وينحدر حمدان العبد المولود سنة 1964 في ريف تل أبيض/كري سبي من عشيرة البو عساف، وهو خريج كلية الحقوق من جامعة بيروت عام 1986، وتعرض للفصل التعسفي من مؤسسات الدولة السورية، مما اضطر للعمل فلاحاً في أرضه.
ولم يقبل حمدان العبد بفكرة المعارضة الخارجية وانتشار ظاهرة الفصائل المسلحة منذ بداية الأزمة السورية، وشارك منذ بداية تحرير تل أبيض/كري سبي عام 2015 في تأسيس مجلس الأعيان وتبنى فكرة الإدارة الذاتية وشارك فيها بقوة إلى أن أصبح نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
تحدث نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، حمدان العبد إلى وكالة فرات للأنباء (ANF)، حول المؤامرة الدولية التي استهدفت إرادة شعوب الشرق الأوسط في شخص المفكر والقائد عبدالله أوجلان في 15 شباط (اليوم الأسود)، والأهداف التي سعت إليها القوى الإقليمية والدولية المشاركة.
وقال حمدان العبد: "لقد بدأت المؤامرة الدولية على المفكر عبدالله أوجلان من عام 1998 وما قبله، بمشاركة العديد من القوى الإقليمية والدولية من بينها إسرائيل واليونان وتركيا وأمريكا وبريطانيا، لأنها رأت في فكر ومفاهيم ورؤى عبدالله أوجلان حلولاً لمشاكل وأزمات الشرق الأوسط. كل هذه القوى الإقليمية والدولية لها مطامع وأجندات في منطقة الشرق الأوسط، ولا تريد لشعوب الشرق الأوسط أن تنعم بالسلام أو أن تنهض بوعيها الثقافي والمجتمعي".
أكد العبد على الدور الإسرائيلي والقوة العالمية الداعمة لها في مؤامرة 15 شباط، من خلال قوله: "كانت لإسرائيل مصلحة مباشرة من هذه المؤامرة الدولية، لأن الحركة التحررية بقيادة عبدالله أوجلان شاركت في ردع العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982، وقدمت 18 شهيداً من كوادرها دفاعاً عن قلعة الشقيف في مواجهة العدوان الإسرائيلي، ولهذه الحادثة أثر واضح في إقدام إسرائيل على المشاركة إلى جانب تركيا في هذه المؤامرة الدولية".
نوه العبد إلى أن الدولة التركية وكذلك القوى التي قادت التآمر، كانت تعتقد بتكرار مأساة الثورات الكردية عند أسر قادتها، وقال: "عندما كانت الثورات الكردية تنهض في وجه الدولة العثمانية للمطالبة بحقوقها المشروعة وفق الأعراف والقوانين الدولية، كان العثمانيين يستهدفون قادتها وبالتالي إخماد الثورة، وكانوا يظنون إن الثورة التي قام بها القائد عبدالله أوجلان، ستكون مثل سابقاتها بعد أسر قائدها، ولكن ما حدث أن الناس الأحرار زادوا تشبثاً بالفكر التحرري والنهوض بالوعي الإنساني الأخلاقي".
وأضاف حمدان العبد "أن المشروع المرتكز إلى فكر وفلسفة عبدالله أوجلان، لا يقتصر البتة على قومية أو دين أو جغرافية معينة، بل هو مشروع أممي يرتقي إلى حل مشاكل الشرق الأوسط استناداً إلى التعايش المشترك وأخوة الشعوب وحوار الأديان والثقافات".
تطرف حمدان العبد إلى أمثلة تاريخية من نضالات الشعوب ومقاربة المفكر والقائد عبدالله أوجلان مع نيلسون مانديلا والمهاتما غاندي، حين قال: "هناك في التاريخ أمثلة المناضلين الأحرار الذين خاضوا نضالاً لأجل شعوبهم وأوطانهم، ومن أبرز صور هذه النضالات؛ نيلسون مانديلا والمهاتما غاندي، حينما حاول نيلسون مانديلا النهوض بشعبه في جنوب أفريقيا والدعوة لإلغاء التمييز العنصري، تعرض للسجن لمدة 27 عاماً، وكذلك قبله المهاتما غاندي تعرض للسجن عدة سنوات، ونشهد بعد مرور عدة سنوات أن الأحداث نفسها تمر على القائد عبدالله أوجلان.
