العربية والتي بدأت في تونس من خلال تأسيس حزب سياسي موالٍ لها على نمط حزب العدالة والتنمية مروراً بالسودان حيث أسست قاعدة لها على ضفاف البحرالاحمرمواجهة لجغرافية السعودية، كما وتدخلت في الصومال وبنت قواعد لها هناك وفي قطر والتي استغلت تركيا خلافاتها مع دول الخليج، وأسست علاقات استراتيجية وتكتيكية مع الدوحة".
ومضى جارو قائلاً: "كل ذلك جعل السعودية تدرك مخاطر السياسات التركية واهدافها الدفينة، ومخططاتها ومشروعها (تركيا الزرقاء) والهادفة لتشكيل قواعد لها على ضفاف معظم البحارالمحيطة بها والاقليمية والذي تجسد حتى من خلال تدخلها في اليمن. السعودية أدركت بأن تركيا هي أداة بيد الدول المهيمنة للتغيير ولإحداث الفوضى في الشرق الاوسط وبالتالي إرساء نظام عالمي جديد والمتمثل بمشروع الشرق الاوسط الكبير اوالجديد كما يسمونه، وبالطبع تركيا حاولت ان تلعب دور الشرطي ودورالمحدث للفوضى في المنطقة وبالتالي إرساء النظام الذي تحدثنا عنه".
وتابع جارو: "طبعاً مصروالسعودية شعرتا بهذه المؤامرة والمخططات وهما تعملان الان معاً على تشكيل جسم معارض جديد في سوريا يضمّ بعض القوى الديمقراطية والشخصيات الديمقراطية المرنة ومنصات موسكو وقطر والقاهرة بالاضافة الى مجلس سوريا الديمقراطية والتي سيلعب دوراً مهماً ومحورياً في الجسم الجديد لخوض العملية السياسية ولحل الازمة السورية في الشرق الاوسط".
"مصروالسعودية شعرتا بدور تركيا باحتواء وقيادة الطرف السني اوالمعارضة السنية وتزعمها وتشغيلها كأدات في يدها والتدخل من خلالهم في دول الجوار والدول الالقليمية البعيدة كما حدث في اذربيجان، وكما قلنا سابقاً تركيا،حاولت اللعب على الوتر الديني وتزعم السنة وتشغيلهم بحسب غايتها والسعودية ادركت هذا الخطر وغيرت نوعاً ما من مواقفها وهي الان تحاول مع مصر تشكيل جبهة لمحاربة مشاريع الاخوان المسلمين واردوغان والدول المهيمنة التي تحاول إحداث تغييرات في المنطقة".
وتطرق جارو الى الدور السعودي في الحد من التدخلات الايرانية في المنطقة وقال: "السعودية حاولت الحد من نفوذ إيران في المنطقة، إيران التي تسعى لتنفيذ مشروع الهلال الشيعي وهو مشروع استعماري هدفه التدخل في اليمن وسوريا ولبنان وإحداث تغييرات بما يتناسب مع سياساتها وخططها الاستعمارية من خلال استغلال الدين وإستغلال المذهب الشيعي".
وحول وجود أي دور لدول عربية أخرى بمايتعلق بحل الازمة السورية، قال جارو: "طبعا الدول العربية هي أيضا لم تنجو من التغييرات الحاصلة في منطقة الشرق الاوسط وخرجت من تلك التغييرات ضعيفة ومنهكة ولديها العديد من المشاكل الداخلية والخارجية بالاضافة بأنه ليس هنالك أي استقرارعربي في المنطقة نتيجة الازمة التي تعصف بالمنطقة، لذا فإن الدول الخليجية هي الوحيدة التي من الممكن ان تلعب دوراً إيجابياً في الازمة السورية، طبعاً الامارات لها دور ايجابي وفعال منذ بداية الازمة السورية وحتى الان، وهي أيضا لديها سياسة متزنة ودبلوماسية مرنة تعمل على خلق التوازنات بين الدول المتداخلة والدول المعنيه بالازمة.
وحول الدور السلبي الذي لعبته قطر في المنطقة أشار جارو: "قطر مع الاسف قامت بدور سلبي نتيجة تحالفها مع تركيا الاردوغانية لكن مؤخراً عادت الى رشدها والى الحاضنة العربية من اجل حل الخلاف الخليجي العربي لان الخلاف لا يخدم مصالح الدول الخليجية والعربية. اما بقية الدول العربية فهي تعاني من أزمات اقتصادية و سياسية، الاردن كانت قريبا تلعب دوراً ايجابياً لكنها الان تحاول ان تنأى بنفسها عن هذه المتغيرات كون لديها ايضا عدة قضايا إشكالية.
وأضاف: "التقارب السعودي المصري وتشكيل جدار لصد الاطماع التركية، جعلت تركيا تغير اوراقها وتدخلاتها وسياساتها في المنطقة وهذا التقارب سيجبر تركيا على إعادة النظر في سياساتها الخارجية والاقليمية. لان الاوضاع الدخلية والخارجية تغيرت والمعارضة لم تعد قوية بما فيه الكفاية والائتلاف فقد الكثيرمن مصداقيته واصدقائه. اذا تشكيل جسم سياسي معارض، الذي تقف وراءه السعودية ومصر، سيلعب دوراً هاماً في تحجيم الدور التركي في المنطقة وخفض تأثيره لأن المعارضة التي تتبناها لم تعد قادرة على حل الازمة السورية وخاصة تركيا أصبحت تلعب دور وضع العصي في العجلات في موضوع حل الازمة السورية. بالاضافة الى أنها تعاني من ازمات اقتصادية وداخلية سيكون لها دور مهم في تغيير وجهة السياسات التركية وتدخلاتها في دول الجوار وهذا سيؤدي مستقبلا الى تخفيف حدة التناقضات بينها وبين دول الجوار وبالتالي ليس بعيداً ان تحدث هنالك توافقات وليست مصالحات ترضي كافة الاطراف الاقليمية. هذه التوافقات لا أعتقد أنّها ستؤثر سلباً على مشروع الادارة الذاتية كون الادارة أصبحت واقعاً لايمكن التغاضي عنه بل وأصبح واقعاً ملموساً. فالإدارة تمتلك مؤسسات وجيش وقاعدة جماهيرية وهذا بات امراً واقعاً لايمكن التهرب منه فتركيا على مدارعشرة سنوات من تدخلاتها في سوريا وحتى من خلال تدخلها العسكري أدركت هذه الحقيقة لكن سيكون لها تحفظات على آلية عمل الادارة الذاتية او هويتها الايديولوجية".
وختم لقمان جارو حديثه قائلاً: "الادارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية كانتا بمثابة الجدارالمنيع للتدخلات التركية في الدول العربية وكانتا خط الدفاع الاول. فمصروالسعودية شعرتا بالدورالايجابي للادارة الذاتية وبأنها تشكل الحصن المنيع للحدود الشمالية للمنطقة العربية لذا وباعتقادي ستدعمان الادارة الذاتية لتكون جسماً قائماً بما يتوافق مع الحلول المتوقعة لسوريا والتي قد تكون الفيدرالية وهو الحل المناسب وحتى مصر والسعودية تتوافقان على هذا المشروع وبالتالي ستكونان داعمتان للادارة الذاتية".