انتخابات رئاسية مبكرة في الجزائر.. هل كان لفرنسا والإخوان يد فيها؟

قبل أيام، أعلنت الجزائر عن إجراء انتخابات رئاسية مسبقة في 7 سبتمبر/أيلول المقبل، أيّ قبل 3 أشهر من الموعد المقرر لها، في خطوة أثارت كثيراً من علامات الاستفهام والتفسيرات حول أسبابها.

قالت رئاسة الجمهورية الجزائرية في بيان صدر إثر اجتماع ترأسه الرئيس عبد المجيد تبون وحضره خصوصاً رئيس الوزراء ورئيسا غرفتي البرلمان ورئيس أركان الجيش ورئيس المحكمة الدستورية، إن رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، قرر إجراء انتخابات رئاسية مسبقة.

وتنتهي ولاية "تبون"، التي تستمر 5 سنوات، في ديسمبر/كانون أول المقبل، علماً أنه لم يصدر أي إعلان رسمي يذكر مبررات إجراء الانتخابات بشكل مبكر، كما أن تبون (78 عاما)، لم يعلن بعد ما إذا كان سيترشح لولاية ثانية، والذي كان قد دخل المستشفى لعدة أشهر في ألمانيا بعد إصابته بفيروس كوفيد نهاية عام 2020.

دوافع القرار

No description available.

يقول محمد مصطفى عبد الرؤوف مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية السابق في الجزائر، إن قرار الرئيس الجزائري بتقديم موعد الانتخابات الرئاسية له أكثر من سبب، أولهم الجدل الذي أثارته تصريحات عبد القادر بن قرينة رئيس حزب حركة البناء الوطني، المحسوب على تيار الإخوان بشأن تأجيل الانتخابات الرئاسية.

وأوضح محمد مصطفى عبد الرؤوف، في حديث لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن تصريح "بن قرينة" أثار الشارع السياسي الجزائري، ويبدو أن الرئيس عبد المجيد تبون أراد حسم هذا الجدل، مشيراً إلى أن رئيس حزب حركة البناء الوطني تنصل لاحقاً من تصريحه، بزعم أنه قد تم تأويله.

وقال الكاتب الصحفي المصري إن الطرح نفسه قدمته وسائل إعلام فرنسية تحدثت عن تأخير إجراء الانتخابات، ما دفع السلطات الجزائرية للرد ببيان نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية (واج) في 24 فبراير/شباط الماضي، ما يوحي وكأن هناك تعاوناً ما بين إخوان الجزائر وباريس، حسب تصريحاته.

أما السبب الثاني وفق "عبد الرؤوف"، هو أن إجراء الانتخابات في موعدها المقرر سلفاً في ديسمبر/كانون الأول المقبل سيتعارض مع موعد إقرار قانون المالية (الموازنة العامة للدولة)، ومع ما يرافقه من إجراءات في البرلمان بغرفتيه تبدأ في أكتوبر/تشرين الأول من كل عام وتنتهي بإقرار الموازنة قبل 31 ديسمبر/كانون الأول من كل عام.

وعن السبب الثالث، يقول مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية السابق في الجزائر إن "الرئيس تبون استقبل خلال الفترة الماضية عدداً من رؤساء الأحزاب السياسية، الأمر الذي يوحي أن تشاوراً ما قد حدث حول هذا الأمر".

وأضاف أن "تبون" يبدو أنه يريد مواجهة الانتقادات الموجهة له بطرح الثقة في نفسه مرة أخرى على الشعب الجزائري، إذ من المتوقع بقوة أن يسعى لترشيح نفسه لولاية ثانية، خاصة وأن الجيش يؤيده بشدة، وهو ما ظهر في تصريحات رئيس الأركان الفريق أول السعيد شنقريحة أو فيما تكتبه مجلة "الجيش" الناطقة بلسان المؤسسة العسكرية الجزائرية.

وشهدت الجزائر آخر انتخابات رئاسية في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، وفاز فيها الرئيس الحالي عبد المجيد تبون بحصوله على 58 بالمائة من الأصوات، وقد حل خلفاً للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي دُفع إلى الاستقالة عام 2019، تحت ضغط من الجيش والحراك الاحتجاجي الشعبي، قبل أن يتوفى في سبتمبر/أيلول 2021.

تأويلات عدة

No description available.

بدوره، يقول أحمد بوداود الكاتب الصحفي الجزائري، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن "التأويلات كثرت حول أسباب قرار تبكير الانتخابات الرئاسية 3 أشهر، بين من يرجعها إلى أسباب داخلية أو خارجية، والبعض ذهب إلى أن هناك خلافات ربما بين بعض المؤسسات في الدولة".

ويرى "بوداود" أن السبب الأخير والحديث عن خلافات بين مؤسسات الدولة أمر بعيد كل البعد عن الحقيقة، بل والعقل لا يتقبله، قائلاً إنه كما نلاحظ فالرئيس تبون يجتمع مع المؤسسات والأجهزة المختلفة بشكل مستمر، وبالتالي فلا مجال للحديث هنا عن خلافات.

وأعرب الكاتب الصحفي الجزائري عن قناعته أن الانتخابات الرئاسية تعقد في سبتمبر/أيلول، لأن انعقادها في ديسمبر/كانون الأول يتزامن مع الدراسة ومن ثم يشكل ذلك عقبة أمام معدلات الإقبال والمشاركة، وبالتالي نكون كذلك بحاجة إلى تعطيل الدراسة.

وأوضح أن الموعد الجديد سيكون قبل بداية العام الدراسي بأسبوع، وبالتالي فإن الأمر لا يعدو كونه تقنياً محضاً وليس له علاقة بأية أسباب أخرى، فقد جرت العادة أن الدولة الجزائرية لا تخفي الأمور، ولو كان هناك سبب غير ذلك لتم الإعلان عنه، وذلك بحسب تجربتنا، وفق تصريحه، معتبراً أن الأمر تقني والهدف منه خفض تكلفة إجراء الانتخابات، أما التأويلات الأخرى فبعضها "مغرض" لا يرتقي إلى مستوى التحليل العقلي.