شدد العبد على أن هدف القوى الدولية التي شاركت وقادت هذه المؤامرة الدولية هي إثارة الفتنة وفرض التناحر المجتمعي تطبيقاً للمبدأ السياسي البريطاني المعروف "فّرِقْ تَسُدْ"، وقال: "إن أهداف القوى التي شاركت في المؤامرة الدولية تتركز في جعل منطقة الشرق الأوسط، مرتعاً لإثارة الفتن بين القوميات والديانات والطوائف لكي تبقى شعوب المنطقة ضعيفة متناحرة، وتبقى كذلك مصالحها في الدرجة العليا".
وندد العبد بالتاريخ الأسود للاحتلال العثماني الذي جثم على صدور شعوب المنطقة لأكثر من 400 عام: "لقد ظل الاحتلال العثماني مثل كابوس على صدور شعوب الشرق الأوسط لأكثر من 400 عام، ولم تخلف وراءها سوى الفقر والجهل والظلم وتحييد بعض المفاهيم المجتمعية والأخلاق الحميدة، إن الدولة التركية لها تاريخ طوراني استعماري ولا تمت للعشائر والدين الإسلامي بأية صلة.
ولفت الانتباه إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية وزعيمه أردوغان، في سعي لإعادة النموذج العثماني ومصادرة القرار العربي والإسلامي، حيث قال: "لقد صادر العثمانيون القرار العربي والإسلامي لمدة 400 عام حينما ادعت "الخلافة"! وكذلك اليوم يطل علينا حزب العدالة والتنمية وزعيمه أردوغان، لاستغلال الدين الإسلامي وإعلان نفسه "خليفة للمسلمين" لمصادرة القرار العربي والإسلامي وفرض الهيمنة على المنطقة والاستحواذ على الحصة الأكبر في الشرق الأوسط.
"ليس الانتماء لدين أو قومية أو مذهب، بل الانسانية هي التي تجمعنا"، هذا ما أشار إليه حمدان العبد في معرض حديثه عن فكر وفلسفة القائد أوجلان، عندما قال: "إن المفكر عبدالله أوجلان لخص فكرة الإسلام والمسيحية واليهودية وكافة الفلسفات الانسانية ووضعها في إطار الأمة الديمقراطية، وبالأساس أن نشوء الأمة الإسلامية لم تستند إلى لون أو عرق أو جغرافية أو لغة بحد ذاتها، بل اعتمدت على الكيان والوجود الإنساني ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان، كذلك هو فكر الأمة الديمقراطية يجمع الإنسان العربي والكردي والآشوري والايزيدي وكافة شعوب العالم، بناءً على كينونته الإنسانية بغض النظر عن قوميته ولونه ودينه.
وتابع: "إن يوم الخامس عشر من شباط عام 1999 هو يوم أسود لأحرار العالم، ولكن القوى المستعمرة و المتآمرة ظنوا أنهم سجنوا القائد عبدالله أوجلان، ولكن فكره انتشر في جميع أنحاء العالم وتُرجم نتاجه الفكري المدون على شكل مرافعات الإنسان الحر إلى عدة لغات يستطيع فهمها الإنسان الشرق أوسطي والناس في كل أرجاء الأرض.
وأشاد العبد بالتراث الحضاري لشعوب الشرق الأوسط المرتكز إلى العادات الشرقية والأخلاق الحميدة، وبشكل خاص النخوة لدى العشائر العربية، وقال: "لطالما تميزت شعوب الشرق الأوسط بالأعراف والعادات والأخلاق الحميدة، والعشائر العربية معروفة بالتزامها بمكارم الأخلاق والعادات والتقاليد الشرقية الرصينة، لذلك عندما قال القائد عبدالله أوجلان: "لو أنني لجأت إلى العشائر العربية، كنت لأرى النخوة فيهم، وما كانت لتسلمني كما فعلت أوروبا" وهذا أمر مؤكد لا شك فيه، لأن العشائر العربية لا تتفاوض على "الدخيل" ولا تسلمه إطلاقاً، وهذا نتاج العادات الحميدة والسلوك الإنساني.
