ليلة حرق الأعصاب.. لماذا تؤخر إيران ردها على هجوم القنصلية؟

رغم التأكيدات الأمريكية وحالة التأهب الإسرائيلية بأن رد إيران على هجوم قنصليتها بدمشق كان الليلة الماضية، لم تقدم طهران بعد على تنفيذ وعيدها، مع مرور 13 يوما على الهجوم.

وذكرت مصادر أمريكية عدة – رسمية وغير رسمية – أن الرد الإيراني المنتظر كان الليلة الماضية، وعلى إثر تلك تم تشديد حالة التأهب في إسرائيل، حتى لو لم يعلن ذلك بشكل غير رسمي، كما عززت واشنطن ترسانتها العسكرية في المنطقة، إذ أبحرت حاملة الطائرات يو إس إس دوايت دي أيزنهاور شمالا عبر البحر الأحمر، لتكون قريبة من إسرائيل، بينما.

كما تحدثت وسائل إعلام أمريكية عن تجهيز واشنطن لنشر سفينة مجهزة بالصواريخ بالقرب من الساحل الإسرائيلي، وسط تأكيدات من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن على أن واشنطن مسؤولة عن حماية الأمن الإسرائيلي، والذي دعا، كذلك، طهران إلى عدم القيام بأي عمل انتقامي، وسط تحذيرات كذلك من أي هجمات تطال جنود أمريكيين أو مصالح تابعة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

هل ترد إيران؟

لا يتوفر وصف.

يقول الدكتور ماك شرقاوي المحلل السياسي الأمريكي إن الرد الإيراني لن يحدث، فالأمر ليس تأخيرًا أو تأجيلًا، معللًا ذلك بأن طهران لم تقم برد ملحوظ عندما قتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس السابق بالحرس الثوري الإيراني بغارة أمريكية في العراق عام 2020، كما لم ترد بما يتناسب على اغتيال عدد من مسؤوليها العسكريين في الأراضي السورية خلال الأشهر الأخيرة.

وأضاف "شرقاوي"، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه كانت هناك رسائل طمأنة متبادلة كثيرة بين طهران وواشنطن، سواء عبر الوسيط الصيني أو العماني، وقد كانت تلك الوساطات حلقة وصل كبيرة بين الإدارة الأمريكية والجانب الإيراني،  في وقت يتمسك الجانب الإسرائيلي وبنيامين نتنياهو بالتصعيد العسكري في المنطقة.

وأوضح المحلل السياسي الأمريكي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يدرك جيدًا أنه في الوقت الذي سيتوقف فيه التصعيد والعمليات العسكرية فإنه سيقترب من الانهيار، معتبرًا أن هذا ما يدفعه إلى العمل على توريط الولايات المتحدة لحرب إقليمية في المنطقة، وبالتالي يستفز طهران إلى أقصى درجات الاستفزاز، لتنجر إلى حرب تأخذ طابعًا إقليميًا.

ويرى القيادي السابق بالحزب الجمهوري الأمريكي أنه عند الوصول إلى هذه الحالة، فإن الموقف الأمريكي الرافض للإجراءات الإسرائيلية على الأرض في غزة سيتغير، لأنه عندما تدخل إيران للصراع في المنطقة، لن تجدا أمامها إلا مساندة ومعاونة تل أبيب، والعمل على ترجيح كفتها في العمليات العسكرية في المنطقة.

وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، يرى الدكتور ماك شرقاوي أن إيران لن ترد على الهجوم الذي طال قنصليتها، وإن حدث فسيكون ردًا هزليًا على غرار ما حدث بعد مقتل قاسم سليماني، عندما قصفت قاعدة عين الأسد بعد أن أبلغت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بموعد الضربة، حسب تصريحاته.

قواعد اللعبة

وخلال الساعات الماضية، ذكرت تقارير أمريكية أن إيران جهزت أكثر من 100 طائرة مسيرة وعشرات الصواريخ من طراز كروز للهجوم المحتمل الذي سيطال أهدافًا داخل الأراضي الإسرائيلية على نحو يفرض تحديات كبيرة أمام تل أبيب في التصدي لهذا الهجوم.

لا يتوفر وصف.

المحلل السياسي العراقي حازم العبيدي يكاد بدوره يتفق مع ما ذكره الدكتور ماك شرقاوي، إذ يقول، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن هناك قواعد للعبة لها ضوابطها بين إيران وإسرائيل وأمريكا، وعليه فمهما كان حجم الاستفزاز الإسرائيلي، فإن طهران على الأقل لن تقوم برد مباشر داخل الأراضي الإسرائيلية.

ويضيف "العبيدي" أن مسألة الوعيد والتهديد المتبادل بين الطرفين لا يعدو كونه على سبيل "الشو الإعلامي"، على حد قوله، معتبرًا أنه رغم ما يبدو على السطح من خلافات كبيرة بين طهران وتل أبيب، فإن مصالحهما كذلك كبيرة، منوهًا إلى أن التجارب السابقة أثبتت أن الجانب الإيراني يبقى ملتزمًا ببعض الضوابط التي لا يتجاوزها في ردوده، بدليل أن الرد على مقتل قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني في بغداد لم يكن على قدر الحدث.

ورجح المحلل السياسي العراقي أن تكون هناك ضربة إيرانية ما متفق عليها وفي حدود معينة وينتهي الأمر مع بعض "الجعجعات" في التصريحات الإيرانية والإعلام والتفخيم من تلك الضربة، على حسب تصريحه، مشددًا على أنه يستبعد سيناريو الهجوم على أهداف في العمق الإسرائيلي ألمح إليها مرشد إيران على خامنئي.

وقد وقع هجوم القنصلية يوم الإثنين قبل الماضي الأول من أبريل/نيسان، وأسفر عن مقتل العميد محمد رضا زاهدي المسؤول عن فيلق القدس في سوريا ولبنان، و6 صباط آخرين، وقد نُفذ الهجوم بطائرة (إف – 35) من الجانب الإسرائيلي، وإن كانت تل أبيب لم تعلن مسؤوليتها كما جرت عادتها في مثل هذه العمليات.