استنكر العبد ازدواجية المعايير التي تتبعها الدول الأوروبية، مشيراً إلى أن الديمقراطية شيء لا يخطر على بال دول أوروبا عندما يتعلق الأمر بمطامعها ومصالحها الخاصة، وقال: "عندما تطرح الدولة التركية أو إحدى الدول الأوروبية التي تتشدق بالحرية والديمقراطية، مسألة "شخص" وتجعلها قضية تخدم مصالحهم، نرى كيف أن المنظمات الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمة حقوق الإنسان تهرع لعقد الاجتماعات لحل المشكلة بما يتوافق مع مصالحها، ولكن اعتقال وأسر القائد عبدالله أوجلان جاء خدمة لمصالحهم لأجل إخماد صوت الحق ولم تأبه قطعاً للديمقراطية التي تدعيها تلك الدول والمنظمات، إن الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان هي شعارات براقة تطلقها وتدعيها الدول والمنظمات الأوروبية، ولكنها تضع مطامعها ومصالحها في الدرجة الأولى، ولا تأبه للديمقراطية أبداً عندما يتعلق الأمر بمصالحها الرِأسمالية الخاصة".
انطلاقاً من مقولة "لكل زمان دولة ورجال"، أعرب حمدان العبد عن ثقته بأن فكر وفلسفة القائد عبدالله أوجلان هو الطريق المؤدي إلى خلاص شعوب منطقة الشرق الأوسط من أزماتها، وقال: "أثبت التاريخ هنا في شمال وشرق سوريا وفي سوريا والشرق الأوسط عموماً، ظهور شخصيات أشداء أقوياء في زمن الصعاب، وكما في المقولة الشهيرة "لكل زمان دولة ورجال"، ونحن كشعوب الشرق الأوسط وجدنا في فكر وفلسفة القائد عبدالله أوجلان، ما يمكننا من النهوض بوعينا نحو الحرية والديمقراطية؛ ولم نكن لـِ نتبنى هذا الفكر لو كان قومياً أو إسلاموياً أو عنصرياً!، ويجدر الإشارة إلى أن هناك من يقول بأن "عبدالله أوجلان كردي"، ولكن ألا نعلم أن أرسطو وسقراط أيضاً ليسوا عرب أو مسلمين، فلماذا نقرأ لهم أو نقتدي بهم؟ المسألة هنا لا تتعلق بانتماء شخص عبدالله أوجلان، بل تتعلق بفلسفته وأفكاره النيرة التي تدعو إلى حرية كافة الشعوب المضطَهدة".
كما أننا دوماً نقول "أننا دعاة محبة وسلام ولسنا دعاة قتل وتهجير وظلم واستبداد" وأن جميع الناس الذين يؤمنون بهذا الفكر الإنساني ويعشقون الحرية ويريدون المحبة لأخيه الإنسان، علينا جميعاً أن نتماسك و نتعاضد ونعمل من أجل نشر فكر وفلسفة القائد أوجلان بين شعوب المنطقة كافة، لأننا نرى في هذا الفكر الإنساني، طريق الخلاص من مشاكلنا وأزماتنا والنهوض بمجتمع راقي ومتطور علمياً وثقافياً واقتصادياً والأهم من ذلك كله أخلاقياً.
"إن العيش وفق المبدأ الإنساني هو غايتنا المثلى، فكان النبي محمد (ص) متعايشاً مع جاره المسيحي وجاره الآخر اليهودي على مبدأ الانسانية، ونحن اليوم في شمال وشرق شمال سوريا نشعر بذات الشعور ونتجه إلى محبة بعضنا والعيش المشترك في جوٍ من الأخوة التاريخية".
و رَدَّ حمدان العبد على التحية التي بعثها القائد عبدالله أوجلان للشعوب والعشائر العربية، بالتقدير والاحترام وبادله كل التحية والإكرام، مؤكداً على أن تعزيز أواصر المحبة بين بعضنا البعض والعمل لأجل الخلاص من الظلم والاستبداد.
وناشد بدوره كافة شعوب الشرق الأوسط للالتفاف حول هذا الفكر القائم على مبدأ الإنسانية والتسامح والعيش المشترك، والعمل على دعم حرية القائد عبدالله أوجلان الذي يجسد في شخصه وفكره، حرية الانسان الشرق أوسطي.